«حكاية أشباح»و «أرضُ الحَرَّات» ..  لخوسيه إميليو پاتشيكو

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 410
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ترجمة: أسماء جمال عبد الناصر 

أرضُ الحَرَّات[1]

بالأمس صفا الهواء بغتة

وبُعثَت الجبال.

لم نرها من قرونٍ. أمد بعيد

دون شيءٍ عدا إدراك

أنها هناك، تطوِّقنا.

الإستاكسيواتل[2] قافلة ثلجية.

والبوبوكاتبتيبيل[3] خاصتنا

قبة متجمدة

أو بوتقة من حمم بمغارة أحلام.

كانت هذه مدينة الجبال.

من كل الزاويا تُرى جبالها جليَّة.

إلى حد عدم انتباهنا لها

إلا فيما ندر
شعرنا بوجودها الحقيقي

حينما توارت خلف الستار الخانق:
رماد البحيرة الميتة،

ونفايات المصانع،

وسموم ملايين المركبات المتلاحقة،

وقذارات ملايين الانبعاثات.

مرات معدودات

يُتاح تأمل أخوسكو[4] الأزرق العظيم

مهيمنًا على الوادي لا يزال
لكنه يذوي

بين تقسيم الأراضي وقطع الأشجار،
والأسوأ إبادتها بإضرام الحرائق.

خِلناه منيعًا لوقتٍ طويلٍ

والآن نتعرف على ما فعلته  قدراتنا التدميرية.

حينما تُعدم الأشجار،

حينما يستحيل كل شيءٍ إسفلتًا

وأسفكيا خانقة
أو أرضًا للحَرَّات،

قاحلة وحجرية بلا حياة،

ستعود هذه المدينة لعهدها: عاصمة الموت.

في تلك اللحظة ستُبعَث البراكين.

ويتدلى من علِ موكب الحمم.

الهواء الخامل سيكسوه الرماد.

وبحر اللهب سيغسل الخزي

وبعد قليل يستحيل حجرًا.

و ستنتأ نبتة في قلب الصخر.

وحين تزهر تستطيع حياة جديدة

أن تبدأ في صحراء الموت.

هناك
سيظلوا قاهرين أبدًا

نجومًا للغضب، شموسًا للحمم

آلهة غير مبالية

مراكز -بصمت مهيب- لكل شيءٍ،

محاور للعالم:
تلك البراكين المُرعِبَة.

…………………………………………………………………………………….

حكاية أشباح

 

بالأمس رأيتها. لن تصدقوني.

بالأمس قابلتها في الحديقة

حيث اعتدنا التمشية في عشريناتنا.

هي كما عَهدتها.

على كُلٍّ حلَّاها الموت: أعاد شبابها، فرجعت مراهقة.

لم تعد في الثانية والعشرين

بل بالكاد في الثامنة عشر.

من سيحل اللغز

لتلك الأرقام والسنين،

سنوات موتها تفوق عمرها.

ولكن كيف تنير الجُرمين

وهي نجمة الفجر والشفق

صبية أبدية،

ظلٌّ لن يعود مطلقًا لدُجاه.

رأيتها من بعيد وكعادتي

لم أستطع كبح اندفاعي

دنوت منها لأراها من جديد، لمناجاتها:

“لا تدرين كم استوحشكِ.

لم أتحمل فقدك.

لم أنساكِ”.

فتحت فمي. لم أستطع التفوه بكلمة.

جمدتني نظرتها

حدثتني بلا كلمات:

كيف تجرؤ يا سيد؟”

ألا تنظر في المرآة؟

ألا تنتبه للمواقيت؟

ألا تأخذ في الاعتبار

فرق أعمارنا؟”

وبذلك صرت أنا،

من لا يزل على قيد الحياة،

الشبح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مترجمة وشاعرة مصرية 
 خوسيه إميليو پاتشيكو (1939 – 2014):
شاعر وكاتب ومترجم وناقد مكسيكي ينتمي لجيل 1968. أحد الشخصيات الفاعلة في المشهد الثقافي المكسيكي من منتصف القرن العشرين. حصل على العديد من الجوائز الأدبية المحلية والدولية، ودرّس في جامعات المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة.

1. أرض الحرّات: أرضٌ قاحلة، كَنود؛ بلا ماء أو نبات: وعادة ما تكون مغطاة بالحمم البركانية (قاموس التعبيرات المكسيكية ل: فرانسيسكو خ. سانتاماريّا).

2.بركان نشط في وسط المكسيك وهو ثالث أعلى القمم الجبلية بالمكسيك 

3.بركان نشط يتصل بإستاكسيواتل عن طريق ممر جبلي يسمي الباسو دى كورتيس.

4. جبل يشكل الكتلة الجبلية التي تحد أقصى الجنوب الغربي لمكسيكوسيتي

 

مقالات من نفس القسم