قصتان

موقع الكتابة الثقافي art
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

محمد محمد الشحات

عالم آخر جديد

برغبتي ذهبت إلى النهر، كان هناك شخص يلُوح لي، اعتقدت يوما أنني سوف أحلق في عالم أخر،  كنت أقول: “كل شيء على ما يرام “.

 أعادني الماء بصفحته الهادئة إلى الوراء،…

 فقدت كل شيء، فيما كان المدى حولي واسعًا جدا.

     وأنا طفل اعتقدت أن العالم ينتهي عند مدد الشوف إلا أنني عرفت في المدرسة أن هناك عوالم أخرى. بحثت عن عمل بعد إنهاء الدراسة، ولم أجد ما يناسبني، ولكني بعد فترة قبلت بأي عمل، تنقلت من عمل لآخر، بلغت الخامسة والثلاثين، تزوجت قبلها بقليل من فتاة اختارتها  أمي قبيل وفاتها، أنجبتْ طفلا، أجبرني على الاستمرار في العمل، كلما سألني أحد، قلت: ” كل شيء على ما يرام” رغم أنه لم يكن هناك شيء على ما يرام، لا أزور أحدًا، أما إخوتي الخمسة فقد أطمئن عليهم بالهاتف، نتبادل الرسائل بالـمحمول  فـي المناسبات، قلما نجتمع جميعا.

   يومي يمضي ككل يوم…أستيقظ على أذان الفجر الذي يصلني صوته من المسجد القريب، أتوضأ بالماء البارد وأصلي، ثم أذهب للعمل، وهناك كل شيء ثابت، وجه صاحب العمل، الناس ووشاياتهم، نفس المشاكل، وأعود حاملا صحيفتي التي أصر على قراءتها، أقول: دونها يصبح كل شيء ليس على ما يرام، أجلس أمام المنزل الريفي الذي أقطنه، أتناول كوبا من الشاي، أحيانًا تجلس زوجتي تهدهد طفلها، أداعبه أحيانًا، ثم أكتشف أنها مداعبة ثقيلة فأكف، حاولت زوجتي كثيرا أن تمنحني البهجة دون جدوى، ما الذي يقف حائلا بيني وبينها؟!

– كل يوم ليس لديك مزاج للمسامرة، فماذا لديك؟ لم أدر بماذا أجيبها، بعدها جاءتني معتذرة، ولكني قلت لها: “لا تقلقي، كل شيء سيكون على ما يرام، في الصباح ذهبت للعمل وقدمت استقالتي، وقررت أن أبدأ من جديد، حملت أوراقي وذهبت بعيدًا، كنت أتمنى ألا يراني أحد، فيما كانت رائحة المساء تغمر الدنيا كلها،  إلا أنني لم أستطع أن أهرب من سؤال ملح

ـ متى أستطيع أن أهرب مما أنا فيه؟، أمسكت بالهاتف وكلمت أخي الأكبر… مشغول، هو الوحيد الذي أرتاح اليه، لملمت نفسي فقررت المغادرة، فيما كان ذلك الشخص أراه دائما يلوح لي. اليوم قررت أن أذهب بعيدا عنه أو أواجهه، وأنا جالس إلى الماء رأيت وجهه يلوح لي، نزلت، ناديته، فأجاب، صوته وصلني لا أعرف من أين

سألني: لم عيناك حزينتان؟

ـ أجبته بدمعة بللت خدي الذي لم يلمس الماء بعد: أخيرا أحادثك

ـ ماذا تريد؟

ـ أبحث عن دواء عندك.

ـ الشفاء لديك أنت.

ـ كيف وقد خالط الدمع روحي؟!

ـ عد للحياة إذن.

ـ أمن الممكن أن يعود الطفل لرحم أمه؟

ـ إن أراد.

ـ كيف؟

ـ ابحث عن اللحظة التي يبدد فيها الصباح ظلمة ذلك الليل…

   اختفى الوجه؛ فلم أسمع صوته، خرجت واستلقيت على الشاطيء محدقا في السماء وقلت: ” يا رب “، رأيت أمي: لماذا؟، وجهها الصافي عابس، بحثت بعيني عن شيء في الأفق، التفت بعدها فلم أجد أحدا، وحدي كنت في صحراء قاحلة، أردت جرعة ماء، والسراب يلوح ويخبو كانت جدتي أيضا عند السراب تردد موالها

يا نازل البحر حاذر م اللعين إبليس

ياما خفى ناس كانوا في العلوم تدريس

– ماجدوى الماء؟!.

   غصت في عمق الماء، أتحرر دون دليل، الخطو يثقل، يغمر الماء البارد الدنيا من حولي، تغيم الرؤية، يغسل الماء عيني وأنفي و أذني وحلقي، يظهر الوجه ويلوح لي، يضع يده على جبهتي، أحاول أن أفتح عيني فلا أستطيع، أردت أن أراه، حاولت أن أقول له “لا تقلق كل شيء سيكون على ما يرام “.

……………..

 

قمر

كنت طفلا ً لحظتها..

 ــ كم عمرك؟

ــ  ثلاثون عاما.ً

ــ  تحديدا؟ 

ــ  وثلاثة أشهر.

ــ ثلاثة أشهر فقط بيننا.

ــ ومع ذلك رئيستي في العمل.

ــ أترفض هذا ؟

ــ  ……….

ــ  لماذا ؟

… تذكرت لحظتها وجه صاحب العمل السابق، وهو يثور لمجرد تحدثي في التليفون …

ــ  هل عملت قبل ذلك ؟

ــ  كثيراً.

ــ لم تركت العمل ؟

ــ لم السؤال؟

ــ لتزجية الوقت ليس إلا.

ــ المدير في الغرفة المجاورة.

ــ  يقولون إنه ثقيل الدم .

ــ هو كذلك فعلا.

ــ وأنا ما رأيك في؟

ــ ثلاثة أشهر ليست كافية.

ــ كافية لماذا؟

ــ لكي أصدر حكما ً.

… بدت عيناها جميلتان وهي تبتسم …

ــ ظننت نفسك قاضيا…

ــ مطلقة أنا هل تعرف ؟

ــ …….

ــ لم يكن زواجاً.

ــ لا أفهم.

ــ كتب كتاب فقط.

*****

ــ ألم تلاحظ ؟

ــ …..؟

ــ وحدنا في المكتب.

…فجأة وجدتها أمامي …

ــ ما رأيك في ملابسي ؟

.. مالت علي

… كانت عيني ترى منبت النهدين ومفرقهما …

ــ أعجبتك الملابس ؟

ــ أنت، بارتباك.

…وأنا أعطيها العنوان بالتفصيل,…

ــ أكان علي أن أنتظر ستة شهور ؟

*****

…في موعدها جاءت ….

ــ هل وجدت صعوبة في الوصول ؟

ــ أعطيتني العنوان مفصلا ً

ــ ريفي يحب الوحدة؟!!!

ــ لست الآن وحدي.

ــ بعد قليل سنكون جسدا ًواحدا ً

… طوفان هادر يكتسح ….

حسنة في سفح نهدها الأيسر

أردافها مكتنزة وملفوفة،

…صدق نزار قباني

“أشهد ألا امرأة تنطلق الثورات

من سفح نهدها الأيسر “…

أتراها كانت صاحبته!

حانت اللحظة وانشق القمر

شعرت به رطبا  .. وتصببت عرقا.

ــ لا تخف أول مرة دائما ً هكذا.

*****

ــ محول للتحقيق.

ــ لماذا ؟

…..

ــ خصم خمسة عشر يوماً وإنذار بالفصل 

… لست أدري من منا كان يبتسم للآخر ..

نظرت في عينيها، لم تخجل

ــ مصمم؟

ــ نعم.

ــ لماذا ؟

ــ ……

ــ حاول أن تتقبله فالحياة صعبة.

ومع التعود يصبح كل شيء مألوفا ً

……

تركت لها استقالتي ؛

وانصرفت.

 

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون