مثل حلم!

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عبد الرحمن أقريش
مثل حلم!

تقف هناك على بعد خطوات، تنظر جهة (المامون)، تنظر إليه وتبتسم.
تساءل، أين رآها لأول مرة، لآخر مرة، أطرق أرضا وراح يعصر ذاكرته، يضغط عليها بدون جدوى، عندما رفع بصره، ابتسمت ثانية وكأنها تشجعه، كانت ابتسامتها الثانية واضحة وأكثر جرأة، أو هكذا تخيل، ترفع يدا رقيقة إلى شفتيها، تقضم سبابتها، ثم ترفعها إلى شعرها ترد خصلات متمردة، تعض شفتيها، تعود الخصلات، تردها ثانية.
تنظر إليه بقوة، ينظر هو بعيدا، يمثل الهدوء واللامبالاة، للحظة تملكه شعور غامض، للحظة أحس أنها غاضبة، من الواضح أنها متوترة، ولكنها بدت له مصرة وشجاعة.
يستجمع شجاعته، ينظر إليها، يتأملها، نضارتها المفعمة بالحياة، أناقتها، ماكياجها الخفيف المرسوم بعناية، وجهها المشرق، ابتسامتها التي ترتسم وتنمحي في كل مرة، شعرها الذهبي المتدفق على كتفيها في تسريحة فوضوية، يفكر ان يرد على ابتسامتها، ولكنه لم يجرؤ.
يخاطب ذاته.
– كم هي جميلة!!
تمنى لو يقترب منها، لو يحدثها، لو يتودد إليها، ولكن بدا له أن الزمان والمكان غير مناسبين، فالمكان عام، والناس صفوف ينظرون وينتظرون، لا يعرف ماذا ينتظرون؟ ولا يعرف لم هو هناك؟ ولا يستطيع أن يتبين طبيعة المكان، أهو بنك، إدارة، مستشفى، مطار، قاعة انتظار…
ربما، ولكنه لا يدري.
في الأخير، انسحب، غادر بهدوء، مضى حزينا ومنهزما، يمشي، يبتعد، ثم أحس أن يدا رفيقة تمتد اليه وتمسكه، يلتفت، كانت هي، ينظر إليها، بدا مترددا وكأنه لا يصدق، وبدت هي مصممة ومتوثبة، تنظر إليه، تنظر في عينيه، تخاطبه بقوة.
– لم تنسحب دوما عندما ينبغي أن تبقى؟ أتعرف؟ سيقتلك التردد والخجل!!
جذبته إليها برفق، دفعت صدرها قليلا إلى الأمام، أحس بملمس حلمتيها القاسيتين تنغرسان في صدره، سرى تيار لذيذ في تفاصيل جسده، قبلته على فمه قبلات خفيفة ومتتالية وكأنها تتذوقه، ثم أتبعتها بقبلة دافئة، عميقة وممتدة.
استعاد (المامون) هدوءه ببطء، ضبط إيقاعه الداخلي بصعوبة، تراجع قليلا إلى الوراء، جذبته ثانية، رفع بصره ينظر إليها من الأسفل إلى الأعلى، كانت منخرطة فيما يشبه الغيبوبة، اتسعت حدقتا عينيها الجميلتين، تقلصتا، ثم انسدلتا في حركة تمتزج فيها الرغبة بالألم، يسمع أنينها بداخله، يتشربه، يملأ عليه كيانه.
عندما حررته من قبضتها أخيرا، أطلقت زفيرا حارا وقويا.
سألها بإشارة صامتة.
– ؟!
نظرت في عينيه وقالت بصوت مجروح وهامس، صوت يمتزج فيه الألم بنبرة العتاب، عتاب أحس أنه موزع بينهما بالتساوي.
– كم نحن تعساء…كان ينبغي أن يحدث هذا منذ خمس سنوات!!
يرن هاتفه في نوبات قوية ومتتالية، ينتبه، يفتح عينيه، يلتفت، بدا له الأمر شبيها بحلم أو خاطرة، كانت هناك، ممددة في وضعية جنينية، نصف عارية، تغرق في نوم عميق وهادئ، ينظر إليها، يتأملها، شعرها الذهبي يزرع فوضى جميلة على السرير، وجهها الطفولي، ابتسامتها النعسانة، توقف عند فمها المتشنج، المنفرج قليلا، بدت وكأنها تستجيب لارتدادات متعة تتلاشى بعيدا، افترض أنها متعبة، متعبة وسعيدة، هذا النوع من الشعور الذي يتملكنا عندما ننتهي أخيرا من أمر جميل ولذيذ.
يجلس على حافة السرير، يغمض عينيه، يستسلم للكسل، يغيب للحظات، يمد يده، ينظر للشاشة، يفكر.
– إنه الوقت…
ثم، يغادر متثاقلا.

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون