كفك

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 78
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

أسامة الدناصوري

صديقى ياسر لديه عادة قديمة لصيقة به، تعكس جوانب كثيرة من شخصيته الخجولة الراغبة دوما فى التودد للآخرين.

عندما يقوم بأداء مميز أو يقول عبارة فكهة أو عندما يحدث هذا من محدّثه، ترن ضحكته، وفور انطلاقها وبشكل متزامن تكون يده اليمنى قد ارتفعت فى الهواء بشكل تلقائى، لتلتقى هناك فى الأعالى بيد محدثه التى تستجيب إليها وأيضاً بتلقائية كما لو كانت مربوطة معها بحبل سرى.

يحدث هذا معى أيضا.ً أحيانا أكون غافلا، ولكن عندما أحس بحركة يمناه أسارع بإشهار يمناى لنسمع سويا دوىّ الصفقة الصغيرة، ويكون هذا إعلانا بانتهاء المزحة والانتباه للمزحة القادمة.

لم يكن ياسر متشددا يوما فى ضرورة أن تكون اليد التى تتلقى ضربته الهيّنة هى اليمنى، أو ان تكون مرتفعة فى الهواء.

إنه من الدماثة واللطف بحيث يقدّر أحيانا لحظات السأم العارضة التى تنتاب أصدقاءه وتجعلهم مترددين فى أوج اللحظة التى ينبغى أن تنهض فيها يدهم إلى أعلى.

ولأنه أيضا لايحب أن يضع نفسه ويضع بالتالى محدّثه فى اختبار سخيف تكون نتيجته أن تظل يده معلقة فى الهواء بدون استجابة من اليد

الأخرى، يسارع هو بطبع ضربته الرشيقة على يد محدّثه أينما وجدت وسواء كانت يمنى أو يسرى.

فى البداية لم أكن أمارس هذه الاستجابة سوى مع ياسر فقط، ولكن شيئا فشيئا تسربت العادة إلىّ وأصبحت أمارسها مع أصدقائى جميعا، وخصوصا عندما أكون فى إحدى حالات انبساطى ومرحى المتكررة.

لقد تطور أدائى قليلا عن أداء صديقى، وأصبحت لا أنتظر مطلقا أن تنهض أىّ يد لملاقاة يدى الصاخبة، والتى تكون قد ارتفعت برفقة ضحكتى المدويّة إثر انطلاق النكتة أو الإفّيه منى أو من محدثى، لتهوى على أى جزء حميم من جسده محدثة صوتا فخما يتناسب هو وقوة الضربة مع درجة محبتى لهذا الصديق.

كانت يدى قد اعتادت الهبوط على الفخذ أو الكتف أو الظهر وحتى على الرأس أحيانا.

لكن متعتى لم تكن تكتمل سوى بهبوطها على قفا أحمد، فقط أحمد (أحب أصدقائى) أعاده الله سالما من البلاد البعيدة.

كانت ليلة باردة من ليالى يناير، وكنا واقفين بجوار سور حجرىّ. وكان ياسر يحدثنى بينما يداى كلتاهما تنعسان فى جيبى بنطلونى الصوفى الدافئين. وإذا بالضحكة الأليفة ترنّ، ويد صديقى ترتفع فى الهواء لتنخفض سريعا نحو يسراى القريبة، لكنها انزلقت لتنحشر معها فى جيبى.

فى نفس اللحظة كانت يدى اليمنى قد تحررت وصارت فى الهواء فعلا، لكنها لم تجد عند هبوطها سوى خد المسيح المائل لترتاح عليه.

جذب ياسر يده من جيبى بعنف، ليصنع منها ساترا أمام وجهه، ظنّا منه أنّ هناك أقلاما أخرى سوف تطرقع على خده.

بينما أنا – مذهولا – كنت أحدّق فى جيبى الأيسر المشروم.

 

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون