محسن فرجانى: الترجمة من الصينية أصبحت «موضة».. والنتائج فادحة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 29
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاورته: ايمان علي     

الحديث مع الدكتور مُحسن فرجاني، أستاذ اللغة الصينية في كلية الألسن، لن يشمل اللغة والأدب فقط؛ بل التراث أيضا، باعتباره من أوائل من اشتغلوا على ترجمة أمّهات الكتب في التراث الصيني، خاصة أنه يُفضّل اليوم تعريف نفسه بالباحث والمُحاضر في الحضارة الصينية، بعد تاريخ طويل وحافل بالجوائز والتكريمات الرسمية والترجمات الأدبية التي بدأها مع مطلع الألفية الثانية.

بل إن الحوار كذلك؛ لم يُخطئ الإشارة إلى «السياسي» و«الاجتماعي» بالطبع. والثقافي بطبيعة الحال، فتحدّثنا عن الترجمة إلى العربية من الأدب الصيني.. إلى أين وصلنا، وماذا أردنا؟ وهل حقّقنا ما نريد؟

فضّل د. فرجاني في بداية الحديث البوح باستيائه من تقاعس دور بعض مؤسسات النشر الحكومية، ومُستاء بالأخصّ من رفض المركز القومي للترجمة، بعد رحيل د. جابر عصفور عن رئاسته، استكمال سلاسل ترجمة التراث الصيني، الفلسفي والأدبي، التي بدأها مع كتابي «الحوار» و«الطاو» ثم أخيرًا كتاب «الأغاني» النسخة الصينية تقريبًا من الأغاني للأصفهاني. ومثل هذه المماطلات هي التي دفعت بالمترجم في السنوات الأخيرة إلى التعامل مع دور نشر صينية «جامعية» تنشر بالعربية، ويعتبرها أفضل كثيرًا. كان من بين ما رفض مركز الترجمة نشره هو ما اعتبره د. فرجاني «أخطر موسوعة عسكرية» بعنوان «التراث العسكري الصيني القديم».

تكلّم في الحوار كذلك عن رفضه أن تعمل حركة الترجمة العربية بدعم من جهات أجنبية حتى لا تؤثّر في طبيعة الاختيارات. ودعا إلى «كسر» حقوق الملكية الفكرية عندما تتعلّق الترجمة بـ«تطلّعات» هيئات حكومية تسعى لدعم الكتاب للقارئ البسيط. ولهذا السبب فهو شخصيّا لم يسع إلى حقوق الملكية مع أي كاتب صيني ترجم له، لا سيما مويان صاحب نوبل 2012. مؤكّدًا أخيرًا أن فوضى الدعم بلا حدود الذي تقدّمه الصين   للمترجمين الأجانب أدّى إلى «الزخم في النشر والترجمة» من الصينية وتحوّلها إلى «موضة»، ما انعكس بالتالي على مستوى الترجمة وأفرز «أخطاءً فادحة».

في السياسة، ترتكز رؤية د.فرجاني المتّسمة بالإحاطة عن قرب على أن «الصين لن تتخلّى عن الماركسية بسهولة». وكان مُهمّا في هذا المضمار، الحديث عن علاقة الأدب الصيني الحديث بالالتزام السياسي للجمهورية الشمولية، وهنا يؤكد المترجم القدير أن «الأدب الصيني منذ إنشاء جمهورية الصين الشعبية سنة 1949 حتى 1980 التزم بخطّ سياسي/ اجتماعي وتوجيه واضح، ثم لدى الانفتاح والإصلاح، تحرّر من هذا الالتزام، ولم تعد هناك هموم اشتراكية في الروايات الأدبية الصينية، وظهر الأدب الجسدي مثلا». يتذكّر واقعة اعتقال الكاتب وانغ منغ في الستينيات، وكان وزير الثقافة الصيني في الثمانينيات، والذي زار القاهرة، ويُعد على رأس كُتّاب الحداثة، فقد كتب قصة بعنوان «الكادر الحزبي المنضم للمكتب السياسي» وكاد بسببها أن يتعرّض للسجن. كانت أزمة أقوى من أولاد حارتنا، يقول د. فرجاني: «كانت رواية معارضة في عزّ فترة الاتجاه اليساري في الستينيات (الثورة الثقافية)، وفيها ينتقد بطلها اليساري الحزب الشيوعي، ولولا تدخّل ماو تسي تونغ نفسه لما فلت الكاتب».

بداية هل تتّفق مع مصطلح الغزو الصيني، وهل يُمكن أن نُحيل إليه أيضًا الوضع الثقافي في مجالي النشر والترجمة أيضًا؟

– أرفض هذا المصطلح. لا يمكن أبدا أن نُسمّي نشاط الصين بدءًا من الثمانينيات غزوًا. بعد مرور ما يزيد على أربعين عامًا على تطبيق سياسة الانفتاح، يمكن القول بأنه لم يكن انفتاحًا اقتصاديًا فقط، وإنما كان انفتاحًا على كل المستويات المختلفة، ومنها الثقافية بطبيعة الحال. عندما نجد اليوم دعمًا تُقدّمه الصين للمترجمين، بحيث يكون لها دورٌ ملموسٌ وحيوي في تقديم إنتاجها الأدبي للعالم؛ لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر هذا غزوًا، بقدر ما هو اتّساقٌ مع سياسة الانفتاح واستكمالٌ لها. اللافت هو أن جزءًا من سياسة الانفتاح هذه يصوغه العالم. نشاط الصين الانفتاحي على العالم كان مطلب العالم كلّه. العالم الغربي الذي كان يرى في التطبيق الاشتراكي عُزلة، وكان يرغب من دول الكتلة الاشتراكية أن تنفتح تلبية لرغبة عالمية. هذه تسمية سلميّة للغزو، انفتاح.

في تجربتنا مع السادات، لم نقدّم الداخل العربي كما يجب، لذلك ليس فقط لا يمكن أن نسمّيه غزوًا هو الآخر، إنما أيضًا نحن كعرب أو مصريين لا نزال في مجال مثل الترجمة على سبيل المثال، لدينا مطالب مُلحّة لم تُلبّ بالكامل أو على أكمل وجه فيما يخصّ مجال الترجمة العكسية، أي تقديم أدبنا العربي إلى العالم الخارجي.

الأدب الصيني ليس فقط وليد الأربعين سنة الماضية، ولا حتى وليد القرن العشرين، «نحن نتكلّم عن حضارة خمسة آلاف سنة». كما أننا لا نقدّم كل ملامح الأدب الصيني المعاصر. في تاريخ النقد الأدبي يبدأ الأدب الصيني الحديث والمعاصر من 1919 حتى اليوم. ما معناه أن العام القادم في الخامس من مايو يحتفل العالم، وليس الصين فقط بمائة عام على ما يُسمى الثورة الثقافية الجديدة، أو ثورة الأدب الجديد أو اسمها الرسمي التاريخي «الحركة الثقافية الجديدة». وما أرجوه أن يكون للساحة الثقافية العربية دورٌ في متابعة مثل تلك الاحتفالات لن أقول المشاركة فيها.

بالأخير كانت هناك إرادة صينية أو فلسفة صينية تُريد تقديم نفسها إلى العالم، وامتدادٌ لميراث قديم ومطالب تجديد عصر. صحيح من بينها مطالب استقلال؛ لكنها كانت ثورة ضد الاحتلال بشكل عام. كانت ثورة مُضاف إليها كذلك محاولة «اللحاق بتقديم نسخة عصرية». وهذا كان تفسير الصينيين الخاص لوقوع الصين تحت براثن الاحتلال. وهو نفسه الفرق بين ثورتنا في 1919 وثورتهم. فبدلا من اعتباره، أي الاحتلال، سبب المصائب، كما كانت تجربة ثورتنا هنا في مصر مع الاحتلال البريطاني، طالب الصينيون بما يُمكن أن نسمّيه «التغريب» وترك الانكفاء على الماضي. إذن هي ثورة تنزع نفسها من الماضي وتنظر إلى المستقبل. وقد نجحوا في ذلك بدرجات. فلا يزال الارتماء في أحضان الحضارة القديمة قائمًا. بل في طريقه للاعتراف الكامل بالكنفوشية.

هذه القناعة، منتشرة كثيرًا في دراسات عربية ومن قلب الصين، العودة إلى الكنفوشية.

