أبوية القارئ 3))

81.jpg
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ممدوح رزق

ربما حينئذ سيدرك هذا الناقد الذي تعوّد على الخلط بين القارئ اليقظ، المجادل، غير المسالم أو (الخالق) للنص، وبين استبداد القراءة أن هذا القارئ هو خالق لذاته بواسطة النص، وهو ما يؤدي بالضرورة على نحو متزامن إلى (خلق النص) نفسه .. لكن بما أن الإنسان يكافح دومًا ضد فرديته التي تُبقي (المعرفة) داخل حدودها المغلقة، وتمنع انحيازاته من التحوّل إلى سلطة تتجاوز نفسها؛ فإن القراءة تصبح ممارسة اجتماعية دون أطر، يستهدف الإنسان بواسطتها ألا يكون فردًا، وأن يكون أكثر من ذاته نحو تعددية سائلة وتناسل مطلق يتخطى لحظات (المشاركة التخييلية، والبناء المتواصل للمعنى) إلى نوع من الهيمنة عن طريق امتلاك علاقات القوة عبر الفضاءات ـ (العنكبوتية) مثلا ـ التي تُحرّض القارئ، وتقدم له الأدوات والإمكانيات المغرية لأن يصير جزءًا منها، أي أن يكون أسيرًا لصراعاتها (المقاربات والتقييمات المتعارضة)، باعتبارها من يحدد (القيمة الثقافية) لوجوده!.

ممدوح رزق

ربما حينئذ سيدرك هذا الناقد الذي تعوّد على الخلط بين القارئ اليقظ، المجادل، غير المسالم أو (الخالق) للنص، وبين استبداد القراءة أن هذا القارئ هو خالق لذاته بواسطة النص، وهو ما يؤدي بالضرورة على نحو متزامن إلى (خلق النص) نفسه .. لكن بما أن الإنسان يكافح دومًا ضد فرديته التي تُبقي (المعرفة) داخل حدودها المغلقة، وتمنع انحيازاته من التحوّل إلى سلطة تتجاوز نفسها؛ فإن القراءة تصبح ممارسة اجتماعية دون أطر، يستهدف الإنسان بواسطتها ألا يكون فردًا، وأن يكون أكثر من ذاته نحو تعددية سائلة وتناسل مطلق يتخطى لحظات (المشاركة التخييلية، والبناء المتواصل للمعنى) إلى نوع من الهيمنة عن طريق امتلاك علاقات القوة عبر الفضاءات ـ (العنكبوتية) مثلا ـ التي تُحرّض القارئ، وتقدم له الأدوات والإمكانيات المغرية لأن يصير جزءًا منها، أي أن يكون أسيرًا لصراعاتها (المقاربات والتقييمات المتعارضة)، باعتبارها من يحدد (القيمة الثقافية) لوجوده!.

حينما يكون القارئ هو (العالم) خارج فعل القراءة، أي عبر آليات السلطة التي تطالبه طوال الوقت بإثبات ذلك، أي أن يؤكد كفاءته في السيطرة على ما قد يُسمى في تصوره بـ (الوعي العام)؛ فإن النص يتحوّل من (موضوع) إلى (وسيلة) لخدمة الذات التي تخسر فرديتها، لدعم ما هي عليه، لإخضاع الآخرين ليقينياتها، للامتثال إلى تاريخ يواصل مراكمة ثوابته، وهو ما يعني ـ كدفع بديهي للثمن ـ مفارقة النص لما يريده لنفسه كـ (كتابة) ليصبح غرضًا استغلاليًا للانتقام من الحياة والموت، أو الثأر من أشخاص بعينهم، أو التعويض عن هزائم لا يمكن تضليلها ـ أي الاستسلام لها ـ بطريقة أخرى.

إذا كانت الكتابة هي عدم اكتمال، تحولات لا تنتهي، دائمًا بسبيل الحدوث، وليس تمامه، وإذا كانت تتجاوز كل مضمون مدرك، ومختبر، وإذا كانت انتقالا مستمرًا يخترق التجارب كافة، ويمر عبرها؛ فإن نجوم التقييم هي المقاومة المضادة لتلك الصيرورة .. تقوم نجوم التقييم للأعمال الأدبية على نحو عدائي بإثبات متوهم لاكتمال النص عند لحظة ما، تجميده، إيقاف لتحولاته، تناوله كحدث تم إنهاؤه. ليس هذا فحسب، بل إن هذا الكبت لا يتوقف كعقيدة منفردة عند تخوم مقفلة لحيز ذاتي (وضعية النجوم داخل فضاء خاص)، وإنما يصبح هذا الصد لتخطي المضامين مبدأً مقطوعًا به ـ ضمن مبادئ أخرى ـ ويصبح منع الانتقال المستمر، واختراق التجارب قانونًا لا شك فيه ـ بمشاركة قوانين مختلفة ـ حينما تمتد الهيمنة (القيمية) للذائقة الأدبية من الفضاء الخاص (صفحة المستخدم) إلى الفضاء العام (صفحة الكتاب) .. إنه إسباغ القداسة المضيئة بالأحمر على (المرض) الذي كان يعني عند (نيتشه) التوقف عن الحركة:

(لا يكفي لطالب الحقيقة أن يكون مخلصًا في قصده، بل عليه أن يترصد إخلاصه ويقف موقف المشكك فيه لأن عاشق الحقيقة إنما يحبها لا لنفسه مجاراة لأهوائه، بل يهيم بها لذاتها ولو كان ذلك مخالفًا لعقيدته، فإذا اعترضته فكرة ناقضت مبدأه وجب عليه أن يقف عندها، فلا يتردد أن يأخذ بها، إياك أن تقف حائلاً بين فكرتك وبين ما ينافيها).

 

 

مقالات من نفس القسم