لماذا تكره أحمد خالد توفيق

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد العبادي

لا تقلق يا صديقي.. لست وحدك.. فأنتم كثيرون.. لكن قليل منكم فقط كان لديهم الجرأة – أو لنقل "النطاعة" – مثلك ليعلنوا عن كراهيتهم للرجل في وقت وفاته.. دعني أساعدك لكي تعرف لماذا تكرهه...

         لأنه بسيط: بالطبع.. وأي جريمة أكبر من أن يكون المرء بسيطا.. فالمثقف والأديب الحقيقي يجب أن يكون معقدا.. ويجب أن يذكر كل من حوله بمدى تعقيده في كل لحظة.. يذكرهم عبر صورته على “الفيس بوك” وهو متجهم ناظرا للأفق اللانهائي.. ويذكرهم بـ”بوستاته” المعقدة السارحة في نفس الأفق اللانهائي.. وربما يذكرهم في كتبه أيضا.. إن كانت حقا تستحق القراءة…

“بسيط”.. ما المقصود بالبساطة هنا؟.. بالتأكيد ليس المقصود بساطة عم عبده البواب والصنايعية وأنصاف المتعلمين (مع كامل احترامي) وليست بساطة الكتاب “الميديوكر”.. أنصاف الموهوبين/ أنصاف المجتهدين الباحثين عن المبيعات والانتشار بأي ثمن (مع كامل عدم احترامي).. بساطة أحمد خالد توفيق هي بساطة العالِم وليست بساطة الجاهل والجهول.. احترم الرجل هدفه: أن يهتم الشباب الناشئ بالقراءة.. وبالتالي احترم جمهوره من النشء وكتب لهم ما يجذبهم للقراءة.. أعمال في قوالب من التشويق الجاذب لهم.. لكنها تحتوي في نفس الوقت على أكثر بكثير من مجرد التشويق والإثارة.. يكفي أن توفيق هو أول من عرف جيلنا على نمط “البطل الضد” حين قدم لنا رفعت إسماعيل بصحته المتهالكة وتردده وسجائره.. ويكفي أن أعماله حفلت بإحالات لأعمال أدبية وكتاب ربما لم نكن لنعرف عنهم شيئا إلا عن طريقه. عن طريق أعماله وترجماته عرفنا بطيف واسع من الكتاب الكلاسيكيين والمعاصرين. من كافكا إلى برادبوري, ومن أورويل إلى هاينلاين.. وغيرهم كثير.

         لأنه متواضع (بسيط ومتواضع؟!.. الاتنين؟!).. وربما بسبب تواضعه هذا اجترأ الكثيرون عليه.. فعُرف عنه عدم الرد على النقد.. بل وكان يطلب من محبيه عدم الرد.. والتواضع يا عزيزي خطيئة لا تقل عن البساطة.. فالكاتب- أي كاتب حتى لو كان مؤلف كتاب المحفوظات للصف الثالث الابتدائي- يجب أن يكون عظيما.. ويجب أن يشعر الجميع بأنه أتى بما لم يأت به نجيب محفوظ وماركيز وديستوفيسكي مجتمعين…

الغريب أن أحمد خالد توفيق لم يضع نفسه يوما في مقارنة مع عظماء الأدب.. لكنك تصر يا صديقي “الكاره” أن تنفي عنه ما لم يدعيه أصلا!.. فتكرر: ديستوفيسكي أهم.. كافكا أعظم.. نجيب محفوظ أكبر.. مع أن الرجل لم يقل غير ذلك!

         لأنه لص أدبي.. طبعا.. كتابته في الرعب مسروقة من لافكرافت وكينج (وهو من ترجمهما لنا), وفي المستقبليات مسروقة من أورويل (وهو من ترجم 1984).. يا له من لص أدبي غبي الذي يترجم لنا الأعمال التي يسرقها!!

         لأنه محلي.. عاش الرجل ومات في مدينته المحبوبة “طنطا” ومنها حقق نجاحه دون أن يحتاج للانتقال للـ”مركز”.. للقاهرة.. بينما انطلقت أنت للعاصمة بحثا عن سراب الشهرة والتحقق الذي لا يجئ…

         لأنه متفرد: لم يكن له “شلة” أو جماعة مصالح يرتبط بها.. إلا لو اعتبرت ملايين من قرائه الشباب كذلك.. أما أنت.. فشلتك ثم شلتك ثم شلتك.. تنتقل من المقاهي إلى صفحات الإنترنت خلف شلتك: تصفق لأحدهم.. تكتب عن عبقرية آخر في كتابه الذي لم يقرأه غيركم.. تضحك على نكاتهم مهما كانت سخيفة و تهاجم من يهاجمهم بمنطق قبائل البدو أيام الجاهلية.. فالشلة هي القوة.. وانت تعرف يا مسكين أنك بدونهم تافه وضعيف…

 باختصار يا صديقي.. أنت تكره أحمد خالد توفيق لأنه حقيقي.. وأنت لا…

 

مقالات من نفس القسم