– بالطبع. استُغرق الفكر الصيني بالكامل في المسألة الإنسانية، وركّز فيها بعمق. وبدأنا نفهم لماذا تتأذّى الصين من الاتّهام الموجّه لها دوريًا في مسألة توجّهاتها الحكومية ضدّ حقوق الإنسان، وتعتبر هذا مُهينًا لها لأن فلسفتها كلها قامت على الفكرة الإنسانية، واحترام العلاقات الإنسانية وعلى الأخلاق الإنسانية. وصياغة علاقات مفهومة ومنطقية وأخلاقية للجماعة الإنسانية البشرية. هذه الفلسفة موجودة بشكل راسخ في الثقافة الصينية.

لذلك لم يكن كل هذا سهلًا على الصين. حاولت أن تنزع نفسها من الماضي؛ لكنها لم تستطع كُليّةً، وانتهت لما هي عليه الآن. بدأت في 1919 برفض الجماعة الثقافية الصينية للكنفوشية، واللغة الصينية الكلاسيكية، والفكر الصيني القديم، وانتهت بقبول الكنفوشية والرجوع إلى التراث. نعم بإمكاننا القول أنها انتهت إلى الكنفوشية أو في طريقها للاعتراف بها مرة أخرى. وهذا أمرٌ لافتٌ للغاية. مؤخّرا، في السنوات العشرين الأخيرة، اعترف الحزب الشيوعي الصيني بالكنفوشية كعنصر من العناصر التي يعتمد عليها الحزب في أفكاره الأساسية. في المؤتمر السادس عشر أو السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني جرى الاعتراف على يد الرئيس الأبدي، الرئيس مدى الحياة، نفسه عندما قال: لولا ماو تسي تونغ ما كنتُ أنا اليوم. هذا من شأنه أن يُعطي درسًا للجماعة الثقافية العربية بأن الانفصال عن التراث مسألة مستحيلة. تخيّلي أن تقرأي لدى فوكوياما في نهاية التاريخ أو صامويل هينتنجتون وهو في قلب أمريكا يعترف في كتابه «صراع الحضارات» بأنه ينتمي إلى التراث اليوناني والروماني والإغريقي. وفي الصين هناك «لو شوين»، أحد روّاد الحركة الثقافية الجديدة، التي تضم وللعجب ماو تسي تونغ نفسه. ونحن هنا على العكس؛ نجد روّاد التنوير، رفاعة رافع الطهطاوي وطه حسين وحتى نصر حامد أبو زيد؛ وقد نادوا جميعا بأننا لا نريد شيئًا من الماضي. الوحيد زكي نجيب محمود أشار إلى الماضي بالتبجيل، ولكنه قرأ التراث وهو شيخ هرم. اليوم أتمنى على الحالة الثقافية العربية المتابعة والرصد على الأقلّ، لا نقول الكتابة حتّى.

مع حصول مويان على نوبل الأدب، بدأت النظرة إلى الصين تأخذ منحى أوضح وأبرز، كيف يُمكننا النظر إلى هذا الحدث اليوم؟

– ما يجري في الصين حاليا يُنظر إليه من جانب الساحة الثقافية الصينية على أنه استمرار لتقاليد الحركة الثقافية الجديدة. مويان صاحب نوبل مثلا يُنظر إليه داخل الصين وخارجها بوصفه أحد أحفاد هذه الحركة. لقد قابلتُ في عام 1997 «فنغ جي تساي»، الذي لا يزال حيّا بيننا، وكان وقتها الروائي الأدبي البارز، واليوم يُنظر إليه باعتباره القيادي السياسي اللامع، فهو أحد قيادات الحركة الثقافية المعاصرة داخل مجلس نوّاب الشعب، وهذا المكان أحد أجهزة صنع القرار المهمّة والحيوية في الصين. جي تساي هذا هو واحد من جيل كتّاب الفترة الجديدة، وقد زار مصر، وتحديدًا الجمالية بعد فوز نجيب محفوظ بنوبل، كان ذلك في عام 1994، وأجريت وقتها حوارًا صحافيًا مطوّلًا معه قال فيه أنه خليق وجدير بالجمالية أن تُنجب جميع عباقرة مصر، من دون أن يعرف أنها الحيّ الذي شهد فعلا ميلاد نجيب محفوظ وجمال الغيطاني.

سألتُ جي تساي وقتها، هل ترى نفسك كابن للصين المعاصرة، ابناً للحركة الثقافية الجديدة؟ ردّ عليّ بنعم بالتأكيد. اعتبر نفسه هو وأبناء جيله استمرارًا لمطالب وتقاليد الحركة الثقافية الجديدة، التي لم تنته ولم تنقطع حتى الآن. عندما مُنح مويان نوبل، قرأت تعليقًا نقديّا يقول بأن حصول مويان على أرفع جائزة أدبية في العالم كانت نبوءة طرحها «باجين» أحد روّاد الحركة الثقافية الجديدة، الذي عاش 99 عاما، ويعرفه كل جيل الستينيات المصري، وهو واحد من الكتّاب الصينيّين المستقلّين الذين لم ينخرطوا في أي نشاط حزبي، ولم يلتحقوا بأي وظيفة حكومية حتى رحيلهم. وبالمناسبة كتب باجين على غرار ثلاثية نجيب محفوظ؛ ثلاثية مماثلة تُعبّر هي الأخرى عن نهضة الصين الحديثة، واشتباك الهمّ الوطني والإبداعي. المهم كان باجين يُردّد «إننا لم نحصل على نوبل، ولكن واحد من أبنائنا حتما سيحقّق هذا وينالها»، فكانت بمثابة نبوءة.

في ظلّ هذا الزخم، تأسّس بيت الحكمة «الصيني».. كمترجم وباحث في الشأن الصيني، كيف ترى هذه المبادرة؟

-في حدود ما أفهمه، بيت الحكمة أحد الناشرين العرب الذي يتميّز بأنه «منصّة» عرض الأعمال الصينية المترجمة إلى العربية داخل الوطن العربي. أقول منصّة لأن الغالب في خروج الثقافة الصينية للعالم الخارجي لا يُحيلنا أبدا إلى بيت الحكمة الأصلي الذي يتوخّى اسمه هذا الصرح حاليا. بيت الحكمة العربي القديم نشأ برغبة عربية مستقلّة بها لكي تتعرّف على النتاج الفكري الغربي. هُنا جنّد الخليفة العربي أو توسّم في المترجمين العرب أن ينقلوا هم بأنفسهم وفقا لمطالب الداخل العربي ما يرونه ملائمًا من أطروحات الفكر الغربي أو الأجنبي. كان الدافع لهذا المجهود هو الهمّ العربي الداخلي، ثم استدعاء ما هو موجود في الخارج. اليوم، بيت الحكمة مختلف عن بيت الحكمة القديم؛ فهو على العكس؛ ينطلق من الخارج.. ما تراه دور النشر الصينية، الحكومية والخاصة، وفق ضوابط مُعيّنة تضعها هي والحكومة الصينية. صحيح أنها موضوعة وفق ضوابط الانفتاح أيضًا، لكن ليس بيت الحكمة فقط هو الذي يذهب إلى الصين، كل التجّار الذين يمتلكون منافذ تجارة داخل وخارج مصر يُسافرون إلى الصين. إذن ليس فقط النشر، بل قطاعات في الصناعة والاستيراد وغيرها.

هذا الدور في مجال الترجمة والنشر لافت ومغرٍ جدًا، لأنّ الحكومة الصينية تقّدم دعمًا للترجمة حتى لدور النشر الخاصة كما عرفت.

-بل إن الحكومة الصينية تُقدّم دعمًا حتى للمترجمين فُرادى. شريطة أن يبحث المترجم ويجد دار نشر في الداخل. مصرية أعني في حالتنا. اتّحاد الكتّاب الصينيين يُتيح على الإنترنت استمارة دعم مالي للمترجمين. والأمر مُعلن وليس سرّيًا، ونحن نوزّع على طلّابنا في الألسن هذه الاستمارة. مثلما توزّع في المركز الثقافي الصيني. من خلال منصّة بيت الحكمة يستطيع صاحبها أن يُتيح مترجمين، يقترح دور نشر، أن يطبع لنفسه وللآخرين. لكن بيت الحكمة بالأخير ليس ممثلا عن الحكومة الصينية في مصر. وهذا خلطٌ تُقيّد دور النشر المصرية نفسها به و«إيهام» تقعُ فيه. أتمنّى على الناشر الحكومي المصري أن يُبادر بنفسه بالاتصال والتواصل مع قنوات الحكومة الصينية في مصر، وهما السفارة الصينية والمركز الثقافي المصري، للاتفاق بشكل مباشر وصريح وواضح، والاستفادة من الدعم بلا تلاعب. وأثمّن في هذا المضمار، الدور الذكي الذي بادر به مركز الأهرام للنشر والترجمة، بالاتفاق مباشرة مع المركز الثقافي الصيني وسيصدر مع نهاية العام وربما تُطلق مع معرض الكتاب، أربعة عناوين صينية جديدة عن مركز الأهرام، راجعتُ منها واحدًا.

