أراوغ الجلطة

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

شعر : محمد أبو المجد *

هل سأبكي

لأن قلبي يحتضن سِكّينه

فلا هو يحرّكها،

ولا هو ينزعها

ولا حتى يطيق احتمالها؟

سكّينُه التي استقبلها قانعًا

وأقام لها الليالي

مُهينًا صموده الطويل.

سكّينُه تبكيه في صمت

لا يريد أن يبكي

فتبكي روحه

تتضوّر راحةً،

تريد أن تبدل اللحظات بالبلادة

والعلة.. بالموت.

وعلى ذكر الموت

الذي أراه يدنو، وربما دنا كثيرا

أو لعله استدعاني

فمشيتُ في طريقه مسرعا دون قصد

أو دون هدف

الموت

الذي يبدو أنه يجيد مهارات قنص المحبين

كامرأة بارعة الحيل

هو ذاته الموت الذي يبدو الآن طيبا

وعجوزا..

وممعنا في الكتمان.

لا أريد له أن يمهلني

ولا أن يغادرني

لأنه سيعود لاحقا

وربما في وقت قريب للغاية.

أريده فقط أن ينظر إليّ

وأن يتأمّل ما بداخلي

وأن يدرك، وهو اللئيم الذي يصطاد النبلاء،

أن بقائي على الأرض

ربما يكون فرصةً

لأحد المعوزين

أو مَعبرا لمن لا يستطيعون اللجوء للسادة.

لستُ ذاك النبي

الذي يخطف الفقراء إلى الجنة

ولا الحكيم الذي يُريح بالَهم بالكلام

لكنني شاعر

ربما يجدون فيه بعضَ حقيقتهم

أو يعيدون ترتيب كلمات قصائده

ليجدوها تتحدث

عن كل واحد منهم بدقة بالغة

أو يجدون في نسائي..

أسلافا للائي راقصنني بخفة مؤلمة

فأنجبن قصائدي.

لا تكرِّموني إذا متُّ

ولا تقيموا لي مآدبَ

أو تدبّجوا الأحاديث عن مآثري

أو تُسكتوا اللواتي عِشْنَ في دمي عن النحيب

ولا لطم الوجوه،

أو مجالسة الحزن.

دعوهنّ يذكرنني بطريقتهنّ الخاصة

واتركوا لهنّ حق التعبير عن وجودي

وعن زواياي التي انطبعت في مراياهن

فوضعن لها الأصباغ

تعطرن في جلوات الليل

واعتزلن ملابسهنّ لقاء نظرة من عيني.

أنا مهزوم، ولا شك

أمام الموت

إلا أن نبوءتي لم تكتمل بعد،

حتى يلوّح لي الموت من نافذة القطار

أو يطاردني في عربات الأسفار.

لم تزل لي بعض أمراض لم أتذوقها

ولا يزال قلبي حرًّا

يراوغ عناء الجلطة

يتنقل بين حدائقَ خضراءَ

زرعها الله في عيني امرأة،

ويسخر من تطلعات ضغط الدم، السخيفةِ

لتقويض عمري بأقل التكاليف.

أين تلك المرأة

وهي تلوح في لقطات متباعدة يخطفها الزمن من وعيي؟

أين ملمس وجهها الذي يتلون بالمُلك

ويتألق بالتاريخ

ويستقلُّ وحده بملكية قلبي؟.

أينها..

أين لمستُها الخاطفة في ظلمة التاكسي

لتخلعَ عن دمي نِمالاً تتمشى في أنابيبه

أو لتدلّك خشونة أوعيته،

وهي لا تكاد تفرح

أو.. وهي تضيق أمام هدية الله؟

أينكِ الآن،

يا سري العظيم؟

أين روحك التي تحرك بكائي الآن؟؟

وتقبض على جمرة لوعتي

وترسلها كشهب في كل الأعضاء؟

أينك لتوقفي دمعاتي

وهي تتظاهر فجأة في إشارة مرور

أو تقفز من كوبري أكتوبر

وتنحدر يمينا حتى منزل نجيب محفوظ؟

أينك..

يا سرّي الذي أحاطه الله بنون وقايته

وأودع في حقيقتك ناري

ومتعني ببعض عذاب اللجوء إليك.

أينك، باللهِ

دعي لنجماتك الثلاث حق اتخاذ القرار اليوم

وانطلقي لبعض الوقت

لتنقذي قلبي

من السقوط في إحدى محطات المترو

أو التيه في ميدان عام،

وربما قُبض عليه كشحاذ معتوه،

كطفل شريد،

كطائر وحيد..

يخنقه الدخان في قفص.

ــــــــــــــــــــــــ

* شاعر مصري

 

خاص الكتابة

 

 

مقالات من نفس القسم