إبراهيم فرغلي: نعيش مهازل بسبب غياب الضمير وظهور كتّاب لا يعرفون الكتابة

78.jpg
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

يعود الروائي المصري ابراهيم فرغلي- بروايته «أبناء الجبلاوي» الصادرة عن دار «العين» للنشر- لاستدعاء عوالم الكتابة الروائية لصاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ، ليمزج بين الخيال والواقع.ويرصد حالة انهيار ثقافي ومجتمعي يعاني منها المجتمع المصري الآن. آراء فرغلي تجاه القضايا التي أثيرت كانت صريحة وقوية، حتى انها قد تصدم من يقرأها لفرط صراحتها، ففرغلي لم يفضل التخفي خلف قناع الخجل مثلما يفعل الكثيرون.وكان النصيب الأكبر من الانتقاد لحال النقد والنقاد، فهو يرى أن الحياة الثقافية تعيش بساق مبتورة، بسبب غياب النقد، وأن بعضهم «استسهل» في التعامل مع أعمال محفوظ الأدبية، وقالوا عنه كلاما فارغا كثيرا، مثل... أن علاء الأسواني يكتب مثل محفوظ، وأنه في السنوات الأخيرة ظهر في الساحة الثقافية كتاب لا يعرفون الكتابة نتيجة سيطرة رأس المال الذي يضع الشق التجاري في المقام الأول.«الراي» التقت الروائي المصري ابراهيم فرغلي، وكان معه هذا الحوار

يعود الروائي المصري ابراهيم فرغلي- بروايته «أبناء الجبلاوي» الصادرة عن دار «العين» للنشر- لاستدعاء عوالم الكتابة الروائية لصاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ، ليمزج بين الخيال والواقع.ويرصد حالة انهيار ثقافي ومجتمعي يعاني منها المجتمع المصري الآن. آراء فرغلي تجاه القضايا التي أثيرت كانت صريحة وقوية، حتى انها قد تصدم من يقرأها لفرط صراحتها، ففرغلي لم يفضل التخفي خلف قناع الخجل مثلما يفعل الكثيرون.وكان النصيب الأكبر من الانتقاد لحال النقد والنقاد، فهو يرى أن الحياة الثقافية تعيش بساق مبتورة، بسبب غياب النقد، وأن بعضهم «استسهل» في التعامل مع أعمال محفوظ الأدبية، وقالوا عنه كلاما فارغا كثيرا، مثل… أن علاء الأسواني يكتب مثل محفوظ، وأنه في السنوات الأخيرة ظهر في الساحة الثقافية كتاب لا يعرفون الكتابة نتيجة سيطرة رأس المال الذي يضع الشق التجاري في المقام الأول.«الراي» التقت الروائي المصري ابراهيم فرغلي، وكان معه هذا الحوار

ذكرت أن روايتك «أبناء الجبلاوي» استدعيت فيها عالم نجيب محفوظ لتجاوزه، فماذا تقصد بهذا الاستدعاء والتجاوز؟

الرواية كانت بالفعل محاولة لاستدعاء عالم نجيب محفوظ. لاعادة اكتشافه ورؤيته من جديد، فنحن لدينا مشاكل نقدية كبيرة فيما يتعلق بعالمه الروائي، وهناك «كليشيهات» نقدية محفوظة تقال من دون معرفة حقيقية بهذا العالم الثري، مثل ترديد بعض كتاب الحداثة أن محفوظ كاتب كلاسيكي، باعتباره موضة قديمة وانتهت!ولكن في الحقيقة محفوظ من الجائز أن يكون كاتبا كلاسيكيا بالمعنى التاريخي لأن النص الروائي في تطور وتجدد دائم، ولكنه كان يطور نفسه في الكتابة وينتقل من مرحلة الى مرحلة. وصولا الى التجريد مثلما نجده في «أصداء السيرة الذاتية»، وكان متابعا جيدا لموجات الكتابة الجديدة.كما أن هناك مقولات مجانية تقال ببساطة شديدة. من قبل البعض مثل أن محفوظ كاتب واقعي، كيف يكون كاتبا واقعيا اذا كانت لديه شخصية مثل «البواب» تتحدث باللغة العربية الفصحى!فمحفوظ لم يكن مشغولا بالنقل من الواقع بدليل اهتمامه في أعماله التاريخية بالمونولوج الداخلي للشخصيات، فقد كان دائم التخيّل.وأنا أرى أنه كاتب رمزي وفلسفي أكثر من كونه كاتبا واقعيا، ولكن النقاد «استسهلوا» وقالوا عنه كلاما فارغا كثيرا، مثل ادعائهم أن علاء الأسواني يكتب مثل محفوظ، وهذا كلام لا يساوي شيئا، فمحفوظ كان صاحب لغة رصينة منذ أول حرف حتى آخر حرف كتبه في حياته، بخلاف الأسواني الذي يستخف باللغة.كما أن أعمال محفوظ تخلو من المباشرة الفجة التي يكتب بها الأسواني، فهذا الكلام يشبه تأويل النقاد لشخصية «حميدة» في «زقاق المدق» بأنها ترمز الى مصر، وهي فتاة «مقمّلة» تضع في رأسها «جاز» وتخرج من الحارة لتصبح عاهرة، فأين مصر من هذا التأويل؟!

وما علاقة هذا الكلام بفكرة تجاوز محفوظ؟

ما أقصده بالتجاوز، هو أنني استوعبت نجيب محفوظ لكتابة نص يتجاوز نصوص محفوظ بمعنى التجديد، ولكن محفوظ كقيمة فنية، لا توجد لديّ هذه الجرأة، أو الصفاقة لادعاء ذلك، لأنني قرأت محفوظ في سن صغيرة، في الفترة من 13 حتى 16 سنة، ومن يقرأه في هذه السن يظل أمامه كقامة كبيرة، لذلك استمتعت كثيرا في روايتي بفكرة تتبع الناس لتمثاله، وضحكته الشهيرة، وعلى لسان شخصياته أطلقت عليه لقب «الكبير».وبالطبع كل كاتب لديه طموح يريد أن يكون متجاوزا، ولكني لا أحب تلك اللهجة من كتاب أصغر تجاه كتاب كبار، خاصة اذا كانوا أصحاب قيمة فنية كبيرة مثل محفوظ، والمشكلة الحقيقية. أنه حتى الآن لا توجد قراءات نقدية حقيقية لنصوص محفوظ تبرز أهميته كبنّاء ومؤسس عظيم جدا لشكل البنى الروائية، وأننا ككتاب من جيل أحدث يجب علينا أن نهضم هذا البناء التقليدي، لنستطيع كسره، وعمل بناء جديد، والا نصبح مدعين مثل شعراء قصيدة النثر الذين لا يعرفون قواعد العروض.

هل يمكننا اعتبار كلام «كاتب الكاشف» أحد أبطال الرواية عن أنصاف الموهوبين هو رصد لرأيك عن واقع الوسط الثقافي المصري الآن؟

بالتأكيد، كان نقدا للحالة العبثية التي تعيشها الحياة الثقافية المصرية الآن، فالأدب المصري المعاصر يسير على ساق واحدة، وهي ساق الابداع، أما ساق النقد فمبتورة، فلا يوجد لدينا نقاد، واذا وجدوا فهم نوعان، أحدهما يقرأ الأعمال ويعيد شرحها مرة أخرى، والآخر لديه فكرة مسبقة، وقالب جامد من الستينيات يضع النص بداخله.فحتى الآن لم يقرأ الأدب المصري المعاصر، باختصار نحن نعيش وسط مهازل، ومساخر، بسبب غياب نقاد لديهم ضمير ووعي لتقديم معايير فنية حقيقية، فخرج علينا كتاب لايعرفون الكتابة، وظواهر يحركها رأس المال لتقديم ما يسمى بـ «بست سيلر»

ماذا تقصد بكلمة ظواهر؟

أقصد بالظواهر أنواعا معينة من الكتب مثل «تاكسي»، ورواية «ربع جرام» وغيرهما، مع توضيح أن ما ينجح بالتأكيد يكون خاضعا لمعيار ما يجعله ناجحا، فقديما كانت الثقافة هي التي تقود المجتمع وليس العكس، وعندما كانت تغني أم كلثوم بالفصحى كان ينسجم معها رجل الشارع البسيط.أما الآن، فيلجأ رأس المال الى النزول للشارع لعمل سلعة رائجة تجتذب الشخص الشعبي. عن طريق تصوير عوالمه، أو كتابة لغته في الصحافة اليومية، فتخرج علينا صحف مثل «الدستور» التي أرى أنها أفسدت لغة الصحافة في مصر، وأنتجت جيلا من الصحافيين «المكسّحين» لغويا، لأن رئيس تحريرها ابراهيم عيسى قضى على معرفتهم باللغة العربية.وقس على ذلك الكتابة الأدبية، والسينمائية وغيرهما، التي يتحكم فيها رأس المال لتحقيق أهدافه التجارية بالمقام الأول، فهو يجعل بعض الكتاب والصحافيين مجرد دمى لجلب المال، فيصبح بلال فضل كاتب السيناريو الشعبي، دمية المنتج الجشع لجلب المال، وعلاء الأسواني دمية للناشر لجلب المال، وابراهيم عيسى صاحب الجريدة الغوغائية الناجحة دمية في أيدي «الله أعلم من هو المستثمر» لجلب المال، ويقدمون أنفسهم باعتبارهم رموز التقدم والتنوير، وفي الحقيقة كل ما ينتجونه هاش، ولا يوجد فيه عمق أو جدية على أي مستوى.

اذا كانت تلك الظواهر نتيجة لتحكم رأس المال، ففي رأيك ما أسباب تراجع دور المؤسسات الرسمية المصرية التي لا تهدف للربح؟

المؤسسات المصرية الرسمية ينتشر فيها الفساد بصورة أكبر، بسبب سعي بعض العاملين فيها لتحقيق مكاسب شخصية، فمثلا اذا تحدثنا عن جوائز الدولة الثقافية، فعن الفساد حدّث ولا حرج، لأن لجانها اما صاحبة ذوق رديء، ولا تقرأ و«تطنطن» لأعمال غريبة، أو تحرك اختيارها المنافع والمصالح، وعلى سبيل المثال جائزة الجامعة الأميركية، فأنا أنتقدها. منذ أن بدأت لأنها جائزة غامضة جدا بالنسبة لي، فلا توجد لها معايير معروفة للاختيار، وأغلب النصوص الممنوحة لها للأسف نصوص ضعيفة، وطوال العام نسمع عن أزمات وصراعات ومشكلات لجان جوائز الدولة التشجيعية والتقديرية.

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم