غزل الواقع ونسج الرمادي.. خاصيات الكتابة القصصية في “البيت الرمادي” لعبد اللطيف النيلة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 44
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

رشيد برقان

في البداية:

سبق للأستاذ أحمد اليبوري[1] أن قرر أن القصة بالمغرب تطورت خارج دواليب الدولة وفي أحضان المجتمع، ويبدو أن هذه المقولة لا تزال تحافظ على مصداقيتها، على الأقل الآن، ونحن بصدد المجموعة القصصية “البيت الرمادي” لعبد اللطيف النيلة، التي تستمد أهميتها من مجموعة من الاعتبارات:

أولها؛ أنها طبعت سنة 2008 رغم أن عهد صاحبها بالكتابة قديم يعود إلى نهايات القرن الفارط، حيث حاز على جائزة مبارك الدريبي في القصة القصيرة عام 1997، ثم عام 2001. كما ساهم بإحدى قصصه في كتاب “منارات:مختارات من القصة المغربية الحديثة” منذ سنة 2001. وهذه مؤشرات على أن الفاعل الثقافي في فضائنا معزول يبدع ويغطي نفقات إبداعه من مجهوداته الخاصة، وكأنه يدفع ضريبة إبداعه وتفرده.

ثانيها؛ أن لعبد اللطيف النيلة مجموعة قصصية” قبض الريح” صدرت عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عام 2003، وقبلها تألق في الشرق بإحرازه مجموعة من الجوائز من مثل جائزة الشارقة للإبداع العربي سنة 2005، وجائزة مجلة العربي وإذاعة البي بي سي التي أصدرت أعمال الحائزين عليها تحت عنوان” قصص على الهواء سنة 2007″. وهذه مؤشرات أيضا على أن فاعلنا الثقافي لا يزال في حاجة للآخر الشرقي أوالغربي للاعتراف به، فآلياتنا الإنتاجية والترويجية عاجزة عن البحث والتنقيب عن طاقات مبدعة، وغير قادرة على إبراز مواهبها.

ثالثها؛ أن عبد اللطيف النيلة من النماذج التي تكرّس مقولة أن الفاعل الثقافي يوجد في الهامش، ويتشكل من الفرد بعيدا عن المؤسسة الرسمية التي من المفروض أن تكون مصدرا للإنتاج والإبداع والترويج.

رابعها، أن إبداع النيلة من النوع الذي يتطور على مهل بعيدا عن الأضواء والصخب.

وقبل أن نغلق نافدة التمهيد لنخرج من هذا العالم المشحون بالهموم، وندخل عالم النيلة القصصي الجميل، نضيف لما قاله الأستاذ أحمد اليبوري أن الدولة المغربية لم تترك القصة تتطور في أحضان المجتمع فقط، بل أشرعت الباب للخليج ليحل محلّها في رعاية الثقافة والإبداع والمساهمة في تألق الطاقات الإبداعية خارج فضائها.

في الفضاءات الحافة بالنص

هناك مثل شعبي مغربي سوف نعتصم به لولوج عوالم القصة، وهو يصرّح أن «إمارة الدار على باب الدار»، وسنعتمد عليه لاختبار فرضيات اللقاء الأول، ومدى صمودها مع تطور القراءة؛ فأثناء اللقاء الأول بالمجموعة تتراكم لدينا مجموعة من الفرضيات تتعلق بما يمكن استخلاصه من صدر الغلاف وظهره؛ فالصفحة الأولى أو الغلاف رمادي اللون، والعنوان هو “البيت الرمادي”، وصورة الغلاف عبارة عن إطار بيت بألوان داكنة يظهر من خلاله فضاء أبيض يحيل على عمق البيت. وهذه العناصر كلها تركّز في أذهاننا موضوعتين، الأولى مكانية وهي البيت بما هو فضاء مغلق أو مقر للأسرار، والثانية ترتبط باللون وما يترتب عليه من إحساس بالاختلاط والضبابية، وعدم القدرة على التمييز، كما يحيل على التشاؤم والسوداوية.

وعندما نتوقف عند الصفحة الأخيرة نجد تعريفا بصاحب النص، ومقتطعا من قصة مفعمة بنبرة من السخط وعدم الرضا، حيث إنها تحكي عن ما تعرض له السارد من سلب لممتلكاته، وكيف أن لعبة الاسم المستعار انقلبت عليه:

” ـــــ أعرف أنها قصتك.

فانفجر توا:

ـــــ سلبت مني.. اللص سطا عليها..

ـــــ أعرف. لقد نشرتها في مجلة ” زعموا أن..”، موقعة باسم عبد الله النيلة..

فصحّح:

ـــــ عبد اللطيف..

ـــــ آ..عبد اللطيف. لقد كان اسما مستعارا. لكن الغريب هو أن شخصا أصدر مجموعة قصص موقعة بنفس الاسم..

ـــــ ” البيت الرمادي”. هذا هو اسم المجموعة.

ـــــ نعم.. يحيّرك أن تكون قد اختلقت ذلك الاسم، فإذا بشخص حي يرزق يحمل نفس الاسم..”.

والمجموعة موضوع لقائنا اليوم تتألف من 70 صفحة بطباعة أنيقة بدون مقدمة ولا تقديم، لأن رهانها هو اللقاء المباشر مع القارئ بدون حواجز ولا مقدمات توجيهية. وهي تضم عشر قصص يغلب على عناوينها الكلمات المفردة: “الكابوس” “كُلْها” “الجرح” “انعكاس” “القاتلة” “وردية” “ديمقراطية”. ونظرة بسيطة في هذه العناوين تبين أنها تتوزع بين موضوعات سوداء، إن لم نقل رمادية “الكابوس” “الجرح” “البيت الرمادي” “القاتلة”. وأخرى تأخذ مرجعيتها من الهموم المؤرقة لحياتنا اليومية “ديمقراطية”. وثالثة توحي بالسخرية  والضحك الأسود “كلْها” “مجرد حبة قمح”.

كل هذه المعطيات الحافة بالنص تراكم لدينا مجموعة من الفرضيات تتجه نحو احتمال بروز السوداوية قيمة كبرى للمجموعة القصصية، وقد تكون هذه القيمة مفعمة بنزعة ساخرة و بأفق تجريبي يغوص في عوالم الكتابة.

حول المتن:

أشار الأستاذ أحمد اليبوري في أطروحته المهمة حول المرجعيات الأساسية التي استمدت منها القصة المغربية معينها إلى أنها تكونت نتيجة للمثاقفة بين النموذجين العربي والغربي، وخضوعا للحظة الاجتماعية[2]. وحينما نقرأ المجموعة القصصية لعبد اللطيف النيلة “البيت الرمادي” يمكننا تلمس آثار هذه العناصر حاضرة بقوة.

في اللحظة الاجتماعية:

لا تستطيع قصص عبد اللطيف النيلة، رغم سعيها لتنفرد بصوتها الخاص أن تغلق الباب دون تسرب آثار الواقع وضغوطه على مسارات الأحداث ومآلات الشخصيات؛ ففي قصص “الكابوس” لم تستطع الشخصية الانفلات من ضغط الجماعة لدرجة جعلتها تحسّ أن كل انفصال عن الجماعة مآله الموت. فالقصة في كل تفاصيلها ترصد رغبة الشخصية في التخلص من الجماعة وضغطها على قراراتها، وتبيّن كيف دهستها الجماعة حين قررت الخروج عن الإجماع. يقول السارد: « كنت متشبثا بقراري: لا مع هؤلاء ولا مع أولئك.. لن أتحرك حتى أفهم.. واشتد الضغط فجأة من الأمام، كأن المتراجعين صاروا أكبر قوة وأكثر عددا من المتقدمين.. خفّ الضغط علي من الخلف، شيئا فشيئا، حتى تلاشى أوكاد…ووجدت نفسي في مواجهة تيار جارف من الأمام، تيار زاعق بلا شعارات .. جرفني التيار قليلا، لكني استنفرت كل قواي.. قاومت برغبة، بإرادة، وعيناي مفتوحتان.. كنت أطمح إلى الفهم..ولم تجرفني قوة التيار، بل سقطت على الأرض، بين السيقان، وأحسست بالأقدام تدوسني.. آلاف الأقدام تطؤني كلّي، تطحنني دفعة واحدة، عضوا عضوا.. عميقا أحس بالألم في وجهي وبطني وحجري.. عميقا أحس أني أغور في التراب الذي تحتي»[3].

والواقع الضاغط نفسه هو الذي يحضر في قصة “بم تحلم؟” بشكل يفرض على الشخصيات أن لا تحلم إلا بالمتاح أو المتواضع، فعلى الرغم من كون الحلم ينفلت من إسار الواقع ليؤسس واقعه الحر بعيدا، فإنه هنا انحصر لدرجة لم يعد معه حلما بل مجرد ذكريات طفولة.

إن ضغط الواقع المتمثل في الوضعية الاجتماعية المأزومة جعل الشخصيات محدودة الأفق، تحلم أحلاما صغيرة مشتركة ينضح الحوار بين الشخصيات بتفاصيلها، بحيث تبدأ شخصية جزءا من الحلم وتتممه الشخصية الأخرى. تقول القصة

«وأنت؟ بماذا تحلم؟

كدت أقول له إني أحلم بتغيير العالم. خشيت أن يتهكم، فشردت، وهو يترقب ردّي، شعرت أنه في حاجة إلى من يشاركه الحلم الحميمي، ثم وجدت نفسي أقول:

–  أحلم بجو الشتاء، البرد قارس وأنا مستلق تحت غطاء صوفي، في غرفة صغيرة، بلا تلفزة، معي إخوتي يسخنون أطرافهم فوق نار المجمر الطيني..

–  والستارة مسدلة، وأبوك في الخارج يسترزق الله، وأنت تشعر عميقا بلذة الدفء..

–  تماما وأمي تقلب سلة قصبية فوق المجمر،  وتضع فوقها ثيابنا المبتلة لتجف.

–  وهناك بالمطبخ «بيصارة» تنضج على مهل فوق نار قنينة الغاز.

–  وأنا تحت الغطاء الصوفي أقرأ.

–  تقرأ ؟

–  نعم أقرأ حكاية السندباد البحري.

–  أو علاء الدين والمصباح السحري.

–  أو طرزان.  

شرد المحارب القديم وقد طفح وجهه بالرضا، حتى بدت بشرته المصفرة المتعبة نابضة بالدم، وظللنا في صمت لذيذ صمت مسكون بالحلم والحنين…»[4]

استثمار الجذور وإعادة صياغتها:

أفرد القاص عبد اللطيف النيلة جزءا من مجموعته القصصية لإعادة كتابة قصص شفوية شعبية بلغة سلسة فصيحة عذبة. وهو بهذا العمل يخرج هذه الحكايات من أصولها أي الحكاية والنكتة ويدخلها في مقام القصة مع ما يتطلب ذلك من تحوير وتحويل للمقصد العام الذي يتطلبه كل نمط حكائي: فقصة “وردية” إعادة صياغة لحكايتين هما “خبزة الشعير” و”عنقود البلح”، اللتان تنبنيان على مفاهيم البركة والنية الحسنة، وتدخلان القدر ليجازي الإنسان على قدر نيته، وليس بحسب أفعاله. ومع هاتين القصتين نجد قصة ثالثة لا أثر فيها للحكاية الشعبية، وهي تسير عكس مسار القصتين الفارطتين، حيث عملت التحولات والتغيرات الاجتماعية على حذف البركة والنية الحسنة، ليحل محلها جفاف الواقع وصرامته؛ فوردية لم تستطع لقاء الطبيب لمجرد أن السكرتيرة اعتقدت أنها قد تكون متسوّلة.

والاستثمار نفسه للحكاية الشعبية سوف يقع مع النكتة حيث سوف تعقب قصة “مجرد حبة قمح” قصة ثانية تنبني عليها، وتضع السارد مباشرة في مواجهة سخرية الواقع، حيث تستمر حالة عدم قدرة الآخرين على فهم مأساة الشخصية الساردة، كما تستمر حالة وجود شخصيات في وضعية غريبة.

وعملية استدماج أشكال وأنماط حكائية جديدة هذه، تدخل ضمن رغبة القاص في تأصيل الجنس القصصي، وتجسير العلاقة بينه وبين أشكال قديمة جديدة، أو لاتزال موجودة في أوساط شعبية غير عالمة، وقد اشتهرت الرواية بهذه العملية؛ أي امتصاص عديد من النصوص واستدماجها داخل نص كبير بغية الهيمنة عليها، وبزّها خاصياتها الجمالية. وقبل ذلك عرفت السرديات القديمة خصوصا “كليلة ودمنة” و”ألف ليلة وليلة” ظاهرة القصة أو الحكاية داخل الحكاية، وظاهرة حضور الشعر داخل الحكاية.

ولعل في هذه العملية بعدا صراعيا تتنافس فيه هذه الأشكال بغية فرض الشكل الأقوى، وبيان قدرته على امتصاص خاصية الأشكال الأخرى، ودفع الذائقة الأدبية لمنحه الصدارة والهيمنة. لهذا لا يبدو غريبا أن نسمع بين الفينة والأخرى من يصدح بأن المرحلة هي مرحلة الرواية، أو الشعر، أو القصة. بل نسمع من يربط بين اللحظة التاريخية والنوع الأدبي الأكثر ملاءمة لها.

وإذا كانت بعض الدراسات تربط بين القصة بوصفها رصدا للحظة واحدة معزولة، ولحظة تشظي المجتمع وهيمنة فئات مجتمعية ذات نزوعات فردية سلبية، وانكفاء ذوات هذه الفئات على نفسها، وعزوفها عن التطلع إلى لحظة كلية، فإن حضور عملية الاستدماج التي تقوم بها القصة قد تؤشر على نشدان هذه الفئات تدمير العقليات المتحكمة في الحكايات ذات النزعة القدرية، واستدماج المتخيل الشعبي المنتعش بالقوة النقدية للنكتة بغية جعله يتبنى شكلا جديدا هو القصة ويحوّله إلى أداته التعبيرية الأساسية.

بطبيعة الحال تبقى هذه الطروحات مجرد فروض بحاجة لمزيد من التدقيق والتمحيص على ضوء التحولات التي تشهدها الأجناس الأدبية في علاقاتها من جهة،  وفي علاقتها بالتحولات المجتمعية من جهة أخرى.

