تناغم  (11)

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

سنويا تنتج الجامعات المصرية أبحاثا ودراسات متعددة في كافة مجالات البحث العلمي، وهي جهود تمثل خط إنتاج طبيعي للجامعة وحلقة وصل تربط الجامعة بالمجتمع الخارجي ولكنها أبحاث تنتج لتأخذ طريقها إلى دهاليز المكتبات الجامعية المنغلقة على الطلاب والباحثين مما يعني أنها لا تتجه للنور وإنما تتجه إلى الظلام ولا تأخذ طريقها الطبيعي لمجتمع هو في أشد الحاجة إليها ومن المنطقي أنها منتجة لمجتمع يكون بمثابة المتلقي الطبيعي لها (لا يفوتنا أنها أنتجت من رصيد الشعب ومن أموال دافعي الضرائب)

يشبه الأمر مصنعا ينتج كميات هائلة من المنتجات ولكنها منتجات لا تخضع للتسويق فتتعرض للتلف دون الإفادة منها ويظل المجتمع في انتظار مبادرة من شأنها أن تمده بما يتطلبه التحضر وتفرضه شروط المدنية والتقدم، وقد أدركت الدول المتقدمة أهمية ذلك فتبنت المؤسسات الكبرى دعم البحث العلمي وتمويل الأبحاث في مجالات الحياة المختلفة، وفي مجال العلوم الإنسانية مثلا هناك الكثير من الأبحاث في مجال العلوم الإجتماعية توقفت عند دراسة حالات اجتماعية تعالج قضايا في التربية والإصلاح الإجتماعي ولكنها تلقى المصير نفسه.

وبعيدا عن أن عددا كبيرا من الأبحاث – في مجال النقد والأدب خاصة – ضعيفة المستوى (سأعود إلى هذه النقطة في المقالة القادمة ) فإن أبحاثا – بالتأكيد – لها قيمتها يتوفر عليها باحثون من طراز خاص، حتى تحولت الجملة التي تزين قرار منح باحث الدكتوراه الدرجة العلمية : “مع التوصية بالطبع والتبادل ” تحولت إلى مجرد عبارة يفخر بها الباحث ولا تعترف بها الجامعات لذا لا ياخذك العجب إذا سمعت أن أحد رؤساء الجامعات قدم توصية شفوية بعدم إدراج العبارة في قرار اللجنة حتى لا تتسبب في إحراج الجامعة التي لا تطبع ولا تبادل ولا تنتوي ذلك).

إن فجوة كبرى تقع بين الجامعة والمجتمع الخارجي المحيط، فالجامعة تستمد تمويلها من مجتمع لا ترد إليه أحد أهم حقوقه (منتجه/ ها العلمي ) وهو مادفع جامعات عالمية وعربية إلى إنشاء مايسمى بمجلس النشر العلمي الذي يعمل على نشر الأبحاث العلمية وتقديمها للمجتمع المحيط، من منا لا يعرف؟:  حوليات كلية الآداب أو المجلة العربية للعلوم الإنسانية أو مجلة الطفولة العربية أو مجلة الحقوق أو مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية أو المجلة التربوية أو مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية أو مجلة العلوم الإجتماعية وكلها وغيرها صادرة عن مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت وهي التجربة التي عممتها جامعات عربية أخرى لم تكتف بما هو متاح لها من إمكانيات للنشر الورقي فأتاحت رسائلها العلمية الماجستير والدكتوراه خاصة ) على مواقعها على الشبكة العنكبوتية ومنها : معظم جامعات الجزائر-  جامعة النجاح الوطنية في فلسطين – جامعة مولانا مالك إبراهيم في أندونيسيا (تنشر على موقعها 433 بحثا ورسالة بالعربية عن الأدب العربي )، وجميعها جامعات نجحت فيما لم تفكر فيه جامعاتنا التي ماتزال تمارس نوعا من التعتيم على منجزها العلمي متناسية ما تفرضه طبيعة اللحظة التاريخية التي تمر بها البشرية.

قبيل قيام الثورة تقدمت بمقترح مشروع للنشر العلمي إلى  رئيس جامعة الفيوم السابق الدكتور أحمد الجوهري وقد تحمس للمشروع ووصلني منه ما يفيد بموافقته المبدئية على المشروع خاصة وأن الجامعة تمتلك مطبعة قادرة على تنفيذ المشروع دون الحاجة للتعامل مع مطابع خارج الجامعة ولكن قيام الثورة وانتهاء فترة الدكتور الجوهري للجامعة أدى إلى توقف المشروع وبقائه فكرة قابلة للتنفيذ شريطة أن تجد من يؤمن بأن الجامعة لا يتوقف دورها عند حشو عقول طلابها بمعلومات ليست كافية في طرائقها ولا مضمونها لتعدهم لواقع مغاير لم يعد يقبل الطرائق القديمة لإعداد الأجيال القادمة وحتى نتوقف عن التشدق بسيل من العبارات الفاقدة لمضمونها عن منجزات مزعومة لجامعاتنا.

وللحديث بقايا

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)