شعراء الألفية الثالثة| كريم معتوق: تعدد الشعرية وانفتاح القصيدة

موقع الكتابة الثقافي writers 1
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

د. مصطفى الضبع

في اللحظة التي يعتقد فيها القارئ أن القصيدة تختزل العالم وتسعى لاقتناص مجموعة التفاصيل الكونية جاعلة منها رموزا دالة في سياق محكم، في اللحظة ذاتها – بقليل من التعمق أو مكاشفة ما تحت السطح اللامع – يتكشف أن القصيدة تنفتح على العالم وليس العكس، فالشاعر في إنتاجه نصا محدد الملامح يحدد طرائقه لرؤية العالم وفق نظامه هو دون أن يحد من رؤية المتلقي ودون أن يصادر على هذه الرؤية، والنص تتحدد سمات جمالياته وبلاغة طرحه بما يكتنزه من مظاهر الثراء ،تلك المظاهر التي تجعل من النص مساحة للتعدد المؤسس لقراءات متعددة المستويات.

تلك ملامح قارة في تجربة الشاعر الإماراتي كريم معتوق (عبد الكريم معتوق المرزوقي) من مواليد (1959) درس اللغة العربية وآدابها له عدد من الدواوين الشعرية :

  • مناهل1988- طوقتني 1990- طفولة 1992 – هذا أنا 1996 – مجنونة – حكاية البارحة – السامري – رحلة الأيام الخمسة – أعصاب السكر – خذلتك الأمة – الطلقة الأخيرة – قصة موسى – سوانح – قسطرة 2014.

وله رواية واحدة: رحلة ابن الخراز – دار الياسمين للنشر والتوزيع – الشارقة ط2- 2014.

في تجربة كريم معتوق الشعرية تتعدد أشكالها فاتحة المجال لقراءات متعددة وأشكال لا نهاية لها من التلقي، فالتجربة في مجملها – حتى الآن – يمكن للمتلقي مكاشفة مساحات ثرائها عبر مساحات من الشعرية في تنوعها، تلك التي يمكن رصدها بوصفها رؤوس موضوعات، يمثل كل رأس منها نقطة تجمع لعدد من العلامات الشعرية ذات الطبيعة الخاصة التي يمكن من خلالها الوقوف على مجال عمل هذه العلامات، ومنها على سبيل المثال ([1] ): الواقع – الوطن – النخلة – النسيان – الذات – المرأة – التراث – السرد- الإنسان، وهي قراءات مقترحة يتضمن ديوان الشاعر ما يؤيد كل قراءة منها ويعمق ما تطرحه .

شعرية الواقع

عبر عدد من العلامات ذات الحضور الواقعي المتعين الواقع في دائرة إدراك المتلقي يجمع ديوانه بين نوعين من القصائد:

  • قصائد ذات طابع إنساني يبدو المتلقي الضمني فيها متعددا منفتحا على العالم باتساعه، ومن أهم سماتها أنها لا تحمل علامات تحيل إلى واقع مكاني أو تاريخي محدد.
  • قصائد ذات طابع واقعي تكتنز بإشارات تحيل إلى واقع تاريخي أو مكاني محدد.

في النوع الأول تبدو القصيدة منفتحة على العالم، جدارية تكتنز الكثير من التفاصيل التي تتعاضد لتقيم مشهدا شعريا يكون على متلقيه الإلمام بتفاصيله للوقوف على خطابه المتفرد.

وفي النوع الثاني تتصدر القصائد المحملة بعلامات تاريخية ومكانية وتعيد طرح أحداث لها حضورها الواقعي وأشخاص لهم حضورهم التاريخي وهي قائمة طويلة تتسع لها دواوين الشاعر منها على سبيل المثال :

  1. أشخاص : يوسف – موسى – الشيخ زايد – السياب – نزار قباني – بلند الحيدري – نيرون – محمد بن زايد – الأعشى – قيس – طرفة بن العبد – الدكتور علي بن تميم – ابن زريق – الغفاري- قيس – ليلى .
  2. أمكنة : الخليج العربي – الإمارات – بغداد – القدس – غزة – العراق – الشارقة – مصر – باريس- حيفا – الجليل – قاهرة المعز – البحرين – المنامة – لبنان – فلسطين .

وجميعها علامات تضع المتلقي بين قطبين معرفيين : معرفته بها قبل النص ، ومعرفته بها من خلال ما يمنحه النص من تفاصيل تخصها أولا وتخص المتلقي ثانيا عندما يشرع في تشكيل مشهد شعري كبير تكون فيه مجموعة القصائد علامات تؤطر رؤية العالم ممررة بما يعتمده الشاعر لتوجيه متلقيه .

شعرية الوطن

تمثل مفردة الوطن ومشتقاتها معجما يفرض نفسه بقوة على تجربة الشاعر متغنيا بوطن يليق بحب الشاعر وحب الداخلين معه في التجربة ، والمنتمين معه إلى الوطن عبر مستويين أساسيين للوطنية :

  • تجربة القارئ الخاص المنتمي إلى الوطن المحدد (الإمارات ) وهي قراءة لها بعدها الوطني الإنساني ، يجد القارئ نفسه فيها مجتهدا في تجميع مفردات الوطن ورموزه مقارنا بين أو جامعا بين صورتين للوطن : خارج القصيدة وداخلها ومدى تطابق الصورتين وهو ما يجعل من صوت الشاعر تمثيلا لصوت الجماعة الوطنية أو رمزا لصوت القوى الوطنية في حسن انتمائها للوطن عبر مجموعة من الصور التي يبثها الشاعر عن وطنه :

” هذا لواء كبير بات يرقبه  

                               قاص ودان وموصول ومنتظر

حين التقتنا أرتنا طهر نخوتها

                             أرضي وأدرى بها تعطي وتعتذر

أرض تعلم من في المهد سيرتها

                               حتى إذا شب شابت عنده السير

حبا دعتنا لصدر بات قبلته    

                               أم تعانق أبناء بها افتخروا

هي الإمارات هل أبصرت من وطن

                             جئ لي بأرض كأرضي أيها القمر ” ( [2])

وهي القصيدة الأولى (الفكرة البكر) في ديوان الشاعر ” أعصاب السكر ” وتليها القصيدة الثانية التي تكاد تكون حلقة ثانية من سابقتها ” وحدت في حب البلاغة أمة ” والقصيدة تستمد موضوعها الوطني من خطابها للشيخ “محمد بن زايد ” ولي عهد أبو ظبي حيث يتردد اسم “الإمارات ” ثلاث مرات على مدار أبيات القصيدة (48 بيتا ) ، ويقرن بين الوطن والمخاطب (بالفتح ) حيث يرد الذكر الأول للوطن في البيت العشرين مقدما الوطن المصرح به على اسم ممدوحه :

(20) هذي الإمارات ارتأتك كما نرى   سيفا إذا ما قام ترتبك الدمى

             (21) ألق القصيدة أن تجاهر باسمه       لا أن تقول كأنه أو مثلما

             (22) لمحمد بن زايد ذي أحرفي         وثبت تسابقني وأسبقها فما

  • تجربة القارئ العام غير المنتمي لوطن الشاعر المحدد ، وهي قراءة لها بعدها الإنساني الوطني حيث يحيل القارئ معجم الوطن في معظمه إحالات تخصه (تخص وطنه هو ) ويكون لفعل الشاعر أثره في تحفيز الطاقات الوطنية والإنسانية لدى القارئ غير المنتمي للوطن ، وهي تجربة يتشارك شعراء العربية فيها لتشكيل صورة تخص الوطن في معناها العربي ، حيث يكون لكل شاعر عربي دوره في تشكيل صورة الوطن العربي الكبير (بوصفه الجغرافيا الكبرى أو آخر دوائر المكان الذي تنطبق عليه مقولة الوطن حيث الدائرة الأوسع هي العالم الذي لا تناسبه هذه المقولة ).

شعرية الوطن تجمع عددا من القصائد تأتي في مقدمتها (جماهيريا) قصيدة ” جدير فيك ياوطني ” التي ألقاها الشاعر في حفل ختام نسخة أمير الشعراء التي تصدرها الشاعر فائزا باللقب والتي يقول في مطلعها بعد مقدمة تعد ركنا من القصيدة في موضوعها وتعبير الشاعر عن وطنيته من خلالها :

” يتيه الشعر والأدب ومنك العذر والعتب / إماراتي إذا غنيت فيك تعطرت شهب

كأنك آخر الدنيا كأنك أول يثب/ كفى هاماتنا فخرا إليك إليك تنتسب ” ([3]).

وللقصيدة تفردها الجماهيري بوصفه اعتمدت عملية تلق تقوم على البث المباشر لعواطف الشاعر عبر نبرة صوته وإحساسه المباشر في مواجهة الجمهور ولجنة التحكيم وجمع من رجال السياسة والثقافة والشعر إضافة إلى ملايين العرب في مختلف أنحاء العالم .

شعرية الإنسان

تلك القصائد التي تحيل على تجربة إنسانية بمعناها الأوسع، قصائد تحمل التعبير عن تجربة يحسها كل من يقرأها بوعي منه إنسانا، ويكون الشاعر من خلالها صوت الإنسانية المعبر عن الإنسان أينما وجد وأينما كان مشاركا الشاعر في لغته الأم (اللغة العربية )، وهي مجموعة كبيرة من القصائد تتوارى فيها الرموز الواقعية، تلك التي تحيل إلى واقع بعينه يعرفه المتلقي أو يدرك توجه القصيدة بخطابها إليه لصالح واقع افتراضي نفسي بالأساس تكون فيه القصيدة علامة على تجربة سابقة يجد المتلقي نفسه ركنا فيها ومن أبرز هذه القصائد “نسب الحروف ” من ديوان ” أعصاب السكر ” :

“فلنفترقْ !
من أجلِ أن تختارَنا الدنيا
حمائمَ للسلامْ
ومدينةً خضراءَ تقترفُ التسامحَ
تكتبُ الغفرانَ آياتٍ على كتفِ الحمامْ
من أجل ألا تصبحَ الأحقادُ لعنتـَنا
وألا يرضعَ الأطفالُ غربتـَنا
وألا تذكرَ الأجيالُ خيبتـَنا
ونكونَ آخِرَ من يقومُ ، نكونَ أوَّلَ من ينامْ
ونكونَ في غدنا طواحينَ العداءِ
يصيرُ ماءُ الشعرِ في دمِنا سراباً
لا تراودُه الطيورُ محبةً فينا
ويختنقُ الكلامْ” ([4])

معتمدا على صيغة حاسمة (صيغة الأمر ) المؤسسة بوصفه نتيجة مؤسسة على أحداث سابقة تستثمر فيها القصيدة تقنياتها الحديثة القائمة على شعور المتلقي أنه دخل المسرح متأخرا وعليه فهم ماسبق مما تسمح القصيدة بطرحه ومزيلا أسباب التعجب التي تطرحها العلامة التي تقف نهاية الصيغة الحاسمة ومعددا أسباب الفعل وكاشفا منذ البداية عن حوار يفرض فيه صوت الشاعر قوته على المتلقي الضمني في خطاب يودع فيه الشاعر رؤيته الإنسانية معتمدا معجما إنسانيا يستهله بالسلام ويروح يشكل عقدا من المفردات المؤكدة على هذه الرؤية : التسامح – الغفران – الحمام – محبة ، تمهيدا للوصول إلى رسالة الشاعر التي يبثها بعد قليل من الصورة السابقة :

“فالشاعر الصداح في زمن الفجائع

يعلو ليحضن جرح أمته وينزل للثرى

ليخط من دمه الروائع

ويعيش يحرث عمره

لبلاده ، ولشعبه ، ولطفلة في الصين ترضعها المواجع

والشاعر الحق الفريد أخو السلام ، أبو السلام

مع الكنائس والجوامع

والناس يقتلها الغرور وتنتهي

والشاعر الحر الأبي أراه يقتله التواضع ” ([5])

جامعا بين مظاهر الإنسانية في اعتناقها السلام وإيمانها بالإنسان دون التفرقة بين البشر على أساس من العقيدة (الكنائس والجوامع ) أو الجنس والجغرافيا معا (الصين ) معتمدا نموذجه للبراءة ممثلا في طفلة في الصين بما تحمله صورة الطفلة من براءة الطفولة وضعف الأنوثة ، واضعا الشاعر في مكانة تكافئ مكانة كل البشر (الناس يقتلها – الشاعر يقتله ..)غير أنها ليست مكانة الشاعر المعتزل الناس تعاليا وإنما هي مكانة الشاعر العارف رسالته تجاه البشرية عبر:

  • حركته النشطة في ديناميكية فعلها المختزلة في أفعاله في تسلسلها الدال : “يعلو ليحضن ….. وينزل .. ليخط من دمه الروائع ويعيش يحرث “.
  • إقراره بمسؤوليته تجاه رسالته الإنسانية حتى لو كانت طفلة في الصين تعيش لحظة إنسانية خاصة .
  • أزليته فالشاعر حين يجعل من الشاعر قوة مكافئة للناس الذين ينتهون حين يقتلهم الغرور غير أن الشاعر لا ينتهي (حذف الشاعر حرف العطف والفعل المذكور بعده “وتنتهي ” موحيا بأن الشاعر على عكس الناس لا ينتهي بفعل التواضع كما انتهوا بالغرور) مستثمرا طاقة الحذف في تحريك ذهن المتلقي وتوجيهه لمساحة أعمق يستكشف من خلالها المعنى الغائب مستدلا عليه بالمعنى الحاضر .

ولا يتوقف الأمر عند أسبابه تلك وإنما يتجاوزها إلى الكشف عن المخاطبين في نهاية القصيدة مكررا الأمر الحاسم نفسه :

“فلنفترق ..

نسب الحروف أعز من نسب الدماء

إن احترقن لأجل شيئ بيننا

حرف توضأ واحترق

حرف تلون بالحياء

فلأجل ما أدري ولا أدري

ورفقا بالمحبة حين يكسرني الرجاء

فلنفترق يا أصدقاء لنفترق يا أصدقاء

كي لا يفرقنا اللقاء ” ([6])

وفي واحدة من أعمق قصائد الشاعر ” قصة موسى ” يقف المتلقي على تجربة لها تميزها اعتمادا على سردية تتكشف منذ البداية :

يعبرُ العمرُ بنا بالأسئلة

نصفها يغزلُ باللين ونصفٌ

يتشهى المقصلةْ

فدعوني أحرثِ الأحرفَ خلوني

على كيفي غناءً واشتلوني

نخلةً تندبُ تلك المرحلةْ

ودعوني أسردِ الآن لكم قصةَ موسى ” ([7])

الاستهلال يضم وحدتين صوتيتين يستهلان بالفعل في كل مرة: أولاهما ذلك الصوت الإخباري الذي لا يشغل القارئ إسناده ومصدره وهو صوت يستهدف التشويق دافعا المتلقي للتفكير في مصدره وقد يتوصل ضمنيا لكونه صوت الشاعر أو صوت من ينقل الشاعر الضمني صوته ، وثانيتهما ذلك الصوت الذاتي يكشف الشاعر / الراوي فيه عن نفسه جاعلا منها مصدرا لحكاية تستلزم مساحة من التصديق (نحن نستمتع بما نصدق أكثر من استمتاعنا بما لا نصدق والتصديق يتحقق بانتساب الحكي لراو أو لمروي عنه )

تبدأ الوحدة الأولى بفعل متميز على مستوى أعمال الشاعر (محل الدراسة) ومصدر تميزه متعدد :

