لماذا تتصارع يا كبير مع كبير؟

لماذا تتصارع يا كبير مع كبير؟
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

قليلة للغاية هي المعلومات المتوفرة عن حياة الصوفي والشاعر الهندي "كبير". يعتقد أنه ولد في بيناريس Benares  أو على مقربة منها سنة 1440 وتوفي في عام 1518. نشأ لأسرة مسلمة تعمل في النسيج، ثم انضم إلى حركة الزهد الهندوسية المعروفة بالـ راماناندا Ramananda. ويعد كبير بحسب ما يرد من معلومات عنه في "مؤسسة الشعر الأمريكية" قديسا صوفيا ـ أي مسلما ـ وبراهمينيا Brahmin  في الوقت نفسه.

يعتمد شعر كبير على الهندوسية وعلى الإسلام، ولكنه في كل الحالات يوجه انتقادات لجوانب في كلتا العقيدتين. وبعض قصائده واردة في مجموعة كتب السيخ المقدسة المعروفة بالـ آدي جرانث  Adi Granth.

في معرض كتابتها عن إحدى قصائده قالت الشاعرة الأمريكية “كاي ريان” إن كبير يذكر الطيور والحيوانات والنمل بطريقة متتابعة تجعل العين تهوي من السماء المرتفعة إلى الأرض الدنيا، وهو بهذا يربط السماء البعيدة الغامضة، بالأرض القريبة البسيطة”.

نقدم فيما يلي قصيدة نشرت لكبير في مجلة شعر الأمريكية في مارس من عام 2011 مترجمة من الهندية إلى الإنجليزية بقلم أرفيند كريشنا ميهروتا.

***

لن آتي

لن أذهب

لن أعيش

لن أموت

 

سأظل أنطق الاسم

وفيه أفقد نفسي

 

أنا الوعاء العميق

أنا الوعاء المسطح

أنا رجل

أنا امرأة

 

أنا ليمون حامض

أنا ليمون حلو

أنا هندوسي

أنا مسلم

 

أنا السمكة

أنا الشبكة

أنا الصياد

أنا الزمن

 

أنا لا شيء

يقول كبير

 

أنا لست من جملة الأحياء

أو الموتى

***

في هذه القصيدة أيضا يلعب كبير لعبته التي أشارت إليها كاي ريان، فإذا كان في قصيدتها يتنقل بسرعة بين السماء والأرض، أو هو بالأحرى يجاور بين أشياء لا نراها متجاورة في العادة، فهو في هذه القصيدة يكرر اللعبة، وإن على نحو أشد راديكالية.

هذه المرة لا يكتفي أن يرينا متنافرات الوجود وقد اجتمعت معا بقوة الشعر أو الرؤية، بل إنه يرينا أن كل متنافرات الوجود إن هي في الحقيقة إلا هو نفسه. وإذن، فليس علينا حين نرى مثلا حربا، كالتي كانت بين الفرس أو الروم، أو بين إنجلترا وفرنسا، أو بين الخير والشر، ليس علينا أمام صراعاتنا كلها إلا أن نسأل كلا طرف من طرفي الحوار: لماذا تتصارع يا كبير مع كبير؟

***

ليسوا صوفية بالضبط أولئك الشعراء الصوفية. ثمة تضارب طفيف في “المصالح” ـ فيما يبدو لي ـ بين أن يكون المرء شاعرا وأن يكون صوفيا. وهذا التضارب أوضح ما يكون هنا في قصيدة كبير هذه. عندما يشعر إنسان أن الأشياء كلها مرايا له، وأنه مرآة لكل شيء، فهو والعالم واحد، عندما تكون لدى إنسان هذه الهوية ويكون هذا إحساسه الحقيقي بذاته، فلماذا يكتب شعرا أصلا، من الذي يخاطبه، ما الذي يريد أن يعرفه والمعرفةُ جزء منه هو نفسه، ما الذي يريد أن ينقله والمنقول إليه هو إياه؟

وتتفاقم هذه المشكلة عند كبير. كبير يوقع باسمه داخل قصيدته. صحيح أن ذلك تقليد متبع في الشعر الآسيوي بدءا من بلاد فارس وحتى الهند فيما نرى، ولكنه لا يتفق وشاعر يقول إنه اللا شيء، شاعر يقول إنه ليس من جملة الموتى ولا من جملة الأحياء، شاعر يقول إن القانون الذي يسري على الموجودات لا يسري عليه، كل هذا ويكون لك اسم، وتوقيع. هذا لا يعني يا سيد كبير إلا أن تكون لك أيضا شهادة وفاة، تاريخ انتهاء صلاحية، وهذا لا ينبغي أن يكون مزعجا لك كثيرا، فما هو إلا دليل على أنك وغيرك من المنتجات تشتركون في شيء إضافي، وأن قصيدتك هذه كان يمكن أن تطول بيتا آخر

مقالات من نفس القسم