حكايات بدوية تدخل بيوت كل الناس

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ياسمين مجدي

نعرف أسرار الحياة عند الاستماع إلى حكايات من جاءوا قبلنا. يمكن أن نتعلم منها كيف نقرأ خطوات الآخرين، نعرف ما هو شكل خطوة الأعمى، وما هي خطوة الأهوج، وهل الملك فعلاَ من سلالة ملكية، أم أنه من نسب آخر. هذه أحد الدروس التي نأخذها من بعض الحكايات البدوية. 

في كتاب محمود أبو عيشة “بيت كل الناس” الصادر مؤخرا عن المركز القومي لثقافة الطفل، يقدم لنا بعض الحكايات التراثية ذات الحكمة. الحكاية الأولى عن فصاحة البدو وذكاء الفلاح. والقصة الثانية عن الأخوة الذين يكتشفون أسرار الحياة بموهبتهم. أما القصة الثالثة فعن رجل غني يكتشف قيمة العطاء.

حماية التراث

“رسم تعلب السعدى الغضبَ على وجهه، وشخط في ولده ماء السماء: – وما الثلاثةُ التى يُقال فيها لا ؟ قال ماء السماء: – تحكمُ فى مالك ومال غيرك لا، وتحكم على طبعك وطبع غيرك لا، وتربى ابن ابنك وابن بنتك لا”. هذه إحدى الحوارات البدوية في الحكاية، التي تدور حول الفطنة.

 ربما يعرف بعضنا شيئا من هذه الحكايات، لكن وجودها في كتاب يحولها من مجرد رواية شفاهية إلى حكاية موثقة . بالإضافة إلى أن الكاتب محمود أبو عيشة لا يقدمها كما هي، فهو ليس راويًا ناقلاً، إنما يضيف ويعدل فيها. فيستعمل قصص التراث لتسجيلها وإعادة حكيها للأولاد، وهو بذلك يحفظ التراث، ويقدم الحكمة للأطفال. ويقوم أيضًا بهضم الحكاية والخروج بتفاصيل قصصية أخرى، فمثلاً في الحكاية التراثية الحقيقية أرسل الزوج إلى أهل زوجته أسئلة، وأجاب أهل الزوجة عن الأسئلة إجابات خاطئة، وكان ابنها يتوقع ذلك فخرج إليها ليقابلها بالإجابات قبل أن تدخل إلى القبيلة. أما في حكاية محمود أبو عيشة فقد أرسل والد الزوجة الإجابات معها محمَّلة فوق الجمل لأنه ظن أنها ليست أسئلة، إنما هي تلمِّح له بأنها في ضائقة مالية. أيضًا تقول الحكاية التراثية الأشهر أن الأب غضب من الابن لأنه ساعد أمه فسأله المزيد من الأسئلة لكي يمنحه العفو عما فعل. أما في حكاية أبو عيشة فإن الأب دفع الابن إلى مغامرة كبيرة لكي يعفو عنه.

أيضًا يقوم المؤلف بتعديل بعض التفاصيل في القصص، لتبدو أنسب لوجدان الطفل، فلا يقول أن الملك ابن حرام كما جاء في القصة الأصلية..إنما يقول إنه تربي يتيمًا في بيت الملك.

المعلومة

برز عالم البدو، فاهتمت الحكايات بقصص البدو وبعض ما روي عنهم وعن علاقاتهم بالفلاحين والإعراب، عكست هذه الحكايات اعتزاز البدو بأنفسهم. كما عكس الكتاب الجوانب الدينية في بعض القصص، لتعبر ذلك عن أهمية الثقافة الدينية في الحكايات والثقافة الشعبية.

اختار الكتاب أيضا حكايات عن الباحثين عن جوهر الأشياء. فالأب يبحث عن جوهر ابنه القوي، والأولاد يبحثون عن الحكمة في وصية أبيهم وهم ينفذونها، والغني يبحث عن الشيء الحقيقي الذي ينفعه في آخرته.

المتابع لعمل محمود أبو عيشه سيجد أنه يقدم نصوصًا مليئة بالمعلومات المفيدة والمكثفة للأطفال. وأعماله تعتمد على معلومات وليس على الحكاية وحدها. والسبب ربما في انحياز المؤلف محمود أبو عيشة للمعلومات، هو أنه محرر ومترجم في قناة النيل للمعلومات.

يؤخذ على المؤلف أنه لم يكتب على الغلاف أنها قصص تراثية أو من التراث. لأنها ليست قصصًا من خيال الكاتب وحده، إنما مأخوذة من التراث الإنساني.

 

عن الكتاب

اسم الكتاب: بيت كل الناس

 اسم المؤلف: محمود أبو عيشة

رسوم: محسن عبد الحفيظ

 سنة النشر: 2018

مقالات من نفس القسم