ماري ندياي.. منتج فرنسي بحت ولكن ببشرة سوداء !

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

فرناندا إبريستادت...  ترجمة: أحمد فاضل

 

الأمريكيون لديهم رؤية خاصة لكل منتج غريب، خاصة إذا كان هذا المنتج قادما من فرنسا، فقد تعرفوا من قبل على نظارات "شانيل" الشمسية، التي غالبا ما يرتدونها في البرية، وحقائب اليد "فويتون"، والشمبانيا. ولكن عندما يصل الأمر الى نوع محدد من الثقافة الفرنسية المعاصرة، فإن رؤاهم تتسع بلا حدود، لأنهم يعلمون أن هذه الثقافة لا يمكن شراؤها من السوق الحرة، لأن أكثر الناشرين يحاولون تقديم بضاعتهم هذه بأسعار معقولة لحسن الحظ، وتقديم جيل جديد من الكتاب الفرنسيين الموهوبين الى القراء، كما فعلوا بتقديمهم: ايمانويل كارير، لوران بينيه ، والأمريكي المولد جوناثان ليتل، وماري ندياي، التي حققت كتبها أعلى المبيعات في الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا، كمنتج فرنسي بحت، ولكن ببشرة سمراء كما يقول أحد النقاد هناك.

 

ولدت في باريس عام 1967 وتعيش حاليا في برلين، قدمها الناشر المعروف “جيروم لندون” صاحب دار مينوي، وهي بعد في الثامنة عشر من عمرها الى قراء الفرنسية، مع روايتها الأولى: “بالنسبة للمستقبل الغني” عام 1985 والتي حظيت بإشادة كبيرة من النقاد آنذاك، غير أن روايتها: “أبي يجب أن يأكل” الصادرة عام 2003 حققت لها شهرة لا تحلم بها، وهي الدخول الى المسرح الكوميدي الفرنسي، لتدرج كتبها في برامج الفرقة، وهو ما يتطلع له كل كاتب يسعى الى الشهرة.

ندياي في العام 2009 اكتسحت بروايتها: “ثلاث نساء قويات،” مجموعة كبيرة من الروائيين كانوا قد تقدموا للمنافسة على جائزة غونكور المعروفة، ووفقا لاستطلاع أجرته صحيفة: الاكسبرس، أصبحت الرواية الأكثر قراءة في فرنسا ذلك العام، الذي شهد أيضا ضجة سياسية داخل البرلمان الفرنسي، حينما دعا أحد أعضائه الى طرد المهاجرين من أصول أفريقية من فرنسا، بسبب منافستهم البيض حتى على أرفع الجوائز هناك، وهو ما اعتبرته “ندياي” أمرا وحشيا، لأنها وبتعبير أغلب من وقفوا ضد تلك التصريحات: أن “ندياي” تمثل فرنسا متعددة الأعراق، وصوتها هو صوت الشتات الأفريقي فيها، ومع اعتزازها بفرنسيتها التي غادرتها الى ألمانيا بسبب سياسات ساركوزي تجاه المهاجرين الأفارقة، فقد دأبت في جميع كتاباتها من تمجيد أصولها السنغالية، التي ينتمي إليها والدها الذي قدم فرنسا كطالب عام 1960 ليتزوج من والدتها الفرنسية، فرواية “ثلاث نساء قويات” إشارة قوية منها لذلك التمجيد، مع ما أثبتته من كفاءة وموهبة أدبية نتيجة خصوبة وسعة خيال، جعلتها مميزة ومعروفة في الأدب الفرنسي الحديث.

الرواية عبارة عن ثلاث قصص متداخلة، كل واحدة منها تخص مسيرة امرأة منهن: نورا وفنتا وخادي، تواجه هذه الشخصيات الثلاث مصير يطغى عليه الغياب، غياب الأب وغياب الأخ وغياب الوطن، يصمدن في ظل هذا الغياب أمام مغريات كثيرة للحفاظ على شرفهن، على خلفية التمزق العرقي الذي يعشنه بين فرنسا وأفريقيا، فالبطلة الأولى “نورا” محامية تعمل قي باريس، قصدت داكار لزيارة في تلاق صعب، أما البطلة الثانية “فنتا” فقد غادرت مسقط رأسها في السنغال لتلحق بزوجها الى فرنسا، حيث تختبر الضجر. فيما تهيم بطلتها الثالثة “خادي” الأرملة الشابة بين أوربا وأفريقيا، ومع أنهن يشعرن بعراقيل كثيرة بحسب قول “ندياي” لكن لا يشككن في قوتهن الداخلية، والقارئ حينما يسترسل في براعة سرد الرواية، فإنه يعيش أحداثها دون ملل، فهي تصور كيف يجاهد المهاجرون من أجل العيش في ظروف صعبة محفوفة بالمخاطر أحيانا، ومع تأثر الروائية بالكاتب الروسي دوستويفسكي المعروف عنه رهافة الحس حتى مع أبطال رواياته، وتوماس برنهارد الأديب النمساوي الذي يفسح المجال لحالات مفجعة من التمزق الداخلي لشخوص قصصه ومسرحياته، فإنها تنتقل كحكواتي تجد نفسها دائما مضطرة لتفسير الظروف الجهنمية، التي ألقى بها هؤلاء الناس بأنفسهم وسط وهم كبير، كحالة “ديمبا” في الرواية، تدير كل ذلك بفهم واقعي لحياتهم الذي هو استعداد آخر لاستكشاف معاناتهم في الهجرة الى الأرض الموعودة في أوربا.

 

ــــــــــــــــــــــــــ

فرناندا إبريستادت

عن صحيفة: نيويورك تايمز

10 أغسطس – 2012

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

 

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار