على الناشف

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 29
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

مصطفى ذكري

تستدعي عِبَارة وتعليق الراوي عليها بضمير المتكلم في قصة تحمل عنوان كتاب ياسر عبد اللطيف "يونس في أحشاء الحوت"، كثيراً من المعاني الجمالية، لكن قبل الإشارة إلى تلك المعاني، أسرد سريعاً سياق العِبَارة والتعليق.

 يدخل الراوي مولاً عملاقاً في كندا. ومنذ اللحظة الأولى يصطدم الراوي بضخامة المول، وعَوْلَمَة الاستعراض، وقوائم الطعام العابرة للقارات. وعند لعبة افتراضية مكتوب عليها عِبَارة “غُص في الأعماق دون أن تبتل ملابسك”، يُعلق الراوي بقوله: هذه هي لعبتي، الغوص في الأعماق على الناشف. المفروض أن يلبس الراوي بدلة من السيليكون وخوذة، ويترك للتكنولوجيا إيهامه بغوص بحري في الأعماق. أعرف ياسر عبد اللطيف منذ ما يقرب من عقدين زمانيين، ولم أجد له قولاً ساخراً عن نفسه أقوى من: الغوص في الأعماق على الناشف. وعلى عكس عِبَارة هيراقليطس، بل هو دمار لعِبَارة هيراقليطس “أنت لا تنزل البحر مرتين”، ينفي ياسر نزول البحر وعدد مرَّاته.

يتجول الراوي على الناشف ببدلته في أعماق البحر الكبير إلا أن العَوْلَمَة مهما استعْرضَتْ ضخامتها، تبقى تلك الضخامة ليستْ بالقدر الكافي، على اعتبار أن خريطة للعَالَم، بجماليات بورخيس، إذا أرادتْ دهشتنا بحجمها، فعليها أن تكون بحجم العَالَم أولاً، ولهذا تبقى مُحاوَلات العَوْلَمَة الاستعراضية في فرد عضلاتها مُستَوْعَبَة في عقل الراوي.

تستدعي أيضاً عِبَارة ياسر وتعليقه، خطوات التحقيق على الناشف، في جريمة قتل، من قِبَل المصور الفوتوغرافي في فيلم “بلو أب” لأنطونيوني، كما تستدعي العِبَارة، معرفة خطوات التعذيب على الناشف إذا وُضع إنسان ما تحت الآلة الرهيبة التي وصفها كافكا بدم بارد في “مستعمرة العقاب”.   

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم