بي دي إف| “تلاوة من كتاب السامري” للشاعر محمد مجدي

بي دي إف| "تلاوة من كتاب السامري" للشاعر محمد مجدي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

الحقيقة أني في ورطة، أعترف أني من وضع نفسي فيها مختارًا، ولكني أجد أني متورط كل مرة، ولا قِبل لي إلا الانصياع التام، لـ فكرة "تقديم" الكتاب .. طلبت من أصدقائي في الموقع مرارًا أن أضع الكتاب هـ كذا .. يقرؤه الناس، فقالوا لي يجب أن تقدمه، وتقديم الشعر عندي من أصعب الأمور، ليس فقط لأني أراني عاجزًا عن الكتابة أصلاً في حضرته، ولكن لأني أجد أن على القارئ أن يغوص في الديوان مباشرة بلا حواجز ولا مقدمات ..

بين يديكم اليوم (تلاوة في كتاب السامري) .. ربما بدا ديواناً كغيره، يصدر من سلسلة “كتابة” في الهيئة العامة لقصور الثقافة، فيلحظه الناس ويشد آذانهم عنوانه مثلاً، فيقرؤه، أو يذهب كإخوته أدراج الرياح وأرفف المكتبات، فلا يسمع به أو بصاحبه أحد، ولكن (إذا أراد الله نشر فضيلةٍ طويت) أتـاح لها في زمننا هذا لسان “الرقباء” أثيرت زوبعة لم تلبث أن هدأت ونفتها الوزراة سريعًا، بأن (تلاوة في كتاب السامري) ديوانٌ فيه إساءة لله جل وعلا! هكذا مرة واحدة، وعلى أثر تلك الشائعة اختفى الديوان بعد ظهوره بأيام، ولكن يبدو أن المسؤولين تداركوا الأمر، وإن بعد أوان التوزيع، فغدا مرصوصًا في المكتبات ..

وكأن هذه الحادثة كانت فقط لكي تنبهني وغيري إلى الديوان وصاحبه، حيث لم يحالفني الحظ بمعرفته من قبل، ووسط طوفان شعر العامية الذي غرقنا فيه منذ بدأت الثورة، يكون من الصعب ـ فعلاً ـ أن يثق القارئ في ديوان شعر، ولكن تشاء الأقدار أن يقع الجديوان بين يديّ فأكتشف شعر العامية، الذي أحببته طويلاً .. وأكتشف شاعرًا قديرًا هذا ديوانه الثاني، سبقه قبله ديوان (أعمى بيوزع بصيرة) وكلا الديوانين يؤكدا امتلاك الشاعر ليس للموهبة فحسب، بل والمشروع والرؤية التي تجعله يكتب ديوانًا أراه محكمًا مثل (تلاوة في كتاب السامري)، بل ويشرع في كتابة مشاريع شعرية أخرى أنتظرها بشغف.

حينما تطلع على الديوان ستدرك فورًا لماذا تم اتهامه بالإساءة، ذلك أن الشاعر يتناول آدم، والجنة، والله، بشكل مباشر، وهذا ما يربك أي قراءة سطحية للنص، في حين أن الديوان يتحدث عن مأساة الشاعر/الإنسان الأزلية، حتى وإن ارتبط قوى عليا، وإن فرض عليه أن يأكل “التفاحة” ..

الحبل .. تفاحة الوصول للمعرفة/ والإعتصام بالدهشة .. تقدير السقوط/  من جنة الفردوس
برغم ان الحياة أفضل معانى النص/ كل الناس تروح للسيرك/ بس عشان تشوف لحظة سقوط آدم هناك/ لكننا بغض العَمى عن كل شىء/ لحظة عبوره ع الصراط/ بنحيّي فيه العجز عن موته/ ويفقد قلبنا اللذة / الوجع/ يا منتهى الأحساس

……..

لي هذا فحسب، بل يتجاوز الأمر إلى التناص مع القرآن:

( ن ) .. والقلم/ لو كان مداد الشعر من دمى/ لن ترتوى منى الحروف

( ق ) .. الحقيقة المتعبة/ خلق القصيدة أوليا للتابعين / لا يمتلكها

الا بعض المُتعبين

والحديث عن إبليس في فصل (القصص) الذي يقدمه بآية (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)

 وفيها لم يكتب “محمد مجدي” المجد للشيطان كما قال أمل دنقل، ولكن يتبنى وجهة نظر إبليس متقمصًا شخصيته، مسائلاً آدم (ابن التراب)

يا ابن التراب../ /ساكت وبتفكر فى إيه ؟/ نفسى احتويك../ واعرف ملامح قوِّتك

واكسر فى ذاتى كل نبتات الذهول/ يا ربنا..

أَسْجُد ؟ وافرَّغ جبهتى م الكبر/ أنضم للنور اللى فارد جبهته ع الكون سجود

يمكن كمال الصوره../ فى سجودهم إليه/  لكن ما بينى وبينه فى الأصل اختلاف

من طين وانا من نار

…..

هنا استعادة للقصص القرآنية المعروفة، وقراءة جديدة مختلفة لها، تذكرني بمقابلة أيضًا مع ابن نوح (لأمل دنقل)، وربما تتجاوزه، اقرؤوا رؤيته “لأهل الكهف” مثلاً وطريقة تناولها، قصة يوسف، موسى وفرعون، وغيرها ..

 هنا رؤية مختلفة للعالم تتشكَّل بشاعرية مقتدرة وعناية ..

هذا ديوانٌ لايمكن قراءته ـ في ظني ـ ببساطة، هذا ديوانٌ يحتاج أن يقرأ بتأمل ..

هزى اليك بجزع “/ يمكن ينتبه نخلك / ويمنح للتراب شهد الرطب

كل البلح شبهى / بيعشق للسقوط الحر حتى لو نزف/  والأرض تحتك شاربة منّا الدم

طينها لم يعد يطرح / عيدان القمح/ قوت للشقيانين

هل يمكن تفويت متعة كهذه بتقديمها؟؟  اقرؤوا الديوان ..

 واستمتعوا

 

لتحميل الديوان، اضغط هنا

 

مقالات من نفس القسم