صباحات موحشة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 2
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

ريهام عزيز الدين

إنها أحد تلك الصباحات التي أتوحش فيها محبتك بالكلية

أتعارك مع أمي لأنها حجبت عني الرؤية

أتعارك مع أخي لأنه لا يشبهك بالقدر الكافي

أتعارك مع الحلم لأنك بت بعيد الحضور

أتعارك مع الله- لأني أظن كثيراً- أنه تركني بمفردي

أعلم تلك الصباحات جيداً

التأكد من القدرة على التنفس بشكل منتظم

الربتة على الكتف أن كل هذا سوف يمر

إعادة مضغ العبارات الواحدة تلو الأخرى، دون السماح لأحداها أن تخترق الجدار

لا زلتُ أمارس لعبتي القديمة في الاختباء أسفل مكتبك الصاج القديم

أصنع عالمًا متكاملًا أعيش فيه بمفردي

أعقدُ صداقات متتالية مع أحذية العابرين

أروي حكايا لا تنتهي عن نبتة  باللون الأزرق

تنمو ببطء في منتصف قفصي الصدري

تشدني من يدي شداً لتعيدني إلى الحياة

فلأخبرك إذن ما لا تود سماعه

الحياة لا تعبأ بك

لم تتوقف لحظة واحدة بفعل الغياب

السيارات لازالت تمر في شوارع المدينة تتقيأ الوسخ

طوفانٌ لا يكف عن الثرثرة لكي تتشوش الرؤية أكثر

لا يستدعي أحد ذكراك

شجر المانجو الذي زرعته في سبع سنوات

لم يبكيك

أصابعٌك التي خلّفتها على صفحاتٍ بيضاء بتوقيع اسمك كختم أبدي للمحبة،

تمّ استئصالها بفأس ذات نصل لامع

ثيابك التي بالغت في ابتياعها تمّ تعبئتها بعناية في حقيبة سوداء سيأكلها العفن لا محالة

أطفالك التي أورثتهم الوحشة، يتمترسون خلف جدار سميك من الوحدة

يكممون أفواههم لكيلا يشي نشيج قلبهم بهم في العتمة

الحياة لم تتوقف بالغياب

تسير وفق نوتة موسيقية لمغنٍ استيقظ فاقداً الصوت

تلك الصباحات التي أتوحشك فيها

هي ما يتبقي بيني وبينك

أتعارك لكيلا تنسل خيوط ذكراك من الذاكرة

غير أن ذاكرتي معك خاوية

وتاريخنا الشخصي

يحمل صورة وحيدة

احتفظ بها

لكيلا تصل إليها أصابع غضب قديم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعرة مصريّة

 

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني