من سيدافع عن الجمال الآن؟

موقع الكتابة الثقافي art 32
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مي حواس

يختار من يريد، بجبروته وقوته الفتاكة كالطبيعة العمياء

لا تعلم عن العقل شيئًا رغم أنها أكثر حكمة من البشر

لكن تمهل قليلا أيها الوباء العظيم

أيها الوباء قد تكون يائسًا وقاسيًا كالموت

لكنك رحيم أرى فيك أمل الحب والجمال، ربما أمل الخلاص.

ألن تنقذنا من مجاعة فكرية وجمالية، أهذه إبادة بطيئة للقيم أم هي آثار ما بعد الإبادة؟

ألن تنتقي منا الفقر والجهل، ألن تنتقي منا قتلة الشجر والنخل، لصوص الثراء الفقير، ألن تنتقي هَدَمِة المدن القديمة، مدمري العقول وبائعي الأبحاث، هدم وإحلال للمناطق المتميزة بالقاهرة تدريجيًا من قبل فئات ليس لها أي بعد ثقافي أو جمالي

وبفكر -مجازيًا – يبيع أي شئ بلا رؤية أو تحسين

جني المال أهم من الجمال ومفهوم الجمال لديه سطحي

ولأنهم لا يستطيعون الحياة في قصور جاردن سيتي يصنعون مسخًا منها

وربما إن كان التقليد جميل لما اعترضت على ذلك

لكن حتى الكومباوندز والتجمعات المرفهة تصنع نماذج مشوهة من معمار عظيم سعيًا خلف المال والتربح السريع ومزيدا منه كالقمار أو كالهاوية تزيد سرعتنا فيها كلما اقتربنا من القاع

ألن يقتل الوباء الجشع لدى “المطورين” ممن يقتلعون كل شيء وتاريخ وأثر وشجر وبني آدمين ويردمون من النهر من أجل مزيد من الملايين؟

أو من عمليات استدرار العطف في جني مال لا ندري إلى أين يذهب، هل إلى من يستحقه أم إلى شراء الفخامة لمن خلف المكاتب؟ ألن يقتل الوباء تاجري المخدرات الذين ينتشرون مثل النار في الهشيم وبدلًا من تربية الشباب يقتلون أدمغتهم وقلوبهم وأحلامهم؟ ألن ينتقس منا المتاجرين بالفن من أجل مزيد من لا شيء؟

ألن تنتقي منا الذي حرم ما حلله الله؟

الذي حرم الرسم والنحت والموسيقى لسنوات تقترب من قرن كامل؟

من سيدافع عن الجمال الآن؟

إن كان فقراء البلد وأغنياؤه تنازلوا عن القضية؟

إن كان فقراء البلد يتحججون بالفقر فماذا رد أغنيائه؟

وإن كان فقراء البلد يتحججون بالجهل؟

فماذا عن مثقفيه وأغنيائه ممن يستطيعون شراء الجمال الواعي أو الإنفاق عليه؟

وإن كان فقراء البلد يستنزفون ما يجدون

فماذا عمن يستنزف باقي طبقات البلد بحيث لا يمتلك أحد وقتًا أو جهدًا أو مالا لإنقاذ ما تبقى منه؟

أيها الوباء العظيم

اترك لنا قليلا من الجمال

إن كان لابد من الرضا فيك

لا تقتنص منا الجمال

كن حكيمًا في اختيارك

كن واعظًا لمن قتل الخير والجمال

ومن فقد الأمل فيهما

كن رحيمًا بمكان متعطش للجمال

تركت البحث عن مفردات جديدة

مدهشة لعقول تظن الإدهاش غرابة فقط

تركت السعي خلف تركيبات لعقول ميتة من ظمأ ماء الحكمة

فمن يظمأ للحكمة يظن أنه تاركها اختيارًا

27 أبريل 2020

 

مقالات من نفس القسم