علاء خالد: الثقافة في الستينيات والسبعينيات لم تمهد مكانا للفن والكتابة.

علاء خالد
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

حاوره: خالدالمهير

لماذا كلما حزمت حقائبي إلى الإسكندرية ، تستهويني الحكايات والفن والشعر والكتابة ! أبحث عبر أزقة وشوارعها عن أحلام الشعراء ، ولوحات الفنانين ؟ . هل لأنها مدينة ساحرة كما أخبرني الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي وتأثيرها خفي.

حاوره: خالدالمهير

لماذا كلما حزمت حقائبي إلى الإسكندرية ، تستهويني الحكايات والفن والشعر والكتابة ! أبحث عبر أزقة وشوارعها عن أحلام الشعراء ، ولوحات الفنانين ؟ . هل لأنها مدينة ساحرة كما أخبرني الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي وتأثيرها خفي.

أم لها علاقة بالغرام كما تتغنى فيروز.. في الطريق إلى بيت الشاعر علاء خالد بولكلي 45 شارع إبراهيم راجي ، أحمل معي سيرة بنغازي للكاتب الصديق أحمد الفيتو ري طرأت فكرة إجراء هذا الحوار .. لم أجد صعوبة في التعرف على هذا الشاعر ، كانت الكلمات بيننا بدون فواصل ، وكأننا منذ أزمنة تعارفنا .. تفاصيل المكان الذي يسكنه الشاعر لها علاقة بالكتابة الشعرية عند علاء ، هكذا شعرت عندما كنت أبحث عن العنوان ..

* السؤال الذي أود طرحه في بداية حديثنا عن حجم الأسئلة التي تطرحها في أعمالك الإبداعية؟

ــ صدرت لي حتى الآن ثلاثة دواوين شعرية ، وثلاثة كتب ، وهناك ارتباط بين الكتب والدواوين ، في ديواني الأول ” جسد عالق بمشيئة حبر ” كان نوع من النقد الذاتي ، تشاهد حولك العائلة ، والأشياء التي تؤثر في التفكير ، ومحاولة رؤيتها ، والبحث عن فكرة المشكلة ومن أين تنبع .

في هذا الوقت تشكلت مجموعة من الأحاسيس للمشكلة التي أعايشها وهذه المشكلة تكون نتيجة نظام اجتماعي يؤدي مسلمات للناس ولا يفكروا فيها إلى أن تأتي ، وفي لحظة تصطدم مع الحياة . أيضًا فكرة الاستمرار نفسها أسميها لحظة الأزمة ، يحصل نوع من التضييق في المسلمات التي يؤمن بها ورؤيتها . حاليًا أشاهدها فكرة سياسية ، بما أنك في طريق الشعر تريد انتقاد نظام معرفي كامل ، وهذه الفكرة بها صعوبة ومهما كانت الفكرة الشعرية تجد داخلها فكرة ثورية ، ولا توجد بداخلها إمكانية للنقد ، وتحرير الشعرية ، الحالة الشعرية للنص ، كأن النص نثر ، يوجد فيه حس إيقاعي ، القصيدة كانت “70″ ورقة ، وفي شكل حكائي . وهذا يولد لدي إحساس أن الفكرة تعمل جدل معها . بعد هذا أختلف الوضع في ديواني ” حياة مبيتة ” ولم تعد فكرة النقد هي الإحساس بل محاولة لرؤية الإنسان . وابتدأت حالة إنسانية ، وبدأت تتحول الحالة إلى حالات ، أي الثقافة التي عشناها في الستينيات والسبعينيات لم تمهد مكان للفن والكتابة في ضوء المرجع . فالكتابة إما كانت ضد هذا المرجع أو مؤمنة به .

لم توجد منطقة متوسطة ، وبالتالي كان لابد من البحث عن مكان . ولابد للكاتب من نقد المرجعية ، حتى فكرة مجلة ” أمكنة ” المسئول عن تحريرها لم تكن شعرًا أو رواية ، بل تتعامل مع أشياء جوهرية ، في العدد الأخير فكرة البطولة واضحة في العدد ، وغيرها من الأفكار ، الإنسان في المدينة ، الصحراء وعلاقتها بالوعي ، كلها أشياء جوهرية ..

* توقفنا عن الحديث ، وساد بيننا صمت ، في هذه الأثناء أخذ علاء خالد يتأمل العبارات الدافقة ، خاصة وأن فضاء المكان الذي نجلس فيه يضفي على الحديث طعم الفن ، صور شوارع الإسكندرية القديمة ، لوحات تشكيلية ، وأعمال وزخارف فخرية .. وعبر جهاز التسجيل ينبعث صوت فيروز ، وفي أحيان أخرى أغاني لمارسيل خليفة ، سألت علاء عن هذا الجدل القائم حول علاقة الشاعر بالسلطات المختلفة ، وكيف ينظر إلى هذا الجدل ؟ وعلاقة الشعر بوجود قضية ؟

قال علاء ، وكأنه خرج من حالة الصمت إلى الثورة :

ــ أنا أنظر إلى هذا من زاويتين نزار قباني ومحمود درويش أقرأ من هذه الظاهرة في شعر درويش فكرة القضية ، أي فكرة جماعية داخل الشعرية ، وقادرة على تحقيق علاقة مع جمهور وهذا أدى إلى فكرة التعاطف مع فلسطين . أكيد درويش لديه خاصية عامة وخاصة في نفس الوقت . ويمكن الشعراء بعدهم لم يستطيعوا تحقيق هذا التواصل ، محمد اطاغوط ، أنسى الحاج صلاح عبد الصبور تجارب مهمة لم تحقق التواصل ، وتراجع الشعر قد يكون بسبب ابتعاد الطرفين عن بعضهم ، ونوع الخطاب الشعري لم تعد الأداء الموصلة ، الشفرة ، الدقة في الاستقبال والاستماع .

في أوائل السبعينيات والثمانينيات حصلت فجوة ، وربما لأن الشعر ابن مشروع إنساني ، وبالتالي قد يكون غياب فكرة المشروع الإنساني ليست مطلوبة ، وغير مفهوم فتحول الشعر إلى حالات خاصة ، وليس حالة جماهيرية ولا يوجد له تأثير ، قبل هذا يقرأ الشاعر ويمكن التأثر به ، حالة التمسك بالشاعر . تظهر أشكال كثيرة في الشعر ، وفي حالة تشابه بينهم .

* بين لحظة وأخرى حاولنا التطرق إلى قضايا وإشكاليات وأسئلة ، هنا سألته عن خصائص الجيل الذي ينتمي له علاء جيل الثمانينيات ؟؟ قال :

أود أن أتحدث عن الجيل الذي سبقنا ، بمعنى جيل السبعينيات الذي كان يبحث عن دور ، وقد تكون داخل إطار التجربة السياسية وعنده طموح لغوي مختلف ، ولم يستطع أن يعمل تناسق ما بين الوعي السياسي الذي لم يكن متطور ، بحيث لم يفتح آفاق للغة أكثر ، بل كان هناك وعي إنساني خلف هذا الطموح ، ويتعامل مع اختلاف شكل القصيدة .

أمل دنقل يطلقون عليه سياسي ، حيث أستطاع أن يمزج ما بين الشعرية والسياسي ، وله خصوصية ، الفرواي ، صلاح عبد الصبور لديهم فكرة تمردية في شعرهم ، وعيهم بالوجود ، بحيث كلما اقترب الشاعر من الفكرة الجوهرية ـ التي قد تكون بسيطة أو كبيرة داخل أي مجال تدور حوله .

* أعود معك إلى السؤال الذي لم تجاوبني عنه بالتفاصيل حول علاقة الشاعر بالسلطة ؟ كيف تقييم هذه العلاقة ؟

بدأ علاء التحفظ على السؤال ، هكذا شعرت ثم قال :

السلطة كلمة ملتبسة ـ وإحساسي أن فكرة النموذج صعبة . في لحظة تاريخية طرح النموذج الرومانسي المتمرد ” الشعر السياسي ” وهذه مشكلتنا ، نطرح نماذج وليس أفراد ، ويمكن على شأن هذا وجد خلط في الفكرة ، أنظر لها من زاوية ضيقة وأشعر أنها مشكلة ، ولا أفكر خلالها . أكثر من صوت فردي داخل اللحظة التاريخية أكثر من صوت يهيمن ، أشعر أن مثل صلاح عبد الصبور أفترض وجوده في الستينيات كان يتكلم في الحب والصوفية النموذج الذي كان يسيطر سواء في مصر أو العالم العربي ، النموذج السياسي ويأتي صلاح ويطرح الحب ، محمد اطاغوط له أهمية رغم رومانسيته ، حس فردي رومانسيته شخصية ، كانت له تجربة سياسية ، لكن داخل التجربة السياسية كان له وعي فردي ويبحث فيه عن أنسانيته ، وأي لحظة تاريخية يكون له نموذج ، وأنا مع كثرة النماذج ..

* علاء لا يكف عن التأمل ، حالة خاصة بين التصوف والعشق ، ولكن لابد أن يتطور الحديث إلى طرح مسائل شائكة في التفكير ؟ قلت له كيف تنظر إلى قضية أخرى قضية المشرق والمغرب العربي ؟

بيروت ، القاهرة ، من جهة أخرى تونس ، الجزائر ، الدار البيضاء ، كيف ينظر الشاعر والكاتب علاء خالد من زاويته إلى هذا التأطير ؟

ــ سليم بركات سوري كردي ، ومحمد اطاغوط ، أنسى الحاج ـ الكتابات النقدية التي في المغرب العربي مهمة جدًا ، عبد الفتاح كليطو نوع وعي داخل في صميم التجربة الشعرية ، عبد الكبير الخطيبي .

أنا شخصيًا لست في مشكلة مع أحد ، ولا أشعر أنه في أزمة لدي في هذا الجانب ، عبد الكبير الخطيبي له وعي لأنه محتك ، ولم نكن نعرفه في مصر ، وبالفعل لابد للمرء أن يتأثر به .

* وكيف نقف على المشهد الشعري المصري ؟

نقول في أزمة الشعر ، وفي هذا الوقت لا توجد تجربة ، جميعنا دون استثناء لن تكتمل عناصر البناء والتفكيك في أعمالنا . والذي يود أن يشاهد التجربة الشعرية ، لا توجد قرائية ولا يوجد نقد ، بمعنى لا توجد فكرة نقدية نحكم من خلالها ، يوجد وضع ” سايب ” صعب تتشكل فيه تجربة بصلابة ، احتمال هذا سمة اللحظة ، لكن أكيد في محاولات كثيرة و خاصة ، الخيط ليس قادرًا أن يمتد و يحكم تجربته بشكل ما .

* نتوقف مع علاء عند هذا ، الذات والروح الشعرية بمن تأثرت خلال التجربة الشعرية ؟

قال :

أول شخص أحببته حتى ولم أكتب شعره صلاح عبد الصبور فترة السبعينيات ، ولم نكن مرجعيتهم في نفس الفترة ـ أحمد عبد المعطي حجازي و محمد الماغوط كانت حالتي أقرب منهم .

محمود درويش في أعراس ورقم “7″ فن أكثر الدواوين التي تأثرت بها . هناك أجانب ولكن أتحدث عن عرب لأنني أحس بحاجات قريبة وليست متشابهة .. وأشعر أن مجلة الكر مل فتحت للذات مدخل آخر تختبر فيه نفسها ..

* ولما أختص الشعراء وحدهم بالحياة ؟ هل ترى هذا يا علاء ؟

ــ تأتي الحياة عندما تحصل أزمات في الوعي والفكر ومناهج التفكير ، ترجع الناس لفكرة الحياة ، يمكن أن يشاهدها أحد تجربة بسيطة ، الحياة تعني الواقع سواء الاقتراب منه بشدة أو تحديد موقع منه ، في أي لحظة تصاف أزمات ، وبهذا الحياة لا تحض الشعراء وحدهم ، الحياة كلمة مركبة معنى شامل ، الحياة كلمة حيوية تختفي خلفها مجموعة كلمات ومضامين

* كيف جاءت فكرة ” أمكنة ” حدثنا عنها ، وماذا أضافت إلى تجربتك ؟

ــ بدأت فكرة إصدار مجلة ” أمكنة ” في أواخر التسعينيات ، بحيث تكون بعيدة عن الأدب بشكله الجاهز ، والأفكار الجاهزة ، وتكون قريبة من فكرة الحياة تبحث في الأدب ، وفي الأمكنة المهملة والهامش ، مجلة أغلبها تجارب شخصية ، الفوتوغرافيا الصورة عنصر أساسي داخل المجلة ، الاستفادة من المجلة بشكل خاص الأشياء الحوارية التي أعملها مع الناس والأدب أفادتني ، في اللحظة التي أشتغل فيها بالمجلة لا تساعد على الاستمرار . و سفري من هنا نساني الأفق المسدود ، وأشعر أنها حاجات تستمر ، في الحوارات تشاهد المشكلة أو المأساة ، تشاهد حكمة الناس وتصطدم بالواقع الحاد يختلف عن فكرة النص ، ويختلف في القراءة .

عودة إلى الملف

 

 

مقالات من نفس القسم