قرصان أحمر

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 عبد العزيز دياب

اللون الأحمر للقرصان كان شرطي الوحيد، تماما كما لون عين الغولة، فقد سمعتهم ذات مرة في مجلس أبى يقولون عين الغولة حمرا، كانوا يقولون ذلك ويقهقهون، رغم أنني لا اتفق مع طريقتهم هذه في الحديث، إلا أن أبى حقق رغبتي وأتاني بالقرصان الأحمر، المهم أنني أريد أن أخبركم بأن القرصان الأحمر طيب على غير ما يعتقد البعض، هو يكتفى بأن يسمع حكاية على ضوء شمعة، على أن يكون بجانبه آنية ماء يبلبط فيها بيده أو رجله ما بين لحظة وأخرى حتى لا تضيع منه صفة القرصنة.

   أقول لكم هذا الكلام لأنه أصبح في متناول يدى قرصان أحمر، كل ما في الأمر أنه كان يستعد لخطف السفينة التي تحمل شهرزاد بعد أن قذفت مَجْ الشاي في وجهه ورفضت كذلك أن تشاركه رقصة “تشا.. تشا.. تشا”، قالت له في وجهه: لم تعد لديك مهارة الرقص.

   أقول لكم وهذا سِرٌ، أنا شاهدت بعدها القرصان الأحمر يختلى بنفسه أسفل انحناءة السلم وهو يبكى بحرقة، ولولا علمي بأنه في البحر كانت له صولات وجولات، لولا علمي كذلك بأن قلوب البحارة الجامدة كانت ترتجف لرؤيته، أو لمجرد ذكر اسمه لقلت إنه رجل خِرِعْ، لكنه كان مرهف الحس لا أكثر.

   طَلَبْت منه أن ينتظر ولا يسارع بخطف السفينة لأن شهرزاد قد ماتت كل الحكايات في فمها، وهى ذاهبة إلى جزيرة “إسكنتو” لجمع كل ما تحتاجه من حكايات، ألم أخبركم بأن القرصان الأحمر طيب استجاب لي ولم يكتف بذلك بل ارسل رسالة إلى ربان السفينة يوصيه خيرا بشهرزاد حتى تعود إليه بالحكايات.

   تأكد ربان السفينة أن القرصان الأحمر طيب وبدأ يخطط لأن يكون معه على ظهر سفينته قرصانا أحمر، رسالة منه خلال بريده الكترونى، ورسالة منى خلال بريدي الاكترونى أخبرته أن أبى لا يرفض لي طلبًا، هو يعرف المدرسة التي تربى القراصنة الحُمْر، سأكلمه ليأتي لك بواحد.

   أبى طيب مثل القرصان الأحمر، يعرف معنى أن يكون عندي قرصان أحمر، لكن أمي يركبها العفريت كلما رأت القرصان الأحمر يبلبط في آنية الماء بذراعيه وقدمية، تقول هذا الشرير يسمح بفيضان الماء فيغرق كل مكان بالبيت، هو يضمن نومته على ظهر سفينة ويترك لنا جميع المفروشات مبلولة.

   كنت لا أعرف معنى أن يتعلق القرصان الأحمر بعروس جارتي “سوسن” قهقه أبى عندما علم أنه يلتقى بها خلسة، أمي حذرته من عاقبة ذلك، وطلبت منى أن أربطه في رجل السرير قبل أن يغلبني النوم.

   أقول لها يا أمي القرصان الأحمر لا يحتاج إلى تلك العلاقة البائسة بعروس سوسن، فتحت لها الموبايل، تركتها تشاهد رقصاته مع شهرزاد، ورقصات “الهيب- هوب” مع البنات المُزَزْ.

   لم يعلق القرصان الأحمر مرة واحدة على كلام أمي، هذا لأنه تربية مدارس، ويعرف أنه ربما كان في عداد الموتى لو لم أقم بحكي الحكايات له على ضوء شمعة، أنا أقوم بهذا الدور حتى تعود شهرزاد بجعبتها المملوءة بالحكايات من جزيرة “إسكنتو”، هو يعرف أن الخبيثة ذهبت إلى هذه الجزيرة هربا من شهريار بعد أن ماتت الحكايات في فمها، ذهبت لتجمع ما تيسر من الحكايات، لكنها لا تعرف أن ذلك القرصان الطيب- كما حكوا لأبى في المدرسة التي تربى فيها- الذى قذفت مَجْ الشاي في وجهه ما هو إلا شهريار الملك قد تخفى في هيئة قرصان أحمر.

   أمي كذلك أخطأت عندما كانت تطلب منى أن أربط القرصان الأحمر في رجل السرير، لم تكن تعرف انه عندما يكتسح السيل كل شيء أن ذلك القرصان الطيب هو الوحيد الذى باستطاعته أن يبنى مركبا من ورق، ويدعونا جميعا للركوب معه.

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون