أبو الوفا المصري يرثي المثقف العربي

أشرف الصباغ
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

رويترز

تنطلق رواية “مقاطع من سيرة أبو الوفا المصري” من الحنين إلى زمن آخر كما ترثي دور مثقفين أدمنوا لعبة التحول والتواطؤ.

ورواية الكاتب المصري المقيم في موسكو أشرف الصباغ تبدو كأنها مدفع متعدد الطلقات حيث تحتشد بأسئلة عما تعتبره مأزقا تاريخيا يتحالف فيه فساد الأنظمة العربية الحاكمة وتواطؤ المثقفين وغياب الجماهير وقلة حيلة المثقف الملتزم الذي وصفه المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو جرامشي بالمثقف العضوي.

وتعيد الرواية الاعتبار إلى من تعتبرهم رموزا مثل جرامشي (1891-1937) والروائي الماركسي الفلسطيني إميل حبيبي (1921 -1996) مؤلف “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” الذي تحتفي به الرواية باعتباره “مواطنا يدخلك إلى عالم الحكايات الفلسطينية يغزل ثوبا من التاريخ بالكلمات يحوله إلى كائن حي وقبس من نور يروي الذاكرة فتنمو وتترعرع وتظل في حراك دائم”.

وتبدو الرواية بانوراما للجمال والقبح في اللحظة التي يريد البطل تجاوزها ولو في خياله عبر استعراض ما تركه كتاب لهم بصمة في الأدب العالمي ومنهم الروسيان نيقولاي جوجول وفيودور دوستويفسكي.

كما تقارن بين مصائر بعض أبطالها وأبطال أعمال أدبية كلاسيكية عانوا من صدمة حضارية وتأرجحوا بين الانتماء للشرق أو الغرب كما عبر عنهم الطيب صالح في رواية “موسم الهجرة إلى الشمال” والمصريون يحيى حقي في رواية “قنديل أم هاشم” وبهاء طاهر في رواية “الحب في المنفى” وتوفيق الحكيم في رواية “عصفور من الشرق”.

ولأن الرواية ليست تقليدية فأحداثها لا تسير في خط مستقيم يبدأ بنقطة وينتهي إلى أخرى. فهناك قسم كبير يدور في روسيا حيث يقيم مؤلفها ومن هناك يرصد مشهدا لتحولات بعض المثقفين حيث كان أحدهما شيوعيا ثم “تطور فأصبح بعثيا وأدرك أيضا أن الله يغفر لمن يشاء فأصبحت العشر الأواخر من (شهر) رمضان ملجأه ومبتغاه”.

وبدلا من أن تنتهي الرواية نهاية “تقليدية” فإن الصباغ يضيف فصلا عنوانه “هلاوس” يكاد يكون تسجيلا لمشاهدات ومحاورات يؤرخ لها بالعام 1990.

ويدور فيها جدال بين عرب وروس في موسكو حول سلوك الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين غزا الكويت، إضافة إلى مراسلات بعضها عبثي مثل رسالة سيدة مصرية من حي الوايلي بالقاهرة إلى الرئيس الأميركي جورج بوش تشكو إليه خلو البيت من الأطباق والمكانس وانضمام زوجها إلى المظاهرات وخطورة مداخل شوارع بورسعيد وسكة الوايلي.

وللصباغ أكثر من 15 كتابا بينها رواية وأربع مجموعات قصصية إضافة إلى ترجمات عن الروسية منها “السرد والمسرح” و”الأدب الروسي في السنوات العشر الأخيرة” و”الابتزاز الصهيوني والهم الإنساني”.

وصدرت الرواية بالقاهرة عن مكتبة “الدار للنشر والتوزيع” وتقع في 175 صفحة متوسطة القطع.
…………….
16 أبريل 2006

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم