تناغم  (12)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

فيما تتنافس جامعات العالم لإثبات حقيقة أن الجامعة دائما تسبق المجتمع بخطوة تصر جامعاتنا على البقاء خلف المجتمع بخطوات دون محاولات للتقدم والحفاظ على مكانتها التقليدية، وهو ما يتجلى في إصرار جامعاتنا على العمل بلوائح لم تعد صالحة للحظة تاريخية  يغير العالم فيها من جلده القديم  مستشرفا عصرا يعد بكل جديد، ومن أظهر هذه اللوائح نظام تكليف المعيدين الذي يمثل واحدا من أكثر الأنظمة المتسببة في تراجع مستوى الجامعات المصرية، علينا الاعتراف أولا أن معيد اليوم ليس كمعيد الأمس وأن جيل أساتذتنا الكبار الذين تلقوا قدرا من التعليم في ظروف مختلفة كان من الصعب أن تجد بينهم من يعجز عن المنافسة خلافا لأجيال اليوم التي يصعب أن تجد من بينها إلاالقليل ممن يمتلك استعدادا للبحث العلمي أو الإفادة من مكتسبات العصر.

الفارق الأساسي بين الجيلين أن السابق تعلم يوم كان في مصر تعليم، وكانت  القراءة لديه قانون حياة  في مقابل جيل تعلم على الطريقة المصرية فلم يعرف من وسائل التعلم سوى التلقين والحفظ  فحفظ مقررات ودخل الامتحان ليفرغ رأسه في ورقة الإجابة وخرج خالي الوفاض، جيل لم ينشغل بالعالم خارج الكتاب المقرر فانحصر وعيه في حدود مايحفظ لا حدود مايجب أن يفهم، فمن يحفظ ينحصر عقله بين غلافي كتاب ومن يفهم ينفتح عقله على آفاق العالم غير المحدود، وأن تحفظ كتابا فإنك تزيد عدد نسخ الكتاب ولكن أن تفهم فكرة تزيد من عدد سنوات عمر البشرية، فهل يعقل أن باحثا يتخصص في الرواية  لم يقرأ رواية واحدة في حياته فتكون أول رواية يقرأها هي الروايات التي سيعمل عليها في رسالته وليس لديه الحد الأدنى من المعرفة بالرواية العالمية والعربية؟(بالمناسبة الأمر نفسه ينسحب على عدد من الأساتذة من جيلي تحديدا يتخصصون في الرواية ولا يعرفون من الرواية ولا عنها خارج الروايات التي كانت موضوع رسائلهم )، وهل يعقل أن باحثا تخصص في دراسة المسرح لم يحضر عرضا مسرحيا في حياته وليس لديه أدنى معرفة عن الحركة المسرحية في بلده ولا أقول في العالم؟، وهل من المنطقي أن تكون معرفة متخصص في الشعر واقفة عند أحمد شوقي؟، إنها صورة واقعية تكشف عن  تقصير واضح في إمتلاك أساسيات العلم تفضي إلى إنتاج بحوث علمية لا تحقق الحد الأدنى من مقدرات العلم، بحوث تقف عند حد الشهادات ولا تتجاوز كونها تذكرة عبور إلى مرحلة تالية، وفيما يعتبر بعض الأساتذة أن تقدير الباحث من تقدير المشرف حصلت هذه الأبحاث على تقديرات مرتفعة كان لها تاثيرها الكارثي على البحث العلمي،  فالباحث ضعيف المستوى الذي حصل على ماجستير بتقدير ممتاز يصدق نفسه وتخدعه قدراته فيعتقد أنه العالم العلامة والبحر الفهامة ويروح يبحث عن مزيد من الشهادات دون أن يضيف لتخصصه كلمة واحدة أو قل بحثا واحدا يكشف عن قدرات باحث لا قدرات جامع شهادات.

والنتيجة لدينا أبحاث ضعيفة المستوى لا تكشف عن مجهود علمي بذله فيها أصحابها، ولدينا أبحاث مكررة (راجع ببليوجرافيا الدكتور أبو المجد لتكتشف رسائل مكررة العنوان حرفيا دون محاولة تناول الموضوع نفسه من زاوية مغايرة )ولدينا عشرات الأبحاث المسروقة تتداول المحاكم بعض تفاصيلها، ولدينا نقص في قوانين الأمانة العلمية فهناك تقارير لأساتذة كبار حول سرقات علمية لم يحقق فيها أحد وإنما حصل السارق على درجة علمية بأبحاث ثبت سرقتها  ولدينا باحثون لايملكون قدرا كافيا من أدوات البحث ودرجات علمية ليست معيارا صادقا للوفاء بالصورة الحقيقية لمستوى البحث العلمى وهو ما يمثل وجها آخر من المأساة، مأساة جامعات فضلت البقاء في ظلام لوائحها العقيمة فضلت الطريق.

وللحديث بقايا

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)