كريستينا روزوتى.. الشعر و الالم

مكريستينا روزوتى
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ترجمة: د. بهاء عبد المجيد

قصيدتان

1-

تذكرنى

عندما

أرحل عنك

عندما أرحل

بعيداً إلي أرض الصمت

عندئذ لن تستطيع أن تحتضن يديّ

ولن أستطيع أن أتوسل إليك أن تبقى بجانبى

تذكرنى عندما تفتقد وجودنا

أو تخبرنى بأفعالك يوما بعد يوم

تذكرنى عندما أغيب عن حياتك

هل تسمعنى

سبصبح متأخرا

أن

تناقشنى أو تدعو لى

ولكن إذا أضطررت أن تنسانى

لبرهة

وتذكرتنى بعدها

لا تحزن

لأنه لو رحل الضجر والألم والعتمة

فإن بقايا الذكرى ستبقى

فأوهن لى أن تنسانى وتبتسم

على أن تتذكرنى و تحزن

2-

عندما أموت … حبيبى

عند موتى لا تبكنى بأغانٍ حزينة

ولا تزرع زهورا فوق رأسى

ولا أشجار سرو ظليلة

ولكن كن العشب الأخضر النادى الغارق فى المطر

ولو أحببت تذكرنى وإن لم تحب انسني

هناك لن أرى الظل ولن أشعر بزخات المطر

ولن أسمع العندليب يغنى وكأنه يتألم ويحلم فى الغسق

الذى لا يشرق ولا يغرب

فربما أتذكر

…………..

بمناسبة جمع أشعارها فى ديوان كبير، احتفلت الأوساط الـدبية فى إنجلترا بكتابات كريستينا روزتى الشاعرة الانجليزية .

ولدت كريستينا روزتى عام 1830 وكانت الفترة الرومانسية قد انتهت بظهور الملكة فيكتوريا على الساحة التى أخذت العقلانية منهجها فى الحكم، ولعل وجود الملكة فى الحكم ساعد على بزوغ النساء قى الكتابة وخاصة بعدما باتت حبيسة الصورة النمطية بأنها مربية ومصباح الدار، فتعلمت المرأة لأول مرة فى عصرها وخاصة مرحلة التعليم الإلزامى.

كتبت كريستينا كل أنواع الشعر وخاصة السونيتات وهى قصيدة من أربعة عشر بيتاً بقاقية خاصة وأيضا الشعر الغنائى والفلكلورى الذى يمجد قصص الريف والبادية والمهمشين مثل سوق جوبلن والتى تتحدث عن المرأة التى تعشق ويصيبها الجنون بسبب هذا العشق ويظل صوتها وصورتها تتحرك فى الأسواق، وهى تناقش أيضا فى هذه القصيدة الجنس المكبوت بسبب التقاليد والدين .

ولدت كريستينا فى أسرة أدبية رفيعة، فوالدها جبرائيل روزتى كان شاعرا وأخوها دانتى جيرائيل كان شاعرا و رساما أيضا وأسس لحركة الفن للفن المعروفة بما “قبل الرفائيلين” وهى حركة تشكلية اهتمت برسم الطبيعة الصامتة دون غرض تجارى وقد نشر لها أخيها فى جريدة هذه الحركة قصيدة الدنس عام 1850.

اشتهرت كريستينا بقصائدها الدينية والصوفية والتى تتأمل فيها علاقتها بالخالق ولعل قصائدها التى كتبتها أثناء مرضها بالغدة الدرقية لها ممثلة لتوقعها الموت وإدراكها أنها ستذهب للمملكة أجمل وهى مملكة الرب، لقد كتبت كريستينا رسئل حب على شكل قصائد بها وصايا للمحب حتى لا يحزن بعد رحيلها وكانت هذه القصائد مشبوبة بنزعة وجودية وفلسفية عميقة تعكس وعى وإيمان الشاعرة. وقد تعرضت الكاتبة لاكتئاب شديد شخص على أنه هوس دينى وربما مرضها وحاجتها المالية اضطراها لأن تعمل مربية فى أواخر حياتها قبل أن يشتد عليها المرض.

كان الحب والأمل فى الخلود بعد الموت هما اللذان دفعها أن تكتب هذه القصائد التى تتمنى فيها الحياة السعيدة لرفيقها بدلا من الحزن والكآبة عليها. كانت قصائدها تمثل وعى المرأة فى القرن التاسع عشر التى أنهكتها الحياة الاجتماعية الصارمة والصورة النمطية التى باتت حبيسة فيها.

تمردت كريستينا على النمظ الذكورى السائد و كتبت شعرا بقف فى قامة مع الرواية التى اشتهرت آنذاك ولكنها بدأت كتبتها كشاعرة باسم مستعار وهو ألن ألينى حتى لا تمنع من الكتابة وحتى لا تتعرض للهجوم من النقاد والعامة الذين لا يرحبون بالمرأة فى مجال الابداع والحياة العامة. بالإضافة لشعرها كتبت كريستينا مقالات دينية ودراسات فى اللاهوت وهو كثيرا ما يعكس التناقض بين شعرها المتأجج بالعاطفة وبين تقديسها للدين واستسلامها لمصيرها الذى تعرف أن نهايته الموت وقد قامت بأعمال خيرية لمساعدة الفقراء والساقطات ومساعدتهن للعودة للملكة الرب، ولقد قارنها كثيرا النقاد بالشاعرة الامريكية أميلى ديكنسون والتى عاشت أيضا حبيسة الحب والمرض طيلة حياتها، وقد كانت كريستينا تخشى الظهور على غير العادة وكانت تظهر فقط فى قصائدها المليئة بالأسى والألم ولكن مع ذلك كانت تتأجج بفعل الحب والرغبة والشبق .

درست كريستينا الفن التشكيلى وخاصة بعد انضمامها لحركة ما قبل الرفئليين وقد اتخذها الرسامون كموديل فنى للتعبيرات الفنية التى تصاحب وجهها وقوامها.

لقد أثرت الحياة العاطفية على كتابات كريستنا فقد ارتطبت بالرجل مرتين ولكن رغبتها فى تكريس حياتها للدين وللخدمة فى الكنيسة عطل تطور علاقتها وقد كانت هذه الإحباطات فى العشق المادة الخصبة التى أشعلت قصائد الوجد والحب لديها. جمع أخيه مايكل وليم معظم أشعارها و نشرها ولكن فى عام 1980 جمعت كل أعمالها ونشرت فى ديوان ساهم فى قراءتها بشكل جاد وساهم فى إلقاء الضوء على شاعرات أخريات أنتمين لنفس الحركة والتى تؤكد قيمة الفن للفن بغض النظر عن القيمة السياسية لمقولاته فهى حركة ساهمت فى الارتقاء بالفن وطرح أسس جمالية راقية له. ولكن نعتبر شعر كريستينا روزنى ينتمى إلى شعر الاعتراف: ما هو معروف بالنسبة للشعر النسائى وتعتبر رائدته فى الفترة المعاصرة الشاعرة الأمريكية الراحلة سليفيا بلاث التى كتبت حياتها فى شعرها و نثرها و ماتت منتحرة عام 1963

 

 

 

 

مقالات من نفس القسم