>لماذا لم يستفد مُترجمون في الحقل الأكاديمي، مثل حالتك، من هذا المناخ الداعم لتأسيس مبادرات خاصة؟

-اعتذرت عن عرض عُرض عليّ منذ ثلاث أو أربع سنوات، عبر خطاب من اتحاد الكتاب الصينيين بعد مشاركتي في مؤتمر المترجمين الذي يُعقد في الصين في أغسطس من كل عام، وهذا العام هو الخامس له. بعد المؤتمر الثالث، خاطبوني، باعتبار الاتحاد وسيط مجلة «لو دنغ» أو منارات الطريق التي صدرت مؤخرا في عددين سنويين، على أن أساهم في الوصول إلى مترجمين ودور نشر مصرية، وأكون مسئولًا للتنسيق وإتاحة المواد في المجلة، بينما يدفع الاتحاد مكافآت للمترجمين ودور النشر. اعتذرت لأنني بعدما طلبت التعرّف على أبواب المجلّة، وجدت أنها لن تستوعب عدد المترجمين الجيّدين القليل جدًا المتاح من الصينية إلى العربية في مصر. الأبواب كانت في حاجة على الأقل إلى ما لا يقلّ عن عشرة مترجمين. منذ أربع سنوات لم يكن متاحًا هؤلاء العشرة، كانوا ثلاثة فقط. اليوم أقول زادوا إلى أربعة! نعم أربعة مترجمين مصريين من الصينية إلى العربية اليوم، أستطيع بكل إطلاق القول بأنني يمكن أن أثق في ترجمتهم والاعتماد عليهم. هم أربعة فقط حتى الآن. أنا خارجهم بالمناسبة.

ألا يتعارض هذا الرقم الضئيل مع الزخم الذي تشهده حركة الترجمة من الصينية في مصر في السنوات العشر الأخيرة؟

-الترجمة عن الصينية في العالم العربي اليوم أصبحت «موضة»، هذا وصف دقيق. لم تعد جهدًا فكريًا أو إبداعيًا. والنتيجة فادحة. مجلّة منارات الطريق في عددها الأوّل، وهذا أمر مُعلن أيضًا ومعروف، راجعها مُستعربون صينيون وكبار أساتذة اللغة العربية في الجامعات الصينية عن طريق لجنة خاصة رسمية، وخرج تقرير اللجنة مُعبّرًا عن صدمة الأعضاء من مستوى الترجمات ورصدوا عددًا من الأخطاء تجاوز الأربعة آلاف خطأ. ترجمت أنا هذا التقرير ولم ينشر للآن في صحيفة أو كتاب، وانتهت اللجنة في هذا التقرير إلى أن «المجلة بهذا الشكل تعمل على تشويه الأدب الصيني». الأربعة الذين قصدّتهم، دعمتهم جهات مصرية رسمية، سواء أدباء أو صحافيين كبارًا أو دور نشر حكومية. من هنا فقط يُمكننا أن نضمن جديّة الترجمة واعتمادها على الموهبة والاتقان والدور التثقيفي.

من هم الأدباء الصينيون الذين لم تتم ترجمة أعمالهم إلى الآن؟

-هناك مبادرة مدعومة حكوميًا في قطاع النشر في الصين اسمها «دفع الأدب الصيني إلى الساحة العالمية»، وعلى إثره أشرف المركز الثقافي الصيني في القاهرة على تكوين «ملتقى» من مجموعة من المترجمين من الصينية يجتمعون لتحديد الأعمال التي تحتاج وتصلح إلى الترجمة. يظل هناك أسماء لأدباء لامعين في الصينية ليست لديهم أعمال بالعربية، من هؤلاء: جيا بينغوا، والكاتبة في الحركة النسوية وانغ آني، والكاتبتان تشي لي وشيوكون، وتيه نينغ رئيسة اتّحاد الكتّاب الصينيين نفسها. وهناك كاتبة أخرى من الجيل الأكبر تُدعى جانغ آيلين، والمرشحة القوية لنوبل وقت مويان تسان شيوي.

………….

*عن “روزاليوسف

مقالات من نفس القسم