في غرفة الانتظار

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

قصة : راجي بطحيش*

كاللاشيء اجلس في غرفة الإنتظار أو في غرفة الزيارة حيث يتم تقطير العذاب ليباع في أشهر جادات العالم، جلدا لحقائب وساعات "لويس فيوتون"..في غرفة الزيارة تتضح المعالم فجأة..كم خدعتنا هذه الحياة وكم صفعتنا ...كم مرة صفعتنا ! كيف مر هذا العمر وهي تصفعنا أمام تمثال عذراء لا ينزف حتى دنسا مؤجلاً...كالأبله أجلس في غرفة الإنتظار ، لا أقوى حتى على النظر في عيون  عاجزة، متوسلة ...تتوسل إلي كي أصحح بعضا  مما قد تم  حسابه  بشكل خاطئ مما أدى بالتالي لسلسلة لا تنتهي من النتائج اللامنطقية واللاعدل وبالتالي الإحساس الذي لا ينضب بما يسمى "القهر"  ..ولكنني لا  أقدر حتى  على التنفس،  فالمكيف  لا يعمل ، ولا يوجد منفذ للهواء..اي منفذ! أصلا لا توجد مكيفات في هكذا أماكن... إنها  الجحيم بعينه ...

تقول لي غيمة القيظ:

–           خذ ورقة وقلم وسجل الخطوات التي يتوجب علينا اتخاذها لنقوّم قليلا من انعكاسات ورطة الظلم هذه !

فلنحاول  الا نبالغ…هذا ليس ظلما  بمعنى الظلم إنه نوع من سوء الفهم..سوء الفهم المفرط أحيانا ،فالأمور ليست حبكة  في مسلسل سوري رمضاني عن العشوائيات ولا  هي محكمة الى هذا الحد السافر والمبتذل..على كل حال أنا آسف…آسف على كل شيء وعلى عجزي  هذا  …وعلى أنني لا شيء سوى كاتب استعراضي بالكاد  ينظّر على ذاته  ..ويفهمها أصلا…آسف ايها  الوجع الجاحظ …المفتوحة ذراعيه على  وسعها …آسف ايتها الشاة المسحوبة نحو  السلخ  وهي  تنظر الي دامعة متهكمة في آن.. وانت أيا  طفل يبكي ولا يجد لأحشاء دميته سبيلا..اسف ايها الوجع سهل التحضير…

اشعر بالموت يقترب ولا أجد منفذا الى هذا السهل الرحب، الحار، الرطب ، السمج، لماذا لا يدخل ثعبان مثلا كي ننشغل عن يقظتنا المالحة بخوفنا منه.

احاول ان أتمتم أغنية خريفية علّي أتحول ورقا اصفرا تنثره الريح بعيدا    بعيدا من هنا وبأسرع طريقة:

” رجع أيلول وانت بعيد بليلة حزينة ومطرحو…ورقه الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك”…

تعاودني غيمة القيظ وقد أصبحت تفقد كثافتها استعدادا للغروب:

-سجلت ما أمليته عليك؟ هذه فرصتنا الفريدة لمواجهة صناعة السحر المتنامية والمتكلفة هذه. هل تفهم؟

يدخل تمرجي المصّح، مسكين! عن قصد أو دون قصد هو يشبه في لغة جسده وطريقة كلامه ، التمرجية من شاكلته  في الأفلام المصرية النمطية أولئك الفاسدون الذين يتاجرون وينكلّون بالنزلاء:     

–           لماذا تجلسون هنا؟ اجلسوا في الغرفة المكيّفة هنا…لا تنسوا ، الزيارة حتى السابعة..

يفتح بابا يفضي الى حيز ابيض بارد بنكهة الفردوس وامرأة تعانق رجلا ببراءة مطعمة بحزن طفولي…

يتسلل ما تبقى من روحي خارجا عبر دخان سيجارة متخيلة..

 

الناصرة

أيلول 2009

 

ـــــــــــــــــــــــــ

* قاص فلسطيني

 

 

خاص الكتابة

 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون