الكفـالــة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

"الحركة خير للمتهم من السكون, لأن من يلتزم السكون قد يكون, دون علم منه, جالسا فى كفة ميزان وضعت فى كفته الأخرى ذنوبه." المحاكمة- فرانز كافكا 

 

 

-1-

  شعر بسعادة بالغة وهو يشق طريق عودته إلى منزله الصغير المنزوى بعدما أتم رحلته إلى مبنى وزارة الشئون الاجتماعية المتخم بأشخاص متجهمين يشبهونه, وتصاعدت على وجهه ابتسامة بريئة, شقت طريقها بصعوبة بين ملامح وجهه المتجمد, يحمل بين يديه الغارقتين بعرقهما تلك الورقة الحكومية التى سعى أسابيع للحصول عليها. اعتاد أن يكرر المشوار نفسه بشكل يومى على مر تلك الأسابيع, مابين أختام ودمغات وأوراق حكومية وإمضاءات وموظف متغيب وأخرى منشغلة ونفوس معبأة بجمود, شحوب وموت دفين. كان ناتج رحلاته المتتالية تلك الورقة التى لا يعلم أهميتها بالضبط, إلا أنها تبدو على قدر من الأهمية. طالما أحب أن ينسق حياته ورقيا, كل خطوة يخطوها يصحبها ختم حكومى, وكل نفس يتنفسه مدموغ ومُسجل, يصور من كل ورقة عشرات النسخ, ويراكمها بملف أزرق اللون قابع على الكومودينو المجاور لسرير نومه. دائما ما تنتابه تلك السعادة غير المبررة, حتى له, عندما ينجز مهمته ويأتى بالورقة المطلوبة مزينة بالنسر الحكومى الأزرق الباهت. ولا يكون مصيرها إلا الملف الملقى على الكوميدينو أسفل المنبه العتيق تحت دقات عقاربه المتلاحقة.

  كاد اليوم يمر بوتيرته العادية المكررة, فبعدما أنهى إجراءات الورقة المتعثرة, وتحصل عليها, اتجه إلى مكتبة تصوير المستندات المواجهة لمبنى الوزارة, صور من الورقة عشر نسخ, وضعهم جميعا فى ظرف بريدى محكم بينما أمسك بأصل الورقة متأملا, مطمئنا إلى أن التوقيعات والأختام مكتملة, فردها حتى لا تتعرض لأى كرمشة أو اهتراء, قبل أن يضمها إلى الظرف هى الأخرى. إلا أن يدا خشنة ومتينة لم تمهله, وقعت على كتفه, كسرت روتينية اليوم الحار, التفت مفزوعا ليجد خلفه رجلا ضخما يرتدى قميصا أسود مفتوح الأزرار حتى منتصف صدره, ومالبث أن أبلغه بصوت رقيق لا يتناسب وهيئته أن لديه أمرا بالقبض عليه. لم يعط الضخم عارى الصدر فرصة للرجل فى الدفاع عن نفسه, كومه ووضعه بحركة سريعة متقنة داخل سيارة ضخمة سوداء, تماما كما يحدث بالأفلام الأمريكية.

 

-2-

   جلس أمام المحقق بعدما سُحب إليه معصوب العينين, وقف الضخم عارى الصدر وراءه صامتا بأدب وذوق جمين حتى أنه لم يسمع له نفسا, أو هكذا تخيل. وقال المحقق بصوت متحشرج: يوسف ك؟ أليس كذلك؟

أجابه مرتبكا: نعم يا سيدى… أنا يوسف ك.

       هل لديك علم بسبب وجودك هنا؟؟

بدا صوته هذه المرة أكثر حشرجة حتى ظن (ك) أنه حتما يبتلع شيئا ما, أو قد يكون انحشر بحلقه, لكن عصابة عينه منعته من التأكد من خيالاته.

