عن جحيم الكتابة وجنتها

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

"لماذا يصبح بعض الناس جراحي أعصاب، منظفي أسنان، مصرفيين استثماريين، بينما يختار آخرون مهنة لا تعد إلا بالفقر والرفض والشك الذاتي؟ لماذا يستيقظون كل صباح – وعادة في الصباح الباكر جداً قبل الشمس وقبل الأسرة وقبل نداء العمل- ويدخلون إلي القفص بملء رغبتهم، رغم أنهم – بخلاف ذلك –أشخاص عقلانيون؟" هكذا تساءلت ميريديث ماران في مقدمة الكتاب الذي قامت بتحريره بعنوان "لماذا نكتب؟ عشرون من الكتاب الناجحين يجيبون علي أسئلة الكتابة" والذي قام بترجمته إلي العربية مجموعة من المترجمين العرب في إطار مشروع تكوين* مراجعة بثينة العيسي ( الدار العربية للعلوم ناشرون 2014).

 

 يحتوي الكتاب علي عشرين فصلاً يتناول كل فصل إجابة واحد من الكتاب العشرين علي سؤال لماذا نكتب، وبعض الأسئلة الأخري الجوهرية المتعلقة بالكتابة مثل أفضل وأسوأ الأوقات التي يمرون بها، بالإضافة إلي حديث حر عن قصتهم مع الكتابة.

يبدأ كل فصل بنبذة عن الكاتب وأعماله، وينتهي بنصائحه أو حكمته فيما يتعلق بالكتابة، وقد اختارت ماران الكتّاب من أجناس وأعراق وأعمار مختلفة، كما اعتمدت في اختياراتها علي هؤلاء الذين نجحوا في الصنعة وفي تجارة الكتابة معاً، أو بكلمات أخري من الذين حصلوا بالضبط علي ما يريده أي كاتب:حرية إبداعية كاملة ولا شيء يقلقون بشأنه. 

عن سؤال لماذا نكتب؟ أجابت إيزابيل الليندي: “أنا فقط أعرف بأنني أريد- بشكل رقيق وخفي- أن أوقع تأثيراً علي قلب القاريء وعقله “.

ويقول ديفيد بالداتشي :”عندما تأخذ الجمل والقصة في التدفق تكون الكتابة أفضل من أي مخدر، فهي لا تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك وحسب بل تشعرك بالرضا عن كل شيء”.

وماري كار تقول: “أكتب لأحلم لأتصل بالآخرين لأوثق لأوضح لأزور الميت، لديّ نوع من الحاجة الفطرية لترك بصمة في العالم”.

أما ميغ واليتزر فتقول: “استغراقي في كتابة السرد خصوصاً إذا كانت الكتابة تسير علي نحو جيد يبعد عني قلق العالم كله ،يصبح العمل مكاناً حصيناً ،الأشياء السامة لا يُسمح بدخولها”.

أما عن كيفية التعامل مع الرعب الأكبر للكتاب وهو حبسة الكاتب أو فقدانه للقدرة علي الكتابة، تقول سو جرافتون: “الحبسة هي نتيجة قرار خاطيء قمت باتخاذه ومهمتي هي العودة للوراء لرؤية ما إذا كنت قادرة  علي تحديد مفترق الطرق حيث مضيت نحو الاتجاه الخاطيء”.

 أيضاً يحسب لمحررة الكتاب عدم إغفالها للتفاصيل المهمة والدقيقة ومن أهمها المكان الذي يكتبون فيه،وطقوس الكتابة الخاصة بهم.

فعلي سبيل المثال بالنسبة لسارا جروين يقع مكتبها في ظهر البيت وإذا كان بابه مغلقاً لا أحد يطرق عليه،

أما مايكل لويس وزوجته تابيثا سورين فهما يعملان في استديوهات يصل بينها مسار متعرج يحيط بالبيت ذي الواجهة الخشبية حيث يربيان أطفالهما الثلاثة، واستوديو لويس عبارة عن كابينة من الخشب الأحمر من عشرينيات القرن الماضي مع موقد حجري ويقوم بإغلاق الستائر بالكامل لأن ساعته الجسمانية ترغب بالكتابة في منتصف الليل والانتهاء في الرابعة فجراً ولأن هذا لا يصلح مع مواعيد الأطفال فكان عليه أن يحفز منتصف الليل في منتصف النهار.

ختاماً يمكن القول أننا بصدد كتاب مهم ليس بالنسبة للكتّاب فحسب لكن لكل من يقرؤه، فإن كنت لست كاتباً سوف يمنحك متعة الاقتراب من العالم السحري الخاص بالكتابة.

وإن كنت كاتباً سوف تحظي بذلك النوع من متعة القراءة الذي يولد من قراءتك لشيء تعيشه وتعرفه تمام المعرفة؛ والأهم أن الكتاب في مجمله سوف يحفزك أن تأخذ بالنصيحة التي جاءت علي لسان سارا جروين:

“لا تفكر في الكتابة وحسب بل اكتب”.

…………………..  

* تكوين: مشروع ثقافي أدبي متخصص في الكتابة الإبداعية.

مقالات من نفس القسم