طريق الرواية

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 29
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

نعلم من كبرياء بطل رواية أبناء الجبلاوي لإبراهيم فرغلي، أنه اخترق حصون نجوى الجسدية الست، بست فتوحات ديونيسيوسية، لكننا نعلم أيضاً عن طريق قرينة نجوى، أن البطلة كانت تعاني من ضيق خاتمها، واحتاجتْ إلى توسيعه على يد طبيب مختص.

في توالد السرد أو تتابع سلطاته أو تعدد أصواته، لا توجد أكاذيب، توجد حقائق فقط، حقائق روائية لا تنفي إحداها الأخرى، بل تقف في سماء الرواية مُعلَّقة كالنجوم. ضيق خاتم نجوي لا ينفي الفتوحات الديونيسوسية لكبرياء، لكنه بلغة الرواية يُقلل من رومانسية كبرياء. تسمح تقنية توالد السرد وتتابع سلطاته وتعدد أصواته لإبراهيم فرغلي، بالبناء والهدم ثم البناء والهدم من جديد، وهذا يُضاعف عدد الصفحات، ويفتح آفاق التكرار والتعديل والإضافة والحذف. لعبة خطرة يدفعها إبراهيم فرغلي إلى حدودها القصوى، حدود صوت قرينة نجوى، وأصواتها الأربعة الأخرى، وهي أصوات تُنبئ بنهايتها الهستيرية، لتُبعث من جديد مع كاتب الكاشف وشيطان كتابته. البعث الجديد يتطلب وصفاً جديداً للون العينين والبشرة والملامح، وصفاً جديداً لتأكيد استراتيجيات السرد أو تعديلها أو وضع مرايا لتكرار ما هو مُفضَّل جمالياً للروائي، مثل وصف بداية علاقة، وصف مشهد حسي، تأسيس اهتمامات ما قبل روائية عند كاتب الكاشف، مثل صورة من صور العارضات التي ساعدته في بناء شخصية. الما قبل روائي لا ينتهي أبداً طالما هناك نقطة افتراضية ممكنة دائماً، وهي نقطة قبل كتابة الرواية. يسير مع هذا الخط المعقد في رواية أبناء الجبلاوي، خط الحكاية الخاصة بنجيب محفوظ الذي تختفي أعماله من الوجود فجأة، كاختفاء قارة. فكرة اختفاء أعمال نجيب محفوظ ورمزيتها الثقيلة تقع على أرض الواقع كهدد عمارات في وقت واحد، ودون كلمة واحدة لفك هذه الرمزية، وسحبها على أرض الواقع الذي نعيشه هنا والآن، فإن الرسالة تصل إلى الجميع، أمَّا عن استثمارها داخل الرواية، فيبقى حفظ شاب أو اثنين لمقاطع من الروايات أو لأعمال برأسها لأديب نوبل، ومُحاوَلَة تدوينها مرةً أخرى، وإنقاذها من النسيان، هي من أفضل الحيل التي تردنا إلى هاجس تدوين المذكرات بين رفيق فهمي وكبرياء، وهاجس كتابة الرواية لدى كاتب الكاشف. كيف تُحسب القيمة الفنية لو كان ما يكتبه كاتب الكاشف متحققاً على أرض الواقع؟ القيمة الفنية هنا إمَّا أن تنحاز للكتابة الروائية الخيالية أو تنحاز للواقع التسجيلي المحض إلا أن النجدة الروائية الحديثة تُفضِّل احتدام الصراع بين الطرفين، وتعليق القيمة الفنية في رقبة المعلومات الصريحة التي تنقلنا بشكل فوري من الفن الروائي إلى الواقع التسجيلي أو العكس.     

عودة إلى الملف

    

مقالات من نفس القسم