



منصورة عز الدين: الكتابة ـ أعزكم الله ـ أولها هزل وآخرها جد
حاورها: موقع الكتابة
تبدو منصورة عز الدين مثل أبطالها، مدفوعة إلى قدر غامض، تبحث عنه وتسعى إليه وتسير على دربه. وقدر منصورة كما تعرفه هو الكتابة، بين أسطر مجموعاتها القصصية ورواياتها يبدو ذلك، في حواراتها، ومقالاته يتدفق ذلك واضحاً مثل نهر معطاء. الكتابة بالنسبة لمنصورة، قدر، وغواية، وحياة. هنا حوار عن ذلك كله.

منصورة عز الدين حضور ثقافى بارز
فى صيف 1998،وكنا عزمنا العقد على إقامة ندوة عن الروائى والكاتب الأردنى غالب هلسا بمناسبة إعادة إصدار روايته “الخماسين”، وكان غالب قدعاش فى مصر من 1953حتى 1976،عندما جاء إلى القاهرة لاجئا وهاربا من السلطات الأردنية التى حكمت عليه بالإعدام، ثم غادرها مطرودا من السلطات المصرية فى أعقاب الاحتجاج الذى أبداه بعض المثقفين الفلسطينيين والعرب على السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية.

حكاية الرحلة بحثًا عن “جبل الزمرد”
حين تقرأ عملاً ممتعًا، تستغرق فيه ومعه، يسكن روحك، لا تستطيع أن تكتب عنه أو حتى تتحدث، تكتفي بالصمت المتشبع بالمتعة إلى آخر قطرة، قد تحتاج إلى وقت أطول، وربما قراءة أخرى بعين الدارس لا بقلب المستمتع، وهذا ما لم تتح لي الفرصة للقيام به مع هذه الرواية الصادرة مؤخرًا عن دار التنوير بالقاهرة: “جبل الزمرد” لمنصورة عز الدين.

كاتبة الحافة
عبلة الرويني
هدوؤها خادع، وصمتها الذي تتقنه، تلك الصرامة والانضباط الشديد في شخصيتها، يخفي علي الأغلب مجموعة من القنابل قابلة للإنفجار في أي لحظة.. هي امرأة الحافة، وهي أيضا كاتبة الحافة،الحائرة بين الواقع والخيال، بين العقل والجنون.

وراء الفردوس والسعي نحو فض التباسات الوعي بالعالم
لو أن قارئ رواية “وراء الفردوس” للروائية المصرية منصورة عز الدين “الصادرة حديثا عن دار العين بالقاهرة” تأملها جيدا سوف يرفض مثلي تلك القراءات التي اختزلت هذه الرواية الجميلة في أنها رواية عن الريف المصري ,تؤرخ لتحولاته في العقود الثلاثة الأخيرة وانتقاله من الزراعة إلى التصنيع , ليس لأن داخل الرواية شخصيات يحيا بعضها في المدينة , بل لأن ثمة أشياء أخرى تلفت النظر من وجهة نظري, إذ يقتصر وجود الريف في الرواية على كونه أرضية أو مسرحا للأحداث الرئيسية فيها .

جبل الزمرد.. اللوجوس والأسطورة
فى جبل الزمرد، تستكمل الروائية والكاتبة منصورة عزالدين ما بدأته فى أعمالها السابقة، حيث تحاول الكشف عن المجهول من الوجود الإنسانى عبر الغرائبى والأسطورى، الأحلام والجنون، الكتابة عن الكتابة، التناص مع الموروث الشعبى والدينى، كوسائل أو سبل تفضى إلى عمق هذا الوجود، ومسائلة مكنوناته.

ابحث في عالمك أو في عالم آخر عن زمردتك المفقودة
الخروج إلى الأسطورة، هي رحلة الخروج التي يقطعها قارئ من الصفحة أمامه إلى أعماق جبل قاف. يبدو الجميع منذورين لهدف وحياة بعينها، لتكتمل حكاية بدأت منذ زمن.

هوامش شخصية عن منصورة عز الدين
ربما لا تكون هذه الكتابة عن منصورة عز الدين فعلًا، إنها أقرب لأن تكون عن منصورة كما أشعرُ بالامتنان لها، كما أتمثلُها أنا، وأرجوها أن تسامحني على هذه النرجسيّة الزائدة.

جبل الزمرد .. تبعث غرائبية الحكي من جديد
“أرى أن الاستمرار في الكتابة الإبداعية حالياً هو فعل مقاومة في حد ذاته.”
بهذه الكلمات تتحدث الكاتبة منصورة عزالدين في تعليق لها على أحدث أعمالها رواية جبل الزمرد. والتي حصلت مؤخرا على جائزة أفضل كتاب من معرض الشارقة بدولة الإمارات.

وراء الفردوس.. الذات كـ”مسودة” سردية
(1)
بين ثنيات رواية “وراء الفردوس” لمنصورة عز الدين ترقد” مسودة”، رواية ناقصة اختبأت في طيات رواية اكتملت. رواية تكتبها ” سلمى ” الشخصية المركزية ، كنوع من العلاج النفسي ، التطهر .. و رواية أخرى كتبتها ” منصورة ” ، ضمت سلمى نفسها و ” مسودتها ” .هل تشبه الرواية التي كتبتها سلمى ، الرواية التي قرأناها ؟ . لن نعرف أبداً . نحن أمام روايتين : واحدة مخفية ، تلك التي تنهمك سلمى طوال الوقت في كتابتها ، تصحبها أينما حلت ، رواية موجودة بالقوة و ليس بالفعل ،و أخرى معلنة ، اسمها ” وراء الفردوس ” . كلتاهما كانتا تسيران أمام أعيننا .

نحو الجنون الناعم لمنصورة عز الدين
وسط عوالم داخلية تحوطها اشباح القلق والتوتر تسبح منصورة عز الدين بداخل شخصياتها النسائية في مجموعة نحو الجنون
تنطلق الكاتبة من الخارج باجوائه الضبابية او الممطرة او المشمسة الدافئة الى الداخل بانوائه المضطربة وتقلباته غير المحسوبة لتلمس مناطق غامضة في نفوس شخوصها

أول الكلام
طفلي الحبيب القادم،
أشعر بالرهبة وأنا أخط هذه الكلمات. إذ ما معنى أن أستبق وجودك بالرسائل؟!
أمر مربك ومحير بالنسبة لي أن أبدأ في البوح، أنا التي اعتدت التخفي خلف شخصيات روائية، تحمل كل منها شذرة منى، ومع هذا يفصلها عني محيطات من الاختلاف.

جبل الزمرد
رابونزل
تموت كلماتي ما أن أنطق بها، لا تغادرني، تلاحقني أشباحها لمعاقبتي على جرم غامض.
في ماضٍ بعيد، كانت “رابونزل”!
لم يكن ثمة برج عالٍ أو ساحرة شريرة أو أمير وسيم. لم يكن ثمة فجل مسحور أو صوت يسلب العقل، وبالطبع لم يصلح شعرها كحبل يتسلقه حبيب ما إلى محبسها، لكنّ نادية كانت “رابونزل” الجميلة ذات الشعر الطويل وكانت رابونزل إياها.

متاهة مريم
يُقال إن ملكاً في صورة هدهد اعتاد أن يتخير طعامه من بين فواكه السرايا. يطير حاملاً أجود ثمار الخوخ أو البرقوق بمنقاره، قبل أن يحط في بقعة خالية. ينقر الثمرة نقرات خفيفة، ثم يعف عنها. إذا أكل أحدهم الثمرة المنقورة يُجن فوراً.

منصورة عز الدين: لم أطمح للتشبه بشهرزاد
حاورها: أسامة فاروق
“حكاية لو كتبت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن يعتبر! حسنا. فلتكن الكتابة حفرا على آماق الابصار، فلتكن طريقا لعماء يعمق الرؤية!”. هكذا تفتتح منصورة عز الدين روايتها “جبل الزمرد” وتلخص رؤيتها للكتابة فى آن معا.

المكان من المتاهة إلى الفردوس!
المكان في العمل الروائي ليس مجرد خلفية تتحرك عليها الشخصيات، إنما عنصر أساسي من عناصر العمل يؤثر فيه ويطبعه بطابعه، فرواية تدور أحداثها في الكاريبي تختلف عن أخرى تدور في سيبيريا أو أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ما أقصده هنا ليس خصوصية المكان بالمعنى المباشر الساذج، لأنني كنت وما أزال منحازة للأدب الكوزموبوليتاني العابر للهويات الضيقة، بل أقصد معرفة الكاتب بالمكان الذي يكتب عنه ورسمه لخارطته في ذهنه أثناء الكتابة حتى لو كان مكاناً مخترعاً لا وجود له في الواقع. معرفة تصل حد أن يصير المكان بطلاً من أبطال الرواية، وشخصية إضافية تتفاعل مع شخصيات العمل وتؤثر عليها وفيها.

أطيب ماما
نادين ياسر
ماما بالنسبة لى هى أهم واحدة فى العالم، هى بالنسبة لى أم وأخت وصديقة، وزى أى أم وبنتها بتحصل ما بينا مشاكل وخلافات، لكن الغريب أن مامتى هى الشخص الوحيد فى حياتى اللى لما بيحصل ما بينى وبينها خلاف بعد عشر دقايق بأرجع أصالحها.

الحب والكتابة
هل يبدو العنوان رومانتيكيًا؟ لأى درجة.. إلى الحد المقبول أم أن الرومانتيكية، لا يمكن التعامل معها باعتدال، إما أن تقبلها كلها أو ترفضها تمامًا، مثل الخمر.. القليل منها ليس أقل خطرًا لأن بوسعه فتح باب على تفاصيل غائمة لكنها واعدة بظن لن يخيب طالما الكأس ملآن.

الأنساق الثقافية المُضْمَرة: تأمّلات نقديّة في كتابة منصورة عزّ الدين
-1-
في المرحلة التي أعقبت ما بعد الحداثة، بدأ النقد الثقافييتجه نحو وظيفة “التفسير/التأويل”، سعيا إلى إلقاء الضوء على ما وراء النصوص؛ أي ما يتوارى خلف “الخطاب discourse” من أنساق مضمرة وتشكيلات خطابية مسكوت عنها. فالتاريخ نص، والنص ليس إلّا تاريخًا بمعنى من المعاني. وبلغةٍ أخرى، فالتاريخ سرد والسرد تاريخ، أو هومقولة أو فئة سردية narrative category، بمعنى واسع لبعض “اللاوعي السياسي” الذي ألحَّ عليه فريدريك جيمسونFredric Jamesonكثيرا في كتاباته. لقد تنبّه كثير من الباحثين إلى هذا الأمر، وصرنا نسمع عن التاريخانية الجديدة والماركسيين الجدد، كما تردّد كثيرا القول إن النقد الثقافي لا موضوعَ محددًا له، كما أنه لا يتمتّع بتعريف محدّد أيضا؛ إذ تنهض دراسات النقد الثقافي على تحليل الممارسات الخطابية التي تأتي إلينا في شكل أبنية أدبية مرتبطة بمفهومي “المعرفةKnowledge” و”السلطةPower” معًا. وما يفعله النقد الثقافي، أو الناقد الثقافي بالأحرى، هو أنه يحفر في المضمرات الدلالية الكامنة وراء أي خطاب جمالي ظاهر. ولأن هذا الخطاب الجمالي الذي يتجلّى عبر مفهوم “المتن” أو “النص” قد صنعته “المؤسسةInstitution” -بعلاقات إنتاجها المعقّدة والمختلفة، والمنحازة سلفًا- فلابد من توجّه الباحث الثقافي نحو إلقاء الضوء على علاقة المعرفة بالسلطة والمؤسسة اللتين أسهمتا في تشكيل هذا الخطاب الجمالي أو ذاك، على نحو من الأنحاء دون غيره. وليس “النص”، في النقد الثقافي، سوى وسيلة لاكتشاف حيل الثقافات وألاعيبها في تمرير أنساقها وتبطين السرود والنصوص بغاياتها الضمنية لا المعلنة. وهذه نقلة نوعية في مَهَمّة (أو وظيفة) العملية النقدية؛ ذلك أن الأنساق هي المراد الوقوف عليها بالتفسير والتحليل والتأويل وليست النصوص في حدّ ذاتها. من هنا، لن يصبح “النص”، في ضوء مفهوم النقد الثقافي، معزولًا بصفة كلية عن علاقات إنتاجه التاريخية والاجتماعية والثقافية، ولا عن نسقه التأثيري والمصادر التي يمتاح منها كي يكتسب وجوده وهويّته، كما اعتادت أن تقوم بذلك الكثير من المناهج الشكلانية والأسلوبية والبنيوية، وغيرها من المناهج النصّية Textual Methods بصفة عامة؛ فمُضْمَرات الخطاب فعل إنساني تاريخي متأثّر بالمجتمع ومؤثّر فيه بالقدر نفسه.

تشكيل المتخيل الفنتاستيكي ومستوياته في “جبل الزمرد” لمنصورة عز الدين
تأتي رواية “جبل الزمرد” للروائية منصورة عز الدين –وهي عملها الروائي الثالث بعد “متاهة مريم” و”وراء الفردوس”- في سياق حركية كبيرة تشهدها الرواية المصرية، وفي إطار تنوع في صيغها الفنية، وتعدد في بنيات اشتغالها، وغنى في طرق معالجتها للواقع المصري والإنساني المعاصرين. وتندرج رواية “جبل الزمرد” في زمرة عدد من الروايات المصرية التي صدرت خلال السنوات الخمس الأخيرة، واتخذت المنحى الفنتاستيكي سبيلا إلى معالجة حال الإنسان ومساءلة ما عرفته مصر من تحولات سياسية واجتماعية خلال العقود الأخيرة، وذلك عن طريق الإغراق في الخيال، والذهاب إلى آفاق جديدة في تشكيله قصد بناء العوالم السردية. وأستحضر في هذا السياق روايات: لهو الأبالسة لسهير المصادفة، وأبناء الجبلاوي لإبراهيم فرغلي، وشجرة العابد لعمار علي حسن، وضريح أبي لطارق إمام، ومنافي الرب لأشرف الخمايسي.. وغيرها من الأعمال الروائية. فكيف يتشكل المتخيل الفنتاستيكي في “جبل الزمرد”؟ وما مستوياته؟ وما أبعاد توظيفه دلاليا وفنيا في الرواية؟

عن جبل الزمرد
كطائر عنقاء تحلق “منصورة عز الدين” فوق رماد حكاية طردها الرواة من “جنة الليالي”، حرّفوها، زوّروها، وأهملوها، لتأتي هي وتحملها بحنوٍ بالغ، تهدهدها، تندمج بها، تناورها، تلعب بها ومعها، ثم باحتراف نسّاج ماهر تلضم ما تفكك من خيوطها، تزيل الزائد، وترمم الثقوب، وبصبر أمٍّ حنون، تضفر بخيوط حريرية شعر ابنتها، تشبك الحكاية القديمة التي تعود إلى زمان “ألف ليلة وليلة” مع حكاية حديثة تجري في القاهرة 2011، مرة تضع خصلة الشعر الأولى فوق الثانية، ومرة الثانية فوق الأولى. الاثنتان تصبحان جديلةً واحدة، فتزيّن آخرها بعقدةٍ من زمرد، تبتعد ببطء، تنظر إليها وتبتسم بمكر: هذه الجديلة “أحجية تخبّئ بداخلها السر بينما تتظاهر بكشفه”!

الوجود كلغز.. الكتابة كسؤال!
أى كتابة لا تسعى لكشف المأزق الوجودى للإنسان فى هذا العالم، ولا تحاول فك متاهة النفس الإنسانية هى عبارة عن كلمات ملساء مرصوصة بجوار بعضها البعض لدغدغة المشاعر.

طيف الصقلي
خرجتُ من بناية “وهبة” ليواجهني شارع شبه معتم لم أتعرف فيه إلى “قصر النيل” الذي أكاد أحفظ معالمه. بدا متعرّجًا لا مستقيمًا كعهدي به. أسير فأراه مغلقًا من بعيد. وحين أصل إلى النقطة التي ظننتها نهايته، أُفاجأ بانفراجة تقودني إلى الأمام. كانت الإضاءة خافتة، والبنايات مغايرة لحقيقتها، إذ استحالت حصونًا تحتضن تعرجات الطريق، فتبدو كمبانٍ تُشكِّل نفسها وفاقًا للفضاء المحيط. كل شيء كان مغلّفًا بغلالة داكنة أوحت لي بأن هذا الجزء من المدينة أضحى “نيغاتيف” صورة فوتوغرافية.

مطر خفيف
“من الآن سيكون الأمر مختلفاً إن شئت، من الآن سنكون اثنين نحضر في ليالي المطر، ربما هكذا يحالفنا الحظ وإلا سنكون مجرد اثنين في ليالي المطر“.
خوليو كورتاثر (لقاء في دائرة حمراء)

وراء الفردوس
كنمرة هائجة نزلتْ سلمى رشيد درجات سلالم بيتهم الثمانى، يتبعها خادم يرزح تحت ثقل الصندوق الخشبى الضخم الذى يحمله. وقفتْ فى منطقة جرداء بالفناء الخلفى للبيت، الذى فقد كثيرًا من رونقه، وأشارتْ بيدها فوضع الخادم حمولته على الأرض، ومسح العرق والتراب عن وجهه. بدتْ غير مهتمة بالحر القائظ الذى نفثته تلك الظهيرة الأغسطسية، ولم تنتبه للثعبان الأسود، الذى أطل برأسه من بين كومة القش القريبة، قبل أن يختفى بداخلها من جديد، ولا للفأر الرمادى السمين الذى مرق بسرعة هاربًا من المشهد الذى احتلته هى. على مقربة اختفتْ حرباء مشاكسة بين أوراق العنب المتدلية عناقيده بزهو من التكعيبة المدهونة بلون برتقالى بهت بفعل الزمن.

ضوء مهتز
كأننى أخطو فى مدينة أخرى. الشوارع تلفها ظلمة خفيفة رغم أننا فى منتصف النهار، أناس شاحبون يسيرون على عجل دون أن يلتفتوا للخلف، أردت أن استوقف أحدهم، لكنه لم ينتبه إلى، فضممت البالطو الرمادى حول جسدى، وأنا أنصت لصوت أجش ينبع من داخلى.
أخيرا عثرت عليه.. بار قديم يقع فى الدور الأرضى لإحدى البنايات المصممة على الطراز البلجيكى. دلفت إلى الداخل، فقابلنى ضوء شحيح ينبعث من عدة شموع موضوعة فى كوى على مسافات متساوية بالحائط.

منصورة عزالدين: الكاتب الجيد من له القدرة على الحذف أكبر من القدرة على الكتابة
حاورتها: رشا عبدالوهاب
«الأحلام» لها دور البطولة في أعمال الروائية المصرية منصورة عزالدين. ثنائيات القرين أو المرايا بين شخصيتين، الحلم والكابوس، الغرائبي والواقعي، الغموض والالتباس، تشكل عالم صاحبة «متاهة مريم». مجموعتها الأولى «ضوء مهتز» تمثل الأبجدية أو البذور الأولى لعملها الإبداعي ومشروعها الروائي. في روايتها الجديدة «وراء الفردوس» التي صدرت طبعتها الثانية مؤخرا عن دار العين في القاهرة والتي وصلت للقائمة القصيرة في جائزة البوكر العربية تحاول عزالدين المزج بين الكتابة الغرائبية والوقائعية من خلال شخصية «سلمى» التي تستدعي ذكريات طفولتها في قرية أشبه بالحلم بحثا عن فردوس مفقود. ومن خلال غواية القتل ومحاولة التخلص من أعطاب الروح وآلام النفس التي سببها موت الأب وغياب الحبيب والانفصال عن واقع بليد تتجه سلمى للكتابة. «وراء الفردوس» رواية داخل رواية تتعدد بها الأصوات وتتجاوز مستويات اللغة لتحمل لنا أبعاداً فلسفية ونفسية عميقة لتطرح أسئلة خاصة بالوجود. عزالدين كاتبة السر بامتياز. كتابتها لا تبوح، تبحث عن الغرائبي والغامض والمظلم في النفس البشرية.

جبل الزمرد والمصائر المتشابكة
سلمى هشام فتحي
افتح كتاب “ألف ليلة وليلة”، أو بالأحرى أجزائه وطبعاته المتعددة، المهذب منها وغير المهذب، ستجد أثناء ترحال عينيك فيه هذه الجملة:
“حكاية لو كُتبت بالإبر على آماق البصر، لكانت عبرة لمن يعتبر“.