طاهر الشرقاوى.. هل تخاصم الجنوب ؟

أفتقد
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

 سهى زكي

 

كتب طاهر من أكثر منذ عشر سنوات تقريبا قصة بعنوان "عاصرة العنب"، وأهداها لى، كنت وقتها أتحدث عن ذلك الشبه الكبير بينى وبين تمثال لصانعة الجعة فى مصر القديمة ، وعندما رأى طاهر صورة هذه السيدة الفرعونية ، كتب عن أوجاع " عاصرة العنب" متمثلة في.

 

لم نكن يوما أنا وطاهر قريبين لبعض الى حد ان يرانى من داخلى كما وصفنى فى قصته، رغم صداقتنا القديمة وعلاقتنا الودودة جدا والمحبة التى تجمعنا كزملاء فى وسط ثقافى تغلب علي الكثير من المنتمين له "نفسنة" مؤذية أغلب الوقت، ومفيدة أحيانا، لكن طاهر هو من هؤلاء الذين يرى الجميل فى كل شىء وكل انسان.

 أحب كتابته، بقدر ما أحب أنسانيته، وهما مميزتان قل اجتماعهما للأسف فى شخص واحد، خاصة أننى بعيدا عن كونى كاتبة فأنا من القارئات اللاتى يتمتعن بأحكام طفولية، فتؤثر على الصورة الذهنية التى اصنعها للكاتب الذى أقرأ له ، لذلك لم يخذلنى طاهر صورتى الذهنية عنه، بل هى تصير أبدع وأجمل مع كل عمل يصدر له ومع كل مناسبة تجمعنا.

طاهر الذى كتب أول أعماله القصصية التى سمعناها وناقشناها سويا فى ندوة الاديب الكبير محمد جبريل، لم يتغير ولم تجعله الجوائز ممن ينزلون من بيتهم بشماعة الملابس كما يقول الاديب محمد رفيع، فظل طاهر الذى اصدر أول أعماله القصصية “البنت التى تمشط شعرها” هو نفسه الذى كتب “حضن المسك”  “فانيليا “و”عجائز قاعدون على الدكك “وأخيرا روايته الفائزة بجائزة معرض الكتاب هذا العام “عن الولد الذى يربى حجرا في بيته ” ، وأنا هنا لا يمكن أن أقوم بدور الناقد لأعمال زميل وصديق ، أتحمس لكتابته بشدة ، ما سيجعل شهادتى مجروحة ، فهذا دور النقاد ، فقط اتحدث عن ولد وكـأنه صخرة من جبل المطاريد العنيد ، بهدوء تسلل لصخور الغربة المختارة ، لا يقوى على حفر ارض ترابية بأسنانه اللبنية التى لا تقضم اللحوم أبدا ، رضى بان يكون غريبا ليس سعيدا ، لم ينزع من عقله الفكر الجنوبى ويحاول أن يتحرر فى كتابته من سيطرة البيئة الصعيدية عليه ، لكنه ما أن طار بعيدا حتى وضحت فى كتابته عقدة الجنوب رغما عنه.

 ذلك الولد لا يشبه أولاد الصعيد ذوى القصة الشهيرة النازلة على الجبهة ، لم يمتلك سلطة الدلع على الأم وسب الأولاد بإرادته الخالصة الواعية ، ولم يسمح بتدليل الأب له وكأنه دمية ، رفضت معدته اللحوم بكل أنواعها ، فأصبح طاهرا من شهوة الطعام ، فقليلا ما يأكل وقليلا ما يتكلم وقليلا ما تلمحه هنا أو هناك فى وسط البلد أو عند سوق الحميدية أو بجوار الثقافة الجديدة، إذا حدثك نظر للأرض وإذا قرأ لك رأى الجميل فيما كتبت ، غضبه عنيف إلى حد الصمت ، يثور إلى حد الزهد ، يكره النميمة والنفاق والتسلق ويحب كل الناس كل الناس ويحبه كل الناس حتى ان البعض أطلق علي أديبنا الروائى والقاص “الملاك ” نظرا لهدوءه الشديد ، ولد لا يشيخ نظرا لابتسامته التى لا تفارقه ابدا واحترس ان تخدعك تلك الملائكية المشعة وتعتقده لا يعرف شيئا او لا يفهم فهو ان صح اللقب عليه “ملاك ” فالملائكة تصل بجناحيها لذروة الفهم والمعرفة والعلم ، فلا تخدعنك في هذا الولد براءة ملامحه وتتهاون فى قراءته جيدا ، احترس فان هذه الملامح فخ لا فكاك منه ، لأنك ستجد نفسك تجلس مع شخص يفهمك تماما ولا يخبرك بذلك لأنه لا يهتم وتعتقد أنت انك غامض جدا فتتصرف على حريتك وهذه خدعته ان يدعك على حريتك تماما حتى يأخذ منك موقفه العظيم واما يبقى او يرحل للابد فلا تراه ابدا . وهو مبدعا دون جهارة …

لى فقط عتاب كقارئة له ، لماذا يا طاهر لا لم أرى حكايات الجنوب فى أعمالك حتى الآن؟ هل هناك خصام روحى معه أم لم يحن الوقت بعد ؟ دمت للأدب العربى يا طاهر .

عودة إلى الملف

مقالات من نفس القسم