يونان سعد
أنت في قبوٍ صخري
ربما كان عينَ ماء
يبدو لك ناشفاً
وبخارُ الماءِ يصعدُ فيه
ربما لم يُلقِكَ إخوتُكَ في البئرِ يا يوسف!
كنت تلهو وتدحرجْتَ إلى هنا!
في هذه الهاويةِ الصغيرة!
سيطلُ عليك
من سماءِ البئر
ذئبٌ جريح
يجرُ ساقاً مكسورة
ينظرُ إليك
ويفوتُ في عينيه ضوءٌ خافتٌ
كأن ماءً في البئر
ويقولُ
عضني أخي في وركيَ العلوي
فأتيتُ إلى هنا
أطلبُ ماءً
أو فريسةً أخيرة
قبل أن أموت
خذني إليك يا أخي
إني أتيتُ إلى هنا
مكسورا
ينامُ حولكَ حياتٌ وثعابينُ
وبيوضٌ بيضاءُ مدوّرةٌ كاللؤلؤِ
سيخرجُ منها
ديدانٌ كثيرة
من ذواتِ قلوبٍ خضراء
وسنونٍ مسمومة
يرعيْن حولكَ في بخارِ البئر
إني أتيتُ إلى هنا مكسورا
يا صديقي
لن أشعرَ بك إلا إذا أمسكْتَني
أرخيتُ عيني
أرخيتُ كل حواسي
وإذا أنا ذبتُ
أراكَ
أراكَ
أراك
بقومي أسيرُ في طرقِ الجبالِ
تقولُ: إذا أنت خفْتَ؛ أفلتَّ.. ني
وأنا أخاف
إني أضيعُ إذا أنت أفلتَّني
سيسيلُ عليك من كل ناحيةٍ في سماءِ البئر
فيضٌ كثير
ستأخذُك هذه الشمسُ التي تسطعُ الآن
على سطحِ هذا الماء
على جَناحيها
إلى أرضٍ جديدة
وأنت تسندُ على غصنِ لوَّازةٍ وتطيرُ بخفةٍ
كي لا تطأَ قدماك الطريتان بيوضَ الأفاعي
فتقتلَ نفساً بسيطة
اذكرني يا أخي
وأنت تقفُ على دراجةِ العرشِ خلفَ إلهِ مصر
على هِزَّة الحنطورِ
وأنت تجلسُ جنبه
سيستنيمُ لك قلبُ مليكِها الملكُ
ويحكي لك
قصةَ أهليها
كلما حلَّ فيهم صولجانُ الخليقة
قل له
ذئبٌ جريحٌ
شُفتُه يزوي على طرفٍ من غاباتِ مصر
عضَّه الشَّرَكُ الجميلُ
…………………..
*شاعر ومترجم مصري