  لا يا سيدى, أنا لا أعلم سبب وجودى وأظن أن خطأ ما أتى بى إلى هنا, فأنا لم أرتكب أى جرم بكل تأكيد. فى الواقع أنا لم أذهب إلى أى مكان منذ أسبوعين إلا وزارة الشئون الاجتماعية لأستخرج بعض الأوراق, أظنك قد تجدها مع من قبض علىّ من الحراس( والتفت خلفه ظنا منه أن الحارس يقف بمكان ما خلفه.)

       إن هذا يصب فى خانة اتهامك يا سيد ك.

       أنا لا أفهم… ما تهمتى بالضبط؟؟ أنا لم أؤذ أحدا من قبل.

  وهل تظن أن هذا وحده يجعلك بريئا؟؟ فقد تسكت عن ظلم تراه بعينيك مثلا, أو أذى تعرض له غيرك, قد تؤذى نفسك أيضا, أو قد لا تؤذى ولكنك كذلك لا تفيد, كلها تهم قد تدينك.

لقد رصدت المحكمة تحركاتك لسنين واكتشفنا أنك أضعت ما يوازى ربع أيام عمرك بالسنين الخمسة الأخيرة فى قضاء مشاوير وأعمال حكومية, بخلاف ساعات نومك وطعامك وقضائك لحاجتك, الأمر الذى دفع المحكمة لاستجوابك بشأن إهدارك لأيام حياتك بهذا الشكل المفرط.

       لم أعلم قط بوجود تهمة من هذا النوع!!

  هذا من قصور علمك, فنحن نحاكم كل من يُسيئ استخدام وقته, علمه, عمره, صحته, ماله. نحن نقتدى بالنموذج الإلهى بالعدالة… تلك هى مهمة أساسية لدينا.

       هل لى أن آتى بمحام؟؟؟

  لك أن تفعل, ولكنه سيكلفك الكثير دونما جدوى… نحن نملك أدلة واضحة وكافية, تعقبناك سنوات, أنت وغيرك, كما أنك اعترفت فعلا بإضاعة أسبوعين كاملين لإنجاز ورقة واحدة!!

       عليكم أن تحاكموا الموظفين البيروقراطيين… هم المسئولون عن تلك العطلة, أنا مجرد ضحية لهم.

  لسنا بصدد مناقشة قرارات محكمتنا, فهذا ممنوع لو تعلم. ثم إننا غير مضطرين لإخبارك بإجراءاتنا ضد أولئك أو هؤلاء… إنها سرية التحقيق.

       إذن فدفاعى عن نفسى لا جدوى منه, والحكم قد تم تجهيزه مسبقا؟؟

سمع صوتا لرشفة طويلة تبعتها حشرجة مفاجئة ثم قال: غير حقيقى يا هذا, فلقد أعطيناك فرصة لسنين كى تنقذ نفسك, ولكنك لم تفعل, والآن حان وقت محاكمتك… ولأننا نسعى إلى راحة المتهمين فسنعرض عليك حكمين, اثنين, وعليك أن تختار منهما ما يناسبك, ألسنا عادلين؟؟؟

       لم أسمع بتلك الطريقة بالحكم من قبل, ولكنه يبدو عرضا سخيا.

       هذا حقيقى, سخى جدا.

       إذن ما هى اختياراتى تلك؟؟؟

       إما السجن لمدة عامين كاملين, تخرج بعدهما حرا طليقا.

       عامين؟؟ هل تعاقبوننى على إهدارى الوقت بمزيد من إهداره؟!

       لقد سبق وحذرتك من التعقيب على قرارات المحكمة.

       آسف, وما هو اختيارى الآخر؟

       إما أن تدفع كفالة ألف جنيه للخروج.

       دعنى أخرج من هنا ليومين فقط وسآتيك بالكفالة المطلوبة.

       ولكن للكفالة شروط.

       ما هى؟

       الكفالة ألف جنيه الآن… أما بعد يومين فستكون ثلاثة آلاف, فالكفالة تزداد يوميا وبشكل تدريجى, كلما تأخرت بدفعها كلما زادت قيمتها.

يهمهم (ك) بكلمتين غير مفهومتين ثم يضيف: إذن اتركنى ليومين وسآتى لك بالمبلغ. 

  الشرط الثانى, لن يسمح لك بالخروج من هنا إلا بعد دفع الرقم المطلوب بحينها.. عليك أن تبلغنا بأى ممن يحبونك, أصدقائك, عائلتك, وسنأتى بهم إليك لتتدبروا أمر الكفالة المطلوبة.  

       ولكننى لا أتمتع بعلاقات اجتماعية طيبة, خصوصا أثناء وجودى بالسجن, الجميع سيتنكر لى.

  لست بحاجة لإبلاغنا بتلك التفاهات, نحن نعلم عنك ما يكفى, ونعلم كيف أثر اهتمامك المفرط بالأوراق والأختام ومواقيت العمل وأضر بحياتك الشخصية, إن وجدت.

       وما العمل إذن, هذا تعجيز!!

       الاختيار لك… فمازال أمامك أن تختار السجن بدلا من الكفالة.

       ( يتردد قليلا) فلتتصل بأخى, قد يتدبر الأمر.

  الشرط الثالث, طالما اخترت طريقا فلا رجعة فيه, فإذا فشلت فى دفع الكفالة المطلوبة لمدة زادت عن السنتين, لا تطالب بالإفراج عنك بناء على الاختيار الأول. إذا فشلت لمدة زادت عن العامين, ستبقى هنا حتى تسدد كفالتك, حتى وإن آتاك الموت هنا.

       هذا ظلم بين!!

       إنها الحياة يا سيد (ك), ما الحياة إلا اختيارات, وعليك أن تتحمل مسئولية اختيارك إلى النهاية.

 

-3-

 المحقق: لقد مر الآن شهر على دخولك هنا, ولم يدبر أخوك الكفالة بعد!!

ك: كلما دبر مبلغا, زاد مبلغ الكفالة من جديد.

المحقق: إنه اتفاقنا منذ البداية.

ك: ولكن بتلك الوتيرة, لن أخرج من هنا أبدا!!

المحقق: أنا أيضا لا أخرج من هنا قط… الأمر ليس بهذا السوء.

ك: الحبس قاس, قاس جدا.

المحقق: إنك لم تكن تفعل الكثير بحياتك يا يوسف لتندم على فقدانه. حياة المحبس لا تختلف كثيرا عن نمط حياتك الروتينية, عمل يومى, لا تلقى شكرا ولا ترحيبا, لا قيمة حقيقية لعملك, ليس لديك أصدقاء أو أحباء… ليس لديك أبناء, حتى عشيقتك, هجرتها منذ شهور, أو بالأحرى هجرتك.

ك: أتقصد….

المحقق: فى الواقع, لقد قضيتُ بين جدران هذا المكان سنوات تفوق ما قضيته بخارجه, كان هذا بفرض من عملى, ولكن الوضع لم يكن ليختلف كثيرا عن الحياة حبيسا… الحبس ليس قاسيا بحد ذاته, ولكنه شعورك أنك محبوس. إذا أُطلق لك العنان, قد تختار بإرادتك محبسك كمأوى لك, وإن تعددت اختياراتك, ففى أغلب الأحيان لن تختار سوى هذا الاختيار الذى تحياه, ولكن تعدد الاختيارات يشعرك بحريتك المزيفة.

ك: بالرغم من أننى لا أراك بسبب عصابة عينى, إلا أننى أتخيلك تتقمص دور فيلسوف, تهيم أثناء حديثك, وتتأمل السقف بينما تتكلم.

المحقق: لا تطمع فى أن أخلع عنك عصابتك.

ك: أنا لا أفهم كلامك المتحذلق, ولا أريد أن أفهمه. أنا أريد أن أخرج من هنا وكفى, أنال حريتى, حتى ولو كانت مزيفة.

المحقق: الأمر بيد أخيك, أضغط عليه ليأتينا بالكفالة سريعا.

ك: إنه أحمق ومستهتر.

المحقق: إنه اختيارك.

ك: لم يكن أمامى أحد سواه, لم أكن بموقع الاختيار, لن يفعل شيئا كثيرا ليأتى بهذا المبلغ الكبير المستمر فى التضخم.

(صمت) هل لى أن أقدم اقتراحا؟؟؟

المحقق: هه؟؟

ك: هل تخرجنى من هنا لمدة يومين فقط, ولتحبس أخى بدلا منى إن أردت, وسآتيك بالكفالة كاملة؟؟

المحقق: (يضحك) لا يجوز يا (ك).

ك: إنه ارتكب العديد من الجرائم هو الآخر, ولن يظلم بحبسه ليومين.

المحقق: ليس لدىّ علم بها, ولم تبلغنى السلطات بما يخص أخاك.

ك: هل أبلغك وتتركنى لآتى بالكفالة؟؟

المحقق: لقد فقدت الاستمتاع بمجالستك… يا حارس, خذ هذا المجرم إلى زنزانته, لا أريد أن أراه مرة أخرى بهذا اليوم, إنه قذر وأنا أكره القذرين.

 

-4-

   لم ير (يوسف ك) المحقق قط بسبب عصابة العين السوداء. لم يُسمح له أن يخلعها إلا بداخل زنزانته الخرسانية, وكلما خرج منها- ولم يكن يخرج إلا لملاقاته- وضع العصابة على عينيه. اعتاد المحقق أن يبادله الحديث يوميا, تحولت طريقته تدريجيا من محقق حازم شديد إلى صديق بسيط, أحيانا كان يسترد شخصيته الأولى ويخشن صوته, فتتغير نبرته, وبالتأكيد شيئا ما يتغير بملامحه. لم يستطع يوسف التأكد أبدا أنه فعلا نفس الشخص, كثيرا ما شك أنهما شخصيتان يتبادلان المواقع… فبقاء المحقق داخل أسوار السجن طوال هذا الوقت كان مثيرا للاستغراب. هل يوجد بهذا المكان مساجين غيره؟؟؟ لم يسمع أى صوت منذ حضر إلى السجن إلا صوت المحقق, وصوت الدقة على باب الزنزانة, وصوت تزييقة الباب عند فتحه بعدها. لم يشم لهم رائحة, فبالتأكيد للمساجين الآخرين رائحة كريهة مثل رائحته. كما أن المحقق اعتاد أن يقضى معه وقتا طويلا, بالرغم من أن حديثهما صار مملا بعد يوم أو يومين, فحياته ليس بها الجديد, كما أن يوسف لا يملك ما يحكيه عن ماضيه إلا عن معاناته بالمشاوير الحكومية وما تعرض له من تعنت إدارى, حتى هجران حبيبته لم يكن فيه ما يصلح للحكى. ظن أن أى مجرم آخر بالسجن لابد وأن يكون حديثه أكثر متعة… إن وجد غيره من المحبوسين!!

  سمع يوسف الصوت اليومى المعتاد لدقة منتظمة منغمة على بابه الحديدى, فوضع عصابة عينيه التى اعتادها, وأجاب أنه جاهز, فانفتح الباب, تلقفته يد سميكة قوية وقادته إلى المقعد المواجه لمقعد المحقق, ليبدأ جلستهما اليومية بملل يزداد يوما بعد آخر.

-5-

   بدا أن المحقق يرتدى اليوم ثوبه الحالك, نبرة صوته كانت نبرة صوت (المحقق) وليس (الصديق), جمله إخباريه, وأسلوبه تقريرى, لا يحمل بين نبراته أى أحاسيس أو مشاعر إنسانية… تعّود (ك) على تقلبات المحقق غير المفهومة… وتقمص هو الآخر, دون قرار منه, دور المتهم.

المحقق: سأخبرك بشئ وردنى منذ لحظات.

ك: ما هو؟؟

المحقق: تم القبض على أخيك.

ك: أخى؟؟؟ لماذا؟؟

المحقق: ألم تعترف أنت من قبل أنه ارتكب العديد من الجرائم؟؟

ك: كنت مغتاظا… مجرد بعض من ضيق.

المحقق: ثبت لزملائى المحققين أن أخاك مهمل فعلا… لقد أضاع الكثير من الوقت والعديد من الفرص لتوفير الكفالة المطلوبة لك, ولذلك, فلقد عاقبه المحقق الخاص بقضيته, عاقبه بالحبس لعامين.

ك: وماذا عن كفالتى؟؟

المحقق: أعتقد أن أمر الكفالة قد انتهى, انطويت هذه الصفحة… أنت مستمر بسجنك هنا.

ك: (صارخا ومتقلبة علامات وجهه بينما يرسم العرق خطا على وجهه مارا فوق عصابة عينه): ولكن هذا ظلم… ظلم واضح… أنتم لا تعاقبونه, أنتم تعاقبوننى أنا بذنبه!!

المحقق: التعليق على أحكام المحكمة ممنوع…. يا حارس, خذه إلى زنزانته.

لم يتحرك (يوسف ك) من مكانه, علا صوت صراخه دون أن تصدر عنه كلمة واحدة مكتملة وتردد صداه فى أرجاء السجن, قبضت على كتفه نفس اليدان الخشنتان ذاتهما, وشرعتا فى حمله عنوة من فوق كرسيه, كان (ك) مستسلما رغم ما أظهره من استبسال شكلى فى التمسك بمقعده, ما كانت تحركاته للإفلات من بين يدى الحارس إلا واجبا, ظن أنه يجب أن يؤديه, دون حماسة أو إرادة حقيقية منه.

 

-6-

  مر يوم كامل دون أن يسمع أى صوت مما اعتادهم, صوت المحقق, الدق على الباب, تزييقته المميزة, وكعادة باقى الأيام لم يسمع أى صوت آخر, أية همسات متطايرة, حتى أن أحدا لم يأت بالطعام إلى زنزانته… ذهب أكثر من مرة ليضرب بيده على الباب منبها إياهم أنه لم يأكل بعد, ولكنه يتردد ويعاود الجلوس مرة أخرى, حتى مغصت أمعائه فشرع بالنداء على الحارس دون إجابة منه, الجوع يقتله وكذلك الوحدة, الصمت أشد قسوة من الجوع, وكلاهما جبار, أخذ يراقب النملة وهى تتحرك على حائط الحجرة, تتبع خطاها لساعات, باحثا عن أى مغزى لحركتها المستمرة دون هدف يتبينه. ظل يضرب الباب الحديدى بقدميه ويديه حتى أحدث إزعاجا كبيرا دونما نتيجة… دهس النملة بيده… افتقد حواراته المملة مع المحقق, افتقد فلسفته المدعاة, جنونه المطلق ونبرتى صوته المتبادلتين, افتقد ملمس يديه الخشنتين عند السلام.

  جلس (ك) على الأرض بزاوية بين حائطين بحجرته المظلمة وبدا منهارا, وضع العصابة على عينيه وضم ساقيه إلى صدره, لم يكن (ك) يعلم أن السجن قد أصبح خاليا إلا منه, بعدما سقط المحقق ميتا على مكتبه الخشبى منذ ساعات… لم يكن يعلم (ك) أن باب زنزانته لم يكن مغلقا قط, وأنه لو أدار أكرة الباب لفتحه دون عناء, ولخرج لما ظنه العالم والكون, لخرج لما ظن أنه الحرية, ولعاش ما ظنها الحياة… نام (ك) فى سلام, معصوب العينين, ضاماً ساقيه إلى صدره كطفل ينكمش داخل بطن أمه, نام طويلاً, منتظراً أن يفتح له أحدهم الباب, نام وتوقف عن النداء والصراخ, هدأ صوت أنفاسه تدريجيا, حتى ساد سكون تام, سكون أبدى.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون