كيف سرقوا الكلمات يا جدي؟

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ياسمين مجدي

سألت بنت جدها عن معنى إحدى الكلمات في لغته.

لكنه قال إن لغته سرقت منه وهو صغير. وقد نساها.

فمن أخذ لغة الجد؟ وإلى أين أخذوها؟

لا يتذكر الجد لغة “الكري”، وهي لغة قبيلته القديمة في كندا، لأنه وهو صغير في كندا جاء ناس الى بلاده. وبدأوا يغيرون الكثير من الأشياء. فكانوا يأخذون الأولاد من أهلهم ويرسلونهم إلى مدارس داخلية ليتعلموا لغة أخرى غير لغتهم.

ما حدث في هذه الأيام هو أن الأوروبيين اكتشفوا قارة جديدة هي أرض أمريكا وكندا، ووجدوا قبائل الهنود الحمر في تلك القارة، فأرادوا تغيير لغتهم وطريقة حياتهم.. وتعليمهم الحياة واللغة الأوروبية. والجد من سكان كندا الأصليين، وكانت لغتهم هي لغة الكري القديمة، لذلك لا يتذكر الجد لغة أهله القديمة. لأنهم أخذوا الأطفال بعيدًا عن أهلهم، وكانت المدارس الداخلية وقتها هي مدارس حكومية دينية أقيمت لتدمج السكان الأصليين داخل الثقافة الأوروبية. ويقول الجد في الحكاية:

“بعيدًا عن منزلنا. بعيدًا عن كلماتنا الضاحكة والناعمة. بعيدًا عن أمهاتنا التي بكت علينا.. بعيدًا إلى مدرسة كانت باردة ووحيدة، حيث وجوه بيضاء غاضبة ترفع أصواتها وأيديها عندما نستخدم كلماتنا… أخذوا كلماتنا وحبسوها بعيدًا، عاقبونا حتى نسيناها، حتى أصبحنا نتكلم مثلهم”.

تبدأ البنت في تعليم جدها مرة أخرى لغته التي نسيها، مستخدمه كتابها عن مبادئ “لغة الكري” الذي أخذته من مكتبة المدرسة. وهذا رمز لأن البنت التي لا تعرف لغة أجدادها، تتأثر به وكأنها موجودة بداخلها، وهي التي تحاول إحياءها من جديد.

لغتنا هى نحن. لأنها هى الكلمات التى نقولها  ونحكي بها ما بداخلنا. عندما تضيع مننا لغتنا سنأخذ لغة أناس آخرين ونتحدث بها. ونترك شخصياتنا مختبأة وبعيدة بداخلنا. اللغة هي تاريخ قديم من الكلمات التي كان يقولها أجدادنا وضياعها يؤدي إلى ضياع تاريخهم .

يبدأ الجد في تعلم لغته من جديد، ومعها تعود له أشياء جديدة من تاريخه وذكرياته البعيدة.

قامت الرسامة بعمل زمنين بلوحاتها، فزمن المدرسة الداخلية القديمة مرسوم بالأبيض والأسود، والزمن الحالي بالألوان. وكان الغلاف دافئًا عن الجد وهو يحتضن كتابه الصغير وحفيدته بسعادة.

 يحسب للكتاب أنه لا يقدم أفكارا مطمئنة للطفل، إنما يأخذه إلى منطقة تفكير ونقد الذات وسؤال التاريخ، لا تبدو الحكاية معتادة، لأنها تجعله يأخذ موقفًا نقديًا من أي وقائع تاريخية ويقوم بالسؤال عن التاريخ الحقيقي الإنساني. كما أنه يثير خيال الطفل ليعرف أكثر عن تاريخه وهويته. ويقدم الكتاب حكاية يبدو شرحها بالكلمات صعبًا للأطفال، لكنه يقوم بتقديمها ببساطة وبحكي فني للطفل.

حصل كتاب ” كلمات مسروقة” على عدد من الجوائز، مثل جائزة كيركراس لأفضل كتاب مصور يمنح القارئ القوة لعام 2017، وجائزة رف الوعي لأفضل كتاب مصور. وجائزة عروض كتب الأطفال لأفضل كتاب مصور لعام 2017، وجائزة جمعية مكتبة أونتاريو لأفضل كتاب لعام  2018.

 

عن الكتاب

اسم الكتاب: كلمات مسروقة

 اسم المؤلفة: ميلاني فلورنس

 رسوم:جابرييل جريمارد

 سنة النشر: سبتمبر 2017

 

مقالات من نفس القسم