  • يكاد يكون الفعل المضارع الوحيد الذي تستهل به قصيدة على مستوى ثلاثة الدواوين .
  • الفعل مسند لقوى غير ذاتية (ليس فاعله الشاعر وإنما هو مفعوله) أو واقع ضمن الجماعة البشرية التي تدخل في نطاق مفعول الفعل ومتأثرة بفعله.
  • اعتماد الفعل على كشف الفاعل (المسند إليه قوة التأثير) ويمدد أثره عبر الأسئلة المتعددة السمات عبر أفعالها، فهي من القوة بحيث يكون لها فعلها المنفصل المتصل (يغزل – يتشهى).
  • يكشف الاستهلال عن طاقة التشكيل البلاغي عبر التضفير بين التشبيه والاستعارة، ذلك الذي يؤسس لقراءة أخرى لنتاج الشاعر من هذه الزاوية، فالصورة المركبة ” اشتلوني نخلة تندب تلك المرحلة ” تتضمن تشبيها (انا نخلة) واستعارة (نخلة تندب) دون أن يفوت المتلقي عدد من العلامات الدالة : تفرد فعل (الشتل) ([8]) في معناه أولا وفي إسناده لواو الجماعة ثانيا ومفردة النخلة التي تؤسس – عبر تكرارها في مواضع دالة – لقراءة أخرى خاصة تقوم على استكشاف مساحات حضورها في أعمال الشاعر .

ينطلق الراوي بعدها إلى سرد التفاصيل التي يراها قادرة على تصوير حالة شخصيته

“ودعوني أسرد الآن لكم قصة موسى

كان جاري

لم يكن جاراً لصيقًا

سابعًا قد كان أو قُلْ ثامنًا

إنْ حسبنا بيتَ ليلى الأرملةْ

لم نكن نحسبهُ بيتا فقد كانتْ به

دكةُ الموتى وفيه المغسلةْ” ([9])

استخدم الشاعر موسى وسيلة إعلامية لكشف المجال الحيوي للشخصية وطرح تفاصيل اجتماعية وإنسانية والسرد هنا كما يعني الحكي فإنه يعني الإحكام، إحكام التفاصيل تلك التي تتضمنها قصيدة من مطولات الشاعر في تمثيلها للجدارية الشعرية ، والقصيدة هنا بحركتها وتفاصيلها وشخصياتها وأحداثها ومشاهدها تمثل جدارية تصلح لقراءة إنسان العصر :

ها أنا ضيَّعتُ موسى”

مرةً خامسةً أو عاشرةْ

وأنا قلتُ بأني سوف أروي

لكمُ قصَّةَ موسى

من ركام الذاكرةْ

كان موسى

أيُّ موسى !!

أنا لا أعرفُ موسى ” ([10])

إن نفي الشاعر في النهاية لمعرفته بموسى لا تعني نفيا لمعرفة المتلقي الذي يكون قد استكشف موسى بوصفه مثيرا يدفعه للتفكير في شخصية يطرحها النص تنبني على تراث عربي له طابعه الديني بالأساس لذا تكون القراءة الأولى لها طابعها الاستكشافي لمدى التطابق مع الشخصية الدينية (النبي موسى عليه السلام) ، وتليها عدد من القراءات القائمة على عدد من التأويلات التي يكون لكل منها ما يبررها فنيا :

  • موسى رمز للكثيرين ممن يشبهونه أو يحملون جانبا من سماته .
  • موسى رمز للشخصية العربية المهمشة .
  • موسى شخصية سردية منبتة الصلة بأية معرفة سابقة للمتلقي.

لقد خلق النص حالة فنية لها جمالياتها معتمدا ما يمنحها حيويتها ( عبر الحوار الذي يقيمه الراوي مع متلقيه ) .

الشاعر بوصفه نموذجا

يدخل الشعراء جميعهم فيما يمكن تسميته بالنماذج الوطنية مؤهلين بما تكشفه قصائدهم من مساحات التعبير عن الوطنية ، غير أن نخبة منهم تشكل نماذج عليا للوطنية مؤهلين بما يتكشف في اقتران القول بالفعل ، حيث لا يكتفي الشاعر الداخل في هذا السياق بما تقوله نصوصه من شواهد الوطنية أو كونه يمثل قدوة شفوية لأبناء وطنه وإنما يضيف الشاعر إلى ذلك كله مساحة واضحة من العمل في مجتمعه الوطني مما يجعله قدوة بالقوة لا بالافتراض ، وهو نموذج حققه عدد قليل من شعراء العربية في العصر الحديث من أبرزهم أحمد زكي أبوشادي (1892- 1955) مؤسس جماعة أبولو المعروفة إذ لم تقف علاقته بمجتمعه ومواطنيه عند التعبير عن شاعريته وهو ما ينطبق على شاعرنا كريم معتوق عبر تلك الدائرة الثقافية والاجتماعية التي يتحرك فيها في مجال العمل العام .

