■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
هناك إجابة تصلح لأي سؤال تقريبا: لا أعرف. لكن إجابتي هنا هي: لا أحب أن أعرف. بالقطع أنا شاعر مقروء، بالقوة على الأقل، بما أن لي كتبا منشورة، وقد أكون مقروءا بالفعل لعدد مهما يكن من الناس. أعرف بعض قرائي، لكنني أحاول أن أتخلص من هذه المعرفة، فمن واقع متابعتي، أغلب الشعراء الذين عرفوا قراءهم ظلوا يكتبون لهم القصائد نفسها المرة تلو الأخرى.
■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
أنشر ترجماتي بالدرجة الأساسية منذ بضع سنوات مع الكتب خان، ومعها أيضا نشرت رواية وكتابا شعريا. وهذا الناشر يلائمني تماما، ويوفر لي من الكتاب والمترجمين صحبة مشرفة. ولكنني لا أحلم للشعر بناشر فقط، بل بموزع، بمساحة لائقة في متاجر الكتب، بمبادرات ذكية تجعل الشعر جزءا من حياة الناس، ليس فقط لأن الشعر “جدير” و”يستحق”، بل لأن حياة الناس بدونه “ناقصة” و”شقية”.
■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
أنظر إلى النشر في المجلات نظرتي إلى مومياوات جديدة توضع في توابيت ممتلئة أصلا، ومنسية تماما. وإلى النشر في مواقع الإنترنت نظرتي إلى الكتابة بالكحول. أغلب المواقع المعنية بنشر الشعر لدينا فقيرة ماليا، وفقيرة بصريا. غير أنها في ما أرجو أكثر قابلية للتطور من المجلات والجرائد والورق عموما.
■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
نعم، أنشر قصائدي من خلال حسابي في فيسبوك تحديدا، وأفكاري، وشذراتي، وملاحظاتي. وكتبت كثيرا من قصائدي في السنوات الأخيرة على هذه الصفحة مباشرة، فمنها ما كتبته في دقائق، ومنها ما ظللت أكتبه لساعات، ومنها ما بقي لأيام غير متاح إلا لي، مسودة ملحة تواجهني كلما فتحت صفحتي. لعل الكتابة في هذه المساحة، ومن خلال الهاتف في أغلب الأحيان، هي جزء من أسباب نزوعي في كتابي الأخير إلى القصيدة القصيرة. والمهم بالقدر نفسه أن عرض الشعر على الآلاف يعطيني مؤشرا أو أداة للتقييم، فحتى عدد المجاملين له دلالته.
■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
لا أظن إجابة هذا السؤال تطلب من شاعر. لعل مراكز استطلاع الرأي أقدر على منحنا بعض المؤشرات، ولكنني أستبعد أن تهتم. في حدود تصوراتي، إضافة إلى الشعراء أنفسهم، هناك كتَّاب الرواية الأذكياء، وأفضل قراء الشعر في رأيي هم الشعراء السابقون، الذين كان لديهم من البصيرة ما جعلهم يكتشفون أن القراءة فقط هي طريقتهم المثلى للحياة مع الشعر.
■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
يبدو أنني أوافق. عشرات القصائد تجد طريقها كل يوم من لغات العالم إلى العربية. ثمة ترجمات رائعة، وأخرى مريعة، وترجمات فاترة، لكنها جميعا ترجمات محبة، ومجرد وجودها يعني وجود قراء لها. لي صديقة تترجم الشعر يوميا، وتنشره عبر صفحتها في فيسبوك فقط، وأرى العشرات يتفاعلون معها. قارئ الشعر مرغم أن يبحث عنه في كل لغة وفي كل عصر، لأن الشعر الجميل حقا نادر للغاية، فلا غنى عن الترجمة.
■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
أظن أن أهم مزايا الشعر اليوم، الشعر العربي والشعر في العالم، أنه ليس جزءا من سوق كالرواية مثلا، وليس جزءا من سلطة كما كان في يوم من الأيام. الشعر اليوم حر أن يكون ما يريد، وأن يقول ما يرى حتمية قوله، وبالطريقة التي تروق له. ولعل من أوضح عيوب الشعر العربي أن من الشعراء أنفسهم من لم ينتبهوا بعد إلى أي مدى هم أحرار.
■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟
محمود حسن إسماعيل. لأنني أحبه. ولأنه ممتع. ولأن خياله شديد الخصوبة، وموسيقاه شديدة العذوبة، ومعجمه رقيق ومنتقى بمحبة، ولأنه يبدو منسيا إلى أن تذكر اسمه فيقال “فعلا”. الجميع يتذكرونه فور أن يشار إليه بمثل بهجة العثور على رزمة نقود في جيب معطف مهمل منذ الشتاء السابق.
■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
كثيرا من “الشعر”، قليلا من “العربي”
………………….
*نشر الحوار في “العربي الجديد” ضمن زاوية بعنوان “هموم شعرية”