“حكاية توتة”.. البنت التي صعدت على ظهر فراشة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

"حكاية توتة".. البنت التي صعدت على ظهر فراشة

"افتحوا لي الباب ده

 الجاموسة  والدة

 افتحوا لي الباب ده

 يالا بلاش معاندة"

يعيد مجدي عبد الرحيم إنتاج التراث في نصوص تقدم لأطفال هذا العالم مفردات ملائمة وعصرية، وعمله الشعري الجديد "حكاية توتة"، الصادر نهاية 2016 عن المركز القومي لثقافة الطفل، يكمل مسيرته في ربط التراث بالطفل  ويحتمل العالم التراثي تقديم مفردات مرحة ومبهجة للأطفال، مقدمًا جوا حكائيا وحيويا ومربوطا بالبيئة المصرية، فيقول:

"شيل العمة شيل

تحت العمة فيل

حط العمة حط

 

خلي الفرخة تنط"

يقدم الكتاب الشعري للأطفال “حكاية توتة” نصوصًا متنوعة، ففي النوع الأول من النصوص يعتمد على الحكايات، مثل حكاية توتة التي علقت فوق شجرة التوت، وحكاية الولد حمادة الذي يمارس الشغب. وهي حكايات طفولية جميلة للأطفال تقدم على صورة شعرية.

أما النوع الثاني من النصوص فهو غنائي قائم على بث الأفكار الإيجابية، والتفاصيل اليومية لللعب والأخوة والأحلام بغد أفضل.

“قلبك دكان صغير.. بيوزع.. بلالين

 فارد جناحات ومطير

زمامير طراطير عصافير…

قلبك مليان بالخير

ونور ملهش حدود

 فاتح بابك للغير

والجودة بالموجودة”

وهذه النصوص مشجعة للأطفال ودافع إيجابي بكلماتها، لكنها تقع في إشكالية أولاً السن الذي ستخاطبه، لأن من تخاطبه سيكون سن أكبر من الفئة العمرية التي تخاطبها بقية نصوص الكتاب. بالإضافة أنه إذا جمعنا هذه النصوص ووضعناها في كتاب موجه للكبار ستبدو مناسبة أيضًا، ولا أعرف هل يبدو ذلك ميزة ومرونة ممييزة للنص لتمكنه مخاطبة أكثر من فئة عمرية ووجد أكثر من مستوى تواصل، أم أنه كان الأولى أن تقدم النصوص تفاصيل عالم ذات خصوصية فريدة للأطفال، مثل:

“هيلا..هيلا..هيلا

راح نبدأ من الليلة

هيلا..هيلا..هيلا

يابلدنا ياجميلة”

النوع الثالث للنصوص المنشورة في كتاب “حكاية توتة” هو النصوص التي تستلهم التراث، فيأخذ مجدي جملة تراثية ويبني عليها عالما مغايرا. واستلهام التراث والبناء عليه يميز الشاعر مجدي عبد الرحيم في مشاريع سابقة قام فيها باستلهام التراث للأطفال، وهي منطقة جميلة تعيد البناء على المساحات الآتية من جذور الشخصية المصرية وتدفعها للأمام بقيم إيجابية. وهذا الاتجاه إذا تبناه الشاعر أكثر سيصنع منطقة خاصة له في أدب الأطفال، مثل جملة التعلب فات، فيفتتح نصه بها ويبني عليها:

“التعلب فات.. فات

وف ديله سبع لفات

عمال يدحلب.. يكدب

ويألف لنا.. في حكايات”

الرسوم كنص موازي

تقدم سحر عبد الله رسومًا مميزة بجوار النصوص الشعرية، فتأخذ تفصيلة من النص وتبني عليها رسمتها ورؤيتها الخاصة لعالم النص، بدون أن تقوم بالتنفيذ الحرفي لمفرداته. كأنها تقدم بذلك نصًا موازيًا عن طريق الرسم، لأنها تفتح الكلمات وتعيد إنتاج من خلالها صور سحرية مبتكرة فالنص يقول إن  الثعلب يخاف من الأسد قاهر الأشرار، فترسم سحر الأسد يمسك خيوط ماريونيت يحرك الثعلب. أيضًا يستقبلنا الغلاف ببنت تطير على ظهر فراشة ، لأنها البنت التي تريد تجربة أشياء جديدة بصعودها شجرة التوت وحدها في نص “حكاية توتة” وهذه الصورة تبين حلم الصعود للبنت، لكنه صعود مميز وسحري من الرسامة على ظهر فراشة. وتختار معه اللون الأرجواني، لون التوت المرتبط باسم توتة ورغبتها في التوت في النص الرئيس. وصانعة وحدة موضوعية بتوزيع اللون عبر الصفحات.

كما تبتكر برسومها حكاية رغم أن النص يتحدث عن أفكار فحسب وليس حكاية. مما يضفي عنصرا إنسانيا وحكائيا مهما جدّا للطفل. وتقرب المفردات الكبيرة على الأطفال برسوم مبسطة، فحين يحكي النص عن شخص خيِّر ومعطاء لمن حوله و”الجودة بالموجودة” ترسم سحر إلى جوارها صورة حبات من الحلوى لتقرب مفهوم العطاء للأطفال.

وتهتم الرسامة بالتفاصيل بشكل يغني الكتاب، فتمتلأ الصفحة عن نص المدرسة بأوراق وأقلام وسمك وزرافة وحقيبة ومثلثات وأقلام تطير. كما تقدم تلك التفاصيل بصورة مبتكرة، فالقطة تحلم بالسمكة لتأكلها، لذا ترسم سحر القطة عينيها عبارة عن سمكة والجاموسة التي تلد ستكون أكبر شيء في الصورة من كل ما حولها لأنها البطلة ومحل القصيدة، والسحاب يتدلي في خيوط من الشجر لتقف عليه العصافير.

لكن الرسامة قدمت كل الرسوم تقريبًا لبنات في الكتاب، رغم أنه لا يوجد ما يمنع أن يكون الأبطال المرسومة مع بعض النصوص صبيان. وربما قصدت باعتمادها البنت كبطلة لرسوماتها أن تصنع وحدة موضوعية للكتاب، وتحتفظ في ذهن الأطفال بوجه بنت تصحبه في نصوص الكتاب مما يربطه بصريًا بالنصوص المتنوعة. كما يلحظ أنها تهتم بوضع صورة القطة في رسوماتها لنصوص كثيرة بشكل لافت حتى لو لم يكن له علاقة بمفردات النص، ويبدو ذلك لتورط الرسامة نفسها في علاقات محبة للقطط.

 

تعريف:

الكتاب: حكاية توتة

الشاعر: مجدي عبد الرحيم

رسوم: سحر عبد اللله

نشر في 2016

 

 

مقالات من نفس القسم