الطائر الجريح

إيمان يحيى
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إيمان أحيا

كنت أمر متظللة بإحدى البنايات في طريق عودتي إلى البيت عندما سقط بجواري طائر، هاهو يقاتل بين أنياب قطة نالت بالفعل منه فانسلخ ريش الظهر بأكمله مخلفا جروحا قاسية عجز معها عن الحركة، حاول العودة إلى عشه أعلى أحد مكيفات البناية، ولكن القطة كان لها الغلبة فأسقطته مجددا.

ألقيت ما في يدي وأسرعت خلف القطة التي كانت تصر على التهام هذه الوجبة الدسمة، وبالفعل استطعت تحريره من فمها، شعرت أنني أمام مشهد بين مفترسات في الغابة، ولكن من قال إن المفترسات تعيش فقط في الغابات، ضممته بيدي، ورغم أنه الضحية وجدتني ألقي باللوم عليه: لماذا تتعمد بناء عشك في أكثر الاماكن هشاشة؟ بالطبع لم تصلني أية إجابة، ولكن لا أعلم لم شعرت في تلك اللحظة أنها أنثى، ربما هذا ماقالته عيناها ردا على تساؤلي؛ رأيت نظرة أكاد أقسم أنها امتلأت ألما وحزنا وانكسارا، لاتأتي سوى من بشري من جنس حواء .

شعرت أنها طفلة، لاتشبه الأطفال ولكن تترك نفس أثرهم .

حاولت الاعتناء بها، تطهير جرحها ووقف نزيفها، مازالت تقاتل محاولة الفرار ولكن هذه المرة من بين يدي، فمن أين لها معرفة الأمان بعد ماعاشته؟،من أين لها القدرة على التفريق بين لمسة العناية ولمسة الظفر بطعمها؟

وضعتها في مكان حسبته آمنا ووضعت لها الطعام والشراب، تمنيت لو تأكل وتشرب كل ما قدمته لأشعر أنها بخير، فكيف لي أن أعلم حالها بطريقة أخرى؟ ليتني أعلم لغة الطيور لأعرف ما تعانيه وماتريده.

استرقت النظر إليها طيلة الوقت ولكن دون جدوى. لم تقترب من الطعام أو الشراب، تمنيت لو تغفو بعض الوقت لتستريح من رحلة الموت التي ذهبت إليها، ألا يقولون إن النوم ملاذ الأطفال والكبار عند الخوف وعندما تضيق عليهم الدنيا؟ لماذا تحرمين نفسك من ذلك الملاذ أيتها الطفلة؟ كيف لي أن أقطع لك وعدا بألا يصيبك شيء طيلة غفوتك؟ كيف أخبرك بأنني معك؟ كيف أجعلك تظفرين بنومة هنيئة تُنسيك ذلك الكابوس الذي مررتي به؟

 دعوت الله أن تندمل جراحك لكي يندمل جرح عيني بما رأه من عذابك، أخبرت نفسي بأنني سأشهد مراحل شفائك وإنبات ريشك من جديد رغبة في إدخال السرور إلى نفسي .

استيقظت صباحا وكأن ذاكرتي مُحي منها كل شيء سواها، أسرعت إلى حيث وضعتها، ولكن، كان مكانها فارغا..

أخبرتني أمي: ما إن فتحت الباب حتى حلقت بعيدا بقوة محارب ليس إلى أرض معركة عاد، ولكن إلى رحابة السماء حيث موطنها، موطن خال من القطط والمفترسات.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون