قبلةٌ أخيرة من شيطانة الشعر

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 325
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

فرانسوا باسيلي

شاعرٌ واقفٌ علي جبل الوحي
تتقاذفه الحيرة
هل سَمِعَ كَلَاَمًا مِنْ رَبِّهِ؟
أم من قَلْبِهِ؟
وَقَدْ خَطفَتْهُ شَيْطَانَةُ الشِّعْرِ
تلهو بِهِ
تَفْتِنُهُ، فَتُزيدُ مِنْ ذَنْبِهِ
وهو لا ذنب له ولا جريرة
سوى الشعر

شاعرٌ
صار عاشقاً ذليلا
لشيطانة الشعر
يجيء زاحفاً كل ليلة
تسقيه نبيذ الكلام المقدس
فيسكر
وَتُلْقِمُهُ خُبْزَ نَهْدِهَا الْمُدَنَّس
بلغةٍ شريرة
فيرجف بين يديها مُمَدَّدَا
يلهث هاذياً بالحق والباطل
والوحي والأسطورة
ويقوم يضرب في الأرض
لا يلقي دليلا
وقد صار واحدَا
عبداً وسيدَا
شِبْهَ إلَهٍ مَجْنُونٍ
يتبعه الغاوون
وهو لا يتبع أحدا

شاعرٌ
راح يُحْيِي رفات رسائله المرسلة
إلى لا أحد
والروح لم تأت بعد
لهذا الجسد
الذي لم يعد يتمدد أو يتجدد
شاعرٌ
تسربل بالأمس ناسياً غده
زاهداً في الزغاريد
ترك العرس غاسلاً يده
من ذنوب القضايا الكبيرة
والقضايا الصغيرة

قال حين تَجَلَّتْ لَهُ وَتَدَلَّتْ
شيطانة الشعر
لا تلمسيني
لا أريد من الحرف إلا
ما يقطع السيف
أرى رؤوساً أينعت
وَتَبَرَّجَتْ كزهرٍ إصطناعي
يُطِلُّ من جماجمٍ ضريرة
تددحرج في مدنٍ سقطت
حجارة علي حجارة
فلم أعد أريد سوى البحر
أَفِرُّ نحوه من الحرف الذي يقتل

وقال هابطاً من جبل الوحي
بعينٍ بصيرةٍ ويدٍ قصيرة
أقول الكلام الذي لا يقال
سوى في السريرة
لعل القصيدة أجمل ما ترك الليل لي
طَبِعَتُهَا على شفتي شَيْطَانَةُ الشعر
كقبلةٍ قد تكون الأخيرة
ثم أَصْعَدُ أَرْقُدُ في غيمةٍ
سوف تمطر في الفجر
أو تتأخر حتي الظهيرة
لتغسل ما سال في الأرض
من عرق الطيبين
ودماء الشباب
الذي لا يريد انتظار السحاب
وقد عاد منهزماً من حروبٍ كثيرة
كان قد رفع الحلم فوق الحراب
وراح يحارب بالشعر والنثر
ويجرجر من سقطوا في التراب

قال وقد مال علي جسد الليل
ينسكب ابتهالا
الكلام معجزتي
والأساطير لغتي
والشعر فتنتي ولعنتي
سأكتب ما كان في البدء
من خيرٍ وشرٍ.. يميناً وشمالا
بفكرٍ وكفرٍ.. يقيناً واحتمالا
وأقول الكلام الذي لا يقال
سوي في الخيال قليلا
وسوي في الخداع قليلا
أقول التعاويذ كي تهدأ الروح
وَأُرَتِّلُ مَا يسْحرُ الْقَلْبَ ترتيلا
وصولاً إلي سدرة المنتهي، ودخولا
إلي حيث ترقد شيطانة الشعر
فأقضم تفاحة البدء، أعرف كل شيء
أرى عورة الكون مرتجفاً وخجولا
أرى وحشة الكائنات
ومذبحة الأرض قتلاً وتنكيلا
فَأفِرُّ من الشعر للشعر
هل تَركْتَ بصيصاً من الضوء
ياليل لنا؟
هل تَركْتَ بمصباحنا المستحيل فتيلا؟
أين أذهب يا ليل في الليل
لا أرض لي، لا سماء تعرفني
لا جاء اسمي في كتاب الموتي
ولا الأحياء
ولا جاء فيما أَرْسَلَ الْقُدَمَاء
من رسائل للخلاص عهداً وإنجيلا

غريبٌ أنا فاتني النهر
والبحر يجهش في داخلي
في كل أرضٍ
ولست أرى للبلاد سبيلا
قَدِ اِخْتَطَفَتْهَا الأساطير
والقبر والسور
والزهر قد أشبعته الضفاف العجاف ذبولا

قد يكون الشعر منزلي
ونشيد إخناتون
كل ما ترك الدهر لي
لأكتب فجر الضمير
وسفر الخروج
من أرض مصر
وسفر الدخول
إلى أرض مصر
وطقس المثول بحضرة إيزيس
عاشقاً
صادقاً
أو قتيلا

شاعرٌ يتنصل من شعره الحر
وتاريخه المر
قصائده في مديح الطغاة تلاحقه
وقصائده في الهجاء وفي الفخر تلعنه
أين يهرب من لغةٍ تتجلي له
شيطانةً بيضاء حمراء مسعورة
تَشْتَهِي صَدْرَهُ، سِرَّهُ، وَسَرِيرَه
فيضاجعها ألف مرة
وهو في شَرْخِ قُوَّتِهِ
فيبني بها عزوةً وعشيرة

والآن تأتيه شيطانة الشعر شيخاً
ناء كاهله بالهزائم
والكلمات المريرة
فيضاجعها مرةً .. أو شبه مرة
قد تكون
قد تكون الأخيرة.

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني