ما لم تَرْوِهِ الأدلَّة (المطبخ)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 46
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 إستبرق أحمد

المُرتكبون:

المغسلة

لاتستطيعُ مياهي مسحَ صرخاتِها في نوباتِها الحادة. تكدّس الصحون، الأكواب، والملاعق، والسكاكين، تُكرِّر ضرب قبضتها على حوضي،رأسُها مُرتخٍ على صدرها، تُحدِّق في دوران الماء.

 في إحدى خروجاتها على مشهدها اليومي، مضت في سعار الغضب والهذيانات، رمت زجاجاتِ أدويةِ ابنِها في حضني، كسرت الصحون والأكواب، أدارت مقبض الخلّاط، اندفعت المياه وقطع الزجاج، أصبتُ بدوار، فلفظتُ القطع الكبيرة، المحشورة في ماسورتي.

ظلَّت ترفسُني بينما أسعلُ بحدّةٍ، مهشّمه بالمقلاة المزيد.

ظهر ابنُها، أمسك زندها ضاغطاً بحُنوٍّ، احتضنها من الخلف، انتفضت، توقفت، تنهدت ولم ترفع رأسها ولم  تلتفت…

 

الخزانة

مللنا، حتى ابنُها ازداد تبرُّماً وكآبةً.

دائمة الصراخ، لاعنة، شاتمة، مُهدِّدةً لنا بالاستغناء كما فعلت ببعض أغراضه  الأثيرة.

لايكفُّ غضبُها عن جذب أدراجي وأبوابي التي عاندتها، فباتت تشدُّها للخارج، أو تلطمُها لتغلقها بقسوةٍ تُصيبها بالخراب والشلل.

 جنّت في زيارة أختها الأخيرة لها، شكت ابنها ولعنت المطبخ، مؤكدة أنهما سببُ انهياراتها المتواصلة، حاولت أختُها تهدئَتها، فتشاجرت معها وطردتها، رغم محاولة الابن ردعها عن ذلك.

دخل، بعد ساعة، مديراً ظهرَهُ لهلوساتها، مُتشاغلاً بالبحث عن أقلامه ودفاتره التي يدسُّها  في أدراجي، لكمَتْ ظهره، بصقت شتائمها على المطبخ؛ وعلت شهقات بكائِها.

الموقد

هو القرار الصحيح، فخبالُها تزايد، لاتتقيَّد بعلاجها ولا تذهب لمواعيد طبيبها.

سابقاً تشعل عيني وتحرق مايقع بيدها من أوراقه، تمادت حاشرةً دفاتره وكتبه في فرني بشكلٍ هستيريٍّ وغير مفهوم،أهانتني ولعنتني لاحقاً، مُدعيةً أنَّ الفرن احتفظ برائحته.

 مؤخراً تكاثرت انفجاراتُ هيجانها، راكلةً الخزانة، باحثةً عن علبة الثقاب،  تُكوِّم صوره وأوراقه، تقاريره الطبيّة، تشعل عيني تُطفئ بها هذياناتِها واحداً فآخر، وتغرق البقايا المُتفحمة في المغسلة المتوجعة أكثرنا.

و…

تشتمُنا؛ لأننا لم نتدخل عند حاجة ابنها إلينا، لتخرج صافقة الباب.

لذا سألتهم التعاون في خطة الخلاص، تحمّست المغسلة جدااااا

باشرتُ

بدأب الصبورين …

وشوشت وشوشتوشوشتوشوشت

وشوشت وشوشتوشوشتوشوشت

فوافقوا على الخطة.

الابن

حطّمتْ أحلامي، دفنتْها، وضعتْ فوقها حجارةً فوق حجارةٍ، حاولتُ كثيراً أن أجدَ معبراً لأُحققَ درجةً من النجاح، لكنها أقعدتني جانبها،أحبطتْني، ما عدتُ أستطيعُ التحررَ من حبالِ محبتها المريضة، أما شح صداقاتي فتراها خيانات، لم أكن مُلتزماً بأدويتي، كثيراً ما أخذتُ كتبي لأقرأها في المطبخ الفسيح الذي يعجبني، أتحدث مع الأشياء، أخبرها عن الأبطال، من تجرَّدوا من الخوف، ومَضَوْا للموت… وعن جُبني.

مافعلناه:

 بدخولها باكيةً صباحاً، فوجِئتْ بخرير المغسلة يلمعُ على الأرض، كادت تنزلق، أمسكت بالحافة الرخامية للخزانة، اعتدلت، فتحت باب الخزانة السفلي، انحنت باحثةً عن لاصقٍ  تخنق به الثُّقب، سقط بابُ الخزانة العلويّ على رأسها فشجَّهُ، دائخةً وقعت على الأرض، انقض الفرن مسرباً الغاز، لتعبّ من الموتِ بسخاءٍ، لمسة أظنُّها شاعريةً اقترحها الابنُ دون أن يدري.

 و…

انتظرنا وحيدَها  طويلاً… ولم يأتِ وما لمحناه.

المُرتبكون:

جارةُ الشقة الملاصقة: تغيَّرت كثيراً خلال عامٍ واحدٍ، لم تعد تتصل ولا تخرج، اختفت.

حارس العمارة: هاتفتني تطلبُ ضرورةَ العثور سريعاً على من يأخذُ الموقد، قائلة:إنه يُكثرُ الهمساتِ الغامضةَ ووعدتها ببيعِهِ خلال أيام.

أختها الباكية: ابنها عانى كثيراً من اكتئاباته، ومن تعلُّقها به، هكذا زادت هلوساتُها خلال عام من وفاته في المطبخ بشكلٍ مفاجئٍ ودون سببٍ ظاهرٍ، لتنهار في هاوية التهيؤات، مُدعيةً أن للمطبخ دوراً في موته.

الابن: رأيتُها تتجهُ إلى المطبخ، سمعتُ سقطَتَها، وقفتُ أريدُ اللحاقَ بها، تجمَّدت.عرفت، لاحقاً، أنَّ الموقد حرّض الفرن،متذكرّاً روايتي عن شاعرة، باتت تُشبهها تُدعى سيلفيا بلاث…

 

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون