مقتطفات من دفتر رمادي يأكله الخوف

مقتطفات من دفتر رمادي يأكله الخوف
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

آية عزت

يخونني العِطر، فأتمزّق بين منحنيات جسدي الذي اكتفى بالمواربات من أجل لحظات سعادة مُقتنصة، أين ذهبت أنا بعد قطرات العِطر النادمة من الظل؟ أنا.. تركت حقائبي الرمادية لأنني أرى كل الألوانأسّود”..

**
أخاف من مواجهتها في التليفون، تتعمد مرافقتي في الأسواق بحجّة التبضع، لكن شيئًا يُمزّق ما تبقى منّي ومنها في المرآة.. أنا ضحيت بكل شيء لأنفرد بمربعات الشطرنج الخاسرة، لكن الحصان الأسود مستمر في مواجهة الطابية البيضاء..تتلوا عليّ آياتها المُفضلة عن النّعيم، وأنا غارقة في “فاسق جاء بنبأ”..

**
أين ذهبت قصائدبورخيسالعمياء”… في البدء كان الشعر قصيدة واحدة ثم توالدت بعدها الكلمات والصور بحجم البشرية، آدم والتفاحة، الخطيئة والنسيان.. أقرأ الأشعار بالإنجليزية فلا أرى سوى شوارع جانبية مُضاءة بزجاجات خمر، شيء أقرب إلى أحلام مُراهقون منغمسون في بقعة سوداء من أرضٍ منسيّة.. كأرضي وبلادي الكئيبة..

**
أجلس بجوار صديقي وهو غارق في قراراته، الخطأ منها قبل الصواب.. “هل تعرف قدري؟ ماذا سيحدث لي بعد عام؟” أسأله فلا يلتفت، ينشغل في أوراقه وأختامه، فأَرشده إلى التقارير، الظاهر منها والمنسيّ، أؤكّد له أننا مجرد ملفات وصور مطبوعة، وأن هذا الظِل الذي يُلاحقنا هو مجرد خلل في النظام الكوني .. فقط لو أنّه يعلم أن الخوف يقتل أحشائي لأباح لي الموت، لكن الإنتظار قاتل. ألا يشعر باللعنة التي تُلاحقني كل صباح، وذنوبي التي أدفسها في حقائبي، أنا مازلت على قيد الحياة، والساعة الآن الثانية عشر ظهرًا، لا مفر من الصباح، ولا أمل يأتي مع انتصاف الليل..

**
عندما هربت منذ عام لم يُلاحقني أبي، لكنه اشترى ليديوان نيتشه.. يظنّوا أني على حافة الجنون، لكنّي كفرت بهم وآمنت بالموت.. يقول نيتشه بيت واحد من الشِعر فيُمزق أطرافي، لماذا أسير وحدي، لماذا لم يجعلني عشيقته السريّة، أنا أخشى محبّة الموتى لرغبتي الشديدة في صداقتهم، هذا صعب، وسهل أيضًا، لأن الإثم يُلاحقني، والمجنونة  لن تُلاحقني بسكين يطعن رحمي الهادئ، سترتكب ما هو أفظع، ستتدّعي أني أكتب الشِعر في البارات، فيظنّوا أني عاهرة، لن يعرفوا أن البارات رغم كل مخابئها دافئة، ولا تخون مُريديها كما فعل بوذا بكهنته..

**
أينما أسقطت ذراعي تذكّرت لفافة القصدير وقطعة الشوكولاته، عاهرة بيسوا القذرة تُلاحقني في مناماتي، لا شيء يُولد الخسارة أكثر من الخوف من العاهرات، سيئات الطبع، بائعات الهوى، ورجل يتكئ عليه العقل قبل القلب.. 

**

تواسيني صديقتي لأن هذا هو دورها، ولأنّه لا مُتسع من الوقت لديها من أجل البُكاء، لقد سَئِمَت من حكاياتي التي لم أرويها بعد، ستقتصر علينا الطريق بطبطبات خفيفة ودعوات سريعة، ربما تصل بعد أعوام وربما سيأكلني الذئب ليرحمني من مصير يُوسف في منفاه البعيد.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون