هي..هُما.. هُن

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

تبدأ الحكاية منذ أن جاءت "ناديا" ذات الرجل على هيئة مفتاح إلى مدرستنا، لتجلس في مقعدها البعيد وأنظر إليها "فعيني لا تسمع الكلمة" وهى لا تعرف "أين تقف؟ ". تتعدد الأصوات لتكتشف "ناديا" علاقتها بالأخريات، فالعين تراقبها إذا ما جلست، تكلمت أو سارت وهي تتحير، تفكر أين تقف؟.

يبدو وكأننا أمام تأملات لعالم المدرسة في “بلوك نوت” ذي ورق مربع وآخر مسطر، كلمات يصاحبها بعض الرسوم والصور، أشكال لأقلام وممحاة. لنسجل أفكارنا الخاصة تجاه العالم والآخر، إذ تقدم لنا المؤلفة “نهلة غندور” تلك الفكرة من خلال فصلين “عيني لا تسمع الكلمة” وفيه نجد تلك العين المراقبة المتفحصة لناديا  ليؤكد الرسم بمنظور هندسي على تلك الفكرة من خلال زاوية رؤية المقعدين الظاهرين لنا بأولى صفحات الكتاب وإن لم تظهر ناديا وتلك الفتاة الأخرى راوية الحكاية.  ونجد إشارة خفية لإعاقة ناديا الجسدية في الكرسي ذي الرجل المجبورة. وتمتد الفكرة للصفحة التالية فالعين هى محور الصفحة ترمق ناديا تحدق فيها من بعيد عندما تكتب، تتكلم، تجلس، تقف أو تسير وتراقبها إذا ما ضحكت أو بكت في محاولة لأن تخترق تلك العين نفس ناديا . لكنها تقرر أن تقترب من تلك الفتاة وتبدأ حوارا تغرد به فيمتد بينها وبين الفتاة خيط تختار العصافير أن تقف عليه وتتعلق به الكلمات دوائر لونية مبهجة وأرجوحة حمراء يتبادلان عليها الكلام وهنا تكون المرة الأولى التي تظهر فيها ناديا وتتضح إعاقتها الجسدية  وتتراجع الفتاة الأخرى للخلفية .يمتد الحوار بينها وبين الفتاة ويزهر ورودا ملونة وفراولة وكرزا يشبه الممحاة في رائحته، فتحلق ناديا مع العصافير على القلم.

ويحدث ذلك التحول من المنظور الهندسي إلى الخطوط الدائرية ومن عيني ناديا المنصبتين على ذاتها بألوان رمادية إلى ألوان قوس قزح تعلو حاجبيها ويرتبط ذلك التحول عند اختفاء حالة مراقبة العالم لها والتقائها بالآخر .  

صفحات خالية تفصلنا عن الفصل الثاني “أين أقف؟” ربما لنضيف تأملاتنا وليكون “البلوك نوت”، دفترا شخصيا لنسجل فيه توجسنا من عين العالم.

لا تعرف ناديا أين تقف وسط مجموعة من العصى المتكتلة تحاول أن تجد لنفسها مكانا بينهم، فتتحير ربما هنا؟ أو هنا؟ فهى ليست قصيرة وليست طويلة لذا وقفت وسط الطابور، لكن الفتيات اللواتي خلف ناديا وصلن متأخرات إلي الصف فراحت تفكر في حل لبطء السير يشبه الحلزون فالجميع وصلن متأخرات عندما فكرت ناديا أن تقف أول الطابور وتظل مشكلة ناديا أين تقف فلا يوجد لها مكان لا بوسط ولا بآخر أو حتى بأول الطابور. فماذا تفعل فالفتيات العصى حائط حاجز يظهر وجهها المفكر من خلفه، وتقرر بأن تسير قبلهن بثلاث دقائق فتصبح بجانب الطابور ليصل جميعهن .حاولت ناديا أن تجد مكانا لها بالعالم وإن كان بجانب الطابور ليضعنا الكتاب أمام اعاقتنا في تقبل الآخر فناديا لم تقف تنظر بل حررت الكلمات ألوانا تزهر ورودا وظلت تبحث لها عن مكان وسط كتل خشبية ظاهرة ملون .

 وها هى الصفحات الخالية أمامك تنظرك مجددا ! .     

 

ريفيو:

تأليف : نهلة غندور

http://www.arabchildrensliterature.com/ar/directory/authors/nahla-ghandour-ar

رسوم: جنى طرابلسي

http://www.arabchildrensliterature.com/ar/directory/illustrators/jana-traboulsi-ar

دار الخياط الصغير- بيروت2010 بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون ومؤسسة غسان كنفاني الثقافية 

مقالات من نفس القسم