العين

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

سوف تشعر بها تتعقبك أينما ذهبت، تترصد لك وتلاحقك أثناء سيرك، ربما تختفي وسط الأشجار أو بين السيارات فتهرول خوفاً من ملاحقتها لك إلىعتبة شقتك، ولكن ما إن تنظر إلى بئر السلم ستجدها تلمع بالأسفل. وإن دخلت بيتك متصوراً أنك قد تخلصت منها ستطل عليك. فتتساءل: لمن هذه العين؟.. ستزعجك  فلن تجد مكاناً لايمكنها أن تصل إليه. فماذا سوف تفعل لتتخلص منها؟.

كان “عمرو”  عائداً من المدرسة عندما بدأت في ملاحقته وظلت تتعقبه. فلمن يستطع الاختباء منها بعد أن بحث عن مكان، لكنها ظلت تبرز له ولم يتمكن من تجاهلها فقد كانت تخيفه. ظن في بعض الأحيان أنها خيالات. فقرر أن يحبسها حتى لا يراها مجدداً فسمعه جده وأدرك أنه يعاني من مشكلة ما. فيدأ حديث بين الجد وعمرو يأخدنا لتفاصيل أحداث اليوم الدراسي ويلاحظ الجد من خلاله شعور “عمرو” بمرارة الهزيمة في اللعب مع صديقه حاتم على” الجيم بوي”. لتظل العين تحوم حول “عمرو” فلا يستطع تجاهلها، بل يصبح في مواجهة معها ويشعر بخوف شديد فيرتمي في حضن جده مختبئا منها. ويظهر الربط بين العين المتعقبة والضمير في سؤال الجد الحنون لعمرو “ما الذي فعلته اليوم لا ترضى عنه ولا يرتاح له ضميرك؟”.

فيبوح عمرو عما اقترفه في حق صديقه حاتم. ويستمر الحديث بينهما وصولا لتصحيح الخطأ، بالاعتراف به وإعادة ” الجيم بوي” لحاتم . لتختفي العين بعيداً.

في أسلوب سردي شيق تأخدنا المؤلفة د. عفاف طباله من “العين” لندرك ما هو أبعد من ذلك، لضمير يرى، يراقب، يلاحق ويتعقب لنقف في مواجهة معه. فتؤكد رسوم د. هنادي سليط على ذلك أيضا، فإذ تظهر العين صغيرة  مختفية خلف العناصر في الخلفية وراء الستائر وبين الأشجار والسيارات كرجل يسير متعقباً عمرو، تتحول لتبرز بحجم كبير في مواجهته. وسط مساحات من الألوان الدافئة غنية التكوين والمزج بضربات فرشاة تستطيع أن تلمس عيناك كثافتها. تميل فيها الألوان لتجسيد الحالات التي يمر بها ” عمرو ” فتنقل لنا تلك المشاعر بين الخوف وتشتيت الانتباه والمواجهة وانصراف العين بعيداً وتنعكس أيضا على وجهه.

وإذ ينقلنا النص من  مونولوج  يكشف مشاعر “عمرو” المرتبكة إلى حديث الجد الحكيم الحاني الذي استطاع أن يدفع حفيده للحكي عن تفاصيل يومه الدراسي كاشفاً عن سر ما يعانيه. فيجعل البوح أسلوبأ للتربية فيه احتضن الجد حفيده دون أن يعنفه بل موجها إياه لتصحيح خطأه وإن حاول الحفيد التخفيف من ذنبه أرشده الجد للاعتراف بالخطأ بشجاعة  وإعادة اللعبة لصديقة والاعتذار له ، إن اراد راحة ضميره . ليكون الحكي الطريق للخلاص من تلك العين.   

فهل ما زلت تراها؟   

        

بريفيو:

العين .. صادر عن دار نهضة مصر2011 

تأليف : د. عفاف طباله

http://www.arabchildrensliterature.com/ar/directory/authors/afaf-tubala-ar

رسوم : د. هنادى سليط

http://www.arabchildrensliterature.com/ar/directory/illustrators/hanady-mustafa-sliett-ar

وحاز الكتاب على جائزة أقرأ آنا ليند عام 2011 

مقالات من نفس القسم