الكوميديا “الجورجيَة”

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 37
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

جورج ضرغام

 

كل ليلة أفيق من نومي على ضجيج معارك مضحكة جدًا. أرى كتب “سبينوزا” تمشي على أطراف أصابعها في مكتبتي، وتتلصص على كتب “سيلفيا بلاث” من خلف أغلفتها الفخيمة، علها تراها عارية. سمعتُ قهقهة كتب “نيتشه” عالية تضحك عليه وتنصحه: اذهب إلى كتاب “الإنجيل المقدس” يا يهودي، واسرق مسمارًا من صفحة الصلب، وفرقع به نهدها، فإن أغلب النساء في مهنتنا تدعي فقاعة العفة والإيمان، وتحتاج إلى تأديب المسيح!!

عراك آخر وجدته بين كتب “رونالد ريغان” و”بيلي غراهام” من جهة، وكتب “ماركس” و”جيفارا” من جهة ثانية. فكانت “الجبهة اليمينية” تأخذ البيض من كتب الطبخ التي أهدتني حبيبتي إياها في عيد ميلادي، وتضرب بها كتاب “جيفارا” الأحمق، فيهرب كالفأر المذعور إلي جحور المكتبة. أما “ماركس” السمين الفظ، فكان يبتلع كل البيض لأنه قد نام من غير عشاء، منتظرا معونة “إنجلز” التي لم تأت.

 

آخر عراك مضحك ومثير كان بين كتب عبيد بن الأبرص والجاحظ وابن رشد، والتي انتهزت غفلة كتب السياسة والحرب، وذهبت لتنقض على الرف قبل الأخير لتأسر كتب “جويس منصور” بخيوط العناكب، وتغتصبها خلف عتمة المكتبة. أما “لزوميات المعري” فوجدتها خائبة في الركن تنز لعابًا مالحًا كدمع الحسرة. من يومها قد وجدتُ سطرًا إضافيًّا قد كُتب في نهايتها، كوصية لورثة مكتبتي: إن بعتموها لـ”رجل الروبابيكا” من بعد وفاة صديقي جورج ضرغام.. فأرجو أن ترسلوني لفافات لبائع اللحم الأحمر. فقد عشتُ طيلة حياتي نباتيًّا.. أعزب، وصوفيًّا أحمق!!

أخيرًا أيقنت مكتبتي المليئة بكتب الشعر والفلسفة والسياسة أنهم مرضى نفسيون ويستحقون العلاج. فنزلت الكتب كلها إلى الرف الأول، تقف أمام كتاب “أندريه بريتون” مصفوفة لتأخذ جلسة علاج نفسية. ولأنهم علموا أنّه انتهازي أنيق، يتنكر لأصحابه [كما فعل مع ريني شار، وبول سيلان، وريني كاروفيل، وأنتونان آرتو، وحبيبته نادجا] كانوا ينزعون من ورق أجسادهم صفحات ملونة ويضعونها في جيب كتابه كنقود؛ أجرًا لتلك الجلسة الليلية.

 

…………….

صحافي وشاعر مصري

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني