وقل ربى إنى مسني الجن

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 102
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ناهد السيد

دائما ما أتجنب أى لقاءات أو معاملات  يوم الجمعة، فلدى تقلبات مزاجية غير مبررة فى هذا اليوم..فقط أعتكف لقراءة القرآن وكتب الأطفال إلى أن تمر الساعات بسلام. ولما ازداد خوفى إلى هذا الحد. كثرت الانفرادات السيئة ليوم الجمعة، فرائحة خوفى الزائد كانت كفيلة بأن  تطغى على أي محاولات لجلب التفاؤل، حتى أن آلامى تضاعفت، فذئبتى تتغذى على الخوف والحزن والبلادة، وصرت أعانى من أوجاع تنتشر بعبث وجنون فى مواضع مختلفة فى جسدى، وكأنها كما أشار لى زوجى ، قد تكاثرت بداخلى وأنجبت ذئبات صغيرات.

زوجى الوحيد الذي أستطيع أن أريه تحركاتها أسفل جلدى وهى تجرى وتقف وتحنى ظهرها فيتقوس جلدى فى موضعها، كامرأه حامل ترى أقدام صغيرها تضرب بطنها، وكثيرا ما أسرع إليه لأسمعه ماراثون نبضات قلبى قبل الإغماء، وهو أيضا من يرى رؤية العين حرارتى التى ترتفع فجأة واختناق أنفاسي التى توقظه ليلا، وتعقبها بلحظات رعشه برد وقشعريرة وتكتكة أسنان كأنى  أحيا فوق سفوح جبال جليدية.. هكذا تلهو أطفال الذئبة لتستكشف موطن أمها وهو جسدى. وهذا ما يفسر أوجاعى المتنوعة فى مواضع عديدة,

أحاول جاهدة أن أنشغل عنها بمشاهدة أفلام، بالقراءة، بالكتابة. لكنها أكثر تركيزا منى فى عملها المتقن.. كيف أنشغل عن هذا كله. كيف لى أن أكتب. أركز. أستمتع. كيف أنشغل عن تيبس عضلات كفى ووغز أصابعى.. لا أحد يشعر بما أقوله. وربما تعتقدون أنى أبالغ بوصفى محترفة تأليف وكتابة..أعذركم.. لأنى أنا نفسي لا أستوعب تلك الأوجاع المتضاربة والتى تذهب فى لحظة وتهاجم فجأة بدون مبرر.

لا أحد يستوعب إلا إذا كان يعانى من نفس المرض.. فمرض الذئبة الحمراء مختلف عن أمراض المناعة بأسرها، وإلا ما نعته الأطباء بمرض الجن، حيث اعتقد البسطاء قديما فى بداية اكتشافه أنه من فعل الجن. والمريض به ممسوس وقد خضت أشواطا فى هذا الشأن رغم استنارتى، لأنى ببساطة لم أعهد وجعا كهذا وتضاربا بين الشكل والقالب إلا فى هذا المرض. فائدة جميلة مضيئة لا يشك أحد فى أنى مريضة.بينما تنهار أعضائى.. ولم تنته رحلاتى مع المشايخ إلا بعد انضمامى لجروب مريضات الذئبة اللاتى عرفت معهن أنى لست بمفردى وأن ما أعانيه ليس ضربا من الخيال.. أن هذا المرض قادر على التواصل مع العقل. إما أن يحركك ويسحبك له. أو تتأبطه بإرادتك.. لكنه للأسف يقرأ نواياك ومهما أخفيت من نوايا يعلمها ليسد عليك الطريق قبل أن تنفذها إذا كانت ضده أو لصالحك.. فى الحالتين يوقفك.أنه فقط يريد إخبارك بأنه مستيقظ.. بأنك تحت السيطرة. بأنه يستطيع النيل منك..

ربما لهذا ينتابنى  الخوف من يوم الجمعة بخاصة. حيث يختبئ الجن فى سكناته. والذئبة تسكننى. أيا ما كان كيانها فأنا أستشعرها من بنى الجن.. من يقدرون على مالا نقدر.. من يتحدون الرب لجلب ضعاف النفوس إلى ناصيتهم.من يجيدون الضغط عليك لكى تكفر. إما بغضبك على الله أو بتفكيرك فى الانتحار وفى الحالتين..هو كفر بين.

مقالات من نفس القسم