عريس 4×6

عريس 4×6
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 

عبير عبد العزيز        

 الكاميرا لا تُظهر إلا ما نراه، عدستها ليست أكبر اتساعاً من حدود تلك الزوايا التي أردنا بصدق تسجيلها. صورة ثابتة لا تتغير، لا تزيد ولا تنقص، لا تتفاعل ولا تتطور. عشرات الصور كانت تأتيني من مصادر مختلفة لأختار شريك العمر. عمري خمسة وثلاثون عاماً، تلك كارثة تُنذر بغياب الكثير من الفرص التي أستحقها، العامل المشترك في معظم الصور إنها 4×6 متحدة اللحظة والرمز. بصدق لا تستطيع تمييز أحداً من خلالها، الصورة لا تجعلك تشعر بحرارة هذا الجسد ولا بطاقة تلك الروح. ربما أعين متسع تلمع كانت لروحٍ أشد ظلمة من حدقة العين. ربما وجه متجهم أمام عدسة لم يكن مستعداً لها كما استعدتْ لاستقباله وتمرنتْ على ذلك كثيراً، لذا أجادته باقتدار. الصورة دائماً تنبئ أن هذا الشخص كان هكذا في تلك اللحظة فقط. دائماً يقلقني الزمن الثابت، فالزمن الثابت بلا روح. بالأخص صورة 4×6 ، صورة أُخذت لأهداف محددة، للبطاقة الشخصية، لشهادة التقدم للجامعة، لورقة الإعفاء من الجيش وغيرها. إنها صورة لمحفظة جلدية صغيرة تضعها ببنطالك الأيسر، إن نتاج حاصل 4×6=24

 

ذكرني بإجابة أي شخص عند سؤاله عن حاله فيقول: “بخير أربعة وعشرون قيراطاً” هذا تعبير شائع في مجتمعنا، وبمعرفة أن أربعة وعشرين قيراطاً تساوي فداناً من الأرض الزراعية أي إنه يتحول لواحد صحيح، كل لا يتجزأ. لذلك كل المعلومات المتاحة من هذه الصورة تساوي تلك القيمة من مسميات مثل إمكانياته المادية، مكان المسكن وتفاصيله، نوع العمل، العمر وغيرها. لكن من يستطيع الاقتراب من الأربعة والعشرين مربعاً في القلب. لم تكن البيانات تحوي ذلك.

تلك الحفرة بداخلي ما أردتُ ملأها منذ عمر السادسة عشر وفشلت. كيف تملأها الآن 4×6 . هل من الخيال ومن دروب المحال أن يرسل أحد العرسان صورة له مرسومة بالزيت أو بالفحم أو حتى بأقلام الرصاص. لعل ذلك أصعب من النوق الحمر في عهد ليلى. هل من الخيال ومن دروب المحال أن يرسل أحدهم صورة فوتوغرافية له في مكان يحبه أو مع أشخاص يهمه أمرهم أو أثناء ممارسته لأمر يعشقه. إنه يحيا في تلك الصورة. شخص أراد أن لا يدفن كل ما يملكه بقبرٍ صغير مساحته 4×6.

 العريس حلم يراود كل فتاة والحب حلم يسكن كل قلب لكن هذه أحلام تحتاج للوحة من لوحات الفنان البلجيكي ماجريت. كان تمزيق صور 4×6 الحلم المفضل عندي الذى أدعو له كل البنات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عبير عبد العزيز

شاعرة – مصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللوحة رسوم بالأقمشة للفنان: إبراهيم البريدى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

محمد العنيزي
كتابة
موقع الكتابة

أمطار