نصٌ جريء أوله غير عابئٍ بآخره

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 40
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

نهى أحمد رزق

هل يمكنني أن أتمدد بجوارك؟ سأغلق باب غرفتك بإحكام، لن تعرف أمك شيئًا عنّا، سأتسلل بخفة تحت غطائك وأبقي حتى الصباح، ساكنة.

لا تصدقني؟ أنا أيضا لا أصدقني.. غير معقول، كيف أفلت من كوالين بيتنا وأنفذ إلى بيتك؟ كيف في هذا الوقت من الليل شديد الظلمة والخوف؟! مع ذلك أتخيلك دائمًا هنا -ساكن أيضًا- حتى أتمكن من النوم، فأنا أشتاق إليك مثلما أفعل عادة كل يوم.

أرتب غرفتي؛ أقراطي، أساوري وحذاء وردي جديد، أفتح دولابي وأمرر يدي على فستان أبيض  قصير يحلم أن أعرفه عليك، وأعده أنا بليلة كلاسيكية ليست ببعيدة.

 أنا مستعدة ومنتظرة والعازفون والديكور والسيارة والكراسي والنجوم والطريق .. كلنا ننتظر دعوتك.. أُمني نفسي وأُمني أشيائي الحبيبة برفقتك.. ولا أري بديلًا لذلك.

دعنا نتفق أن الحياة متعبة..

انظر الساعة الآن تشير إلى الثالثة فجرًا تقريبًا، أجلس علي طاولة خشبية بمفردي، أرتدي ذات القميص البرتقالي اللون الذي لمحته صدفة علي هاتفي في أول تعارفنا فأخذت تضحك من رسمته الطفولية ! كلما افتقدتك وافتقدت ذلك البيت الذي لم يُقدر له بعد أن يجمعنا، أرتدي قميصي هذا، أحدّثة وأرتب معه تفاصيل ممكنة.. هنا سأضع مزهرية وهنا مكتبة وهنا عربة الشاي وبعضا من التحف التي أقدر على توفير ثمن شرائها.. هل تظننا نحتاج إلى شيء آخر؟
أتدرب في بيتي الجديد هذا كي أصبح امرأة تتقن صنع كل شيء؛ سأرتب السرير وأنظّف المطبخ وأعتني بالورود في مزهرية الصالون، أركض وراء كل التفاصيل التي تتقنها وحدها صاحبة البيت كي أصنع لك بيتا جميلا تحب دائما العودة إليه، وكي تحبني.. وكي تحبني امك ايضا.
 
تعرف مسبقا أن الحياة مخيفة فكم أخبرتك أنني لا أريد أن أمضيها وحدي وكم أوضحت أنني لا أنوي مشاركتها مع غيرك.. تعال الآن، أعدك بأني سأعرف كيف أحوّل إنهاكك وفزعك إلي اطمئنان وسكينة.

 أنا مثلك أيضا، يفزعني أن يتقلّد أحد غيري مفاتيح حياتي، فيتحكم وحده متي يزج بي في حجرة مليئة بالخوف والظلام ومتي نمرح في حقل تغلب عليه رائحة الحب، الحب وحده يملك أن يحل هذا الخلاف.

إن أحببتني توقف خوفك وخوفي معًا.

 فقط لا أعرف كيف أتوقف عن تخيلك وأنت تصرخ بأني للمرة المليون كسرت حاجزًا لم يكن يجب أن أتخطاه، حاولت.. حاولت كثيرًا صدقني ولم أفلح
هنا ستجلس أمك.. وهنا ستجلس أمي وأنت ستجلس هنا، رتبت مقعدك بعناية حتي أنني رششت في جوانبه عطر خاص بالمناسبات السعيدة.. غير أن الساعة التاسعة والنصف الآن ولم يظهر أحد منكم..

عندي أربعة وعشرون أمنية كلها بين أصابعك التي تلتقط خصيلات شعرك إذا مالت قليلا.. هل يمكن أن
تعيرني إياها؟ أنا أقبل بأي شيء، فالقليل منك كالكثير منهم..

لا ترحل.. فالرحيل لا يسبب إلا وجعًا غير مألوف، لا ترحل الآن بالتحديد..

كيف سأواجه شوارع تلك المدينة الأرستقراطية بدونك؟ وكيف أضحك ملء قلبي وشدقي معًا بعد الآن؟

وكيف أمرر يدي على تلك اللوحة التي استوقفتك كثيرا من فرط وحشيتها ولم يستوقفك قلبي المنفطر يوما؟
   
دعنا نرحل كلانا،

ربما يكمن الحل في النسيان وحده فلا سبيل للحب في قلبك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة مصرية 

مقالات من نفس القسم