وقد اتسعت دائرة العمل العام في سياق تجربة الشاعر ذلك الاتساع الذي يتأسس على كونه شاعرا ، وهو ما يعني أن الشعرية منطلق الشاعر للمجتمع وليس العكس فهو لم يكن شاعرا لأنه كان يعمل بالعمل العام ولكنه عمل بالعمل العام لكونه شاعرا مؤهلا بشاعريته ممتلكا خطابا متميزا يليق به ويليق بأبناء وطنه أن يفيدوا منه حتى يصبح قدوة لشباب وطنه :

  • رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات (أبو ظبي ) .
  • توسيع دائرة العلاقة بالجمهور متجاوزا برج الكتابة العاجي، معتمدا وسائط متعددة لتشكيل هذه العلاقة وذلك بالتحرك عبر دائرتين إعلاميتين:
  1. الكتابة الدورية في الصحف المحلية المتداولة حيث كتب ثلاثة أعمدة في ثلاث دوريات: “بالقلم الأزرق “عمود أسبوعي في جريدة الاتحاد – “ملح وسكر ” مجلة كل الأسرة – “معكم ” مقال يومي في جريدة أخبار العرب.
  2. الإذاعة والتلفزيون حيث قدم عددا من البرامج الإذاعية والتلفزيونية، منها “مدارات ” لإذاعة أبو ظبي، و برنامج “الثقافة والناس” لتلفزيون دبي و”مبدعون تحت الضوء ” و برنامج ” وجه القصيد ” و برنامج ” أنا اعتقد ” وجميعها تمثل دائرة لها خصوصيتها التنويرية المؤسسة على اسمه الذي تأسس بدوره على موهبته الشعرية .

إنها تجربة تليق بشاعر لا تكشف عنها دراسة واحدة مهما طالت ، تجربة ثرية ليس من العدل مقاربتها بمنهج واحد أو توجيهها لقراءة واحدة تقف عند جانب ويفوتها جوانب أخرى لها أهميتها في الكشف عن شعرية تتعدد وجوهها لتتآزر جميعها في الكشف عن شاعر فذ بحجم كريم معتوق .

هوامش وإشارات

[1] – تتوقف هذه الدراسة عند ثلاثة دواوين من أعمال الشاعر :

– طفولة – منشورات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات – الشارقة – د.ت (144 صفحة )

– أعصاب السكر – الطبعة الثانية – دون ناشر أو مكان للنشر أو تاريخ . (210 صفحات )

– قسطرة – دار الياسمين للنشر والتوزيع – الشارقة 2014. (138 صفحة )

[2]أعصاب السكر ص 3.

[3] – القصيدة متاحة بصوت الشاعر من واقع احتفال تتويج الشاعر أميرا للشعراء على الشبكة العنكبوتية في أكثر من موقع منها اليوتيوب على الرابط : https://www.youtube.com/watch?v=PD2tjfQjXS0

حيث يمكن متابعة تجاوب الجمهور المتنوع مع القصيدة ، ومساحة الصدق لدى الشاعر في التعبير عن وطنيته .

[4] – الديوان ص 172.

[5] – أعصاب السكر ص 173-174.

[6] – أعصاب السكر ص 177.

[7] – أعصاب السكر ص 27.

[8] – شتل النبات أي إنباته في مكان ليزرع في مكان آخر ، والفعل مستخدم حديثا فهو نادر الاستخدام في الشعر العربي .

[9] – أعصاب السكر ص 27.

[10] – أعصاب السكر ص 36.

مقالات من نفس القسم

موقع الكتابة الثقافي uncategorized
ترقينات نقدية
د. مصطفى الضبع

تناغم (22)