مني وفيق التي صادرت الأردن كتابها تتحدث: الغباء موهبة في العالم العربي

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أجرت الحوار- حسناء الجريسي

مني وفيق قاصة مغربية, تنتمي إلي ذلك الجيل العربي الذي يري أن وجوده في حد ذاته قضية كبري, وحين تري مني وفيق لا تستطيع أن تتجاهل ملامح الروح المصرية لديها, كما تتجلي في حبها لصلاح جاهين, وإصرارها علي أن تزور معرض القاهرة الدولي للكتاب سنويا علي نحو لا تفعله مع معرض الدار البيضاء, الذي يقع علي بعد خطوات منها.أصدرت مني وفيق مجموعتها القصصية الأولي نعناع شمع وموت في القاهرة عن دار شرقيات, وفي الأردن أصدرت فانيليا سمراء, لكن دائرة المطبوعات الأردنية أمرت بمصادرة الكتاب, وها هي تنتظر صدور كتابها هذه الممسوخة عن مشروع اكتب الذي تتبناه مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.

هنا حوار مع مني وفيق فإلي التفاصيل..

* كيف تعرف مني وفيق نفسها للقارئ؟

أنا مني وفيق التي تؤذيها التفاصيل التي قد لا ينتبه لها الآخرون , وتعتبر الكتابة حياتها الموازية التي يتنفس من خلالها الآخرون حتي حين يلفظونها, عندي أحلام كثيرة في الكتابة والحياة, وأدرك أن الكتابة في عدم الاكتمال,

التي أريد لها أن تنتهي في كامل بهائها.

* العمل الصحفي لديك هل كان نتاجا للعمل الأدبي أم العكس؟ وكيف استطعت الجمع بينهما؟

الصحافة بالنسبة لي إبداع مواز للكتابة, ففي الوقت الذي دخلت فيه عالم الصحافة كنت أكتب أثناء الدراسة, فقصتي الأولي التي حصلت بها علي الجائزة الأولي في مرحلة الجامعة كانت حبا وعشقا وجنونا, فالكتابة بالنسبة لي مثل الحب, هناك رابط بينهما, فعندما تنتهي العلاقة أضحك عليها. عندما انتهيت من مجموعتي نعناع وشمع وموت سألت نفسي: هل أنا التي كتبت هذه القصص؟ فأنا أكتب وأعيش بالتوقيت المحلي.

* لماذا تمت مصادرة كتابك فانيليا سمراء في الأردن؟

أعتقد أن الغباء في العالم العربي موهبة, كتابي صودر بتهمة مختلفة وهي الإساءة إلي الدين, وهذه التهمة شماعة سهلة تعلق عليها تلك الأسباب الواهية.

* ما مبرر أن يكون غلاف كتابك عبارة عن صورة لك وأنت طفلة؟

أري أن فانيليا سمراء خيط بين الكاتب والقارئ, فأنا أريد أن يحب الكتاب بطريقته, ففيه أبدو وكأنني تركت للقارئ شيئا, وأنتظر أحد الأشخاص لأخذه, ليس بالضرورة أن يكون شخصا محددا, لكن المهم أني تركت وجعي لشخص ما ليأخذ قطعة من روحه ويضعها في روح ثانية.

* ماذا فعلت عند سماعك خبر المصادرة؟

سماعي لخبر مصادرة كتابي أخذ مراحل, في البداية اندهشت ثم ضحكت وقلت ما هذا الغباء؟ وبعد ذلك وصلت لمرحلة الإشفاق, فأنا أري أن الكاتب يعيش حياته وحياة الناس العادية, وعندما أري شخصا غير قادر علي فهم هذه العلاقة لا أملك غير الإشفاق عليه.

* هل توقعت أن يحدث هذا مع كتابك؟

لا الكتاب عن طفلة لديها هواجس وأحلام وحزن وخوف وخذلان, إنها مليئة بالتساؤلات وبالتناقض, طفلة ترسم عالما خاصا بها تدعو الناس ليساعدوها علي تلوين هذا العالم.

* هل تعتقدين أن قرار المصادرة يستهدف ناشر كتابك دار أزمنة خصوصا بعد قرار مصادرة أكثر من كتاب له؟

نعم المصادرة تمت في زمن وجيز جدا, ومعها صودرت كتب أخري, فالرقيب يختلق النص والاتهام, ويكون هذا الاتهام بعيدا كل البعد عن نص الكاتب, مصادرة الكتاب إجراء وقائي يلجأ إليه الرقيب خوفا من نفسه, فهو غير قادر علي الفهم والإحساس.

لو أن هذا الكتاب صدر عن أي دار نشر أخري, هل كان سيلقي المصير ذاته؟

لا أظن فلو أن الكتاب طبع في مصر أو المغرب كان الوضع اختلف تماما.

* تقولين إن علاقتك بـ فانيليا سمراء علاقة خاصة جدا هل أردت من خلالها تسريب سيرتك الذاتية؟

في فترة ما امتلأت بالشحوم من الداخل والخارج, فحاولت التخلص منها, فاكتشفت أن الآخر لا زال يخدخل الشحوم إلي من جوفي ما يعني أنني سأكتب فانيليات كثيرة.

من ناحية أخري الفانيليا ليست فيها سيرة ذاتية بالمعني الأنطولوجي, هي سيرة عاطفية ..سيرة آخرين لي علاقة بهم, وفي النهاية فالكتابة حياتي الموازية.

* هل روج خبر المصادرة للكتاب؟

الشئ الذي يضايقني أن يفقد النص المكتوب قيمته أمام هالة المصادرة.

* ما رأيك في البيان الذي نشره الكتاب والشعراء العرب تضامنا معك؟

اكتشفت أن للكاتب عشيرته ولا يوجد أجمل من هذا, وهذا يجعلني أستمر في مشواري, فعندما تكون للكاتب عشيرته فهذا يشحنني بشحنة إيجابية.

* مني وفيق حين تكتب هل تبحث عن صدي كتاباتها عند القارئ بشكل عام أم عند الأصدقاء؟

أنا أكتب لأطرد قلقي الوجودي, المتلقي لا يعنيني في شئ, فأنا أتعب لرؤية أشياء هو لا يراها, ولابد أن يتعب هو أيضا, فالكتابة بالنسبة لي حالة ولا أستطيع التفكير في غيري وأنا أعيش حالتي فهي حياتي الموازية.

* ما رأيك في مقولة الأدب النسائي؟

أنا ضد هذاالتصنيف, فهذه العبارات تستفزني في النهاية الكتابة تتفق مع هموم الكاتب وهل من المعقول أن ننتبه للتصنيف ونترك الكتابة فننتبه للقشور ونترك لب الشئ.

* كان يوسف إدريس يقول إن كل الحريات المتوافرة لجميع الكتاب العرب لا تكفي كاتبا واحدا.. كيف تكتبين في مثل هذه الظروف؟

أكتب لأعيش, لأتنفس, هناك أشياء كثيرة مصادرة في حياتنا, نحن جيل يدجنونه باستمرار, فهل يا تري بإمكانهم مصادرة طائر يطير في السماء؟ فمهما فعلوا سيخترع الكاتب نوعا جديدا هو الكتابة الصامتة.

* كيف تتم الكتابة بالصمت؟

وأنا صغيرة كنت أكتب في الهواء علي الحائط عباراتي التي لا أطيق أن تظل كامنة في جلجلات نفسي, فكنت أكتب علي الهواء والكلام في النفس أيضا كتابة بالصمت.

* قلت إن الأرض هي منفانا الوحيد, ألم يكن لبيئتك تأثير عليك؟

أنا صنعت لنفسي بيئة خاصة بي, الأرض هي الوطن والمنفي, مسألة الأوطان كذبة كبيرة, لا أفكر فيها, فأنا أصنع العالم الخاص بي وحدي, أصنعه كما أشتهي, وأملأه بالشخوص التي أشعر بأنها تنتمي لي بطريقة أو بأخري, وبالتالي أعيش في كوني الخاص بي.

* جيلك متهم بأنه بعيد عن القضايا الجوهرية. كيف ترين هذا الأمر؟

أنا لا أؤمن بذلك نحن جيل لديه همومه الخاصة به, يكفينا تحمل العبء الوجودي الخاص بنا, ولا أعتقد بوجود قضية أكبر من هذا.

* كيف ترين المشهد الأدبي الراهن في المغرب؟

الحركة الأدبية في المغرب تسير بوتيرة سريعة, فالملاحق الثقافية كثيرة, وأغلب أبناء جيلي في المغرب يتجهون لكتابة القصة, حركة الإنتاج كبيرة جدا, وسوف يحدد الزمن قيمتها, لكنني أكاد أجزم بأن المغاربة أقوياء في السرد القصصي, ويظهر هذا في كثرة الإصدارات القصصية والتجريب واللغة, فلا يوجد في المغرب مجال للبذخ اللغوي.

* الناقد كاتب فاشل, والكتابة الحقيقية لا تحتاج لناقد من وجهة نظرك.. لماذا؟

النصوص الحقيقية تنتصر لنفسها, والزمن يحتفظ بالنصوص الحقيقية فعلا, والكاتب الجيد بدون ناقد لكن يا تري إذا لم يجد الناقد كاتبا, ماذا يكتب؟ أنا لا أستمتع بالنقد فهو شغلة من لا شاغل له.

* هل لديك طقوس معينة عند الكتابة؟

ليس لدي طقوس معينة, ممكن أكون وحيدة وسط الزحام, وأستطيع الكتابة ووحيدة في المكان ولا أستطيع الكتابة, فهي حالة أعيشها بدون أي مقدمات أنطلق من حيث ينتهي الآخرون, خاتمة النص يمكن أن تكون بداية لنص جديد.

* إن أعظم خطيئة هي الرضا.. ألم ترضي عن كتابتك؟

أنا كائن نزق, الرضا بالنسبة لي يوازي الراحة وأنا لا أحب الراحة, وأنا مقتنعة تماما بأن الجمال في عدم الاكتمال.

* إذن متي يتحقق الرضا بالنسبة لك؟

مادمت أعيش فلن يتحقق الرضا, إنه يوازي الموت, ففي كل مرة ترين الحياة بشكل مختلف, الرضا فسحة الأمل.

* تتمنين أن تكتبي النص السريالي هل حققت هذه الأمنية؟

نعم تحققت في المجموعة الجديدة هذه الممسوخة فهي إضافة جديدة لرصيدي الأدبي, ستتكفل بطباعتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم في الإمارات, ضمن برنامج اكتب, وأنا معنية فيها بالتفاصيل, أري الهامش هو المركز الأساسي لتفاصيل متعبة جدا, هذه الممسوخة هي أنا ، هي الحكاية وهم ..

* هل تحددين لنفسك محاذير عند الكتابة؟

لا أضع المحاذير في اعتباري, فأنا أكتب إنشادا للراحة, وكلما انتهيت من نص يطاردني قلق النص القادم.

* ما رأيك في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام؟

أنا أحضر معرض الكتاب في مصر ولا أحضره في الدار البيضاء, وهناك مآخذ علي المعرض جعلته يفقد قيمته كعرس ثقافي يلقتي فيه المبدعون العرب, وكان إلغاء المقهي أمرا سيئا, فقد كان يجمعنا كمثقفين نتحاور ونتناقش, فهذا المقهي كان حلقة التواصل بين المثقف والرجل العادي وبين المثقفين بعضهم من مختلف البلدان.أحسسه معرضا أمنيّا!!

* لماذا يتم اختصار المغرب أدبيا في محمد شكري؟

هذه مشكلة المشارقة, ليست مشكلة المغاربة, عندما اأريد كتشاف عوالم جديدة فعلي أن أتعب ولا أنتظر مجيئها.

* هل جرأة محمد شكري هي التي جعلته أهم من وجهة نظرك؟

محمد شكري صادق وجارح.

* لكن حضور شكري بني علي أساطير فضحها أستاذه حسن العشاب؟

كل هذا لا يهمني المهم أني تفاعلت مع كتابات محمد شكري إنسايا وإبداعيا وعشتها!!*

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلا عن مجلة الأهرام  العربي القاهرية

مقالات من نفس القسم