الصحراء .. وحواديت ولد يشبهها

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 42
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ياسمين مجدي

البنت التي تتحرك في الحكايات طوال الوقت، هل تعرف أن الذي يتتبع خطاها ولد شغوف بالكتابة والبنات والعجائز والأحجار وحتى الكائنات الخرافية والديناصورات .. لايعرفهم بأسمائهم، بل يقتنص التفاصيل الصغيرة التي تجوب في أجواء من الحب والعتمة والنور والألم والوحدة ويغلفها الموت، ويعترف الطاهر شرقاوي أن: “الكائنات الخرافية التي أخبئها في جيوبي، وأسربها إلى حجرتي بين وقت وآخر، بدأت تزحم المكان، وتتحول إلى نسخ متعددة منى، تدمن سماع الموسيقى، التي لا تتوقف عن العزف بداخلي، ومراقصة الصمت، والكتابة في الهواء، والتنقيب عن بيوت النمل. قل لي يا طاهر: كم كلمة نطقتها اليوم؟”.

لا يحمل الكاتب الشاب الصعيدي الذي تعود أصوله إلى قنا أي ملامح صعيدية عدا سمرة بسيطة، وذاكرة تعيده – حينما يتم ذكر اسم مدينته – إلى صورة النخل أو كما يقول “نخلته هو تحديدًا”. رغم ذلك أول الأشياء التي تراوده في مواجهه هذا الخضار، هي الصحراء، ربما لأن في بلده جبلين، أحدهما شرق النيل والآخر غرب النيل: “عندما كنا أطفال كنا نعتقد أنه لا يوجد عالم بعد هذين الجبلين. وكانت هناك رغبة لمعرفة ما وراءهما. الصحراء تجعلك قريبًا إلى نفسك، وربما تمنحك فهمًا للعالم ولذاتك أيضًا”. فينتظر الطاهر دائمًا عملاً يصدر له عن الصحراء، مثل غواية ربما تتحقق قريبًا، لكاتب شاب يبدو في صمته كالصحراء، ويتتبع كل ما تصنعه الحياة حوله في هذا الوقت، فيمارس بشهوة: “الإنصات إلى أصوات الحياة، من ضجيج بائع الأنابيب، حتى رنين الهواتف المحمولة في أيدي المارة.. من أين يأتي؟ ولماذا يجعلني راغبًا في دق مسمارين في قدمي، أرتبط بالأرض كأعمدة الإنارة، وأظل ـ في وقوفي ـ أحلم بمتعة الريشة، بالخفة، بالضحكة الصغيرة، بالمشي في الهواء“.”من خلال صمتي، أمارس كل مشاعري وأحاسيسي بحرية، وبلا رقابة أو خوف من أحد.. في صمتي.. أمارس حياتي الحقيقية”.

تبدأ الحياة الحقيقية من عند طفل صغير ينمو بشغف للاستماع لحكايات الجدات، ويتحول لعب الطفولة لديه إلى عالم أرحب يجذبه في البداية لكتب المغامرات البوليسية ومجلات الأطفال. وتنمو الحكايات ليصبح هو كاتبها.. تنمو المخاوف أكثر مع الكتابة: “هناك خوف بداخلي من أن أكتشف ذات يوم أنني لم أفعل شيئًا في حياتي، أحاول الاحتفاظ بدهشتي المتواصلة من كل شيء لو فقدت دهشتي لن أستطيع الكتابة، الدهشة هي التي تجعلك تكتشف أشياء يراها الآخرون اعتيادية”, جزء من تلك الدهشة هي الكتابة للأطفال التي يمارسها الطاهر شرقاوي، وتبدو جزءًا صميمًا من مكونه الشخصي، لأن البنت والولد اللذان يظهران في نصوصه يحتاجان للانطلاق وسط حكاياتهم الملونة، يفضا صمت الكاتب الشاب الذي يتابع في أوقات فراغه الكثير من الأفلام، ويهتم بشدة بالكومبارس، يسألهم أن يفعلوا شيئًا في الحياة، قبل المرور.

الحواديت المحملة بالأفكار والأحجار والبنات تسعى طوال الوقت، تتحدى صمت كاتبها: “يا إلهي.. كيف قمت بزيارتي رغم ندرة أحلامي؟ حيث لا توجد أرقام للبيوت أو أسماء للشوارع لا أحد سيدلك على عنواني فكيف استطعت إذن العثور على كيف؟!“.

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم