تناغم (14)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

نخطئ كثيرا حين يسود بيننا الإعتقاد  بأن التعليم ينحصر فقط في المؤسسة التعليمية (المدرسة – الجامعة)  وهو ما يعني أمرين:

أولهما: إذا كان دفتر أحوال التعليم المصري (راجع المقالات السابقة) على الصورة الراهنة فإن القول بوجود تعليم في مصر لهو ضرب من المستحيل.

ثانيهما: إغفال دور مؤسسات أخرى لاتقل أهمية عن المؤسسات التعليمية أو هى بالأساس توسيع للمؤسسة التعليمية وفي مقدمتها المؤسسة الإعلامية لما  لوسائلها العصرية من التأثير الأقوى دون منافس  (راجع الفارق الكبير بين تأثير التلفزيون مثلا وتأثير المدرسة أو تاثير مسلسل تلفزيوني وتأثير حصة دراسية) ففي العصر الحديث انفتح مجال التعلم ليجعل من الحياة اليومية بكل أنشطتها مجالا للتعلم، فالمؤسسة التعليمية تضع القوانين المنظمة للعملية التعليمية وتأتي المؤسسة الإعلامية لتكون تطبيقا فاعلا لهذه القوانين ومن المنطقي أن القاعدة اللغوية التي تعلمها الطفل في المدرسة تجد تطبيقا صحيحا لها على لسان المذيع، (راجع أحوال ضياع اللغة العربية على ألسنة الأطفال ومن قبلهم على ألسنة المتعلمين والمعلمين بالأساس وراجع علاقة كثير من المذيعين باللغة العربية).

وكما أن المؤسسة الإعلامية شريك في تطوير التعليم ورقيه عبر عدة عوامل فإنها شريك أساسي الآن في تدهور التعليم مرة بكونها عامل جذب وإلهاء بما تمتلك من قدرات تشويقية ومرة بكونها فقدت المؤسسة الإعلامية القدرة على القيام بدورها حين تراجعت عن تطوير أدائها ولم تستثمر إمكانياتها العصرية في تقديم منتج تعليمي كما استثمرت الإمكانيات نفسها في تقديم منتج ترفيهي لم يرق في كثير من الأحيان إلى مستوى تقديم رسالة فكرية تخاطب العقل ولا تكتفي بمخاطبة الحواس.

إن دور المؤسسة الإعلامية يقوم على عمادين أساسيين:تقديم مادة تعليمية بشكل مباشر والتطبيق على المادة التعليمية، تتجلى الأولى فيما تقدمه القنوات المختلفة من برامج تعليمية تقوم بالأساس على الاختلاف في الطريقة  المدرسية  فالطالب الذي يترك مدرسا تقليديا في المدرسة يعود ليجد مدرسا تقليديا آخر في القناة التعليمية (ولا يغرنكم أن الثاني يضع أمامه جهاز كمبيوتر) فقد هبط مستوى الأداء بمدرس التفزيون كما هبط مستوى مدرس الفصل ولم تجهد القنوات التعليمية نفسها في التوصل إلى المدرس الأكفأ وإنما اعتمدت الطريقة المصرية في الاختيار تلك الطريقة القائمة على مبدأ أهل الثقة أو منفعة ذوي القربى أو أبناء القبيلة، وإلا كيف تفسر وجود مدرس لغة عربية لا يجيد قراءة الشعر ولا يحسن تقديم نص أدبي ولا تستبين طريقة قويمة لنطقه ولا تتبين له أسلوبا مميزا في تقديم دروسه (تصادف في إحدى المرات أن تابعت درسين أولهما لمدرس أحياء كانت لغته العربية من أجمل مايمكن، وثانيهما لمدرس لغة عربية بدا واضحا أنه ابن المؤسسة التلقينية بكل مساوئها حيث تحولت اللغة العربية على لسانه إلى لغة صينية)، وفي الجانب الآخر، أعني التطبيق على المادة التعليمية بشكل غير مباشر يتجلى فيما تقدمه بقية البرامج التي تعد بمثابة النموذج التطبيقي على قوانين العلم ومبادئه فالمذيع والضيوف والمادة الدرامية وغيرها تجسيد للعملية التعليمية، ومن المنطقي أن تجد مذيعا مثقفا يجيد استخدام لغته العربية على سبيل المثال ولكن من غير المنطقي أن يكون المذيع وضيوفه أبعد مايكونون عن حتمية التعلم في أبسط قواعدها وفي ظل تقدم المنظومة الإعلامية العالمية اعتمد العالم المتحضر منظومة تستثمر كل الطاقات التعليمية فلغة المذيع تطبيق واضح ونتاج جاد لتعليم يخرج أكفاء ولا يقدم للمجتمع مجرد أفراد تضعهم قوانين الوساطة (وما أدراك مافعلته الوساطة والكوسة في المجتمع المصري على مر التاريخ ؟) تضعهم في أماكن لا يحسنون أبسط مبادئ العمل فيها ولا يملكون أبسط قواعد العمل على تطويرها .

 

وللحديث بقايا

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)