فتحي مهذب
لم تفلت الخيط أبدا
ترتق ثوب الحظ البالي
وتدسه في خزانتي
لأجتاز كثبان السنوات
بمرونة فائقة
أشكرها كثيرا
وهي تدندن على إيقاع ماكينة الخياطة
وحشرجات صرار الليل
النجوم تنزلق على زجاج الشباك
أنا منهمك في قراءة جلفر في بلاد الأقزام
مبتوت الصلة بالعالم الفيزيقي
متماهيا مع مغامراته الغريبة
شاكرا الروائي جونثان سويفت
من كل قلبي
آخر الليل ترمي أمي عينيها
مثل سمكتين مذعورتين في قاع النوم
كانت الأيام تدخل من النوافذ
بأكياس من الذهب
ثم تخرج من عيوننا
مبقعة بالتجاعيد والدموع
يقاسمنا المطر المتساقط
السهر العائلي
يشرب معنا الشاي الأخضر
ثم يدخل في رؤوسنا
بهدايا نادرة جدا من الموسيقى
ليرتاح على سرير المخيلة
كأحد الناجين من المعتقلات..
ألة الخياطة لا تهدأ أبدا
والقروش التي تجمعها
من جرن عرقها اليومي
تتدافع مثل أسرى ينشدون التحرر
ستذهب القروش كلها
إلى حضرة البقال والجزار
ستبتلعهم فواتير الماء والكهرباء
هكذا أمي سماء صغيرة
تمطر في كل الفصول
بالقروش وأقواس قزح
بيتنا كنيسة صغيرة
مرصعة بالملائكة والرسل
والفرح قائد أركسترا
بجناحين مفرودين
يجلب النور والبركة
تقرع النواقيس طوال النهار
وكلما مر الجيران بجوار البيت
يرسمون علامة الصليب
يقولون مبارك هذا المعبد الصغير
اليوم لم أجد أحدا
ليرتق ثوب الحظ العاثر
صعدت أمي إلى السماء
لتواصل رتق الغيوم في الأفق
حاملة كما هائلا من الحنان
تاركة أريكتها ملآى بالثقوب
آلة الخياطة المسنة
لم تزل تطن في مخيلتي
وضحكتها العذبة
طارت هي أيضا إلى مكان غامض
الجيران فروا بدراجات قديمة
إلى براري الميتافيزيق
الزمن افترس بائع الذرة
شجرة التوت العجوز
الكثير من بائعي المثلجات
إندلعت حروب كثيرة
وهي لم تزل شابة
سقط حزيران في البئر
انتحر المطرب الكاثوليكي
بطلقة من الفراغ العائلي
عبر الموسيقيون الجسر المتداعي
لإيقاظ طفولتنا المتجمدة
أذكر ذلك جيدا
بنت جارتنا الأرملة
إذ تقصف طابورا من المارة
بنهدين مليئين بالمسيرات
أذكر المؤذن الأعرج
إذ يدهس مكعبات الضوء
بصوته القروسطي
لم تمت أمي بعد
كنا نتلاقى طويلا في العتمة
داخل حديقة رأسي
تمسح شعري المهوش
بأناملها النورانية
نتكلم طويلا بلغة الإيماء
معلقين في الهواء
مثل طائري بلشون
بينما آلة الخياطة
تقرع نواقيسها في ذهني
ثم يذهب كل منا إلى عالمه
تختفي في اللامكان
وأنا أدحرج صخرة سيزيف
من جبل النهار الشاهق
في انتظار عربة آخر يوم
لاكتساب جوهر الضوء المطلق
أمي طائر جميل
ينقر زجاج نوافذ البيت
مستفسرا عن مآل آلة الخياطة
والإبن المصاب بالتوحد
والقروش التي فرت مثل اللصوص
من جيبي
مضت قافلة السنوات إلى الوراء
والزمن يركض وراءها
مثل كلب بولدوغ
حين كبرت
صرت خياطا ماهرا
رغم هزال عيني اليمنى
رغم ذلك لم أفلت الخيط
رممت آلة الخياطة العجوز
صرت أنجز كما هائلا من الأكفان
أوزعها على الأموات الفقراء
دون مقابل.
بينما كفني المعلق على المشجب
يشير بإيقاع الحدس
متى سترتديني
مثل بعل محترم جدا
يأنف من شراسة هذا العالم.
لم تفلت الخيط أبدا
ترتق ثوب الحظ البالي
وتدسه في خزانتي
لأجتاز كثبان السنوات
بمرونة فائقة
أشكرها كثيرا
وهي تدندن على إيقاع ماكينة الخياطة
وحشرجات صرار الليل
النجوم تنزلق على زجاج الشباك
أنا منهمك في قراءة جلفر في بلاد الأقزام
مبتوت الصلة بالعالم الفيزيقي
متماهيا مع مغامراته الغريبة
شاكرا الروائي جونثان سويفت
من كل قلبي
آخر الليل ترمي أمي عينيها
مثل سمكتين مذعورتين في قاع النوم
كانت الأيام تدخل من النوافذ
بأكياس من الذهب
ثم تخرج من عيوننا
مبقعة بالتجاعيد والدموع
يقاسمنا المطر المتساقط
السهر العائلي
يشرب معنا الشاي الأخضر
ثم يدخل في رؤوسنا
بهدايا نادرة جدا من الموسيقى
ليرتاح على سرير المخيلة
كأحد الناجين من المعتقلات..
ألة الخياطة لا تهدأ أبدا
والقروش التي تجمعها
من جرن عرقها اليومي
تتدافع مثل أسرى ينشدون التحرر
ستذهب القروش كلها
إلى حضرة البقال والجزار
ستبتلعهم فواتير الماء والكهرباء
هكذا أمي سماء صغيرة
تمطر في كل الفصول
بالقروش وأقواس قزح
بيتنا كنيسة صغيرة
مرصعة بالملائكة والرسل
والفرح قائد أركسترا
بجناحين مفرودين
يجلب النور والبركة
تقرع النواقيس طوال النهار
وكلما مر الجيران بجوار البيت
يرسمون علامة الصليب
يقولون مبارك هذا المعبد الصغير
اليوم لم أجد أحدا
ليرتق ثوب الحظ العاثر
صعدت أمي إلى السماء
لتواصل رتق الغيوم في الأفق
حاملة كما هائلا من الحنان
تاركة أريكتها ملآى بالثقوب
آلة الخياطة المسنة
لم تزل تطن في مخيلتي
وضحكتها العذبة
طارت هي أيضا إلى مكان غامض
الجيران فروا بدراجات قديمة
إلى براري الميتافيزيق
الزمن افترس بائع الذرة
شجرة التوت العجوز
الكثير من بائعي المثلجات
إندلعت حروب كثيرة
وهي لم تزل شابة
سقط حزيران في البئر
انتحر المطرب الكاثوليكي
بطلقة من الفراغ العائلي
عبر الموسيقيون الجسر المتداعي
لإيقاظ طفولتنا المتجمدة
أذكر ذلك جيدا
بنت جارتنا الأرملة
إذ تقصف طابورا من المارة
بنهدين مليئين بالمسيرات
أذكر المؤذن الأعرج
إذ يدهس مكعبات الضوء
بصوته القروسطي
لم تمت أمي بعد
كنا نتلاقى طويلا في العتمة
داخل حديقة رأسي
تمسح شعري المهوش
بأناملها النورانية
نتكلم طويلا بلغة الإيماء
معلقين في الهواء
مثل طائري بلشون
بينما آلة الخياطة
تقرع نواقيسها في ذهني
ثم يذهب كل منا إلى عالمه
تختفي في اللامكان
وأنا أدحرج صخرة سيزيف
من جبل النهار الشاهق
في انتظار عربة آخر يوم
لاكتساب جوهر الضوء المطلق
أمي طائر جميل
ينقر زجاج نوافذ البيت
مستفسرا عن مآل آلة الخياطة
والإبن المصاب بالتوحد
والقروش التي فرت مثل اللصوص
من جيبي
مضت قافلة السنوات إلى الوراء
والزمن يركض وراءها
مثل كلب بولدوغ
حين كبرت
صرت خياطا ماهرا
رغم هزال عيني اليمنى
رغم ذلك لم أفلت الخيط
رممت آلة الخياطة العجوز
صرت أنجز كما هائلا من الأكفان
أوزعها على الأموات الفقراء
دون مقابل.
بينما كفني المعلق على المشجب
يشير بإيقاع الحدس
متى سترتديني
مثل بعل محترم جدا
يأنف من شراسة هذا العالم.