أشهر 100 أديب في التاريخ (1ـ5)

تشكيل
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

رايفين فرجاني

هذه قائمة تضم مائة من أشهر وأهم الأدباء في التاريخ، من وجهة نظر أحمد خالد توفيق التي استقيتها وجمعتها من الأعمال التي ترجمها في سلسلة روايات عالمية للجيب، أو نقدها في سلسلة فانتازيا. بالإضافة إلى مقال وقصة قصيرة. فأما المقال فهو المعنون بـ بلهاء في الأوقيانوسية وروايات أخرى والمنشور على جزئين على موقع إضاءات. ثم قصة الرواية، وهي قصة قصيرة نشرت مسلسلة على نفس الموقع، أو ربما على موقع بص وطل. لا أذكر.

وبالطبع تجاوزنا ملاحظاته المتناثرة في مجمل أعماله، قصص ومقالات. وخاصة ما وراء الطبيعة، ورسائل الردود على القراء، أو آراءه التي نطق بها في محاضرات له أو محاورات معه. لأن ذلك بوسعه أن يمد السلسلة إلى نحو مائتى أديب أو أكثر، مع أننا قد نكون استفدنا منها ومن بعض القصاصات من هنا وهناك لأحمد خالد توفيق في دعم وجود الأدباء المذكورين في هذه القائمة (خاصة من سلسلة ما وراء الطبيعة). وهو الذي علم القراء -من جيلي أنا على الأقل والجيل الذي قبلي- القراءة، من خلال شحنات المعرفة المتدفقة في نصوصه تقدم زهورا من كل بستان. وارتبطت به لذلك العبارة الشهيرة (جعل الشباب يقرأون).

وترتيب الأدباء عشوائي من حيث قيمة كل أديب وأهميته، ولكني التزمت بعرض الأدباء المذكورين في روايات عالمية ثم فانتازيا. إلى ما بعد السبعين واختلط الترتيب فلم أهتم سوى بإكمال القائمة. وقد فعلت. وفي التقديم لكل أديب هناك نصوص كثيرة -أغلبها أو كلها- منقولة كما هي عن أحمد خالد توفيق -بالإضافة إلى بعض المصادر الأخرى مثل مقدمات الناشر بالاستعانة بموقع جود ريدز أو أقصوصات هنا وهناك أو نصوصي أنا التي وضعتها هنا ولم أضعها في نفس الوقت (إذا ما اعترضني مشكلة فيما يتعلق بالسماح لي بنشر هذا المقال)- دون أن أحدد ذلك -وبالطبع لم تكن مساحة المقال تتيح لي أن أضيف كثيرا على ما قاله الكاتب- وتلك مهمتكم أنتم أيها القراء. هي التمييز بين ما كتبته أنا وما كتبه هو، رغم أن أغلب الظن أن دوري لم يزد عن كوني محررا لنصوصه في نص واحد يخرج بصورة كتيب صغير أو مقال كبير. ولكن مرة أخرى أكرر، أنا هنا مجرد محرر إذا سمح لي مالكو حقوق النشر بنشر هذا العمل، وإذا لم يسمحوا لي -للأسف- فأنا كاتب لهذا العمل اختلطت كلماتي بكلمات أحمد خالد ولم أتجاوز المسموح به في الإقتباس لإنشاء المقال.

ومع ذلك نذكر أن جميع الحقوق محفوظة لأصحابها وكامل الملكية الفكرية، وغير مسموح لي أو لغيري بأي استخدام تجاري لهذه المادة دون الحصول على تصريح أو إذن قانوي موقع وموثق.

فهذا نص آخر يكتبه أحمد خالد توفيق، أو كتبه ونشره بالفعل.

***

[1] بيتر بنشلي

إن بيتر بنشلي هو الأديب الذي اختص بالحديث عن البحر حتى اقترن إسمه به.

صحيح أن كتابا آخرين كتبوا عن عالم البحار الغامض، لعل أشهرهم الأمريكي إرنست هيمنجواي صاحب العجوز والبحر، وكذلك هيرمان ملفيل صاحب موبي ديك -لاحظ أن الكتاب الثلاثة من أمريكا وكذا إدجار آلان بو الذي كتب أفظع قصة عن البحر- لكن الكاتبين (هيمنجواي وملفيل) مرا على البحر مرور الكرام -ربما قد يختلف معي البعض بشأن ميلفيل- فلم تبتل أقدامهما، ولعلهما ذهبا إلى هناك كي يغوصا في أعماق أبطال قصتيهما فحسب.

أما مع بيتر بينشلي فالأمر يختلف، إن هذا الكاتب يتنفس عبق البحر ورائحة حيواناته. إنه يغوص في أعمق أعماق المحيط خلف الكنوز الغارقة، ويحارب أسماك القرش وقناديل البحر، ثم يصعد ليواجه أعتى القراصنة. كل هذا في إطار أدبي محترف محكم.

ولا غرابة في هذا، فـ بنشلي وزوجته يعيشان في بنينجتون بـ نيوجيرسي، وكلاهما غطاس محترف بارع، وقد سافرا مرارا إلى برمودا، حيث تدور أحداث قصته (الجزيرة).

ولد بيتر بنشلي عام 1940 في نيويورك ضمن عائلة من الكتاب، اشتهر منها أبوه الكاتب القصصي الشهير ناثان بنشلي، وجده الأديب الأمريكي الساخر العظيم العبقري روبرت بنشلي. ولقد تخرج الفتى في هارفارد وعمل بالصحافة فترة لا بأس بها من الوقت في جريدة واشنجتون بوست، وكتب خطبا عديدة للرئيس الأمريكي جونسون. وقد ظل محافظا على عشقه الدائم للبحر حتى وفاته عام 2006.

في عام 1974 -ومن سماء صافية- خرج إلى العالم برائعته الأولى؛

1-فكّان.

حيث المواجهة مع سمكة القرش -عديمة الحياء- الأبيض العظيم.

وهي أشهر أعماله، والتي عرفت بإسم الفك المفترس، عمل أدبي اهتز العالم لقراءته، وباعت ملايين النسخ دون مبالغة، ثم تحولت إلى فيلم سينمائي رهيب وأكثر شهرة أخرجه ستيفن سبيلبرج عنه.

بعدها قدم روائعه التالية.

2-الأعماق

تدور في عوالم الكنوز الغارقة (الكنز عبارة عن أمبولات المورفين) حيث قدم المؤلف -كعادته- بطلا من وحوش البحار هو سمكة (أبو مرينا). ثعبان البحر المفترس المختبئ بين صخور الأعماق بانتظار الغواصين ذوي الحظ العاثر.

تم إخراج فيلم سينمائي عن هذه القصة بنفس الإسم بطولة روبرت شو ونك نولت وجاكلين بيسيه.

3-الجزيرة

هذه المرة يأخذنا الكاتب إلى عالم مروع في جزيرة مخيفة ومجهولة لا يعرف عنها الناس سوى أقل القليل، وما زال البوكانير -جنس منقرض لـ قراصنة الكاريبي- يعيشون فيها ممارسين طقوس حياتهم الرهيبة، ويقع الصحفي -الذي أرسل ليرى ما يحدث هناك- في قبضتهم مع إبنه.

والقصة تعكس إلمام المؤلف بجزر الكاريبي ودراسته لجنس الـ بوكانير. وكما هي العادة قدمت السينما الأمريكية القصة بنفس الإسم في فيلم جيد عام 1980 من إخراج مايكل ريتشي وبطولة مايكل كين.

4-الفتاة من بحر كورتيز

عن فتاة تعقد صداقة مع مخلوقات البحر، والوحش الجديد الذي يقدمه هذه المرة هو (حدأة البحر) العملاقة، والتي تدافع عن الفتاة وعن عالمها بمجرد أن تشعر أن الخطر يتهددهما.

وفي هذه القصة المثيرة نلمس بوضوح إلمام بنشلي بجيولوجية البحار.

5-الوحش

قصة أخرى شديدة الإمتاع تحمل دراية هائلة بعالم البحر.

إن بيتر بنشلي يقدم لنا نوعا فريدا من الأدب .. أدب البحر .. ولأنه يكتبه بإقتدار وحرفية عالية قادرة على كتم أنفاسنا مع كل سطر؛فإن أعماله لجديرة بأن تقرأ.

 

[2] جول فيرن

إن هؤلاء الذين توترت أعصابهم مع فيلياس فوج الذي يحاول أن يدور حول العالم في ثمانين يوما وإلا فقد ثروته؛والذين ارتجفوا وهم ينزلون في غواصة الكابتن نيمو على عمق عشرين ألف فرسخ تحت البحر؛والذين حبست أنفاسهم مغامرات ميشيل ستروجوف رسول القيصر؛والذين غرقوا في الحسابات المعقدة مع ميشيل آردان لمعرفة هل يمكنهم الوصول إلى القمر عبر فوهة مدفع أم لا، كل هؤلاء يعرفون جيدا الأديب الفرنسي العبقري جول فيرن!

من هذا العبقري صانع الأحلام؟

ولد جول فيرن في نانت بفرنسا عام 1828م .. درس القانون وهوى الأدب، وكالعادة كانت للأدب الكلمة العليا، وهكذا قدم بعض مسرحيات شعرية محدودة النجاح، ورواية تاريخية عاطفية (مارتن باز) لم يسمع بها أحد، على أن نجاحه تحقق حين قدم روايته (خمسة أسابيع في منطاد) التي حققت نجاحا غير عادي. وتوالت رواياته ذات الأسماء المدوية والتي جعلت منها السينما أحلاما ملموسة عالقة بالأذهان؛مغامرات الكابتن هاثيرا، رحلة إلى قلب الأرض،  من الأرض إلى القمر، إلخ… ثم توالت سلسلة رواياته المسماة (رحلات فوق العادة) والتي ضمت أسماء مثل الجزيرة، ميشيل ستروجوف، سيد العالم، عشرون ألف فرسخ تحت الماء،  إلخ.

وقد قضى هذا الأديب العبقري حياته في رحلات لا تنتهي على ظهر يخت خاص به لأنه لم يحب في حياته -على حد قوله- سوى البحر والموسيقى والحرية، ولا أظن أحد يخالفه الرأي!. ثم إنه توفى عام 1905، معلنا مصرع الخيال الساحر الذي بهرنا جميعا، وكان عمره سبعة وسبعين عاما وقتها.

وكلما حقق الإنسان فتحا جديدا كالصعود للقمر اكتشف في دهشة أن (جول فيرن) أو (هـ . ج ويلز) أو حتى رسوم (ليوناردو دافينشي) التي لم تنفذ قط -كلها تنبأت بنظرة مستقبلية لا تخيب- بهذا الفتح. إنها شفافية الفنان وإيمانه الكامل بملكات العقل البشري، بالإضافة إلى قدرته السحرية على الحلم. إن كتاب الخيال العلمي أطفال كبار، ولهذا يأخذ النقاد على كتاباتهم خلوها من البعد الإنساني، وهذا شيء طبيعي بالنسبة لطفل يحلم!، لا أحد يطالبه أن يحلم بعمق ولكن بإمتاع.

إلا أن بعض رواياته (رحلة إلى باطن الأرض كمثال) لا يمكن أن تتحقق، على الأقل بصورتها الحالية!. إن كاتبا مدققا في التفاصيل العلمية مثل الروسي ياكوف بريلمان يؤكد أن حدوث الرحلة مستحيل. لأن النزول في أعماق الأرض لمسافة ثمانية أمتار يزيد الضغط الجوي بمقدار 0، 001 مما هو عليه، وبالتالي على مسافة ثمانية وأربعين كليومتر -العمق الذي بلغه بطلا القصة- يكون الضغط الجوي أكبر بأربعمائة مرة. وتزداد كثافة الهواء 315 مرة، على أنهما خلال أحداث القصة وصلا إلى عمق 120 كليومترا، وهو أمر مستحيل ولا يمكن أن يتحمله بشر. ويقول الكاتب إن أكبر عمق يستطيع الإنسان النزول إليه دون أن يصاب بأذى هو 8، 9 كليو متر حيث يتضاعف الضغط الجوي إلى ثلاثة أمثاله.

أهم أعماله

1-رحلة إلى مركز الأرض

2-الجزيرة الغامضة

3-من الأرض إلى القمر

4-حول العالم في ثمانين يوما

5-عشرين ألف فرسخ تحت الماء

 

[3] روبين كوك

لا نعرف الكثير عن روبين كوك سوى أنه طبيب أمراض عيون، يعيش في بوسطون،  ومحاضر في مدرسة هارفارد الطبية. تخرج في جامعة وزليان، وكلية الأطباء والجراحين جامعة كولومبيا.

كتب رواية الغيبوبة عام 1977، وسرعان ما حوّلها مايكل كريشتون -وهو طبيب آخر- إلى فيلم كابوسي بنفس الإسم، أثار اهتماما عالميا، ولعله من الجدير بالذكر، أنه هو الفيلم الذي أصر الرئيس الأمريكي كارتر على أن يراه الرئيس الراحل أنور السادات، إبان توقيع معاهدة كامب ديفيد كنموذج لما وصل إليه فن السينما في أمريكا.

يمكننا القول إن د. كوك لا يحمل ذكريات سارة لمهنة الطب .. بل وإنه يحيلها في روايته الحالية إلى كابوس حقيقي، ولكنه يقدم في نهاية الرواية نوعا من الاعتذار، عما قدمه فيها من نبوءات مروعة (بدأت تتحقق للأسف)، على اعتبار أن عنده ما يدفعه إلى هذا التشاؤم.

يقول د. كوك في تعليقه الختامي على الرواية:-

“رأيت إعلانا في جريدة تريبيون عام 1968، يعرض فيه رجل بيع أي جزء من جسده، لمن يدفع مبلغا من المال، يتم الاتفاق عليه. بل إنني رأيت إعلانات من أحياء يبيعون قلوبهم لمن يدفع أكثر!.

وفي مراكز الكلى يوجد طابور طويل، من المرضى القادرين، ينتظرون أن يجدوا كلى صالحة لزراعتها لهم، والمشرفون على هذه المراكز، يعرفون شيئا اسمه متلازمة الإجازة،  حين ترتفع معنويات المرضى كلما دنت إحدى العطلات، لأنهم يتوقعون حركة سير أكثر. وحوادث تصادم أكثر. ومزيدا من الكلى الصالحة للزراعة!.

والحل لهذه الكارثة في رأيي، هو إيجاد تسهيلات قانونية ودينية أكثر، لعملية أخذ الأعضاء من المتوفين، الذين لم تمض ساعة على وفاتهم، بدلا من ترك هذه الأعضاء لتلتهمها الديدان أو لهيب المحرقة”.

كما ذكرنا تحولت هذه الرواية إلى فيلم بنفس الإسم .. المخرج هو مايكل كريشتون الذي تحول بعد ذلك إلى التأليف، فقدم لنا روايات شهيرة من الخيال العلمي، المشبع بجو الطب،  نذكر منها: خلية أندروميدا، رجل الأطرف الكهربية، الحديقة الجوراسية.

قام ببطولة الفيلم الممثلة الكندية جنفيف بوجولد مع مايكل دوجلاس وإليزابيث أشلي، والممثل العجوز ريتشارد ويدمارك.

الموسيقى التصويرية كانت لـ جيري جولد سميث الذي جعل من شريط الصوت كابوسا حقيقيا، يواكب الأحداث ولا ينافسها.

إن أفضل الروايات، لا تكون بالضرورة هي الروايات التي تحولت إلى أفلام سينمائية، ولكن من المصادفة أن هذه هي نفس نوعية الروايات، التي تجذب السينمائيين لتقديمها!، فالسينما كما نعلم لم تترك رواية صالحة إلا وقدمتها.

 

[4] ستيفن كينج

يعترف ستيفن كينج الكاتب الأمريكي العظيم بأنه كان طفلا جبانا! ولأن الجبناء أوسع خيالا من سواهم؛فقد احتفظ هو بالرؤى التي كان يخشاها في طفولته وترجمها إلى أعمال أدبية معقدة يمتزج فيها الرعب بالسيكولوجي وعلوم ما وراء الطبيعة والأسلوب الأدبي المحكم،  ليكون ستيفن كينج بذلك أشهر وأنجح وأهم كتّاب الرعب المعاصرين وعميدهم، وليحقق أعلى مبيعات في كل كتاب، وليضمن تحويل كل قصة من قصصه إلى فيلم سينمائي يحقق إيرادات هائلة.

وقد تحول إسمه إلى علامة مسجلة، يراها القراء على كتاب فيبتاعونه، ويرونها على فيلم سينمائي فيشاهدونه. بل وقد صار لإسمه ذات الرنين الرهيب الذي كان لأسماء إدجار آلان بو وبرام ستوكر ولافكرافت.

بدأ مشواره الأدبي وهو في عمر سبعة أعوام لما كتب أولى قصصه -ولا يزال يكتب وقد تجاوز السبعين- وعشق أفلام رعب الخمسينات ككل مراهق أمريكي في الواقع، سينما مسوخ الخمسينات تركت أثرها لدى كل من احترف مهنة الرعب هناك -وقد ظل عاشقا للسينما وعلاقته بهوليوود حميمية من البداية، كل كتاب جديد له يصير فيلما بالتأكيد، ويعطي بعض الآراء حول الأفلام المقتبسة أو الغير مقتبسة عن أعماله، وجرب كتابة السيناريو لبعض أفلامه، وشارك بالظهور Cameos في عدد من أفلامه، كما أخرج بعضها مثل الفيلم الفاشل الاندفاع الأقصى- ثم كبر الفتى وعمل مدرسا للغة الإنجليزية، وتزوج وراح يزجي الفراغ بالكتابة مجربا كتابة قصص مرعبة، لكن الناشرين اعتادوا رفض قصصه وكان يتخلص منها في القمامة غالبا، وكاد يتخلص من أول قصة له لولا أن زوجته تابيثا أنقذتها من صندوق القمامة، وأرسلتها إلى إحدى دور النشر، فإذا بدار النشر وياللمفاجأة تقبلها ويتلقى 2500 دولار عليها، وكان إسم القصة هو كاري. لتكون هي عمله المنشور الأول وبداية نجاحة الأدبي، وبعدها تفرغ للكتابة الأدبية تماما.

كاري الرواية الكابوسية عن المراهقة التي وجدت لديها قوى نفسية هائلة، قادرة على تدمير كل منافساتها اللواتي داعبنها مداعبة قاسية؟

وحين قرر المخرج العظيم برايان دي بالما أن يخرج القصة في فيلم عام 1976 تحقق نجاحها العظيم -ولقد عرض الفيلم في مصر وأحدث ضجة- ومن لحظتها صار كينج أكثر الكتاب مبيعا في العالم، وصار إسمه مقدسا في عالم الرعب المكتوب والمرئي. لقد تربع على عرش الرعب ولم يبرحه قط، ولعله أكثر الأدباء شهرة وثراءا في عالمنا اليوم.

تألق من رواياته الشهيرة أيضا والتي تروي قصة جنون كاتب يحيا في مكان منعزل مع زوجته وإبنه، وقد حول المخرج ستانلي كوبريك هذه الرواية إلى كابوس حقيقي في فيلم بنفس الإسم.

مقبرة الحيوانات الأليفة في تلك الرواية ينجح كينج في تحويل شيء بريء ورقيق إلى مأساة.

-الشيء رواية ملحمية يناقش كينج فيها عودة مخاوف الطفولة الكامنة إلى نفوس مجموعة من الأصدقاء كبروا وتفرقوا، لكنهم ظلوا يخشون الشيء ويرتقبون عودته.

الرجل الراكض وفي روايته تلك يتنبأ كينج بمستقبل دام تكون حياة الإنسان فيه مجرد لعبة تلفيزيونية يتم الرهان عليها.

ميزري الرواية التي كتبها عام 1987 في ثلاثمائة وستين صفحة، وميزري هو إسم البطلة والشرير الرئيسي في العمل والتي يمكن ترجمتها إلى بؤس أو تعاسة.

ثم لا ننسى كذلك تحفه كريستين، حشد سالم، لعبة جيرالد، وكلها تتميز بذلك الجو الكابوسي النفساني المتقدم جدا أدبيا.

ومن المجموعات القصصية نذكر (الرابعة بعد منتصف الليل)، وهي من المجموعات الناجحة جدا. مشكلة كينج أنه بوسعك أن تتحدث عن عنوان مشهور له، مثل تألق أو كريستين أو كاري أو هو / الشيء أو صائد الأحلام لكنك تصطدم بأن الناس تحفظ الفيلم الذي قدم عن الرواية جيدا، إلا أن هذا العمل (الرابعة بعد منتصف الليل) شهرته محدودة جدا، وقد ركز النقاد على قصة شرطي المكتبة الأقل شهرة من بقية قصص المجموعة، ولكن ربما الأكثر جودة عنهم.

ولد ستيفن كينج في بورتلاند بولاية مين الأمريكية في 21 سبتمبر 1947. ويبدوا أن نشأته قد أثرت كثيرا على أدبه، لأن معظم قصصه تدور في ولاية مين هذه.

كتب كينج كثيرا جدا، إنه من أغزر الكتاب إنتاجا، سريع الكتابة إلى حد الإنتهاء من كتابة كتاب جديد هائل الحجم كل عام، وملاحقة عناوين كتبه أمر صعب -كتب أكثر من خمسين رواية بالإضافة لأعمال أخرى- فما بالك بقراءتها جميعا؟ ومن أهم ما كتب دراساته عن فن الكتابة، وفيها تحليل للخلفية السيكولوجية لأدب الرعب. من تلك الدراسات كتاب (عن الكتابة) وهو مقال طويل جدا عن تقنيات الكتابة للرعب. قليلون هم كتاب الرعب الذين حاولوا أن يشرحوا أساليبهم ويفهموها، لعل أهمهم لافكرافت العظيم، عبر دراسة رصينة أخرى عن الموضوع ذاته، في مقاله الطويل (الرعب الخوارقي في الأدب) وهو عمل هام مفيد لمن يريد إحتراف الكتابة في الرعب. وقد كان أحمد خالد توفيق ينوي ترجمته ولكن توفاه الله قبل ذلك، لينتقل الغرض إلى أحمد آخر هو أحمد صلاح المهدي، ليقوم في النهاية إسلام عماد بالتنفيذ.

إن ستيفن كينج كاتب راق على إلمام كبير بالأدب الإنساني، وهو يحوّل قصص الرعب التي يكتبها إلى أعمال ثرية جدا في محتواها الأدبي، تمزج بين النفسي والخوارقي في إسلوب محكم للغاية. لكن بدأ عالمه يزداد تعقيدا في إصداراته المتأخرة، حتى أن القارئ قد يجد عسرا في فهم بعض أعماله (الساحر والزجاج من سلسلة برج الظلام على سبيل المثال).

وعامة عالم كينج مميز جدا، وفي أدبه تيمات واضحة يمكن منها فهم شخصيته بالضبط.

-الحياة في قرية هادئة هي غالبا بانجور بولاية مين، ثم تأتي الكارثة من سماء صافية؛عادة يحل بها الشرّ الذي هو انعكاس لنفوس سكانها.

-الفتى المراهق عاثر الحظ الذي يتحرش به المراهقون الأقوى عديمو الرحمة.

-الهواجس المرضية التي تضايق شخصا ما ثم يتضح أنها حقيقية.

-الأسرة المتوسطة -وغالبا يقطنون في بلدة صغيرة بعيدا عن صخب المدينة، ربما هي بانجور مرة أخرى- التي تتبدل حياتها بالكامل.

ووحوش كينج متنوعة ثرية يصعب أن تلم بها جميعا، إنه من الذين احتفظوا بخطوط إتصال مفتوحة مع مخاوف طفولتهم، وهو يستعيدها بسهولة تامة.

في طفولته وقع له حادث ليس هينا بالنسبة لطفل:-

بينما كان عمر الصبي ثلاثة أعوام خرج أبوه ليشتري علبة تبغ ولم يعد قط! (أي خبير في تحليل النفس سيقول أن هذا سبب له عدم الإحساس بالأمان طيلة حياته).

تجربة أخرى تعرض لها ليست هينة لبالغ فما بالك لطفل؟ هي مشاهدته لصديقه يدهس تحت عجلات القطار.

من الواضح أن مرحلة مراهقة كينج كانت صعبة وأن لديه تثبيتا هائلا عليها؛أغاني الروك وسباقات السيارات بين الشباب ومحاولة الظفر بإعجاب الفتيات. إنها مراهقة أمريكية جدا تستطيع أن تترجمها إلى مشاعرك أنت لأن محتواها الإنساني ثري وعال.

استمرت التجارب المؤلمة معه من طفولته حتى شيخوخته. حيث صدمته شاحنة مسرعة كادت أن تودي بحياته، وأن تذهب ببصره بعد نجاته إثر تداعيات الحادث الأليم -حاليا هو يعاني من ضمور خطر بالشبكية ينذر بالعمى ولا علاج له للأسف. وكأي نجم غريب الأطوار -ربما يحسب من غرابة أطواره أنه لا يوقع الأوتوجرافات في حفلات التوقيع، وقيل أن هذا بسبب التشاؤم، لكنه في الحقيقة بسبب مقته لسخافات النجوم وتأليه الناس لهم. لكنه يقبل التوقيع لو أرسل الأوتوجراف إلى مكتبه- كان تصرفه تجاه هذا الحادث فريدا، وفي سبتمبر 1999 قيل أنه اشترى العربة التي صدمته في شهر يونيو من العام ذاته، كي يقوم بتهشيمها إحتفالا بذكرى الحادث السنوية.

وعملية الشراء غير مكلفة بالنسبة لكاتب مثل ستيفن كينج، إنه كان ولازال واحد من أغنى الكتاب في العالم. بلغ دخله السنوي ذات مرة أربعون مليون دولار، لكنه يتقاضى من محاسبه 200 دولار إسبوعيا للإنفاق لا أكثر!

إن ما يميز أدب كينج عن سواه من كتاب الرعب؛إنه قرأ كثيرا جدا، وله إلمام واسع بالأدب العالمي، ويفهم علم النفس جيدا. إنه أديب عالي المستوى قرر أن يحترف أدب الرعب، وهو في أمريكا نوع أدبي محترم، وإن عومل ببعض التعالي من الأنواع الأدبية الأخرى، لكن لحظة عد الأرباح يكتشف الأدباء الآخرون أن هذا النوع هو الأكثر شعبية ووصولا إلى الناس.

إن كينج يهتم بالرعب، لكن الخيال العلمي يظل خارج إهتماماته فيما عدا بعض قصص قصيرة نادرة، منها أمواج الليل، وأنا مدخل الباب.

بالإضافة إلى رواية سباق الموت -وهو الإسم الذي أطلقه عليها أحمد خالد توفيق في ترجمته للرواية، والإسم الأصلي هو الرجل الراكض- التي لا تمت لعالم الخيال العلمي إلا من ناحية الشكل، فأحداثها تدور في المستقبل، لكن ما يريده المؤلف منها هو الرعب والتشويق. وكعادة أكثر كتاب الخيال العلمي يرى كينج أن المستقبل هو كابوس رهيب، يسيطر فيه حكم شمولي على أنفاس البشر. ويزيد الفارق بين الطبقات اتساعا، بحيث يتحول المجتمع إلى طبقة حكام مترفة، وطبقة محكومين حياتهم أقرب إلى حياة الفئران.

هنا تأتي لعبة الموت .. لو ربحتها لأمكنك أن تنتقل إلى طبقة أخرى، ولو خسرتها فلن تفقد سوى حياتك أمام شاشات التلفزيون، وجمهور المشاهدين المتعطشين للدماء كما في سيرك روماني قديم.

إنها صفقة مغرية كما ترى!

إن الرواية لممتعة حقا. وتحبس أنفاس القراء حتى آخر صفحة فيها، ومنها سنعرف أن ستيفن كينج لا يتخلى عن عشقه للرعب والتوتر، حتى وهو يضع قدميه في حذاء الخيال العلمي،  ويضع عباءة المستقبليات على كتفيه. ثم إنه لا يتخلى عن المحتوى الإنساني العالي الذي يميز قصصه.

كتب ستيفن كينج رواية الرجل الراكض عام 1982 بإسم مستعار يستعمله كثيرا هو ريتشارد باكمان، الذي كتب تحت مظلته خمس روايات؛المسيرة الطويلة، أشغال الطريق،  الهارب، أرفع، والمنظمون. ويقال أن سبب هذا هو ناشر كتبه الذي وجد أن السوق لا يتسع لتدفق إبداعات هذا الكاتب. ولكنه تجاوز هذه المشكلة منذ فترة، ولم يجد ستيفن كينج نفسه سببا مقنعا لكتابة بعض الروايات بهذا الإسم بعد ذلك، لكنها عادة أحبها وأحبها القراء معه.

 

[5] مايكل كرشتون

مايكل كرشتون هو نفسه مخرج رواية الغيبوبة رائعة روبين كوك، ويأتي ذكره هنا مؤلفا متميزا لقصص الخيال العلمي، التي تفوح منها رائحة الطب.

ولا عجب هنالك، فمايكل كرشتون طبيب قبل أن يصير مؤلف أو مخرج سينمائي.

ولد مايكل كرشتون في شيكاغو عام 1942، وتخرج في مدرسة هارفارد الطبية، ثم نال درجة الزمالة لما بعد الدكتوراه في معهد سالك في لاجولا بكاليفورنيا عام 1969. ثم عمل في معهد أساتشوستسي للعلوم التقنية، بصفته كاتبا زائرا حتى مماته في 2008 عن عمر 66 عاما.

غير معروف متى ولا كيف بدأ يهتم بالفن، لكنه قدم عددا لا بأس به من قصص الخيال العلمي، نذكر منها

-سلالة أندروميدا

كتبها كرشتون عام 1969، وكالعادة تلقفتها السينما الأمريكية لتقدمها في فيلم من إخراج روبرت وايز.

وكما يقول محرر مجلة لايف عن هذه القصة:-

“إن الخيال العلمي الذي كان في الماضي مريعا، لأنه كان بعيدا جدا، صار اليوم مريعا أكثر لأنه صار قريبا جدا. إن قصة سلالة أندروميدا هي نوع من رسوم الجمجمة على زجاجات الدواء، وتحدث نفس القشعريرة في البدن..”.

إنها رواية مشوقة، ذات طابع غير مألوف، وفيها الكثير من التوثيق، والإشارة إلى أسماء واقعية من العاملين في ناسا، بل إن نهاية الطبعة الإنجليزية زاخرة بأسماء المراجع العلمية، وكأنها رسالة دكتوراه حقيقية، حتى أن القارئ يجد نفسه غير قادر على تحديد متى تبدأ الحقيقة ومتى تنتهي. وهذا هو طابع كرشتون في كل كتاباته.

-الكونغو

هذه قصة ممتعة حقا، كتبها عام 1980، وفيها يبتعد نسبيا عن عالم الطب المألوف لديه كي يرتاد مجاهل إفريقيا. وهو يقدم لنا ذات العالم الذي استكشفه رايدار هجارد من قبل، ولكن بلغة الإلكترونيات والعلم الحديث.

ويقول كرشتون في مقدمة الرواية:-

“إن مساحة إفريقيا لتبلغ اثنى عشر مليون ميل، أي قدر مساحة أمريكا الشمالية وأوروبا معا. وإن جهلنا بقارة إفريقيا لفادح.

تسمى إفريقيا بالقارة السوداء لسبب واحد فقد، هو غابات الأمطار الاستوائية في وسطها. وهذه هي منطقة مصب نهر الكونغو، حيث توجد غابة مظلمة رطبة مساحتها نصف مساحة الولايات المتحدة. وهو مظهر جغرافي لم يتبدل على مدى ستين مليونا من الأعوام.

وحتى اليوم لا يسكن حوض الكونغو سوى نصف مليون نسمة، يعيشون في قرى متناثرة. أما أكثر الغابة فيحوي آلاف الأميال المربعة التي لم تستكشف بعد، ولم ترها عين غربية حتى اليوم”.

ويقارن كرشتون بين الحملة في روايته تلك، وبين حملة ستانلي التي استكشف حوض الكونغو في الأعوام 1874-1877. ويشير إلى إن أساليب الاستكشاف تطورت كثيرا، لكن الغابة ظلت كما هي.

يلاحظ في هذه الرواية أيضا إسلوب كرشتون المتميز جدا، المفرط في التوثيق والاستطرادات العلمية، بحيث يجعل من الرواية مزيجا من الفن والدراسة الأكاديمية.

لهذا صار لـ كرشتون إيقاعه الخاص في قصصه، فهو يكتب الأحداث على شكل فقرات مزدوجة .. الفقرة الأولى يخصصها للحدث .. والفقرة الثانية يخصصها للتفسير العلمي لهذا الحدث.

وكالعادة ينهي روايته بحشد من المراجع العلمية التي لجأ إليها .. فكرة (رواية ذات مراجع) تبدو غريبة بالنسبة لذوق قارئ العربية، لكن رواياته ممتعة دون شك.

-حديقة العصر الجوراسي

وقد أخرجها سبايلبرج في فيلم الدنياصورات الشهير، الذي هز شباك الإيرادات في العالم كله.

من أعماله الأخرى

-رجل الأطراف الكهربية

-سرقة القطار الكبرى

-أكلة الموتى

-الكرة

أما قصص كرشتون البعيدة عن عالم الخيال العلمي فهي

-خمسة مرضى

-حياة كهربية

-رحلات

-الفضيحة

-مسألة احتياج

وفي مجال الإخراج السينمائي قدم لنا هذا الفنان المتميز:-

-العالم الغربي

-الغيبوبة

-سرقة القطار الكبرى (عن قصته هو نفسه)

 

[6] هربرت جورج ويلز

هربرت جورج ويلز، أو (هـ . ج . ويلز) فهو من الكتاب العالميين المعدودين الذين اشتهروا بالحروف الأولى من أسمائهم، ومنهم د. (هـ . لورانس)، و(ج . ب . شو) و(ر . ل . ستفنسون)، و( ت . س . إليوت). وهو كاتب فائق الشهرة. لا يجادل أحد في كونه عبقري أضاف الكثير حتى على مستوى لغتنا اليومية وثقافتنا. لقد صار مفهوم آلة الزمن والرجل الخفي وحرب العوالم مستقرا في خيالنا وتعبيراتنا. هو خليط من أديب كبير وفيلسوف ومفكر سياسي ومستقبلي ومعلم أحياء.

في صبا هذا الكاتب قذف به أحد الأولاد الكبار في الهواء، ومن ثم سقط أرضا وتهشمت ساقه. وكان على الصغير أن يرقد في الفراش شهورا يتلوى ألما.

تبدو هذه كارثة، لكنها بالنسبة لـ ويلز كانت أسعد حوادث حياته؛لأنها أرغمته على ممارسة التسلية الوحيدة للمقعدين قبل اختراع التلفزيون: القراءة.

وكانت نشأة ويلز فقيرة للغاية.

ولد ويلز في 21 سبتمبر 1866 في بروملي بمقاطغة كنت في إنجلترا. أبوه جوزيف ويلز كان يملك ورشة صغيرة (حانوت)، بينما أمه كانت خادمة قبل أن تتزوج. بدأ ويلز الصغير حياته بالعمل فترة في محل لبيع القماش والصوف في وندسور (وصف هذه الفترة في رائعته كيبس التي استوحاها من عمله في المحل) ثم عمل في صيدلية.

وفي النهاية فرّ من هذا الجحيم وجاهد حتى تمكن من الدراسة في الكلية الإمبراطورية للعلوم، وتخرج فيها بإمتياز بعد أن ظفر بمنحة دراسية أشعلت إهتمامه بالعلوم، ودرس علم البيولوجيا وخاصة نظرية داروين مع الأديب الكبير هكسلي. إن تأثير هذه الفترة واضح في قصته (جزيرة الدكتور مورو). ثم عمل مدرسا، حيث كتب خطابا يستعطف فيه ناظر مدرسته القديمة، وقبل هذا الأخير أن يُعّين ويلز معلما عنده.

أصيب بثقب في رئته بعد مباراة كرة قدم عنيفة، وكان لإصابته الأولى الفضل في إرغامه على القراءة .. أما إصابته الثانية فأرغمته على الكتابة.

عام 1891 تزوج إبنة عمه في زيجة لم تطل؛لأنه تعلق بإحدى تلميذاته. كان قد تفرغ للكتابة عام 1893. خمسة أعوام ظل يكتب فيها، وخلالها حرق ذات مرة كل ما كتب لرداءته!. (عادة الأدباء العظام) ثم إنه تزوج تلميذته تلك عام 1895 وواصل محاولات الكتابة في حماس غير مسبوق إلى درجة إخراج كتابين طويلين كل عام .. وبدأ يرضى عن أعماله تدريجيا، ويرضى القراء عنها. ففي نفس العام 1895 كتب رائعته آلة الزمن والزيارة الرائعة والعصوية المسروقة وحوادث أخرى.

وفي كتاباته نجد تنوعا غير عادي في مجالات إهتمامه، فهو مولع بعلم الأحياء لهذا كتب (مرجعا في الأحياء) عام 1983. وهو يعشق الخيال العلمي. وفيه كتب

-العصوية المسروقة وحوادث أخرى 1895

-آلة الزمن 1895

-الزيارة الرائعة 1895

-جزيرة د. مورو 1896

-الرجل الخفي 1897

-حرب العوالم 1898

-أوائل الرجال على القمر 1901

ثم كتب عن المشكلات الإجتماعية

-توقعات 1901

-كيبس 1905

-يوتوبيا الجديدة 1905

-توني بانجي 1909

-آنا فيرونيكا 1909

وفي عام 1911 بدأ خط جديد من خطوط إبداعاته يتمثل في قصصه

-ميكيافيللي الجديد

-الزوج

-أصدقاء عاطفيون

-الزوجة لسير إنراك هارمان

وكتب ويلز أيضا عددا من القصص القصيرة الخيالية نلمس فيها تنوعا غير عادي، مليئة بوحوش لم نتصور وجودها، مزيج من الرعب والفكاهة والغرابة والسحر والمأساة والشعر.

 

من تلك القصص نذكر

-بولوك ورجل البوروه

-جزيرة الـ إيبيورونيس

-الغرفة الحمراء

-حقيقة بايكرافت

-إمبراطورية النمل

-في مرصد آفيو

-انتصارات دبّاغ

-في الهاوية

-المتجر المسحور

-وداي العناكب

-بلد العميان

-غزاة البحر

-القلنسوة الأرجوانية

كتب ويلز في كل شيء تقريبا؛من نشأة وحيدات الخلية إلى مؤتمرات الصلح، ومن ألعاب الأطفال إلى قوانين الاقتصاد. ويرى د. لويس عوض أن الرجل كتب كثيرا جدا .. بل (ربما أكثر مما ينبغي) وهذا حق.

في عام 1903 انضم للحركة الفابية (الحركة الاشتراكية التي تدعو للتغيير التدريجي) لكنه تركها بعد مشادة مع برنارد شو أهم قادة الحركة.

وأيد ويلز الحرب العالمية الأولى على أساس أنها (الحرب التي ستنهي الحروب جميعا)، وقاد حملة الدعاية ضد الألمان في أثنائها، لكن هذا لم يمنعه عام 1916 من كتابة قصة شهيرة هي (مستر برتلنج يتبين الأمر) يقر فيها بخطئه.

بعد الحرب كتب

-خلاصة التاريخ 1920

-تاريخ قصير للعالم 1922  

-علم الحياة 1929

-العمل والثروة وسعادة البشرية 1932

كان يبشر بعالم واحد متكامل يبعد شبح البربرية والعدمية.

وفي عام 1934 كتب قصة حياته وسماها (تجربة في الحياة). وجاءت الحرب العالمية الثانية لتفقده؛إيمانه بالجنس البشري الذي فقد التحكم في ذاته، ومشى بخطى حثيثة نحو الهلاك.

من الغريب أن شهرة الأعمال الخيالية لـ (ويلز) تفوق بكثير شهرة أعماله الواقعية. ومن لم يسمع عن قصص الرجل الخفي أو آلة الزمن أو جزيرة الدكتور مورو؟. ولعل هذا يرجع إلى أن النوعية الأولى أكثر إمتاعا وشعبية.

على أن النقاد -ومنهم لويس عوض الذي نقتبس هنا بعض عباراته- يقسمون أدب ويلز إلى ثلاث مجموعات

1-الأساطير العلمية: على غرار ما ذكرناه.

2-القصص الواقعية: مثل كيبس وتونو بنجي وسيرة مستر بولي، وهذه المجموعة هي الأرقى والأكثر ثراءا في محتواها الأدبي.

3-القصص الجدلية: مثل مستر برتلنج وآن فيرونيكا وكلها خالية من المحتوى الأدبي، بل هي أقرب إلى مناقشات للآراء الإجتماعية تبرز فيها طبيعة المفكر المصلح أكثر من طبيعة الفنان.

ونختص بالحديث هنا عن أساطير ويلز العلمية، وتوجد سمة عامة في المنهج المتبع بها، وهو أنه يجتهد لتصور مستقبل البشرية إذا ما وضع العلم في خدمة المجتمع.

في قصة آلة الزمن يبدوا متأثرا بشدة بمنهج داروين ونظرية النشوء والارتقاء. وفي قصص أخرى يتصور مصلا تحقن به الحيوانات فتتكلم وتفكر كالآدميين، أو محلولا يشربه الناس فتشف أجسادهم حتى تغدو خفية، أو حربا بين كوكبنا وغيره من الكواكب.

من أبرز رواياته نذكر أيضا جزيرة الدكتور مورو، المثيرة والمرعبة والتي تدعونا للتأمل،  والتي بالطبع كان لا بد أن تثير شهية صناع السينما لعمل شيء ما منها، وقد قدمت لنا السينما الأمريكية ذات الرواية في فيلمين بارزين

-الأول هو جزيرة الأرواح المفقودة 1932، بطولة تشارلز لوتون، وهو أفضل الفيلمين.

-الثاني هو جزيرة الدكتور مورو 1977، بطولة بيرت لانكستر ومايكل يورك، وهو عمل غير متميز.

رواية جزيرة الدكتور مورو هي نموذج لأدب الخيال العلمي عند ويلز، ومن خلال قراءتها يتبين القارئ المثقف سريعا أن هذا الأديب -كما ذكر لويس عوض- يكتب الخيال العلمي، ليعبر عن آرائه الفلسفية وانطباعاته الإجتماعية في الحرية. إن ويلز منبهر بالعلم، لكنه يهابه .. يحترمه، لكنه يرتاب فيه.

ورواية الرجل الخفي، رواية أخرى ممتعة بلا شك، وقد صارت من كلاسيكيات أدب الرعب وأدب الخيال العلمي معا، وبعض مشاهدها حفر للأبد في خيال القراء، كما تفننت السينما في تقديمها مرارا بكل أساليب الخدع السينمائية، ولعل آخر فيلم لم يقتبس القصة ولكن تأثر بها هو (الرجل الأجوف). يقول الكاتب العلمي السوفييتي ياكوف بريلمان عن إن الرجل الخفي لو وجد لكان كفيفا تماما؛لأن شبكيته لن تحتوي طبقة الخلايا الصبغية؛ولهذا فحتى الأسماك الشفافة تماما كالزجاج تظل عيونها السوداء مرئية. فيما عدا هذا هناك محاولات علمية ناجحة لجعل معامل انكسار الأنسجة الحية مماثلا لمعامل انكسار الهواء.

ولسوف يرى القارئ الناقد أن ويلز متأثر بالمذاهب العلمية والفكرية التي سادت أوروبا في تلك الحقبة، وله اهتمام بنظرية داروين في الارتقاء، وأوضاع الطبقة العاملة المطحونة في عهد الثورة الصناعية بإنجلترا.

ولقد جرت العادة على أن يوضع ويلز الإنجليزي مع جول فيرن الفرنسي في سلة واحدة.

ويرى د. لويس عوض أن هذا تعسف، فكلا الرجلين يجعل العلم أداة الخيال، كلاهما كتب في الخيال العلمي وغدا حجة فيه -يعتبر الآباء الثلاثة الشرعيون للخيال العلمي هم ويلز وفيرن وهناك أب ثالث يضيفونه باستمرار هو الكاتب والناشر هوجو جيرنسباك، لدرجة إطلاق جائزة هامة للخيال العلمي بإسم جائزة هوجو- لكن هناك فارقا هائلا بين جول فيرن وهربرت جورج ويلز. جول فيرن -كما يمكن أن نلاحظ في رحلة إلى مركز الأرض- كاتب مسطح، لا يقول شيئا سوى المغامرة الطريفة المثيرة التي تحدث لأبطاله مكتفيا بها أساسا لحبكته مضيفا عليها الدقة العلمية فحسب.

أما ويلز فيقول كل شيء ممكن مما بين السطور وفي السطور ذاتها، حتى لتعدو رواياته عملا فلسفيا شديد العمق، ولا ينتهي أي كتاب من كتبه لدى إنتهاء قراءته، إنه يبقى معك طويلا. فويلز يعرض تأملاته وآراءه ويعيد بناء المجتمع ونقده، وهو شديد الإيمان بالمنهج العلمي في القياس، ويصف أبطاله وأحداث القصة وصفا باردا شبيها بعالم يصف أحد الأحياء الدقيقة تحت عدسة المجهر. إنه أقرب للفيلسوف الذي يحاول أن يتنبأ بمستقبل البشرية، هناك لمسة تشاؤمية واضحة في أدب ويلز مع خوف عارم على مستقبل البشرية، لكن هناك كذلك لمحة من التفاؤل. يقول في مزيج من الجد والهزل: كلما رأيت شخصا بالغا على دراجة، قل خوفي على الجنس البشري!.

وبعد حياة حافلة، توفى العبقري في 13 أغسطس عام 1946 في التاسعة والسبعين من عمره. توفى بعد أن ترك طابعه الذي لا يمحى في عقول هذا الجيل. وبعد أن أثرى الأدب العالمي بقصص ومقالات لا تنسى، ربما لم تكن عميقة كلها، لكنها بالتأكيد فائقة الإمتاع. توفى وهو يمر بحالة عدم يقين شديدة تجاه الجنس البشري الذي يبدو أنه صمم على تدمير ذاته. إن تفكير من ماتوا قبل الحرب العالمية الثانية يختلف جذريا عمن ماتو بعدها. وقد توقع أن تكون العبارة التي يتركها على شاهد قبره هي: “لقد أنذرتكم .. أيها الأغبياء!”.

 

[7] أوسكار وايلد

ينظر إلى البوليسية والرومانسية بإعتبارهما من أدبيات الإثارة الرخيصة، ولكن يعد الأدب الرومانسي درجة أكثر نضجا في درجات تذوقنا للأدب العالمي.

أديبنا هذا لا يمكن الكلام عنه إلا في كتاب كامل، ولعله من أكثر كتاب العالم الذين صدرت عن حياتهم دراسات كاملة .. وحياته بحر لا ينتهي من الصخب والقيل والقال وقد أثار الكثير من الجدل.

لكننا سنكون محددين مختصرين.

ولد أوسكار وايلد في 16 أكتوبر عام 1854 في دبلن .. الإبن الثاني لسير ويليام وايلد -طبيب وجراح عيون فائق الشهرة- وأم أديبة ثائرة كانت تحارب من أجل حرية أيرلندا بقلمها.