في خاصية النص القصصي

ليست قصص النيلة صرخة في وجه الواقع فقط، ولكنها تؤسس خطابها على خاصيات فنية هي التي تدفع المتلقي للإقبال عليها حد النهم، ولعل هذه الخاصيات تبدو أكثر من خلال اللغة ونوعية الشخصيات المرصودة، وكذلك من خلال العين الراصدة كما سوف نرى.

ــ اللغة:

تؤرخ القصة بوصفها جنسا أدبيا لتحول الأدب  من البلاغة التقليدية الرصينة إلى مرحلة الكتابة البسيطة القريبة من الواقع المتداول، وإذا كان هذا المعطى قد أفسح المجال لبلاغة العامة، ولبروز لغة بسيطة من جهة، فإنه من جهة أخرى أدخل اللهجات والرطانات واللغات المجتمعة إلى ساحة الأدب. وتبدو هذه المسألة في هذه المجموعة من خلال عدة مظاهر أهمها استعمال الدارجة. وبصدد الدارجة أو عربية العامة نلاحظ ما يلي:

  • ارتباط الدارجة بوضعية تعبيرية انفعالية يحس فيها مستعمل اللغة بعدم القدرة على تفصيح كلامه، إنه يعتقد أن كلامه بالعربية الفصحى لن يؤدي القوة والفاعلية اللازمة التي يريد توصيلها. ففي “مجرد حبة قمح” كانت الشخصية تتحدث بالعربية الفصحى خلال حوارها مع الطبيب، وكانت تشرح صعوبة موقفها، وأن لا أحد يفهمها. ولكن بمجرد ما أدركت استحالة اقتناع الطبيب عبرت عن انفعالها وغضبها بالعربية المتداولة. يقول: « وقبل أن أكمل كلامي، نهض فجأة من مقعده، وانفجر في وجهي: واش طبيبت عارفة لك هاد الهضرة؟ ! »[5]. والشيء نفسه يقع في المقطع الثاني حيث لم يستطع السارد شرح كيف سرقت قصته، وكيف أن الاسم المستعار الذي اختاره لها تصادف مع وجود شخصية حقيقية هي التي تبنّت القصة وأسندتها لنفسها.
    ومن أشكال حضور اللغة المتداولة (الدارجة) عملية تفصيح الدارجة، فقصة “كُلْهَا” تدور حول كلمة “كلها”: وهي كلمة أصبحت دارجة رغم أن بنيتها لاتزال فصيحة، وهي عبارة مسكوكة تم تداولها، على الأقل في الوسط المراكشي، نهاية التسعينيات وبداية الثمانينات، ويعود الضمير فيها على الكلام أو “الهضرة” (“الكلام” بالمغربية المتداولة). والمقصود بها أن الكلام الذي قيل أو يقال لا يسمن ولا يغني، فهو قريب من الهدر. لهذا فمن الأحسن أن يعيد المتكلم ابتلاع كلامه. وشأنها شأن العبارة المسكوكة التي يكثر تداولها خلال مرحلة معينة لاعتبارات مجتمعية كثيرة، فإنها تتمطط، ويقع تطويرها، وخلق امتدادات لها. ومثل هذا الامتداد هو الذي وقع استثماره في القصة لبلوغ المقصدية نفسها المتعلقة بفراغ مثل هذه اللقاءات التربوية، ونفور الأساتذة منها. فالحوارات هنا هي أصلا مقاطع كلامية بالمغربية المتداولة، ولكن السارد آثر أن يفصّحها ويوردها بأسلوب عربي فصيح وبسيط.
    ولا ترتبط الدارجة بالغضب فقط، حيث إنها تحضر أيضا على لسان شخصية من العامة مثل سائق التاكسي الذي أراد أن ينبّه الراكبين إلى انتهاء الرحلة، بينما هما مستغرقان في الحديث. وقد انساق الرجل الذي يحكي مع السائق، فأجابه أيضا بالدارجة، ثم استأنف حديثه بالعربية الفصحى:

«اضطر السائق إلى تنبيههما:  

–  راه وصلنا أسيادنا !

فرد عليه دون أن يلتفت ناحيته: – وخا واحد الدقيقة ! واستأنف يقول لصاحبه:

تصور أنها لم تتوقف لحظة عن الكلام  حتى حين توقف التاكسي في المحطة ! لقد غادرت التاكسي وتركتها تتدفق بالكلام  يبدو لي أن… وقاطعة السائق متذمرا

– الله يخليكم راني زربان !»[6].
وفي قصة «بم تحلم؟» تستعمل الدارجة مرتين: الأولى حين حوار السارد مع زوجته للتعبير عن وضعية متداولة في الحياة العادية، ومن الصعب على المتلقي التفاعل معها إذا ذكرت بالفصحى. والثانية استعملتها شخصية لتواجه أزماتها، لهذا كانت عبارة “الله يفك الجرة على خير” وهي مَثَلٌ يستعمل عندما يقع الإنسان في مشكلة، فيحار في البحث عن حلول، ثم أخيرا يسلم نفسه للقدر ليتدخل إيجابيا لصالحه. وهذا يكرس وضعية استعمال الدارجة خلال اللحظات الانفعالية الحرجة التي لاتستطيع اللغة المستقيمة الجافة التعبير عنها.

ولعل في هذه المقاطع من قصص “مجرد حبة قمح” و “انعكاس” و «بم تحلم؟» ما يمكننا من تقرير أن الشخصيات مزدوجة اللغة؛ أي أنها تمتلك القدرة على التعبير بالعربية الفصحى والدارجة، وأنها تستعمل الدارجة للتعبير عن وضعيات خاصة هي إما الانفعال الحاد أوالتجاوب مع شخصية عامية.

ويبدو أن اللغة العربية الفصيحة، حسب حالات الاستعمال هذه، لم تعد قادرة على توصيل الشحنات الانفعالية القوية، وإذا كان معلوما أن للغة طاقة وصفية كبيرة وشحنات عاطفية هائلة، فإن المجهود الذي بذل في العربية الفصحى اتجه أكثر نحو الوصفية والنقل العلمي للواقع، وبقيت مجموعة من الحالات الاجتماعية المتداولة لاتجد الطريق إلى القارئ إلا من خلال الألفاظ والتعابير الأصلية لها، وتبدو العربية الفصيحة في وضعية الترجمة التي توصل الفكرة وتندّ عنها الشحنة النفسية.

ليست هذه قاعدة عامة، ولكنها مجرد ملاحظة قد تأخذ مصداقيتها من مجموعة كبيرة من التجارب الإبداعية، ولكن التجارب الإبداعية نفسها، والاختراقات التي يحدثها المبدعون في جدار اللغة تعلمنا التريث، وعدم تقديم الأحكام الجاهزة. 

– السارد

يعد السارد العنصر الذي يحمل على عاتقه إيصال النص إلى المتلقي[7]، وهو حين يقبل بهذه الوظيفة لا يعدها مهمة متعبة سرعان ما يسعى إلى التخلص منها، بل يتصورها لحظة تواصل جميلة مع قارئ مفترض، ولحظة إمتاع مشتركة، ولم لا لحظة للتلاعب بالمتلقى وشد أعصابه، باعتبار أن التلاعب وعملية شد الأعصاب تترك في فجواتها مجالا للمتعة.

والسارد في “البيت الرمادي” متنوع مختلف لدرجة تلامس حدود التجريب.

وإذا نظرنا إلى المجموعة من منظور جهة حضور السارد، وشكل هذا الحضور يمكننا التوقف عند الوضعيات[8] التالية:

التماهي بين السارد والشخصية الرئيسية بحيث تكون الشخصية التي تتحرك داخل فضاء القصة هي الشخصية التي تحكي، ويمكن أن نقف عند هذه الحالة في “الكابوس” و”كُلْها” و»بم تحلم؟» و”القاتلة”. والشخصيات في كل هذه القصص هي شخصيات لها حظ من الثقافة والتعليم، تركز على نقل العالم من خلال منظورها الخاص، ومن انبعاثات نفسيتها. لهذا تولّت دفة السرد بنفسها، ولم تترك المجال لشخص آخر لينوب عنها في نقل أفكارها وتصوراتها؛ يقول السارد في قصة “الكابوس”:

« وجدت نفسي في خضم حشد من القامات… بقوة تدفعني القامات من الخلف.. عبثا أحاول أن أتمالك زمام جسدي.. »[9]

والسارد لا يتناول دفة السرد لينقل لنا وضعيته فقط، ولكن لكي يحكم  أيضا على الآخرين، ويقدمهم لنا. يقول السارد الأستاذ عن المفتش، وعن الوضع التعليمي العام؛ « منذ اللحظة التي جلس فيها إلى المكتب قبالتنا، رأيته يضع قناعا على وجهه، وعلى امتداد ساعة ونصف تقريبا، تلا على مسامعنا أوراقه حول واقع التعليب عفوا التعليم.. وحول الطرائق الناجعة لإصلاحه.»[10]

ويقول أيضا عن زميله في المهنة ورفيقه في ساحة الاحتجاج؛ « نقل نظراته القلقة بيننا وقبل أن يجيب، مرقت في ذهني قسمات سيرته: صامت في غالب الأحيان، لاتدري فيم يفكر، لايحبّ أن يكون صاحيا: في زاوية من مطبخه المسكون بالفوضى، صفوف من القنينات الخضراء الفارغة، زبون دائم لشركات السلف: ينحدر من قرض إلى آخر، حد الإفلاس. بم يمكن أن يحلم؟ » [11].

– وقد يتخذ السارد وضعيات متعددة كأن يكون شخصية في القصة، ثم نكتشف أنه مجرد شخصية أعطيت لها الكلمة، وأن السارد مختف حتى لحظة التشويق العليا في النص؛ ففي قصة “انعكاس” تبدأ القصة مع شخصية وسط تاكسي تحكي لشخصية أخرى عن امرأة ثرثارة سبق أن ركبت معها وأزعجتها بحديثها العالي وسط العربة. وتستمر القصة على هذا الحال حتى اللحظة الأخيرة منها حينما نفاجأ أن ما ذكر ليس إلا حوارا مطولا لشخصية تنتقد سلوكا هي تقوم به الآن. يقول السارد:

« لقد استنتجت أنها تكذب.. ثم..

في تلك اللحظة، توقف التاكسي في المحطة، ونزل الركاب الآخرون. أما هو فقد طفق يتحدث، دون أن يفطن إلى توقف التاكسي، بينما بدا التململ على صاحبه. اضطر السائق إلى تنبيههما:  

ــــ راه وصلنا أسيادنا!

فرد عليه دون أن يلتفت ناحيته: – وخا واحد الدقيقة ! واستأنف يقول لصاحبه:

تصور أنها لم تتوقف لحظة عن الكلام  حتى حين توقف التاكسي في المحطة ! لقد غادرت التاكسي وتركتها تتدفق بالكلام. يبدو لي أن… وقاطعه السائق متذمرا:

– الله يخليكم راني زربان !»[12]

ولحظة تدخل السارد واستلام الكلمة هي لحظة مفصلية في النص حيث إنها هي التي تعري التناقض السلوكي الذي توجد فيه الشخصية. وفي هذا شكل من أشكال السخرية.

وتحضر اللعبة نفسها، أي إخفاء السارد الحقيقي وعدم الإفصاح عنه، في قصة “البيت الرمادي” بشكل أكثر تطورا وتعقيدا يضفي على التشويش العام في القصة نكهة خاصة تجعل التشويش الذي تعيشه الشخصية يتنقل إلى المتلقي حيث يتخذ السارد وضعيتين، يكون في أولاهما غائبا عن ساحة الأحداث ينقلها عن بعد عبر ضمير الغائب، ويشغل وضعية المراقب الذي يعاين ما يراه. وبين الفينة والأخرى يستطيع التسرب إلى دواخل الشخصية لينقل هواجسها وتخوفاتها. ويبقى المشهد العام هنا بصريا يحضر السارد في كل جوانبه وينقل ما يراه، يقول: « سكون مضاعف يغمر الأشياء مع حلول العتمة، وتوتر مكتوم راح ينبث في أعصابه تدريجيا، توتر تستثيره البداية دائما، وتغذيه نذر الخطر، التي تنبعث من أشياء تحجب أشكالها الأليفة تحت غلالة العتمة، وتأخذ هيآت توقظ في النفس الشك والخوف والاحتراس.

رفع رأسه إلى أعلى متطلعا إلى النوافذ المشرعة المضاءة: مع مجئ الليل تشتعل الأضواء في البيت الرمادي، ولا يعرف هل هناك من يشعلها، أم أنها تشتعل تلقائيا؟ لايعرف أيضا لماذا تظل النوافذ مشرعة أبدا، ولماذا لم يلمح قط شخصا أو ظل شخص يقف خلفها أو يطل من إحداها…

أسئلة ترجّ رأسه كل ليلة، وتنبثق منها أسئلة أخرى، فلا يجد جوابا غير هذا السكون الموحش المطبق، بإصرار، على البيت الرمادي وحديقته »[13].

وفي الوضعية الثانية يحضر السارد باعتباره متكلما يوجه الخطاب إلى الشخصية لتحكي له مالاتريد الوعي به أو إدراكه بوضوح، وهو أنها تهلوس، وأنه يوجد داخل مصحة يحاول فيها الطبيب إقناعها بالفصل بين تخيّلاتها والحقيقة الواقعية. ولانعي فحوى القصة ولامساراتها إلا في اللحظة الأخيرة؛ فالسارد الغائب يصبح مشاركا في الحديث، وبعد أن كان يروي الأحداث من خارج هو الآن يستعمل الأحداث نفسها ليروي للشخصية أن ما وقع وما يعرفه بكل تفاصيله هو مجرد خيال سوداوي؛ يقول السارد: « خذ مثلا ما رويتَه: الأضواء التي تشتعل تلقائيا.. الأحداث التي تقع داخل بيت خال.. والحراسة ليلا دون النهار..ثم باب الدرج الذي لا ينفتح إلا من الخارج.. والبندقية. كيف تفقدت أمكنة الحديقة واقتحمت البيت دون أن تتسلح بالبندقية؟..ثم..

وأخرسْتَ الطبيب بصيحتك المباغتة: « اغرب عن وجهي يا مأجور..أغرب يا..». وسارعت الأيدي المدربة الصارمة إلى شد وثاقك مرة أخرى»[14].

  • وتبدو الوضعية الثالثة للسرد في الخروج التام للسارد من الحديث، والاكتفاء فقط بالمراقبة من الخارج، بدون أن يزج بنفسه داخل أي شخصية، ودون أن يفصح عن نفسية ودواخل الشخصيات، في سرد موضوعي محايد؛ ففي قصة “الجرح” يبذل السارد جهدا كبيرا في البقاء خارجا يصف ملامح الشخصيات وحركاتها، ومن وصفه ومراقبته يمكن استشفاف التوتر الكامن في علاقات الشخصيات، وأن هناك احتقانا في فضاء علاقاتهم. يقول: « بلهفة تترجل الفتاة من الباب الخلفي للسيارة. يسحب الرجل المرأة من يدها برفق يشوبه التكلف. تشارف الفتاة مدخل المقصف. تتمهل قليلا، تلتفت جهة الرجل الذي كان يمشي بوقار محيطا كتفي المرأة بذراعه. تبدو الفتاة موردة الخدين، ضاحكة العينين، ترتدي قميصا صوفيا خفيفا وتنورة ضيقة قصيرة. ظلال ابتسامة متوترة تمازج ملامح الرجل. المرأة ترتدي فستانا واسعا، تضع على عينيها نظارة زرقاء، وتتدلى من كتفها حقيبة يد جلدية. بحركة من رأسه يشير الرجل إلى الفتاة، فتنفرج شفتاها عن ابتسامة تشعّ بالرضا، وتدلف إلى المقصف. من السيارة يخرج الفتى متلكئا، يصفّق الباب بعنف، ثم يذرع الرصيف مفتشا في جيوبه عن شيء ما.»[15]

ويمكننا بسهولة ملاحظة إصرار السارد على المراقبة عن بعد، فحتى القدرة التأويلية البسيطة التي توجد لدى الناس عندما يراقبون مثل هذا المشهد، والتي تجعلهم يزعمون أن  المرأة زوجة الرجل، وأن الفتاة بنتهما ترى أن السارد أحجم عنها، وبقى ينقل لنا ما يراه، مع أقل ما يمكن من التأويل والافتراض.

ـ الشخصيات:

كيف هي شخصيات عبد اللطيف النيلة، وهل يصرّ على بناء شخصيات منمّطة تتقاطع على صعيد بعض التفاصيل أم أن تجربته تنزع نحو اعتبار كل قصة كون بمفرده يجب النظر إليه بمعزل عن الكون الآخر؟

تجتمع أغلب الشخصيات، وليس كلها، في قواسم مشتركة:

  • فهي تنحدر كلها من الطبقة المتوسطة التي حظيت بمستوى تعليمي متوسط، وتمتلك ثقافة لا بأس بها جعلتها تنفتح على مشاكل المجتمع، وإن بطرق مختلفة؛ ففي “الكابوس” توجد الشخصية وسط الجماعة والمجتمع، وتحاول الانفراد بنفسها وعزل ذاتها عن الجماعة. أما في «بم تحلم؟» فهي تنخرط في الهمّ الجماعي، ولكنها لم تستطع التخلص من ضغط الواقع المادي اليومي. وفي “ديمقراطية” تؤدي الشخصية ضريبة الالتزام بقضايا الناس والنضال ضد الظلم.

وفي كل هذه الحالات تبقى هذه الشخصيات محكومة برصيدها المعرفي الذي يجعلها مترددة بين الانخراط وسط الجماعة، أو النزوع إلى الانفصال عن الجماعة والبحث عن مسار منفرد.

وفي ما ذكرناه ههنا اختزال أو إعادة صياغة لهموم المثقف الذي يتجول وسط الجماعة بكفاءته وقدراته المعرفية، ويظل مترددا بين الجماعة المنشودة في ذهنه والجماعة الواقعية، وعندما لا يستطيع إيجاد مدخل التصالح بينهما يعتصم بفردانيته.

  • كل الشخصيات معطوبة تعاني مشاكل تواصلية، إما مع الجماعة، أو مع الدائرة المحيطة بها، كما نجد في قصة “الجرح” حيث يكمن الجرح في التوتر الذي يشوب علاقات أفراد المجموعة المقدمة التي أصر على عدم اعتبارها عائلة، لأنه لايعلم، بحكم مراقبته من بعيد، هل هم فعلا عائلة أم أشخاص مجتمعون. و التوتر في العلاقة التواصلية هو الذي نجده أيضا في قصة “كُلْها” حيث إن التوتر في العلاقة بين المشرف التربوي ومجموعة الأساتذة سوف يتم تصريفه من خلال عبارة “كُلْها” وامتداداتها.

 ويصل هذا التوتر مداه حيث تتدخل القوى الحاكمة والمتحكمة في مصير الناس لتمنعهم من التواصل مع المناضل المحكوم بالإعدام، وذلك من خلال قطع الصوت في مكبر الصوت. لهذا ليس غريبا أن يكون مطلب الناس المراقبين لعملية الإعدام أن يطالبوا بحقهم في سماع الكلمات الأخيرة للرجل المحكوم بالإعدام. يقول السارد: « في الوقت الذي شهرت فيه كتيبة الإعدام بنادقها، تقدم الأسير الهرم إلى قلب المنصة. أذن له بتنفيذ رغبته، فأخذ في تحريك شفتيه كأنما يلقي كلمة. كان يتكلم ناظرا إلى الأمام كأنه يخاطبنا، ثم ملتفتا حينا إلى اليمين، وحينا آخر إلى اليسار كأنه يخاطب القائد وقاضي القضاة ومن خلفهما.  رأيناه في البداية هادئا متأنيا، يحرك شفتيه دون يديه. لكنه ما لبث أن انفعل وتوتر، رافعا صوته محركا يديه، ثم راح يتكلم بجسده كلّه وقبل أن يصل إلى نهاية كلمته أورغبته الأخيرة، كان الدم قد غلى في عروقنا وانفجرت أعصابنا وتعالت صيحات البعض منا: «الصوت ! الصوت!… »

 لم نكن نسمع شيئا، كان الأسير الهرم يتكلم من غير مكبر صوت. حدث هرج ومرج، وتأججت أصواتنا، الصاااوت ! الصاااوت ! ….. وا الميكرووووووو !

ومن جديد، صدحت الموسيقى العسكرية»[16]

  • تعاني شخصيات عبد اللطيف النيلة، بشكل معين، مشكلة مع السلطة التي تمنعها من الحرية والتحرّر، ولكن هذه السلطة لا تأخذ بعدا واحدا ولا تسير في منحى واحد، فهي “الجماعة” في قصة “الكابوس”، وهي “الواقع المعيش” في قصة «بم تحلم؟» وهي “الآخر” القريب منك في “الجرح” وهي “المحكمة العسكرية” في “ديمقراطية”.

والملاحظات المنصرمة بصدد الشخصيات تنسحب على قصص المجموعة باستثناء قصتي “وردية” و”مجرد حبة قمح”، إما بسبب بعدهما التجريبي، أو بسبب هاجس توظيف التراث الشفوي واستثماره بطريقة جديدة.

على سبيل الاستخلاص:

إن الكتابة القصصية عند النيلة تشتغل على آفاق متعددة، وتنير دروبا إبداعية عدة؛ فهي تستهدف كشف وفضح الرمادي و المتذبذب من حياتنا اليومية، كما تفضح شخصياتنا في حيواتها النفسية من خلال إحباطاتها وعقدها، وتقوم بقراءة التراث بعين ساخرة تعطي أبعادا جديدة للحكاية الشعبية. وبهذا وبغيره تنخرط في أفق تجريبي واعد، وتنضاف إلى مصاف التجارب القصصية الرائدة بالمغرب التي أصبحت تراهن على جعل الزمن المغربي قصصيا بامتياز.  

……………………….

[1] ـ أحمد اليبوري،  تطور القصة في المغرب، مرحلة التأسيس، منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب، البيضاء، الطبعة الاولى، 2005. ص: 22،23.

[2] ـ أحمد اليبوري، تطور القصة بالمغرب. ص: 164.

[3] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي، دار وليلي للطباعة والنشر، مراكش، الطبعة الأولى، 2008. ص: 7،8.

[4] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي. ص: 33، 34.

[5] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي. ص: 65.

[6] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي. ص: 30.

[7]ـ  يعرفه “معجم السرديات” بإنه: “الواسطة بين العالم الممثل والقارئ وبين القارئ والمؤلف الواقعي. فهو العون السردي الذي يعهد إليه المؤلف الواقعي بسرد الحكاية أساسا.” انظر “معجم السرديات” تأليف جماعي، إشراف: محمد القاضي، الرابطة الدولية للناشرين المستقلين، تونس، الطيعة الأولى، 2010. ص:195.

[8]ـ تحدد السرديات الحديثة ثلاث وضعيات أساسية للسارد هي: “الرؤية من خلف” أو “التبئير الصفر”، و”الرؤية مع” أو “التبئير الداخلي”، و”الرؤية من الخارج” أو “التبئير الخارجي”. انظر: معجم السرديات، مرجع مذكور. ص: 279.

[9]ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي. ص: 5

[10]ـ المرجع نفسه. ص: 9.

[11]ـ المرجع نفسه. ص: 34.

[12] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي.  ص: 30.

[13] ـ المرجع نفسه. ص: 36.

[14] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي. ص: 48.

[15] ـ المرجع نفسه. ص: 13.

[16] ـ عبد اللطيف النيلة، البيت الرمادي. ص:62، 63.

مقالات من نفس القسم