شمسٌ .. وقمر

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 96
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إيمان عمار

شَعري يَطولْ..
يطولُ كثيراً حتىٰ تُلامس أطرافهُ بِداية ظهريِ. والشمسُ لا تتركهُ في حَالهِ، تظلُ تُداعبه كما تُداعب ظِلالها زهور عباد الشمس، لتَضع طابع الكمال علىٰ أرضي.. سودةٌ لامعة، ونفسٌ صبوح، وجسدٌ خفيف مدوار. إنه وقتي، والمكان الذي وَجب عليّ أن أتواجد به وتواجدت. سأترك ذاك البياض يحتضن داخلي قليلاً.. لن أستيقظ لا.. إنني أشعر بحرارتهِ مشتاقاً إليّ، وتُحدثني نبضاتي أن نفسي بردت بسرمديتهِ.. لن يتلاشى منه!
•••
الغُرفة ذاتها مرةً أُخرىٰ.. تَبدو مُذهبة ..لكِنها خالية. مُمتلئة بأثاثها الذي كان.. مرآة، وسريراً، ومِفرش أرضي، وكنبة، وستار وأحياناً بصالونٍ فاخرٍ مُتكامل، ومكتبة عتيقة، وآلة تنبع منها أرقىٰ الموسيقىٰ، وجُمهور كثيف يتلصص من هنا وهناك.. وحكاياتٍ وكتبٍ وقصص. لكنها خالية مني، خالية من حِراكي وصفاء أعيني الذي إعتدت رؤية انعِكاساتها في المرآة.. خالية من عَطفي، وخَيالي، وآمالي، وسُخريتي عند رؤية بعضاً مِنها يتبخر مع أول هطولٍ للمطر. لم تعد ملكاً لي، حتىٰ أنا بميزاتي وعُيوبي لم أعد ملكاً لي. فأين أذهب إذاً إن لم يكن للعالم الذي ينطوي وراء جفوني. سأغمض عيني، وأترك جسدي الفاني، وصورتي القابلة للقص واللصق لتعطش خيال الجُمهور الجاني!
•••
لقد تَحول المكان، أو أُزيلت ديكوراته. مياه بطيئة الحراك مُخيفة.. واجهات بيوتٍ مُتهدمة مِن زواياها، وأرضية متمزقة..
500 قطعة؟!
لا ليست بهذا العدد، لكن عيناي الصغيرتان ترىٰ عدداً لا مُتناهي من القِطع. من ورائي، ومن خلفي، ومن أمامي.. هل كُسّرت الأرض؟، تهدمت بنا؟!. لستُ أدري، حتى إنني لم أشعر بحقيقة وضعي. إلا إنني عندما أدركت وضع الآخرين من حولي والذعر البادي في عُيونهم وأجسادهم، وتقدمت للوصول إليهم لمساعدتهم. نظرتُ إليّ لأدرك حقيقتي، فوجدتني أسوأ حالاً منهم.. زعرت .. وحاولت الوصول لأحدهم هذه المرة للنجدة .. لكن أحداً لم يرضىٰ .. توسلت إلى الأقربون منهم والغُرباء، وجميعهم مُعرض عن توسلاتي.

الظلامُ يتزايد، والمياه مُجرد النظر إليها تفتح سيناريوهات الموت في رأسي، وأنا وحدي، ولا أحد يلتقط ذراعي. أريد أن أستيقظ.. لا.. أنا لم ينبغي لي أن أصل إلىٰ هُنا.. إن لم أمُت فعلاً سأموت خوفاً. بِضع لحظات، وبينما أنا في شرودي، فوجئت بتحرك القطعة التي أرسو عليها وجريانها كأنها تسبح. قلت بيني وبين نفسي بتخليص أن أمري قد أنتهى. لأدهش حين أراها تلتحم بأرضية إحدىٰ البيوت التي تبدو واجهتها وكأنها بُنيان قلعة ما، وأنجو بنفسي من حيث لا أدري. وحينما أُيقين أن يداً من السماء دفعتني لأرسو، وألتقط أنفاسي، أرىٰ أيادي الآخرين وهي تُعارك بعضها توسلاً مني للنجدة!
•••
ضَوضاء..
ضوضاء البيت..
رائحة ٌمُحملة بطعام، وخُمول يوم الجمعة.. غيومٌ وشمس .. والعصافير تزقزق .. ها قد عدت!
غريبةً عن كُل شئ، مازلتُ أشعر. أو يبدو الكل شئ هو الذي صار غريباً عني، لن يُثير أيُهما خلافاً. لكنّ قلبي ينبض مازال ينبض، أينما أنظر أشعر به ينبض، وأيما يَجول في عقلي أشعر به ينبُض. ينبض كبدوي في صحراءٍ مُظلمة، إشتاق أن تُرفع ستار الليل حتىٰ يطلع النهار ويرتوي بظلهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتبة مصرية 

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 12
تراب الحكايات
عبد الرحمن أقريش

المجنون