وفي المدرسة -كعادة الأدباء- لم يبد أوسكار حماسا للألعاب الصبيانية، كان يؤثر الوحدة وقراءة الأدب الإغريقي.

وكان لقراءاته هذه الفضل في أن يظفر -فيما بعد- بمنحة لجامعة أوكسفورد، وظفر هناك بشعبية لا بأس بها بسبب موهبته كشاعر له لماحيته وروحه المرحة. وبدأت أشعاره تولد على صفحات المجلات الإيرلندية.

وحين تخرج في أوكسفورد كان قد نال شهرة بآرائه الثورية التي تصدم أذواق السواد الأعظم من الناس، وإن كنت تشعر بأنه يقولها أحيانا لمجرد التميز حتى إن لم يؤمن بها تماما. وكانت ثيابه الزاهية الغريبة منفرة الألوان تعكس هذا التحدي وهذه الرغبة في التميز بواسطة نوع من الاستفزاز للتقاليد والأنماط السائدة.

سافر إلى الولايات المتحدة ليلقي بعض محاضرات، ثم تزوج كونستانسي لويد وأنجب منها طفلين، واضطرته المسئوليات إلى أن يعمل مراجعا في مجلة بول مول ثم صار محررا لمجلة عالم المرأة.

كان هذا الوقت -عام 1887- هو الذي كتب فيه قصة شبح كانترفيل، وهي من أشهر قصصه وأنجحها .. للمرة الأولى نجد القصر مسكونا بشبح خائف مذعور من البشر الذين هم أكثر شناعة وقسوة من أي شبح يمكن تصوره.

وبعد هذا بعام أصدر مجموعة من القصص الخيالية تحت عنوان (الأمير السعيد وقصص أخرى)، وهي قصص شاعرية تتخذ طابع قصص للأطفال، لكنها تعكس شفافية وحساسية غير عاديتين.

تلى ذلك إصدار روايته الوحيدة دوريان جراي، التي ناقش فيها العلاقة بين جمال الصورة وقبح الروح. ورغم أنه ينظر إليها اليوم بصفتها أقرب إلى الروايات الأخلاقية، إلا أنها قد قوبلت بهجوم عنيف في البداية، واستخدمها مهاجموه كدليل إثبات ضده في محاكمة كوينز بري الشهيرة.

وعلا نجم وايلد سريعا، وامتلأت الصحف بآرائه وأخباره. وقدم مسرح سانت جيمس روايته (مروحة الليدي وندرمير) التي دشنت اسمه كأحد أهم كتاب المسرح الإنجليزي. ولقد قدمت السينما المصرية، ذات الرواية باسم امرأتان منذ ثلاثة عقود من الزمان.

شهد العام 1889 ظهور أعماله امرأة بلا أهمية والزوج المثالي وتحفته الخالدة أهمية أن تكون جادا وسالومي.

كان نجاحا الرجل ساحقا، وكان لهذه الشهرة دور في تبديل شخصية وايلد -أليس بشرا؟- كأنما تحقيق الطموحات قد حرّر ميولا مرضية في تكوينه، وسرعان ما بدأ تدهور الرجل إلى نهايته.

وتكفل أصحاب السوء بتسهيل طريق الرذيلة للرجل لينزلق في عالمها الذي يذكرنا كثيرا جدا بما عاشه الفتى دوريان في صورة دوريان جراي، حتى قدم للمحاكمة -من قبل والد صديق له- فيما يعرف بـ (محاكمة كوينز بري)، وحكم عليه بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة عامين.

وفي السجن كتب إلى صديقه ألفرد دوجلاس خطابا شهيرا جدا وطويلا جدا نشر فيما بعد باسم من الأعماق (دي بروفندي De Profundis). ويعتبر من درر أدب السجون.

ويغادر وايلد السجن فيترك إنجلترا التي لم يعد يطيقها فارا إلى فرنسا، ويمضي الوقت دون كتابة أعمال مهمة أخرى، ثم يصيبه إلتهاب الأذن الوسطى الذي يؤدي به إلى الحمى الشوكية في ديسمبر عام 1900. ويلفظ أنفاسه الأخيرة بسببها فيدفن في باريس، في مقبرة بيرلاشيز في مونمارتر.

يقول وايلد: “على الفنان أن يخلق أشياء جميلة، لكن عليه ألا يضيف شيئا من حياته الخاصة إليها”. أوسكار وايلد أديب عظيم ذو شخصية مفعمة بالشاعرية والحساسية والقلق. ولن ينسى محبو الأدب كلمة وايلد الشهيرة: “إن الطبيعة تقلد الفنان” كما لن ينسوا ما قاله ماكس بيربوم عنه: “كان الجمال موجودا منذ دهر قبل عام 1880، لكن أوسكار وايلد هو أول من رآه”.

هذه عبارات جديرة بالتأمل، ولسوف يتذكرها القارئ مرارا وهو يقرأ أدب الرجل المليء بالجمال الذي لم يره إلا أوسكار وايلد.

 

[8] آرثر كونان دويل

يندر الحديث عن آرثر كونان دويل إلا وتستدير الدفة تلقائيا نحو بطله الأشهر والأكثر إمتاعا شيرلوك هولمز، والحق لا يمكن للقارئ أن يتعرف حقا على أدب دويل دون قراءة إحدى القصص التي يقوم ببطولتها شيرلوك هولمز. والراغبين في معرفة أشياء أكثر عن شيرلوك هولمز لقادرون على العثور عليها في كل مكان تقريبا، لكننا نجد القليل جدا عن خالق هولمز ذاته. وهذا نموذج جيد للشخصية الروائية التي تلتمع وتتألق حتى تطغى على شخصية كاتبها ذاته. يمكن القول القول دون خطأ كبير أن كونان دويل حاول مرارا التملص من شخصية هولمز، وحاول أن يبدع خارج سجنها. لكنه كان يفشل دوما ويقابل بالفتور، من ثم يعود إلى عالم هولمز من جديد. وقد قدم ستيفن كينج دراسة شائقة لعقدة الشخصية المسيطرة على الكاتب في رائعته بؤس.

كان السير آرثر كونان دويل طبيبا من الذين جذبهم الأدب إلى عالمه السحري الخلاب، لكن الطب لم يفارقه لحظة. طبيب هوى الأدب، واستطاع أن يعطي حياته للمجالين معا دون أن يتنازل عن أحدهما.

تعلم من الطب دقة الملاحظة، ومنه اقتبس شخصية أستاذه العظيم د. جوزيف بل الذي كان هو هولمز في كل شيء. بملاحظته غير العادية للتفاصيل، فكان يعرف مهنة المريض ومرضه ومشاكله الأسرية من نظرة واحدة.

لم يتصور الأستاذ ولا التلميذ أن علاقة الإعجاب هذه يمكن أن تؤدي بـ كونان دويل إلى هجر الطب والتفرغ لكتابة القصص البوليسية .. لكن هذا حدث.

وكان جوزيف رجل متأنق، فارع الطول، معقوف الأنف، يدخن الغليون الذي لا يفارق شفتيه، وله عينا صقر، وهذه هي الصفات (بالإضافة إلى قوة الملاحظة المذهلة ومعرفته العلمية) التي خلق منها دويل شخصية بطله هولمز.

كان من الممكن أن يموت دويل دون أن يحظى إلا بشهرة محدودة، لو لم تجب لنا عبقريته شخصية هولمز، أقوى شخصية عرفها الأدب البوليسي عموما، وإحدى أكثر الشخصيات الخيالية خلودا. ومازال في لندن من يقيمون الأندية تخليدا له، ويزورون شارع بيكر لرؤية بيته المفترض، وقد قرأت دراسة مرهقة تحاول إثبات أن واطسون -صديق هولمز- كان امرأة، وأن عناوين القصص تكشف اسمها! (المثلية تقفز لنا بوجهها القبيح هنا أيضا).

بدأ ظهور قصص هولمز عام 1891 عبر رواية علامة الأربعة، والعصابة الرقطاء 1892،  ثم مذكرات هولمز عام 1894، وعودة شيرلوك هولمز عام 1905، وعقدته الأخيرة عام 1917، وقضية هولمز عام 1927.

وكان نجاح هولمز ساحقا، وقد فشلت كل محاولات دويل للخلاص من هولمز، بل إنه قتله في إحدى رواياته، لكن انهمر عليه سيل من رسائل القراء أرغمه على أن يعيد إحياءه في رواية تالية. لكنه لم يتوقف عن محاولة قتله -في القصص- مرارا (الشخصية غلبت صانعها). وراح يجرب حظه في مجالات أخرى، منها

-التاريخ ورواية الشركة البيضاء 1891، وهي عمل أدبي تاريخي عالي القيمة لم يرض عنه أحد للأسف.

-ثم كتب مسرحية بعنوان قصة واترلو عام 1900.

-وكتب سيرة حياته في كتاب بعنوان مذكرات ومغامرات عام 1924.

-وكان كونان دويل من المهتمين بعالم الأرواح وعلوم تحضيرها. وله قصص مثيرة في هذا الصدد، وقد وضع خبراته هذه في كتاب اسمه تاريخ مذهب تحضير الأرواح عام 1926.

-ثم كتب رواية لم يكن بطلها هولمز هي العالم المفقود. وهي واحدة من القصص التي حاول كونان دويل الفرار إليها من أسر هولمز. ويمكن القول أنه نجح إلى حد كبير، ونالت رواية العالم المفقود رواجا كبير دفعه إلى أن يقدم جزءا ثانيا لها تحت عنوان النطاق السام مع نفس الأبطال. وأبطالها هم

-نيد مالون المخبر الصحفي الشاب الأخرق إلى حد ما

-تشالنجر البروفسور المغرور العصبي الفظ الشبيه بالغوريللا

-مستر سومرلي أستاذ تشريح الحيوان المقارن، الناحل العصبي

-لورد روكستون القوي الجسور

هي رواية ممتعة بحق، فيها من روح هذا الأديب العظيم المتوثبة إلى الإثارة، والتي تحمل احتراما شديدا للعلم والعلماء.

وبرغم هذا كله لم يستطع الرجل الفرار من عالم هولمز، واضطر إلى العودة إليه ليقدم للقراء المزيد من الروايات فائقة الإمتاع.

ونجد ممن يحبون هولمز كثيرين في اليابان، وفي روسيا ينتظر الناس حلقاته التلفزيونية في شغف، ولا يوجد من لا يعرف هذا المخبر العبقري الجالس أمام المدفأة يدخن الغليون، ومعه راوي قصصه محدود الذكاء د. (واطسون) الذي يحاول أن يفكر مثله لكنه يعجز دائما.

رواية كلب آل باسكرفيل من الروايات المحدودة جدا لـ هولمز، لأنك تجده أكثر في القصص القصيرة -والتي تقدمها لنا ترجماتها العربية على أنها روايات- وهي من الأعمال الشهيرة التي أغرت السينما بتقديمها مرارا، وفيها مزيج من الإثارة والفكر الممنطق، وبعض الرعب، وقليلا جدا من الجوانب الإنسانية.

لقد أثرى السير آرثر كونان دويل -الأديب الإنجليزي العظيم- عالم الأدب بمؤلفات كثيرة،  لكن شخصية شيرلوك هولمز ستظل هي الأكثر خلودا وشهرة من كل أعماله. وهذا دليل على عبقرية الرجل وعلى موهبته التي أسعدت الملايين من القراء بكل اللغات.

 

[9] جون جريشام

بعض الكتاب يميل إلى التخصص في كتاباته؛ستيفن كينج يميل إلى الرعب، بيتر بينشلي يميل إلى عالم البحار والكنوز الغارقة، روبين كوك ومايكل كرشتون يميلان إلى عالم الطب بمفرداته الغامضة.

قديما ظهر أديب أمريكي هو إيرل ستانلي جاردنر، الذي مال إلى التخصص في عالم المحاماة والمحاكم، وقدم لنا محاميه الأريب الوسيم بيري ميسون، وذلك في سلسلة روايات لا تنسى.

وها هنا نقدم لكم أديبا ثانيا اهتم بعالم القضايا والمحاكم والقانون والتصق به، هو جون جريشام. وقد صار اسمه فائق الشهرة في قوائم أفضل المبيعات، وصار من المؤكد أن تتحول كل رواية له إلى فيلم سينمائي شهير بدوره.

إن أدب جون جريشام له مذاق خاص، يمزج بين السخرية والتوتر والتشويق، والبعد السياسي،  والعواطف الإنسانية الجامحة. كل هذا في رواية واحدة محكمة، لا تشعر معها بافتعال هذا المزج كما تشعر به في الأفلام الهندية مثلا.

وهو مولع دائما بتيمة البطل الفرد الضعيف الوحيد أمام قوى عاتية سياسية أو قانونية أو إجرامية؛المافيا، أو شركات التأمين، أو الاستخبارات المركزية.

وهي فكرة تروق للقراء دائما، بالإضافة إلى حجم رواياته الضخم شديد الدسامة الذي يناسب القارئ الأمريكي؛المولع بألا تقل صفحات أي رواية عن خمسمائة صفحة، ولا ينظر بجدية لرواية صغيرة الحجم!.

ولد الأديب الأمريكي جون جريشام في أركنساس عام 1955، لأب مزارع قطن، وقد استقرت أسرته جوار المسيسيبي عام 1967. في هذا الوقت تقريبا بدأ الشاب يقرأ بنهم،  خاصة أعمال أديب أمريكا العظيم شتاينبيك Steinbeck. وإن لم يطمح للأدب قط، فقد كان يعتقد أنه خلق ليكون لاعب بيزبول عظيما، ذلك الطموح الذي تخلى عنه في مباراة عنيفة جعلته يدرك قدراته بالضبط.

درس المحاسبة في جامعة المسيسبي وتخرج عام 1977، ثم حصل على شهادة في القانون عام 1981، وافتتح مكتبا للمحاماة في ساوثهيفن حيث عمل به لفترة.

من بعد رواية المؤسسة بدأ جريشام يقدم عملا واحدا تقريبا كل عام، وتبدت في أعماله ثقافته القانونية مع فهمه للجنوب الأمريكي وعالم المسيسيبي الذي قدم لنا من قبل أديبا عظيما هو مارك توين.

أبرز أعماله

-وقت للقتل 1987، هي أولى رواياته وكان نجاحها متوسطا، أو لنقل لم تلقى إهتماما يذكر فلم يبع منها إلا ألف نسخة بعد أن قدمها للناشر الوحيد الذي قبلها، ربما لم تحقق نجاحا ساحقا إلا بعد ما اشتهر وقدمتها السينما الأمريكية.

اضطر ذات مرة لسماع طفلة صغيرة تحكي في المحكمة قصة اعتداء تعرضت له، هنا خطر له أن يتخيل الوضع القانوني لو أن الفتاة كانت زنجية، ولو أن الاعتداء تم على يد مجموعة من البلطجية البيض المتعصبين ذوي الأعناق الحمر. هنا يلعب التعصب العرقي دورا لا بأس به  ؛لأن فرصة نجاة المجرم الأبيض عالية إذا كان المحلفون بيضا، وهذا ما يدفع أبا الطفلة لتنفيذ العدالة بيده. هكذا ولدت قصة وقت للقتل.

-المؤسسة / الشركة 1990، التي وثبت به إلى الصف الأول في أعلى المبيعات، وصارت رواياته واسمه في كل مكان، وعام 1991 اشترتها منه شركة باراماونت بستمائة ألف دولار وقدمتها في فيلم ناجح بدوره، من بطولة توم كروز بإسم الطاغية.

تحكي عن محام شاب يتعلم الدرس بالطريقة الصعبة؛لا أحد يقدم شيئا مجانا، وكل هذه المزايا التي تمنحها إياه شركة المحاماة الكبرى تضعه في ورطة مخيفة بين الـ إف بي آي والمافيا الغاضبة. برغم أن الفيلم الذي قدمه توم كروز نجح جدا فإن الرواية سبقته في هذا النجاح، وبالتالي راجت رواية وقت للقتل ورآها النقاد للمرة الأولى.

-ملف البجعة 1992، التي تحولت إلى فيلم بإسم امرأة في خطر بطولة جوليا روبرتس حسناء هوليوود الرقيقة.

-العميل 1993، رواية شهيرة له، وفيها يقف صبي صغير وحده أمام عمالقة الإجرام وقضية سياسية بالغة الخطر.

-صانع الأمطار 1995، وهي واحدة من أفضل أعماله، ويجب أن يحتفل القارئ بقراءته لهذه الرائعة، وقد تم تحويلها إلى فيلم بنفس الإسم عام 1997 من إخراج العظيم فرانسيس فورد كوبولا.

صانع الأمطار هو مصطلح مهني، يعني المحامي الذي يحقق صفقات كبرى، وتعويضات هائلة لموكليه.

-مقاعد الشمس 1996، وهي قصة تنتمي لعالم البيزبول الذي لم ينسه قط.

كذلك نذكر لـ جون جريشام روايات مثل الغرفة 1994، والمحلف الهارب 1996، والشريك 1997، ومحامي الشوارع عام 1998، والشهادة عام 1999.

كلها نجحت نجاحا ساحقا وبلغ عدد النسخ المباعة منها خمسين مليونا، وقد نال جريشام لقب (أفضل الكتاب مبيعا في التسعينات)، وكل عنوان جديد له هو فيلم جاهز للتصوير، ويعتبر حاليا من أكثر الكتاب شعبية لدى قارئ الإنجليزية مع ستيفن كينغ وآخرين.

يعيش جريشام في أكثر من بيت جوار المسيسيبي وفي أكسفورد وفرجينيا، ولديه ابنان. امتاز أدبه بأنه يتحاشى الجنس والعنف والبذاءات، وهو لم يخف للحظة صدمته من كل هذه الأشياء التي يقحمها كتاب السيناريو على قصصه.

 

[10] روبرت لويس ستيفنسون

هو ر. ل. ستيفنسون كاتب المغامرة البريطاني عظيم الشهرة، و لو أن أحدا حاول أن يذكر قائمة بأفضل عشر قصص مغامرات في تاريخ الأدب، لكان من المحتم أن تتضمن القائمة قصة جزيرة الكنز له، ولسوف يتكرر الأمر ذاته لو اخترنا قائمة من خمس قصص، أو ثلاث قصص، ولو اخترنا قصة واحدة لكان هناك إحتمال لا بأس به أن تكون هي جزيرة الكنز.

الجميع يعرف أحداث القصة، لكن قد لا يعرفون شيئا تقريبا عن مبتدعها.

مولود في إدنبرة عام 1850 .. دارس للقانون .. معتل الصحة إلى الحد الذي يوحي في كل لحظة بأنه يحتضر الآن. هذا هو روبرت لويس ستيفنسون شاعرنا وأديبنا الشهير.

لقد ترك مهنة القانون وتفرغ للأدب، وكان كثير الأسفار، وفي كاليفورنيا قابل من ستكون زوجته، فعاد معها إلى أسكتلندا حيث كتب رائعته جزيرة الكنز في صيف عام 1881.

ولم يكن قد كتب أفضل رواياته بعد، ففي عام 1886 قدم لنا رائعته الحالة الغريبة لدكتور جيكل ومستر هايد، وهي التي صارت إحدى كلاسيكيات أدب الرعب وعلم النفس معا. وقدمتها السينما مرارا بعد وفاته.

وفي عام 1888 ارتحل إلى هونولولو ثم إلى جزيرة ساموا من جزيرة جبل طارق حيث قدم روايتيه الشهيرتين كاتريونا والاختطاف.

من أفضل أعماله

-الليالي العربية الجديدة

أو ألف ليلة وليلة الجديدة، لأن الليالي العربية هو التعبير الغربي لعنوان ألف ليلة وليلة. وفيها روايتان قصيرتان.

1-جوهرة الراجا

2-نادي الإنتحار

-الحالة الغريبة للدكتور جيكل ومستر هايد

والتي ترجمت كثيرا جدا، لكن يلاحظ أن كثيرا من شباب القراء عندهم فكرة عامة عن الموضوع لكن الرواية نفسها لم تقع في يد أحدهم. أما الترجمات فمختصرة أكثر من اللازم أو مضطربة الأسلوب، ولم يسعفني الحظ كي أجدها مترجمة بوساطة من هم في وزن عمر عبد العزيز أمين أو حلمي مراد، أو أقله ترجمتها بإسلوب يبدو متماسكا.

وفي عام 1894 انتصر المرض أخيرا بعد صراع دام أربعة وأربعين عاما، ظل كاتبنا طوالها ينتظر نهايته في كل لحظة.

مات وهو يملي روايته (سيد الأسماك في هرميستون) وكأنما الموت لم يطق صبرا حتى يفرغ من كتابتها .. لقد انتظر طويلا وهو ذا الوقت قد حان.

لكن ر. ل. ستيفنسون عاش طويلا جدا في وجداننا وهو واحد من الموهوبين القلائل الذين لم يعد أدب المغامرة بعدهم كما كان قبلهم.

أشهر أعمال ستيفنسون

-جزيرة الكنز

-كاتريونا

-الحالة الغريبة لـ د. جيكل ومستر هايد

-الاختطاف

-رحلة داخلية

-دراسات مألوفة للإنسان والكتب

-الليالي العربية الجديدة

-الأمير أوتو

-الرجال السعداء

-في بحر الجنوب

-قصص وحكايات خيالية

-الصلوات

-الأب داميان

-عظة مسيحية

 

[11] نيفيل شوت

(على الشاطئ) رواية طبقت شهرتها الآفاق، ظهرت عام 1957. وكان كاتبها أديبا إنجليزيا ولد في النرويج هو نيفيل شوت.

بيع من الرواية مليونا نسخة، ومن لم يقرءوها لم ينسوا الفيلم السينمائي الرائع، الذي قدمه ستانلي كرامر وقام ببطولته جريجوري بيك و آفا جاردنر. وقد عرض ها هنا في مصر باسم بلا غد.

لم يحاول نيفيل شوت قط أن يغدوا من معالم الأدب الإنجليزي. كان ما يريده هو أن يكون كاتبا مسليا، وقد نجح في هذا دون شك، وترك لنا -في يناير 1959- روايات فائقة النجاح والإمتاع. مثل الزمار الساحر وريفير والسور المحكم ومدينة مثل أليس. الرواية الأخيرة تحكي عن ورطة مجموعة من النساء والأطفال، وقعوا في قبضة اليابانيين في الملايو في عام 1940.وهي تيمة عالجها الأدب الإنجليزي كثيرا، كما في رواية شجرة الجاكاراندا لـ بيتس وقصة الدكتور واسيل، لكن شوت يقدمها هنا في مزيج ممتع يجمع بين التشويق والعاطفة.

كما قلنا آنفا ولد شوت في النرويج عام 1899، وقد عمل لفترة في مصنع طائرات، وهو ما ظهر فيما بعد حين كتب روايته (الأزمة). حيث تظهر خبرته السابقة في عالم الطائرات، بل وخبرته كمهندس رادار سابق، أضاف اختراعات لا بأس بها إلى هذا العلم. وقد ظهرت هذه الخبرة أكثر في رواية لا طريق، التي تصور طائرة تعبر المحيط، وقد أوشكت على السقوط،  يصف لنا كل هذا في جو متوتر يقطع الأنفاس.

 

[12] دافني دو مورييه

عمل متميز يستحق أي قارئ أن يحتفل به لقراءته إياه، (لا تنظري الآن) مجموعة قصصية ممتعة لكاتبة إنجليزية عظيمة الشهرة، هي دافني دو مورييه. وقد لا يعرف بعض القراء الإسم لكنهم -بالتأكيد- شاهدوا فيلمي الطيور وريبيكا عن قصتين شهيرتين لها، والقصتان قدمهما سيد التشويق ألفريد هتشكوك وإن كان -باعترافه- قد تحرر كثيرا من النص الأصلي. فعادته هي أن يقرأ الرواية مرة واحدة فقط، ثم ينساها تماما، ويشرع في إخراج الفيلم بطريقته الخاصة!.

ولدت دافني دو مورييه في لندن عام 1907، وتلقت تعليمها في البيت مع شقيقاتها، وفي سن الثامنة عشر كتبت أولى مجموعاتها القصصية التي تحمل اسم شجرة التفاح، والتي لم تنشر إلا عام 1952.

وفي عام 1932 تزوجت الميجور جنرال فردريك براوننج، وعاشا في كورنوول حيث رزقا بثلاثة أطفال.

وفي عام 1936 قدمت لنا حانة جامايكا التي حققت نجاحها الأدبي، وتحكي عن المهربين في ساحل كورنوول، وقد كافأ ألفريد هتشكوك هذه الرواية بأن أخرجها للسينما عام 1939.

وجاءت قصة ريبيكا عام 1938 لتتوج شهرتها -كتبت دافني ربع هذه الرواية في مصر حيث كان زوجها ضابطا هناك- وفي عام 1941 قدمت لنا نهير فرنشمان، وهي رواية شهيرة بدورها.

يقول النقاد إن أسلوب دافني دو موريه شديد الميلو درامية، وإنها لم تقدم أعمالا أدبية جادة،  وإنما أعمالا مسلية لا أكثر.

والحق إن دافني قد برهنت عن براعة شديدة ككاتبة غموض وكاتبة تشويق، خاصة في قصصها الشهيرة ابنة عمي راشيل والطيور والموعد.

ثم قصة لا تنظري الآن التي كتبتها عام 1971، وتعكس اهتماما شديدا بما وراء الطبيعة. وقد توفيت دافني 1989 بعد ما صارت علامة من علامات الأدب الإنجليزي المعاصر.

أهم أعمالها

-الروح المحبة 1931

-لن أعود شابا ثانية 1932

-حانة جامايكا 1936

-ريبيكا 1938

-الجبل الجائع 1943

-جنرال الملك 1946

-الطفيليات 1949

-ابنة عمي راشيل 1951

-طيران الصقر 1965

ومن المجموعات القصصية

-شجرة التفاح 1952

-هلمي يا ريح .. هلم يا طقس 1940

-قصص مبكرة 1959

-نقطة الانهيار 1959

-لا تنظري الآن 1971

-الموعد 1981

 

[13] برام ستوكر

لا يذكر إسم برام ستوكر إلا وتثب إلى الذاكرة على الفور روايته المحظوظة عظيمة النجاح دراكيولا، التي كتبها عام 1897. إلا أن ستوكر -في الواقع- لم يبتكر شخصية دراكيولا من فراغ، بل سبقه دوما الفرنسي بتقديم شخصية مماثلة في مسرحية من فصل واحد. ولكن برام ستوكر قام بمزج عدد لا بأس به من الأساطير الرومانية القديمة عن لاميا Lamia التي تشرب الدماء البشرية، مع الأسطورة العبرية الشهيرة عن ليليث Lilith، مع لمسات من رواية فائقة الشهرة في ذلك الحين هي كارميللا التي كتبها شريدان لو فانو، مع لمسات من الرعب القوطي السائد في عصره مع شخصية فلاد الوالاشي نفسها المثيرة للجدل، والتي عرف كل شيء عنها من جلساته مع جاسوس مجري يدعى أرمينوس فامبيري، وبالتالي صنع ذلك الخليط الناجح الذي نعرفه. وقد غدا من العسير اليوم أن نتخيل دراكيولا في صورة أخرى، غير التي رسمها برام ستوكر .. ولا يعرف الكثيرون أنه خلد ذلك الجاسوس المجري الملهم في شخصية فان هلسنج؛خبير مصاصي الدماء وعدو دراكيولا السرمدي. ولا ننسى أن لفظة فامباير باتت تعني مصاص دماء.

الرعب القوطي هو رعب البرق، والشمعدانات، والكونتات غريبي الأطوار الغامضين المتشحين بالسواد. هو رعب القصور العتيقة والنفوس المعقدة والكونتيسات والطراز القاتم المميز للمباني التي تدور فيها هذه القصص، وكان أول من اصطك الكلمة هوارس والبول Walpol في قصته قلعة أوترانتو التي يمكن اعتبارها أول قصة رعب قوطي على الإطلاق.

هذا هو الجو الذي سيطر ستوكر على أدواته ببرعة، وهنا يجب أن نوضح شيئا.

هناك قصص شديدة الإحكام عن السفر عبر الزمن، خاصة مع كتابات أزيموف وبرادبوري وأمثالهما، كما أن أفلاما مثل العودة للمستقبل والمفني قد قتلت الفكرة قتلا واستكشفت كل جوانبها، لكن يظل هـ. ج. ويلز هو أول من كتب عن آلة الزمن وهو (بسبق حائز تفضيلا) نفس الشيء ينطبق على اختراع الهاتف مثلا. ربما لا يستطيع جراهام بل مبتكر الهاتف أن يستعمل تلك الأجهزة المعقدة التي نراها مع الشباب اليوم، لكن يظل هو مخترع أول هاتف.

والشيء ذاته ينطبق على قصص ستوكر التي قد نجدها اليوم على شيء من السذاجة، لكن من دونها لما جاءت قصص مصاصي الدماء الحديثة ولا ظهرت كاتبة مثل آن رايس.

إبراهام ستوكر أو برام ستوكر هو كاتب مسرحي بريطاني، ولد 1845، وتوفى 1912.

نشأ في دبلن بـ إيرلندا وتخرج في جامعتها، قضى عشرة أعوام من عمره كناقد أدبي ومخرج مسرحي، وفي عام 1876 غادر إيرلندا متجها إلى لندن ليعمل كمدير أعمال الممثل الإنجليزي السير هنري إرفنج، وشاركه في إدارة مسرح ليسيوم حتى توفى الممثل الشهير. بعدها قرر ستوكر أن يتفرغ للكتابة.

من قصصه الشهيرة الأخرى عرين الدودة البيضاء، وضيف دراكيولا، ومدفن الفئران، وممر الثعبان -يبدوا أن ستوكر كان مغرم بالديدان والفئران والثعابين والوطاويط- وجوهرة النجوم السبعة التي اشتهرت بإسم دماء من تابوت المومياء. وكلها دشنت بحق إسمه كواحد من أهم الأسماء في عالم أدب الرعب، ورشحته لموضعه البارز إلى جوار ماري شيللي وإدجار آلان بو وسواهم من أعمدة الرعب القوطي.

أهم أعماله

-دراكيولا

ترجمت مرارا إلى العربية، وكانت ترجماتها موفقة جدا.

-جوهرة النجوم السبعة

قصة فكتورية جدا مليئة بالحوار المنمق المرهق لقارئ اليوم. وهي ثاني أشهر قصة له، ومن عباءتها خرجت كل مومياء فرعونية ملفوفة بالأربطة في تاريخ السينما، بدءا بمومياء يونيفرسال التي لعب دورها كارلوف، مرورا بمومياء شركة هامر في فيلم دماء من تابوت المومياء المخيف، وانتهاء بمومياء المؤثرات الخاصة CGI في فيلم براندن فريزر الشهير.

وبهذا يكون ستوكر هو الذي أدخل مفهومي مصاص الدماء والمومياء معا إلى عالم الرعب.

نشرت عام 1903 بعد دراكيولا بستة أعوام، لكن الناشرين وجدوا أن نهايتها شنيعة أكثر مما يتحمل القارئ الفكتوري المتحفظ (مرهف الحس)؛لذا ارغموا ستوكر على كتابة نهاية أخرى مبتسرة، ويقال أحيانا أن هذه النهاية الجديدة كتبها كاتب آخر بعد وفاة ستوكر بخمسة أعوام. وقد نشر أحمد خالد توفيق النهايتين معا في نهاية النسخة التي ترجمها إلى العربية، تاركا القرار للقارئ ليحدد أيهما أفضل.

-عرين الدودة البيضاء

وكما استلهم دراكيولا من أسطورة فلاد الوالاشي، استوحى عرين الدودة البيضاء من أسطورة رومانية رهيبة أخرى عن الكونتيسة باثوري؛كونتيسة الدماء.

 

[14] روالد دال

لا يعرف روالد دال سوى عدد محدود من قراء العربية، لكن بالنسبة لقارئ الإنجليزية فيشكل دال تراثا عزيزا جدا وحميما من القصص التي تتراوح ما بين قصص الأطفال والقصص القصيرة غريبة الأفكار المفعمة بشخصيات كاريكاتورية لا يمكن نسيانها. وهي نفس التركيبة التي يقدمها نيل جايمان في بعض قصصه. هذا كاتب يصعب تصنيفه، فهو ليس كاتب أطفال؛بعض قصصه مرعب فعلا لدرجة أن هتشكوك ابتاع الكثير منها. كما أنه ليس كاتب للرعب؛لأن عنصر الخيال البهيج مهم جدا في قصصه. وهو كذلك ليس أديبا ساخرا برغم أن السخرية والفكاهة السوداء ثابتتان في أدبه، لكنها سخرية ممزوجة بالكثير من القسوة. الحقيقة أنه خليط من هذا كله، وكتاباته مزيج ساحر خلاب لا يقدر على كتابته سواه.

هاجر أبوه إلى إنجلترا من النرويج عام 1900، وولد روآلد دال -الإسم ينطق (رو – آلد) في النرويج- عام 1916 في لاناداف بمقاطعة ويلز الإنجليزية، لأب مهاجر نرويجي؛تمنى دائما أن يتعلم أبناؤه في مدارس بريطانية لأنه يعتبرها الأفضل. وقد توفى الأب بعد مولده بأربع سنوات، ونجحت الأم بعد وفاة زوجها في إرسال دال إلى مدرسة داخلية ليلتحق بها هي سانت بيترز، ولم يبد تميزا في الدراسة، ولكنه كان مولعا بالقراءة وخاصة أعمال رديارد كبلنج ورايدر هجارد. ومولعا بالشيكولاتة حتى ظل يحلم بأن يعمل في مصنع كادبوري للشيكولاتة. من هنا يمكننا معرفة مصدر قصته الشهيرة تشارلي ومصنع الشيكولاتة.

الواقع أن حياة دال تكشف بوضوح أنه من ذلك النموذج الذي لا يتورع عن شيء من أجل أحلامه.

وكبر الصبي وهو يحلم بالسفر ورؤية العالم، لذا عمل في شركة شل للبترول، التي أرسلته إلى دار السلام ثم نيروبي. وارتحل إلى تنزانيا حيث عاش مغامرات كثيرة، من بينها إنقاذه لامرأة أفريقية اختطفها أسد، وهي مغامرة كتبت عنها الصحف كثيرا في ذلك الوقت.

نشبت الحرب العالمية الثانية فالتحق بسلاح الطيران، وبعد ثمانية أسابيع من التدريب سمح له بأن يقود طائرة مقاتلة. سقطت به الطائرة في صحراء ليبيا وكاد يلقى حتفه في الصحراء الليبية، ولكنه نجا بمعجزة ليواصل الطيران بعد أشهر بصفته طيارا مقاتلا في اليونان.

وفي العام 1941 تم تسريحه بسبب نوبات صداع متكررة، وينتهي الأمر بالفتى وقد ارسل ليكون مساعدا -بصفته ملحق جوي- للملحق العسكري البريطاني في واشنطن. الحقيقة أنه كان يعمل كذلك مع المخابرات البريطانية لزيادة النفوذ البريطاني في أمريكا، ومحاربة فكرة قيادة الولايات المتحدة للعالم.

وكان هذا هو الوقت الذي كتب فيه قصته الأولى (الأقزام) في أمريكا، التي اشتراها والت ديزني ليخرجها في كتيب للأطفال. وكان هناك مشروع أن تقدمها شركة ديزني لكنه لم يخرج للنور قط.

وكانت هذه الخطوة بداية طريقه ككاتب، وقد صار شهيرا في مجتمع الصفوة في نيويورك وأقام علاقات كثيرة. بعد هذا عاد إلى إنجلترا.

توالت إبداعاته التي لاقت نجاحا ساحقا؛ترجمت إلى 15 لغة، وربما صارت 16 بعد أن ترجم أحمد خالد عملين له إلى العربية، وباعت أكثر من 100 مليون نسخة.

يكتب كثيرا للأطفال، ويعرف من قرءوه بالإنجليزية أن كتاباته في حالة زواج مستمرة مع الرسوم الشائقة البسيطة للفنان كوينتين بليك الذي رسم كل كتبه، ومعظم قصصه للأطفال تحكي عن صغار يعانون قسوة وتوحش الكبار في المدارس الداخلية، وهو أثر واضح لطفولته كما يبدو.

هناك قصة ربما لم يكن يعرفها الكثيرين، هي أن الكاتب الكبير سقط في عين الغرب عام 1983، عندما امتدح كتابا مصورا للكاتب توني كليفتون يظهر فيه المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان، وكيف قصفت -كالعادة- مدارس ومستشفيات واضحة تماما ولا يمكن الخطأ فيها. قال دال إن هذا الغزو هو اللحظة التي جعلته يكره إسرائيل. هكذا قامت الدنيا عليه ولم تقعد واتهموه بكل شيء، حتى أعلن بوضوح: “أنا لست ضد اليهود .. أنا ضد إسرائيل”. وقد ظل محتفظا بهذا الرأي بإصرار طيلة حياته حتى في حديث أدلى به لجريدة إندبندت عام 1990 قبل وفاته، حينما قال:

-أنا مصر على موقفي ككاره لإسرائيل. يجب عليك أن ترى جانبي الصورة .. اليهود يسيطرون على دور النشر ووسائل الإعلام، لهذا يضطر الرئيس الأمريكي لأن يبيع ما ينتجه من أسلحة لهم.

إن ذكاءه الحاد جعله يخترق ضباب الإعلام الصهيوني الذي يلف مفكري الغرب، فيرى الحقيقة التي نراها نحن من مكاننا بوضوح.

وفي نوفمبر من سنة 1990 توفى بسرطان الدم في باكينجهام شاير بعد حياة حافلة لم يكف فيها عن تقديم الجديد وإمتاع القراء وشحذ خيال الأطفال. رحل تاركا أتباعا لكتاباته في كل أرجاء الأرض.

وله موقع رسمي على شبكة الإنترنت.

من أفضل أعماله

-ماتيلدا

التي تحولت إلى فيلم جميل من إخراج داني دي فيتو.

-تشارلي ومصنع الشيكولاتة

-التمساح العملاق

-الساحرات

-قبلة .. قبلة 1959

مجموعة قصصية ممتعة للغاية، تضم قصة رحيق الملكات بالغة المتعة والتي يجب أن يحبها أي قارئ.

-حافلة روالد دال

-أفضل ما كتب روالد دال

-شخص مثلك

-قصص غير متوقعة

مجموعة قصصية تحولت لمسلسل تلفزيوني اسمه رجل من الجنوب.

كما أنه كتب سيرتان ذاتيتين هما صبي والمضي وحيدا.

من ضمن مواهبه كتابة سيناريوهات السينما، ومن ضمن هذه الأفلام فيلم الجاسوسية الأشهر 36 ساعة. وفيلم بوند الشهير أنت تعيش مرتين فقط وشيتي شيتي بانج بانج.

أهم أعماله

سير ذاتية:

-ولد: حكايات من الطفولة

-المضي وحيدا

قصص أطفال:

-شارلي ومصنع الشيكولاتة

-شارلي والمصعد الزجاجي العظيم

-داني البطل العالمي

-التمساح العملاق

-علاج جورج المذهل

-الأقزام

-ماتيلدا

-الساحرات

روايات:

-عمي أوزوالد

-أحيانا أبدا

أشعار:

-أشعار ثائرة

-وحوش قذرة

قصص قصيرة:

-آه يا سر الحياة الحلو

-أفضل ما كتب روالد دال

-قصص غير متوقعة

-قبلة .. قبلة

-حمل للمذبح وقصص أخرى

-حافلة روالد دال

-قصص مختارة

-شخص مثلك

-خرافتان

 

[15] مارك توين

مارك توين هو أهم وأعمق وأظرف أدباء أمريكا، هذا ما قاله الأديب الأمريكي العظيم إرنست هيمنجواي. إنه أمير الساخرين وأطول لسان يمكن للقارئ أن يقابله في نصف الكرة الغربي. ومعنى إسمه المستعار (مارك توين) هو علم على اثنين، وهي من نداءات الملاحة في نهر المسيسبي الذي شكل جزءا بالغ الأهمية من حياته وكتاباته.

ولد صمويل لانجهورن كليمنس/ز في ولاية ميسوري نوفمبر 1835، وسرعان ما انتقلت أسرته إلى قرية هانيبال التي خلدها في الأدب الأمريكي، وتوفى أبوه وهو في سن العاشرة،  ليبدأ الصبي كفاحه المضني من أجل البقاء، وهو الكفاح الذي رسم كل خط في أدبه فيما بعد. وأكثر شخصيات كتبه مارست الوجود فعلا وقابلها في مشوار حياته الشاق.

هذه نشأة مهمة جدا في أدبه، ولعل هناك خيوطا كثيرة من توم صوير في شخصية مارك توين نفسه.

عمل الصبي عامل طباعة، ثم استجاب لحلم قديم طالما راوده، هو أن يعمل على قارب بخاري في نهر المسيسبي وقد كان فعمل لفترة طويلة كمرشد سفن، وكانت له مع النهر قصة حب خلدها في كتابه؛الحياة على المسيسبي. ويقول إنه كان يعتقد أن مهمة الدليل سهلة وهي إبقاء السفينة في النهر. ثم اكتشف أن عليه حفظ كل عمق وكل منحنى وكل صخرة في هذا النهر. كان يعرف أن السفن تبحر ليلا، لكنه لم يتصور قط أن هناك رجلا يترك فراشه الدافئ ليفعل هذا .. وهذا الشخص هو توين بالذات!.

بعد هذا حارب في أثناء الحرب الأهلية عام 1861، وهي بدورها خبرة لم ينسها قط:- “الحرب هي قتل مجموعة من الأغراب الذين لا تشعر نحوهم بأي عداء، ولو قابلتهم في ظروف أخرى لقدمت لهم العون أو طلبته منهم”.

بعد انتهاء الحرب عمل في الصحافة في جريدة محلية بـ فرجينيا، واتخذ إسم مارك توين الذي استمده من أيامه في الملاحة على المسيسبي.

كانت حياة مارك توين سلسلة من المصائب، بل الحقيقة أن هذا الكاتب الساخر رأى أفدح المصائب في حياته.

فهو الاقتصادي الفاشل الذي يطارده الإفلاس في كل لحظة مجربا كل المهن وليس التجارة فحسب وفشل في كل شيء تقريبا، وقد جرب توين أن يمول الكثير جدا من الاختراعات، وفي كل مرة كان يخسر الكثير من المال، ولهذا رفض بقسوة مشروعا جديدا بدا له سخيفا. كان المشروع لمخترع أسكتلندي اسمه جراهام بل يقضي بأن يكلم الناس بعضهم عبر الأسلاك! لقد رفض توين المشاركة في الهاتف!.

وهو البائس الذي رأى أخاه هنري يحترق فوق سفينة في البحر، حتى أن شعره شاب في دقائق بعدها، ولم تكن هذه آخر مآسي حياته.

لقد مات إبنه الأول، وتوفيت أعز بناته، وتوفيت زوجته الحبيبة، وحتى صديق عمره.

كان لهذا أثره العجيب في أدبه: لقد ازداد سخرية .. سخرية مريرة قاسية، ولسان يصعب إسكاته مهما حاولت، كأنه طفل مشاغب لا يقول إلا ما يريده، لذا ظفر بعداء الجميع. وبرغم هذا كله كان توين يحتفظ بالآراء الأكثر صراحة وقسوة لنفسه، وكان يكتب في كل موضوع كتابين: كتابا يخفيه في درجه، وكتابا يعرضه على الناس.

لما اندمج في الصحافة قدم رواياته الأولى.

وفي الأعوام التالية صنع توين شهرته ككاتب ساخر عبقري يشكل أهم أعمدة الأدب الأمريكي، وقدم قصص مثل

-مغامرات توم صوير 1876

-ومغامرات هاكلبري فين 1884

التي خرج الأدب الأمريكي كله من عباءتها كما قالوا، وهناك

-الأمير والصعلوك 1881

-ويانكي من كونكتيكات في بلاط الملك آرثر 1889

هذا غير قصصه القصيرة الأخرى التي لا تقل سخرية ومرارة.

وكانت شعبية توين تتزايد وصارت كبيرة جدا، حتى إنه من الكتاب القلائل الذين كانوا يقدمون حفلات قراءة جماعية، يشتري الناس التذاكر لها، فقط كي يجلسوا في مسرح كبير كي يصغوا إلى توين ويشاهدوه وهو يتلو ما كتبه.

إن قصصه هي مرآة صادقة شفافة للمجتمع الأمريكي. شفافة إلى درجة أنها صارت عالمية،  وغدا الناس جميعا يستمتعون بحق بأدب هذا الأديب العظيم، مهما تباينت ثقافاتهم وألسنتهم.

وفي عام 1910 توفى توين، بعد ما رأى -في نفس الليلة- مذنب هالي يشق السماء، وهو ذات المذنب الذي شق السماء ليلة ولادته، وهذا المذنب يظهر كل 75 عاما، وبشكل ما كان توين يتوقع ويرجو مرارا أن يمتد به الأجل حتى يراه مرة ثانية وأخيرة.

 

[16] لافكرافت

(هـ.ب.لافكرافت)!

لماذا يملك كل كتاب الرعب تقريبا هذه الأسماء المفزعة ذات الرنين الكابوسي؟ وإلى أن نكتشف يوما ما سر هذه الظاهرة، نتحدث هنا في عجالة عن (لافكرافت) أهم كتاب الرعب للقرن العشرين.

(هـ.ب.لافكرافت) مدرسة متفردة من مدارس أدب الرعب ثقيل الوطء، وهي مدرسة قد لا نجد لها شبيها إلا عند أمريكي آخر هو (إدجار آلان بو). كلا الأديبين ينتمي أساسا إلى مدرسة كبرى من مدارس الأدب الرومانسي، هي الرعب القوطي. أي الرعب الشبيه بعوالم الكوابيس بالضبط. رعب الغموض والقلاع المظلمة والبروق والرعود، والشرور المستطيرة والنفوس المعقدة المجنونة .. ومن أدباء هذه المدرسة (ماري شيللي) و(ماتيورين) و(برام ستوكر) و(بكفورد) و(م.لويس) و(آن رادكليف).

لكن (لافكرافت) أستطاع أن يضفى على الرعب شاعرية أدبية معقدة، مع خلفية من الهواجس النفسية المظلمة ذات مذاق خاص، حيث الخطر ينبع من الداخل كما يفيض من الخارج. وصارت له مفردات عالمه الخاصة التي يعرفها قراؤه كأسمائهم مثل: نكرومونيكون – كتولو – آرخام – أزوث – العزيف Azif – إلخ…

والملاحظ أنه يشير إليها في أكثر من قصة حتى إن كثيرين صاروا يعتقدون أنها حقيقية، وفي بعض خطاباته الخاصة يصف لصديق الطريقة المثلى لنطق لفظة Cthulu التي حير نطقها الكثيرين، فيقول إن عليك أن تنطقها من حلقك مع تثبيت طرف اللسان على سقف الفم،

والنباح لتخرج الكلمة (كت-هلو-لهو)!! لأن لسان البشر القاصر لا يستطيع نطق الإسم بالشكل الصحيح! بل مازال كثيرون يبحثون عن النسخة الأصلية من كتاب(نكرومونيكون) السحري، الذي كتبه شاعر يمني إسمه (عبد الله الحظرد) حسب زعم لافكرافت.

ولد (هوارد فيليب لافكرافت) في 10 أغسطس عام 1890 في (بروفيدنس) بـ (رود آيلاند) في هذا المكان تدور أحداث معظم رواياته المخيفة. وقد عاش تجربة قاسية مع مرض غامض أصاب أباه جعله في غيبوبة لفترة طويلة جدا -ظل سنتين يقال له أن أباه نائم الآن- على الأرجح كان المرض هو زهري الجهاز العصبي. وتربى مع أمه وجده بعد وفاة أبيه الغامضة تلك.

بدا نبوغ لغوي مبكر جدا على الصبي الذي تعلم القراءة في سن الثالثة وكتب في سن الخامسة، وهو ذات العام الذي قرأ فيه (ألف ليلة وليلة) ولسوف يدرك دارسو أدبه يوما ما أن قصص (ألف ليلة وليلة) قد تركت بصمة لا تمحى في كتابات لافكرافت ككل كاتب غربي آخر في الواقع. إن ألف ليلة تركت أثرا عظيما لدى الغرب.

وفي هذه الفترة أطلق على نفسه إسم (عبد الله الحظرد) وهو نفس الإسم الذي استعمله فيما بعد ليكتب به روايته الرهيبة المخيفة فائقة الشهرة (نكرومونيكون / العزيف) كما قلنا. وفي العام التال أكتشف الأساطير الإغريقية وقرأ الإلياذة والأوديسا وارتبط بها بصفة خاصة .. ولعب جده دورا مهما في جعله يحب حكايات الرعب القوطية.

كان ميالا للوحدة والإنطواء، وعانى أمراضا نفسية كثيرة، وكان قليل الإنتظام في المدرسة، بلا أصدقاء تقريبا، لكنه كان يدرس في مدرسته الخاصة الزاخرة بقراءات لا تنتهي. وفي سن المراهقة أصدر بنفسه مجلة دورية عن علم الفلك، وراسل إحدى الصحف المحلية. ثم توفى جده وعانت أمه الكثير من المشاكل المادية، مما أضطرهما إلى ترك البيت الجميل الذي تربى فيه الأديب، وأصابه إنهيار عصبي حرمه من دخول الجامعة، وقد ظلت هذه النقطة تعذبه طيلة حياته.

فيما بعد التحق برابطة الأدباء الهواة المتحدين عام 1914 وترقى إلى أن صار رئيس الرابطة، وكانت هذه أهم خطوة في حياته، لأنه لم يكن واثقا قط مما إذا كان يملك حاسة الأدب أو يفتقر إليها، وكتب أول قصصه الخيالية المرعبة (الوحش في الكهف) و(الخيميائي) ولاقى نجاحا أقنعه بأن يكرس قلمه لهذا النوع من الأدب.

كان أصدقاؤه يحبونه ويقولون أنه كان رقيقا لطيفا برغم السمعة التي تلاحقه عن كونه يمقت البشر.

هناك شاب في قصة(كتولو)يصفه لافكرافت قائلا:-

“شاب أسمر نحيل بادي العصبية والقلق .. كان الفتى شديد الذكاء لكنه غريب الأطوار بسبب إهتمامه بدراسة الظواهر الغريبة وكان يعتبر نفسه (شديد الحساسية نحو الخوارق).

ولما كان منطويا صار خفيا بالنسبة لمجتمعنا، فلم يعد يعرفه سوى عدد قليل من الناس”.

الحقيقة أن بعض النقاد يعتبرون أن هذا الفتى لافكرافت كما يرى نفسه.

كتب الكثير جدا من القصص والكثير جدا من الشعر، مثله مثل (آلان بو) مواطنه الأشهر،  وكتب الكثير من الرسائل حيث كان يراسل عددا هائلا من الأصدقاء والمعارف، حتى صار بالفعل من أهم من كتبوا أدب الرسائل في هذا القرن تاركا تراثا هائلا من الخطابات والمقالات.

في العام 1921 قابل (سارة) .. المرأة التي ستكون زوجته، وهي مهاجرة سوفييتية تكبره في العمر بسبعة أعوام.

وتزوجا في العام التالي، وعاش معها في شقتها في (بروكلين) وكتب (لافكرافت) أسوأ كوابيسه القصصية مثل (الرعب في ردهوك) و(هو) متأثر بجو (نيويورك) الكئيب الذي لم يحبه قط، وفي عام 1929 تم الطلاق وعاد هو إلى (بروفيدنس) التي أحبها بعمق. كانت هذه آخر وأهم عشرة أعوام من عمره، وفيها سافر كثيرا جدا وكتب أهم رواياته (نداء كتولو) و(في جبال الجنون) و(ظل الزمن) كما كان يقرأ كثيرا جدا وفي كل موضوع من الفلك إلى التاريخ إلى النحت إلى السياسة.

ومع العام 1932 صارت قصصه أكثر تعقيدا وصعوبة، وصار يجد عسرا في بيعها، لذا راح يكسب عيشه كمصحح لقصص الأشباح الرخيصة.

وفي العام 1937 أكتشف الأطباء أنه مصاب بحالة متقدمة من سرطان الأمعاء، وسرعان ما توفى في العام نفسه.

مات (لافكرافت) فقيرا وكان يشعر بأن حياته كانت فاشلة، وكان يتنبأ بنسيان أعماله بعد موته، لأنه لم ينشر قط كتابا بالمعنى الصحيح، غير عالم أنه سيصير توءما في الشهرة لمواطنه العظيم (إدجار آلان بو)، وهو ما يثير أسئلة عديدة عن تركنا لهؤلاء العباقرة يتعذبون في حياتهم، ثم تخليدهم وكتابة المجلدات عنهم بعد موتهم.

تعتبر رواية (ظل فوق إينزماوث) 1936، هي العمل الوحيد له الذي نشر في كتاب وفيما عدا ذلك كانت أعماله العديدة مبعثرة في المجلات والدوريات. وبعد وفاته تطوع تلميذاه اللذان شجعهما كثيرا(أوجست درليث) و(دونالد وانديري) بجمع أعماله وكونا دار نشر إسمها (بيت آرخام)، وصارت كل إبداعاته متاحة للقراء وطلاب الأدب في كتب حسنة الطباعة والتغليف.

وقد كتب هذا الأديب العظيم قصصا تبلغ فظاعتها أن حاول أحمد خالد تخفيف بعض الفقرات في ترجمته الخاصة بسلسلة روايات عالمية للجيب، بل ولا ينصح صغار السن بتاتا بقراءة هذه الترجمة، وهذه ليست دعاية لها بالمناسبة، بل هي الحقيقة.

ترك لافكرافت تراثا خياليا هائلا يضم أسماء مثل العزيف ونيكرونوميكون وكتولو وآرخام. وهي أسماء صارت شهيرة جدا لدرجة أنه كان يستعملها بين قصة وأخرى، واستعملها كتاب آخرون في قصصهم. وهناك كتاب مثل برايان لوملي تأثروا جدا بهذه العوالم وكتبوا مثلها بالضبط. عامة هو متأثر بفكرة الكيانات القديمة Old Ones التي كانت تحكم الكون قديما ثم نامت أو نُسيت، والتي نقابلها كثيرا في كتابات دي وكراولي الساحرين الشهيرين. هناك تيمات ملحة في كتاباته مثل الشخصيات الحساسة غريبة الأطوار التي تعيش منفردة وتتصل بسر مخيف غامض، ينكشف لراوي القصة فيجن أو يهرب ويقضي حياته مذعورا. هناك الأسماء التي تحمل طابع نيو إنجلند -مسقط رأسه- والتي يحب أن يستخدمها في عناوين القصص مثل وصية راندولف كارتر وحالة تشارلز دكستر وارد وظل فوق إنزماوث وريتشارد بيكمان وآرثر جيرمين … إلخ..

أهم أعماله هي نداء كتولو، قصة شهيرة جدا كتبها عام 1926 ونشرت في مجلة حكايات غريبة عام 1928. يعرف عشاق لافكرافت أن كتولو كائن يتكرر بإلحاح في أدب الرجل. ويرى بعض النقاد الغربيين أن الكائن مستوحي من شخصية الكراكين الوحش النائم في حفرة في أعماق المحيط في قصيدة لـ تنيسون Tennyson. إنه الوحش الأخطبوطي المكلف بإلتهام الحسناء أندروميدا والتي سينقذها برسيوس في آخر لحظة بالاستعانة برأس ميدوسا. لو أفاق كتولو فلن يعود هناك عالم نعيش فيه. ويعتقد أحمد خالد توفيق أن لافكرافت كان يؤمن بوجود كتولو والكيانات القديمة فعلا .. إهتمامه يتجاوز الولع الأدبي إلى ما يشبه الافتتان الديني بالفكرة.

من جديد يترك لافكرافت بصماته في كل مكان. مثلا نجد في قصة كتولو مفتش شرطة اسمه ليجراس .. يستعير كاتب الرعب هندرسون هذا المفتش في مجموعة قصص خاصة تحمل عنوان حكايات المفتش ليجراس، كما يستعيره مارك إليس في قصته المصورة الهامس في الظلام.

لم تضع تركة لافكرافت لأن تلاميذه وعلى رأسهم أوجست ديرليث قاموا بافتتاح دار نشر اسمها آرخام وقد تولت نشر أعماله المتناثرة في عشرات المجلات، فالرجل لم يصدر أي كتاب في حياته سوى ظل فوق إينزماوث. كان ديرليث تلميذا مخلصا لكنه بالغ بعض الشيء؛لأنه أصدر كتابا كاملا يدور حول محاوراته مع لافكرافت، وفيما بعد اتضح أنها محاورات لم تحدث قط بل هي وليدة خياله!.

اليوم يمثل لافكرافت تراثا شديد الأهمية في الأدب الغربي والأمريكي بالذات لا يقل عما تركه الشاعر العظيم إدجار آلان بو.

 

[17] أجاثا كريستي

تعد أجاثا كريستي أيقونة بريطانية للأدب البوليسي، وقد احتلت بثقة ذات الموضع الذي احتله من قبل آرثر كونان دويل بمخبره الجذاب شيرلوك هولمز.

قصصها جديرة بحق بأن تكتبها سيدة إنجليزية مهذبة، فهي قصص تخلو من العنف والدماء والجنس، لكنها تفسح الطريق تماما للعقل والاستنتاج المنطقي. كل من في القصة راق مهذب؛ الضحايا والمخبرون والقتلة واللصوص! وبالطبع تعلي أجاثا كريستي قيمة السرد أو الحكي على أي شيء آخر، فكانت لا تهتم بالبعد الأدبي بقدر إهتمامها بـ ماذا سيحدث للأبطال بعد هذا؟ وهو أهم ما يعني القارئ.

وفي هذا يوجد تشابه معين بينها وكاتبة بريطانية أخرى عظيمة الشهرة هي دافني دي مورييه. لكن أجاثا كريستي مالت إلى التخصص في القصص البوليسي، بينما لم تترك دي مورييه مجالا إلا وجربت الكتابة فيه.

ولكن لم تتخلص أجاثا كريستي من الميل الفيكتوري القديم لجعل الرواية (معرضا ثريا للشخصيات الممتعة) شأنها في هذا شأن ديكنز وبرونتي وسواهما.

باعت كتب كريستي، نحو مليون نسخة بالإنجليزية ومليونا آخر بلغات أخرى بلغت خمسا وأربعين لغة. فلم يتفوق عليها في المبيعات -في عصرها- إلا الإنجيل وشكسبير.

وعامة ما زالت صورة المواطن الإنجليزي في العالم هي الرجل الذي ينتظر المترو وهو يطالع رواية لـ أجاثا كريستي كارها أن يقطع اندماجه شيء آخر.

ولدت أجاثا ميلر في توركوي بإنجلترا، عام 1890، وككل الكتاب الكبار مرضت لفترة ولزمت الفراش مما جعلها تجرب كتابة القصص على سبيل التسلية.

وفي عام 1914 تزوجت الكولونيل أرشيبالد كريستي الذي منحها إسمه، وقد رزقت بطفلة واحدة قبل طلاقهما في 1928. بعدها تزوجت عالم آثار، وكان هذا سبب المزحة الشهيرة “تزوجته لأنه كلما تقدم بي العمر اهتم بي أكثر”. ومع هذا الزوج تعلمت أجاثا حب الأسفار وحب الشرق الذي تدور عشرات من قصصها فيه، بل إن لها رواية بوليسية ممتعة تقع أحداثها كاملة في العصر الفرعوني.

استخدمت أجاثا كريستي كافة طرق القتل في رواياتها، لكن كان لها ولع خاص بالسموم، لأنها مملكتها التي تعرفها جيدا، فهي خبيرة سموم من الدرجة الأولى منذ كانت ممرضة مشرفة على قسم السموم في أثناء الحرب العالمية الأولى. ولهذا تعد أكثر الكتاب البوليسيين استعمالا للسموم في القتل.

كانت قصتها الأولى القضية الغامضة في ستايلز 1920، وهي ميلاد مخبرها البلجيكي الشهير هركيول بوارو. المخبر صاحب الخلايا الرمادية الذي قهر 33 مجرما ذكيا في 33 رواية. وهي القصة التي اعتاد المترجمون أن يترجموها بـ (القتل له أساليب) كأنهم ينسون أن ستايلز هو اسم القصر. وسوف نلاحظ أن هاستنجز يشير لهذه القصة كثيرا باعتبارها ذكرى غالية، ومن يومها لم يكف بوارو عن قهر المجرمين.

وقد انبهر القراء بهذا المخبر البلجيكي المتبختر البدين الذي يصر على الكلام بالإنجليزية الرديئة مصرا على أنه بليغ جدا، ولا يكف عن الفخر بخلايا مخه الرمادية.

قصصه يحكيها كابتن هاستنجز صديق عمره، والذي يتبعه ككلب أليف .. إن هاستجنز يمثل درة لـ بوارو لأنه يريه كيف يريد القاتل من الناس أن يفكروا. باختصار هاستنجز يخبر بوارو بالطريقة التي يجب ألا يفكر بها!.

قدمت أجاثا كريستي لنا كذلك شخصية العانس الريفية الحشرية مس ماربل التي تتدخل في كل شيء وترى أن العالم كله نسخة من قريتها سانت ماري ميد. هناك شخصية ثالثة إسمها باركر باين وهو ليس مخبرا بوليسيا، لكنه يملك مكتبا يقدم السعادة للمحرومين منها بصفته خبيرا في المشاكل العاطفية.

استمرت أجاثا كريستي في الكتابة زهاء نصف قرن، كتبت خلاله 79 رواية ومجموعة قصصية. كما كتبت عدة مسرحيات ومنها مصيدة الفئران التي بدأ تقديمها في لندن عام 1952 ومازالت مستمرة حتى الآن! حتى بعدما توفيت المؤلفة في يناير 1976. وهي المسرحية التي يخرج بطلها في نهايتها ليرجو المشاهدين أن يكتموا السرّ. والجدير بالذكر أنها كانت قد وقفت أرباح المسرحية على حفيدها ماتيو في عيد ميلاده، بالتالي صار الحفيد مليونيرا وما زالت أرباحه تتكوم!

أيضا كتبت أجاثا كذلك قصص عاطفية باسم مستعار هو ماري ويستماكوت. إلا أن نجاحها الأعم كان في مجال القصة البوليسية.

تعد روايتها الغريم الخفي من قصصها الشائقة الشهيرة، ومن بطولة هيركيول بوارو، وهي من القصص النادرة التي لم تترجم بعد، بعدما قام به المترجمون العظام من أمثال الأستاذ عمر عبد العزيز وآخرين في ترجمة أعمالها.

رواية أخرى عظيمة هي الستار حيث يموت المحقق هيراكيول بوارو المخبر الأسطوري البلجيكي، وهي قصة ممتعة حقا وإن كانت محزنة ذات جو مقبض.

أما عن أفضل أعمالها فهي ثم لم يبق أحد، حيث لم يبق منهم أحد.

 

[18] راي برادبري

بعد أن مررنا على ويلز وفيرن اللذين استحقا عن جدارة أن يكونا رائدي أدب الخيال العلمي ، ننتقل إلى أحد أساطين الخيال العلمي المعاصر، الذي صار اسمه رمزا للجدية والجودة مثلما صار اسما أزيموف وكلارك وغيرهما.

الخيال العلمي -كما نعرف- هو ضرب من الأدب يحكي عن أحداث لم تحدث بعد، تتناول علاقة العلم بحياة البشر. ويميل النقاد إلى توسيع مفهوم الخيال العلمي ليشمل ملاحم جلجاميش البابلية ومدينة توماس مور الفاضلة، وكل عمل يتكلم عن حياة الإنسان في عوالم أخرى، أو تطلعه الذي لا يرتوي إلى المعرفة. لكن الخيال العلمي ما كان ليصل إلى صورته الحالية لو لم تولد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، مع كل الخلخلة التي أحدثتها في المفاهيم التقليدية، وتطلع الإنسان الملهوف إلى حل كل أسرار الكون مرة واحدة، وهكذا ولدت فرانكنشتاين التي كتبتها كاتبة رومانسية عادية هي ماري شيللي، وسرعان ما انهمر سيل أعمال الخيال العلمي، لكن أبا هذا النوع من الأدب كان هو الفرنسي العظيم جول فيرن، وتلاه بنجاح ملحوظ البريطاني (هـ . ج . ويلز).

في العام 1921 أدخل الكاتب التشيكي كاريل كابيك لفظة روبوت إلى الأدب للمرة الأولى،  وهي أهم كلمة في عالم الخيال العلمي طبعا.

في الخمسينات بدأ أدب الخيال العلمي الأمريكي يكتسب شعبية واضحة، وقد امتزج امتزاجا شديدا بالمجلات المصورة، بحيث يصعب فصل نوعي الأدب. ومن أهم الأدباء الأمريكيين للنوع روبرت هاينلاين صاحب رواية غرباء في أرض غريبة 1961، وأزيموف صاحب كهوف الفولاذ 1953، وفرانك هربرت في يوميات الكثبان 1965، ولاري نيفن صاحب وطؤ الأقدام 1985. وسرعان ما ظهرت إتجاهات جديدة مثل الموجة الجديدة والسايبر بانك.

راي برادبري كاتب أمريكي عظيم ولد عام 1920، اشتهر بمجموعته القصصية الرجل المرسوم 1951 وشيء شرير من هذا الطريق يأتي 1962 و451 فهرنهايت 1953.

تعد روايته القصيرة 451 فهرنهيت من القصص الشهيرة المهمة في كتابات برادبوري، وهي نموذج طيب لرؤيته المتشائمة لغد قاتم يجثم فيه حكم شمولي على أنفاس البشر. وقد قدمها المخرج الفرنسي فرنسوا تريفو عام 1969 في فيلم شديد الأهمية والعمق، قام ببطولته أوسكار فيرنر مع جولي كريستي.

كان طفلا واسع الخيال، وقد اعتاد أن يكتب نحو أربع ساعات يوميا منذ كان في الحادية عشرة من عمره. باع أول رواية كتبها عام 1941، ليتفرغ بعدها للكتابة تماما. ركز في كتاباته على الشرّ الكامن في الإنسان وولعه بإستغلال ما يعرفه من أجل السيطرة على الآخرين الذين يعرفون أقل. وهو في ذلك متشائم ككل كتاب الخيال العلمي .. العلم خطر داهم بالنسبة لإنسانية لم تنضج بعد، ولقد كانت القنبلة الذرية هي أول استخدام للذرة قبل أن يفكر الإنسان في أي استخدام سلمي لها.

فاز بمجموعة غير عادية من الجوائز على كتاباته، منها جائزة نيبولا وبروميثيوس وبرام ستوكر وكتاب الفضاء و(الخيال العلمي). كتب العديد من المسرحيات والسيناريوهات بالإضافة إلى برنامج تلفزيوني مهم هو مسرح راي برادبوري. وكان هذا الكاتب المهم يعيش في كاليفورنيا مع أسرته، حتى وفاته في 2012.

أهم أعماله:

-شجرة الهالوين

-الموت مهنة موحشة

-مقبرة للمجانين

-الحوت الأبيض

-ظلال خضراء

-الجراد الفضي

-الكرنفال الأسود

-تفاحات الشمس الذهبية

-دواء للوحشة

-يوم هطلت الأمطار للأبد

-السفاح الصغير

-أنا أغني لكهرباء الجسد

-الكمبيوتر المسكون

 

[19] جوزيف كونراد

ولد جوزيف كونراد عام 1857 فيما يعرف بـ أوكرانيا البولندية، وهي -كما يدل الإسم- منطقة تقع بين روسيا وبولندا. وكانت أسرته تنتمي لطبقة تدعى زلاختا من متكلمي البولندية، وهي طبقة نبيلة لكنها لم تعرف بالثراء. كان أبوه سياسيا متوسط القيمة وأديبا مغمورا لم تترك كلماته أي أثر لدى القراء، لكنها تركت أعظم الأثر على ابنه جوزيف، الذي قدر له أن يكون أديبا عظيم الشأن.

كانت علاقة الصبي بالمجتمع البولندي سطحية وإن هوى الموسيقا بشكل خاص، وارتبطت في ذهنه بصورة أمه الجالسة إلى البيانو، والتي كتب عليه أن يفقدها بعد أعوام. بسبب السياسة تم نفي الأسرة من بولندا، وتوفيت الأم بالدرن بينما جوزيف في سن السابعة، وتبعها أبوه فصار جوزيف الصغير يتيما في الحادية عشرة من عمره. وكان على عمه المحب أن يعني به.

عام 1874 يتجه الصبي إلى فرنسا حيث يتعلم هناك الفرنسية وأصول الملاحة في البحر، ويتعرف على مجموعة من الأدباء البوهيميين اللذين صاروا أصدقاءه، وجعلوه يعرف معنى فن الدراما. وسرعان ما صار خليطا / مزيجا فريدا من بحار وفنان، ولسوف يبقى هكذا طيلة حياته.

عام 1878 يرتحل الفتى إلى إنجلترا راغبا في أن يعمل ضابطا على السفن البريطانية، وقد تحققت رغبته فصارت حياته لمدة عشرين عاما دورة من الملاحة البحرية ثم الراحة على اليابسة. وكان موسوسا بالحاجة إلى المال على نقيض أبيه الذي كان يمقت المال بشدة.

ومن الغريب أنه قرر أن يكتب -أول ما كتب- بالإنجليزية لغته الثالثة بعد البولندية والفرنسية، وبرغم أنه بولندي الأصل، وبرغم أنه كان يتكلم الإنجليزية بصعوبة بالغة، مما كان يرهقه بشدة في الكتابة.

وهو ما يدل على أنه اختار بريطانيا لتكون وطنه الثاني والأخير. وبعد رحلة إلى الكونغو عام 1890 ولما رأى كيف يعامل البلجيكيون العنصريون القساة سكان البلاد، عاد ليكتب قلب الظلام. وكان يدين الاستعمار بعنف في كل كتاباته في تلك الفترة، وهو ما يفترض أن يراه القارئ بوضوح في هذه الرواية. ولكن إسلوب الرجل معقد وغامض لدرجة أن هناك نقادا غربيين اعتبروا القصة تمجيدا للاستعمار الغربي لا هجوما عليه!.

 

بعد وفاة عمه الثري نال إرثا كبيرا مكنه من أن يتفرغ للكتابة تماما طيلة حياته. وكانت الكتابة معاناة وصراع خاص بالنسبة له بسبب عدم تمكنه المطلق من أسرار اللغة الإنجليزية، وقد جعله هذا أكثر انهماكا من أن يعني بحياته الأسرية والإجتماعية. ويصف الانتهاء من روايته نوسترومو بأن (الأصدقاء هنئوني كأنما شفيت من مرض خبيث).

كوّن صداقات مع كتاب مهمين مثل ستيفن كريج وهنري جيمس. ثم حملته الأعوام إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث مات عام 1924 بنوبة قلبية.

كتب كونراد 13 رواية و28 قصة قصيرة. وغالبا ما يكون الراوي في قصصه بحارا متقاعدا إسمه مارلو.

في قصته لورد جيم 1900 يصف لنا معاناة بحار يحاول جاهدا تصحيح خطأ ينم عن الجبن ارتكبه في شبابه أثناء غرق مركب تقل بعض الحجاج المسلمين في البحار الشرقية. والقصة مأخوذة عن حادثة حقيقية للسفينة جدة التي أحدثت صخبا في ذلك العصر  ، وقد قدمتها السينما العالمية عام 1965 في فيلم جميل بالإسم نفسه وقام ببطولته بيتر أوتول وأخرجه ريتشارد بروكس. القصة برغم قوتها لا تخلو من ذات التعالي العنصري الذي كان رمز المرحلة؛ الرجل الأبيض الذي جاء ليهدي الحكمة والنبل للوطنيين الطيبين العاجزين عن حماية أنفسهم. إن لورد جيم طرزان آخر لكنه يقدم بشكل ثقافي عالي المحتوى الأدبي.

في قصته العميل السري 1907 يحكي عن فوضوي يعيش في لندن.

وقصته النصر 1915 تدور في البحار الجنوبية.

في قصته تحت عين غربية 1915 يحكي عن تسلط روسيا في القرن التاسع عشر.

أما أفضل قصصه تقريبا فهي قلب الظلام 1902، أعظم وأشهر وأصعب قصصه، والتي لا تخلو من بعض الملل أيضا، هي عمل بالغ الأهمية وتمثل جزءا حميما من ثقافة قارئ الإنجليزية.

وتظهر رحلة مخيفة عبر نهر إفريقي لمقابلة رجل غربي رهيب يعيش في الأحراش ويدعى كورتز، وهذا الرجل أحاط نفسه بالغموض لدرجة أن بعض مواطنيه أوشكوا على تأليهه.

الرحلة النهرية هي في الآن ذاته رحلة لمعرفة مدى فساد الإنسان وقسوته. إن قلب الظلام هو في الحقيقة نفوسنا.

هناك معالجة ناجحة قدمها نيكولاس روج للتلفزيون عام 1994، كما أن رائعة فرانسيس فورد كوبولا سفر الرؤية الآن Apocalypse Now تعتمد على فكرة الرواية بشكل كبير،  حتى إن النقاد يقولون إنك لا تستطيع فهم الفيلم حق الفهم ما لم تقرأ هذه الرواية أولا، وإن كان الفيلم قد تحرر بلا حدود من النص الأصلي، وجعل الأحداث تدور في فيتنام بدلا من الكونغو، والقوات الأمريكية تلعب دور شركة العاج، وقد قام مارلون براندو بدور كورتز.

جوزيف كونراد أديب مهم لابد ان يقرأ، وإن كان مرهقا إلى حد ما.

أشهر أعماله

-المنبوذ 1896

-عبد النار سبسوس 1898

-لورد جيم 1900

-قلب الظلام 1902

-العميل السري 1907

-بعض الذكريات (سيرة ذاتية) 1912

-الشباب 1915

-النصر 1915

-الأسهم الذهبية 1919

-الروفر 1923

 

[20] كليف باركر

كما أن القصة القصيرة العالمية تنقسم إلى مدرستين: مدرسة جي دي موباسان، ومدرسة تشيكوف، فإن كتابة الرعب المعاصرة تنقسم إلى مدرستين كبيرتين: مدرسة ستيفن كينج،  ومدرسة كليف باركر. وربما يضم البعض إليهما بعض المدارس الصغيرة مثل مدرسة دين كونتز ومدرسة آن رايس التي لا تمل الحديث عن مصاصي الدماء فيما يبدو .. لا شك في أن كينج أكثر عمقا وثقافة، لكن باركر أكثر تجديدا وابتكارا، وربما غرابة.

كليف باركر كاتب ورسام إنجليزي، ولد في ليفربول عام 1952، وقد استطاع أن يصير إسما مهما في عوالم الكتابة للرعب، في وقت قصير نسبيا، وبعد ثمانية أعوام قضاها في كتابة المسرحيات، ثم صار مخرجا مرموقا لأفلام الرعب. بل إن ستيفن كينج قال عنه في أريحية مهنية: “لقد عرفت مستقبل قصة الرعب .. إن إسمه كليف باركر”، وهي كلمة لم يستطع التراجع عنها قط، ولم ينسها النقاد كلما ذكر إسم باركر. المشكلة الأساسية بالنسبة للجمهور الأمريكي كانت هي تحمل اللكنة البريطانية (المزعجة) في أفلامه، وهي مشكلة لم تطل بعدما ارتحل باركر إلى بيفرلي هيلز حي النجوم في هوليوود.

يقول باركر: “في رأيي أن ما تحتاج إليه لتقدم الرعب هو الخيال وأصالة الرؤية .. يجب أن يكون لك قصد ما .. ليس مجرد بعثرة المؤثرات الخاصة على الشاشة مهما كانت بارعة”.

مثلما فعل كينج أحيانا، قام باركر بكتابة الأفلام وإخراجها، والتمثيل في بعضها -الماشون نياما والطريق الزئبقي والمحرم- ونلاحظ أن ظهوره في الفيلم الأول كان مجاملة مهنية لستيفن كينج.

لم يكن باركر مستجدا على مهنة الإخراج، ففي عام 1973 قام مع مجموعة من زملاء الجامعة بإخراج فيلمي سالومي عن مسرحية أوسكار وايلد والمحرم المقتبس عن قصة فاوست. وقد أخرج باركر الفيلمين كما قام بعمل المؤثرات الخاصة بنفسه. فيما بعد -بعد ما اشتهر باركر- تم استرجاع الفيلمين القصيرين.

عام 1984 كتب كتب الدم، وهي مجموعة من القصص القصيرة، وقد حول بعضها لأفلام شهيرة. قدم فيها أيقونات شهيرة جدا للرعب مثل الياترينج وجاك 1986؛هنا قصة غريبة عن رجل يستحوذ عليه عفريت إسمه ياترينج أرسله الشيطان كي يصيب الرجل بالجنون. وسرعان ما يكتشف العفريت أن جاك له طرقه الفعالة لحماية نفسه.

في نفس العام 1986 أخرج كليف باركر أول فيلم من أفلامه الذي صار واحدا من كلاسيكيات الرعب الحديثة (الغاضب) وهو عن قصة له إسمها سجين الجحيم.

من أبرز أفلامه أيضا

-ذرية الليل 1990

تحت مستوى العالم الواعي توجد مدينة سرية إسمها ميديان، حيث تحتشد الأرواح في قبر عتيق وفي مجتمع إسمه ذرية الليل. القصة الأصلية هي كابال وقد أخرجها كليف باركر بنفسه للشاشة.

-رجل الحلوى 1993

قصة رهيبة تعلمنا ألا ننطق إسم رجل الحلوى كاندي مان خمس مرات متواصلة أمام المرآة .. إنه يعود دائما وتكون النهاية مريعة. أخرج القصة برنارد روز، وقد تم عمل استطرادين لها في أجزاء تالية.

-سيد الأوهام 1995

عن قصته الوهم الأخير أخرج باركر بنفسه هذا الفيلم. وكان فيلما ناجحا جدا في مصر.

هكذا نجد أن باركر هو مؤلف سينمائي بالمعنى الحرفي للكلمة كما يستعملها الفرنسيون، وهو قادر على الوصول للصيغة الأعلى لفنه -كما يراها- بتحويله إلى رؤى على الشاشة، ولهذا كان من العسير الكلام عن أدبه دون الكلام عن أفلامه.

مقالات من نفس القسم